شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد صالح :ما هو مصير الربيع العربي؟
نشر في النيلين يوم 13 - 08 - 2013

على ضوء ما حدث وما يحدث الآن في مصر وما يسمى ببلدان "الربيع العربي"، فإني ألفت كريم عنايتكم لمقال هام تجدد الاهتمام به على ضوء الأحداث الجارية، ويقوم الكاتب فيه باستشراف مسار الثورات العربية ومآلاتها المحتملة بأسلوب نقدي حصيف، وتجدون أدناه مجزيين الرسالة التي وجهتها سابقا بشأنه للنخب العربية
تقبلوا خالص ودي وتقديري
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الإخوة والأخوات الأفاضل في الوطن العربي: تحية عطرة، وأسعد بمشاطرتكم هذا المقال التحليلي عن الثورات العربية وإبلاغكم بكتاب هام صدرت لي ترجمة متواضعة له في الوطن العربي.
دمتم موفقين
أحمد صالح
نيويورك
الثورات العربية: حلم أم كابوس؟
قراءة في التحولات الكُبرى للربيع العربي
(اعتبره بعض الأكاديميين أفضل تحليل كُتِبَ عن الربيع العربي!)
http://mohamed-saleck-brahim.blogspo...blog-post.html
لنفس الكاتب
من بديع ما كتب في تمجيد الثورة التونسية
ثورة تحت الطبع...
http://mohamed-saleck-brahim.blogspo...g-post_21.html
من بديع ما كتب في الثورة المصرية
ثورة مصر ...وسقوط آخر الفراعنة
http://mohamed-saleck-brahim.blogspo...g-post_29.html
لنفس الكاتب باللغة الفرنسية
En Francais
Sahel : une géopolitique de l'invisible !
http://mohamed-saleck-brahim.blogspo...invisible.html
Perspectives de stabilité en Afrique du Nord et au Proche Orient d'après une étude allemande
http://mohamed-saleck-brahim.blogspo...frique-du.html
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الإخوة والأخوات الأفاضل في الوطن العربي: تحية عطرة
تتسارع الأحداث في هذه الأيام بوتيرة مذهلة الثورات العربية، وفاة بن لادن وغيرها. وتكمن المفارقة في أني أتذكر ذلك اليوم الذي دكت فيه الطائرات البرجين التوأمين بنيويورك وكان من المفترض لي أن أكون في المنطقة لكن النوم غلبني فطرق علي جار ليبلغني بذلك، وقد فقدت أحد جيراني المسلمين في الحادث. وبعد مقتل بن لادن ومقدم أوباما إلى نيويورك لم أكن أقصد الذهاب إلى تلك المنطقة لكن ظروف العمل اقتضت مني ذلك فلم أبلغها إلا بشق الأنفس نظرا للإجراءات الأمنية المشددة والتفتيش الدقيق بما أن أوباما كان بصدد زيارة "البقعة المسواة بالأرض" كما يسمونها الآن.
المهم أريد أن أشاطركم أني كنت بكل تواضع قد ترجمت إلى اللغة العربية كتاب "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر". ويتم توزيعه الآن في الوطن العربي لدى دار نشر أردنية هي عالم الكتب الحديث (وهو بمعرض أبو ظبي للكتاب). مؤلف الكتاب أستاذ عربي مسلم تقلد مناصب مرموقة بجامعات الغرب بما فيها جامعة هارفرد، وهو مختص في شؤون القاعدة والحركات الإسلامية، وكتابه هذا يُعدُّ أعظم كتاب في العالم أُلِّف حوْل تلك الأحداث (نبذة عن الكتاب أدناه) وفي الفصل الثاني يتعرض المؤلف لمسألة "صدام الحضارات، وهي النظرية التي حاور صمويل هنتغتون شخصيا بشأنها " خلال لقاء معه في جامعة هارفرد، كما أن كتابه هذا اعتبر أعظم مُؤَلّفٍ يدافع عن تظلمات العرب والمسلمين ضد الغرب وبخاصة القضية الفلسطينية. وقد أعيدت طباعته في الغرب مرات.
وألتمس منكم مساعدتي في تعميم الرسالة مجزيين.
دمتم موفقين
أخوكم أحمد صالح
نيويورك
عن الكتاب
قالوا عن كتاب "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر"، وعن نسخته المترجمة إلى اللغة العربية:
***
"يمكن القول دون مجازفة إن هذا الكتاب من أثمن ما صدر حتى الآن عن أحداث 11 سبتمبر، وتفسير مغزاها الإستراتيجي والثقافي..."
موقع الجزيرة نت
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2...oogleStatID=29
****
الكتاب يُعدُّ من أثرى المؤلفات التي كُتبتْ في تفسير أحداث الحادي عشر من سبتمبر . . . جدير بالإشارة أن الكتاب أُلِّف باللغة الفرنسية، وأسهمت الترجمة الرصينة المتْقَنة من جانب الباحث الموريتاني - المقيم في نيويورك - الأستاذ أحمد صالح احميِّد في تعزيز قيمة الكتاب، وإتاحته لجمهور القارئين في الوطن العربي، المفتقد لِمثْل هذه الدراسات الجادة في سوق دور النشر العربية.
موقع الألوكة
http://www.alukah.net/Culture/0/27786/
****
"هذا الكتاب يهمني جِدّا جِدّا....."
فيصل القاسم
مُعدّ ومقدم برنامج "الاتجاه المعاكس" بقناة "الجزيرة" الفضائية الناطقة باللغة العربية
****
"هذه المادة العلمية من المهم الإطلاع عليها من قبل أكبر عدد من القراء والمثقفين العرب"
"شكرا أيها الباحث العميق"
الدكتور أحمد أبو مطر
(فلسطيني مقيم بأوسلو/النرويج)
ناقد أدبي، متفرغ للدراسات، ومحلل سياسي
ترجمة عربية ممتازة جدا لكتابه "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر"
محمد السالك ولد إبراهيم
(موريتاني)
خبير استشاري دولي وباحث مرموق
***
"تهنئة على العمل الذي أنجزته"
منير العكش
(سوري-فلسطيني)
أكاديمي مرموق
أستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك/بوسطن (بالولايات المتحدة الأمريكية)
وهو من أبرز الباحثين العرب في الدراسات الأمريكية
***
مادة مذهلة جدًا ومثيرة
الدكتور فاروق المواسي
أكاديمي، باحث، وشاعر فلسطيني
***
"الكتاب مهم للغاية ومشوق"
يحيا اليحياوي
أكاديمي وباحث مغربي مرموق
***
"الكتاب قيم للغاية يستحق الجهد الذي بذل فيه"
محمد بن المختار الشنقيطي
مفكر إسلامي
هذه نبذة مفصلة عن السيرة الأكاديمية للمؤلف وهو برفسور عربي من جامعة هارفرد، على ويكيبيديا الإنجليزية
http://en.wikipedia.org/wiki/Mohamed...Ould_Mohamedou
وهذا برنامج فرنسي مشهور يحتفي بالكتاب وبالمؤلف، وكذا مشاركته في برنامج "حوار الدوحة" إلى جانب مستشار الرئيس الأمريكي
http://www.ckfu.org/vb/t441760-2.html
عرض رائع للكتاب على موقع الألوكة
http://www.alukah.net/Culture/0/27786/
الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر.
الكتاب: الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر.
المؤلف: محمد محمود ولد محمدو.
ترجمه عن الفرنسية: أحمد صالح أحميِّد.
عدد الصفحات: 290.
الناشر: عالم الكتب الحديث، إربدْ، الأردن.
الطبعة الأولى: 2010.
صبيحة يوم الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001، اصطدمتْ طائرتان جوِّيَّتان مدنيَّتان مخطوفتان ببُرْجَي مَبنى مركز التجارة العالَمي؛ لينهارَ المبنى في مشهد هوليودي دراماتيكي من الطراز الأول الثقيل، في غضون ساعات معدودة، ولتستيقظ "أمريكا" التي كانتْ غَارقة في "الصناعات الترفيهيَّة"، وحالة من "اللامبالاة" على وقْعِ هجمات - وُصفتْ ب"الحدث الجَلَل" - لتتوالى الأحداث بسرعة غير طبيعيَّة، أُعلن عن طائرة ثالثة هاجمتْ مَقرَّ وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، ثلاثة آلاف من الضحايا والمصابين من جرَّاء الإنفجارات؛ ليعلن الرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش" عن الحرب ضد الإرهاب و"القاعدة"، تَحت مُسَمَّى "الحرب الصليبية الجديدة" - حسب تعبير بوش بعد ذلك - مع مباركة أغلب أنظمة الدول العربية الإسلامية لهذه الحرب بعد أن طالتْها أصابعُ الاتهام المباشر، ليبدأ عصر "الهيمنة الأمريكية" الجديد.
يحاول الكاتب محمد محمود ولد محمدو - في كتابه الثري بالتفاصيل "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات الحادي عشر من سبتمبر" - تفسير: "لماذا تَمَّ ارتكاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر؟ لماذا وقَع حادث من هذا القبيل؟ ما الذي بلغ بشباب مُتعلِّمين من أوساط برجوازية عربية، ويعيشون حياة عَصْريَّة، ما الذي جعلَهم يأخذون في التحضير الدقيق لهجمات انتحارية من هذا النوع؟"؛ (ص: 5).
ويدلِّل الكاتب أنَّ كتابه "مصدر للمعلومات المتعلِّقة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ووسيلة للتفكير في أسبابها وآثارها، وفَهم مدلولاتها، والتفكير في تبعاتها"؛ (ص: 8).
وساعد على التدليل على أهميَّة الكتاب كمُّ المعلومات التي يزْخَر بها الكتاب في أسلوب سَردي طيِّب من الكاتب، إلى جانب أنَّ الكاتب نفسَه ضليعٌ في العمل السياسي، فصاحِب الكتاب باحثٌ، وحاصِل على الدكتوراه في العلوم السياسية، وسَبَق له أنْ تقلَّد مناصب أكاديميَّة مرموقة، فقد شَغل منصب المدير المساعد لبرنامج السياسات الإنسانية والبحث في النزاعات بجامعة "هارفرد"، وكذلك مدير البحث بالمجلس الدولي لسياسات حقوق الإنسان "بجنيف"، وعمل باحثًا بمعهد "رالف بنتش" للأمم المتحدة بمدينة "نيويورك"، إلى جانب كونه وزيرَ خارجية دولة "موريتانيا" الأَسْبق.
صدرتْ للكاتب كتب عديدة، من ضمنها: "فَهم تنظيم القاعدة: التحولات في طبيعة الحرب"، (لندن، 2007)، "العراق وحرب الخليج الثانية - بناء الدولة وأمن النظام"، (سان فرانسيسكو، 1988).
كما نُشِرَت له كذلك أبحاث وكتابات في صحف عَريقة، من بينها: "نيويورك تايمز"، "شيكاغو هرلد تربيون"، وصحيفة "لوموند دبلوماتيك" الفرنسية، ودورية الأبحاث القانونيَّة بجامعة هارفارد.
فالمؤلف يُعدُّ من طليعة الباحثين في الغرب، إلى جانب أنه يجيد التحدُّث بأربع لغات: الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، والعربية.
صدّرَ الكاتب مؤلَّفه بمدخل تمهيدي بعنوان "الحدث الْجَلل"، يتحدَّث فيه عن الدافع لكتابة هذا الكتاب: "فلئن ظلَّ الغموض يَلفُّ العمليَّات المنفَّذة ضد الولايات المتحدة، فإنه قد أصبحَ من الممكن الاعتماد على بعض العناصر؛ لإعادة بناء الكيفيَّة التي تَمَّ عليها تخطيط العملية وتنفيذها، (أين؟ ومتى؟ وإلى حد ما: كيف؟)، حتى وإن كان ذلك بشكلٍ غير مكتمل"؛ (ص: 9)، وعليه فقد أتْبَع الكاتب تمهيده بأربعة فصول تحضيرية تقديميَّة عن أهم ملابسات تلك العمليات، وتعريف بالأشخاص ذوي الصِّلَة بالهجوم، وكيف تَمَّت الهجمات؟ ثم أنهى كتابه بثلاثة فصول تحليليَّة متماسكة، تعضدها شهادات هامَّة ومباشرة من الغربيين أنفسهم عن تبايُن النظرة الغربيَّة للعالم العربي الإسلامي، وعن كون تلك الهجمات كانتْ بمثابة "الثمن" الذي "دفعتْه" الولايات المتحدة جرَّاء سياساتها الجائرة في حقِّ العالم العربي - الإسلامي.
الكوماندوز: العقول المدبرة:
يبدأ الكاتب فصول كتابه بتعريف بأهم شخوص مُنفِّذي الهجمات، وماهيتهم، وكيفيَّة ارتباطهم بتنظيم القاعدة، وبدايات الفكرة وتبلورها؛ من خلال "خلية هامبورج" بألمانيا، "تشكَّلتْ في مدينة "هامبورج" خلال الفترة 1996 - 1998 نواة صُلبة لهذه المجموعة تضمُّ (6) شُبَّان مسلمين بريادة محمد عطا، أحد طلاب قسم الهندسة العمرانيَّة، والقائد المزعوم للكوماندوز الذي نفَّذ الهجمات، لقد اكتسبَ الفريق تدريجيًّا سِمَة التجانُس؛ من خلال الْتِفَافِه حول هذا المصري البالغ من العمر سبعة وعشرين عامًا، والذي انضمَّ إليه الإماراتي مروان الشحي، واللبناني زياد الجرَّاح، واليمني رمزي بن شيبة"؛ (ص: 13).
واختيار الكاتب نفسه لتعبير "الكوماندوز" جاء موفَّقًا لحدٍّ كبير؛ للتأكيد على أنَّ هؤلاء التسعة عشر من الفريق هم بمثابة النخبة الذين تَمَّ انتقاؤهم بعناية؛ لتكون أرواحهم فداءً لمعتقدهم، أو حسب تعبير "روبر بليرز" - القسم المختص بشؤون مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالي - الذي صدَّرَ به الكاتب فصله الأول "تسعة عشر تقدَّموا لقَتْل أنفسهم! وما خارتْ عزيمة أيٍّ منهم، لقد قاموا كلُّهم بذلك، وهو ما يفيد حقيقةً بأنَّ طريقة انتقائهم كانت ممتازة"؛ (ص: 13).
ويؤكِّد الكاتب على أنَّ أعضاء الكوماندوز برهنوا بصفة خاصة على رباطة الجأْش؛ لأن دوريات الشرطة قامتْ أربع مرات باعتقال أحد أعضاء الفريق - عطا والجراح، فكلاهما اعْتُقِل مرتين - وفي كل مرة يتمُّ فيها التوقيف، "أَبْدى الانتحاريون قُدرة على التحلِّي بضبط النفس حالتْ دون وقوعهم في الارتباك، متجنِّبين بذلك أن يتمَّ الكَشْف عنهم أو أن يفتضحَ أمرهم"؛ (ص: 48)، وهذا كان بدوره أحد "مفاتيح النجاح" للعمليَّة؛ (ص: 46).
يركِّز الكاتب على حقيقة أنَّ التسعة عشر من مُنفِّذي العمليات أغلبهم من منطقة الشرق الأوسط، ومن بلدان عربيَّة إسلاميَّة، وسَبَق لبعضهم أن خَرَج في مطلع التسعينيَّات للجهاد في أفغانستان والشيشان ضدَّ هجمات الاتحاد السوفييتي السابق، ورُبَّما كان هذا أحد الأسباب الرئيسة للتواصُل مع تنظيم القاعدة فيما بعد، والْتِقَاء الأفكار معًا على أرضيَّة عمل مشتركة، وأغلبهم "إخوة أو أولاد عمومة"؛ (ص: 41).
جمعتْ بينهم قوَّةُ الروابط، وساعدتْ على تماسُك الهيكل العام لشخوص العمليَّة، ويؤكِّد الكاتب أنَّ الفقر والجهل لَم يَعُودا سببًا لتلك العمليات (الإرهابية) حسب ما يروِّج له الإعلام الداخلي الموجَّه، "وكما يروق للإعلام الأمريكي أن يقدِّم الإرهابيين"؛ (ص: 149)، فأغلب أعضاء منفِّذي الهجمات شخصيَّات برجوازيَّة تنتمي لعوائل محترمة، وبعضهم حَازَ أعلى الشهادات العلميَّة، فالظواهري - منظر تنظيم القاعدة، والأب الرُّوحي لهجمات 11 سبتمبر - "طبيب جرَّاح ينتمي إلى أسرة برجوازيَّة عريقة بالقاهرة، فخالُه كان أوَّل من تقلَّد منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية"، (ص: 149)، ومحمد عطا أبرز الأعضاء وقائد المجموعة "ولِد في كنف أسرة برجوازيَّة من القاهرة، وحَصَل على دبلوم في الهندسة المعمارية، ووَصَل إلى "هامبورغ" بألمانيا؛ لاستكمال دراساته العُليا"؛ (ص: 22)، و"كل مَن عرفوا "عطا" يشهدون لهذا الشاب بسَعْيه الدؤوب؛ لتحقيق الامتياز في جميع أنشطته"؛ (ص: 23)، و"زياد سامر" الجرَّاح اللبناني كان طبيبًا جرَّاحًا، أو حسب وصْف "روزماري كانل" - صاحبة البيت الذي استأجرَ الجرَّاح اللبناني إحدى غُرفه حال إقامته بهامبورغ -: "لقد كان طيبًا جدًّا، وذكيًّا جدًّا، وإنه أوروبي بالكامل"؛ (ص: 25)، و"مروان الشحي" الإماراتي كان "ابنًا لأحد الأئمة"؛ (ص: 24)، و"نوَّاف الحازمي"، "ابن تاجر سعودي يمتلك متْجرًا كبيرًا بمكة"؛ (ص: 35).
لذا؛ فهم - على حدِّ تعبير الكاتب نفسه - "عناصر بورجوازية مُتعلِّمة، لا مساكين أعماهم التعصُّب"؛ (ص: 149).
يقدِّم الكاتب خلال الفصل وصفًا سَرديًّا لكيفيَّة اندماج عناصر المجموعة وتبلور الفكرة العامَّة لتلك العملية المركَّبة، والتي وُلِدتْ فكرتُها في ماليزيا، والإشراف عليها من أفغانستان، وصِيغت خُطتها في ألمانيا، وجاء تمويلها من الإمارات، وتَمَّ تنفيذُها في الولايات المتحدة الأمريكيَّة.
التحضيرات - الإعداد للعملية:
يضع الكاتب في فصله الثاني تصوُّرًا محتملاً لكيفيَّة الإعداد للتحضيرات الأخيرة الخاصة بالعمليَّة، والتي جاءتْ أثناء لقاء أعضاء الفريق في "تاراغونس" بإسبانيا؛ حيث: "تمخض عنه اتفاق الفريق على أنَّ المصري "محمد عطا" هو من سيقرِّر تاريخ العمليَّة والمواقع المستهْدَفة بها، وأنه سيُبلغ رفاقه بذلك، وبالطرق التي يختارها"؛ (ص: 54)، وعليه، فإنه "بقَدْر ما كان اعتبار اجتماع "كوالالمبور" بماليزيا بمثابة نقطة البَدء لانطلاقة عمليَّات الحادي عشر من سبتمبر، فإن لقاء "تاراغونس" يبدو كما لو كان بمثابة الاجتماع الخاص بالتحضيرات الأخيرة، وهذان اللقاءان رُبَّما يكونان المرتين الوحيدتين اللتين تتقابَل فيهما الخليَّة التي يديرها "عطا" وجْهًا لوجْه مع رُعاتها من القاعدة، أو - على الأقل - ممثِّليهم بأوروبا وأسيا"، (ص: 55).
ويشرح المؤلِّف مسارات الإعداد للهجمات بعد أن وصَلَ جميع المنفِّذين إلى الأرض الأمريكيَّة، وهو يَميل إلى أن تحضيرات الأيام الأخيرة كانتْ تنمُّ عن استعجالٍ؛ خوف كَشْف وافتضاح أمرهم، خاصةً بعد اعتقال زكريا الموسوي - العضو الفرنسي العشرين - الذي كان يُفترض أن يَلحق بالفريق، هذا الخبر الذي "ربما يكون عطا ومساعده قد أَخْفَياه عن باقي أعضاء المجموعة؛ حِرصًا على السِّريَّة، وهو ما أَلْقَى بظلاله على عملية كان يمكن في هذه المرحلة - أكثر من أي وقتٍ مَضَى - أن تنكشفَ في أيِّ لحظة، كما أن نجاحَها مُعتمد على التصرُّفات المتعددة لهؤلاء النفر التسعة عشر؟"؛ (ص: 61).
يركز الكاتب في نهاية فصله على بساطة العملية ماليًّا، رغم صعوبتها من الناحية التكتيكيَّة، في مقابل كمِّ الخسائر الهائلة على الجانب الأمريكي التي كان يعوِّل عليها "محمد عطا" ورفاقه كأحدِ المهام المنوط تحقيقها من جَرَّاء العملية، فيقول: "كُلِّفتِ العملية في النهاية ما يُناهز ثلاثمائة ألف دولار، وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن تداعيات العملية ستكلِّف الولايات المتحدة خسارة قَدرها عشرون مليار دولار، منها: ثلاثة مليارات ومائتي ألف دولار في ولاية نيويورك كأضرار مادية وخَسائر في المداخيل (البشرية)"؛ (ص: 62).
العملية - اختطاف طائرات الهجوم:
يقدِّم الكاتب وصفًا دقيقًا لعملية اختطاف الطائرات الأربع، ومساراتها، وتوجيهها بعد ذلك نحو الأهداف التي كان "محمد عطا" ورفاقه ينوون الهجوم عليها في وقتٍ واحدٍ مُتَّفَق عليه، وما آلتْ إليه كلٌّ منها.
يصِف الكاتب أن العمليَّة تَمَّتْ "ببساطة مذهلة"، و"شفافية مُضللة"؛ (ص: 46)، وأنَّ "الواقع تفوَّق على الخيال" أثناء تنفيذ عملية اختطاف الطائرات الأربع، فقد قَسَّم "عطا" رفاقه أربعة فِرَق ترأَّس هو بنفسه إحدى تلك الفِرَق، بينما كان "الشطي" و"الجرَّاح" و"هاني حنجور" على رأْس الفِرَق الثلاث الأخرى، وقامتْ كلُّ فِرقة باختطاف طائرة مَدَنيَّة بعد إقلاعها في الجو؛ لتوجيهها لمناطق الهجوم المستهْدَفة.
يقدِّم الكاتب جَدَلاً حول مصير الطائرة الرابعة التي كان يقودُها "زياد الجرَّاح" الطبيب اللبناني، والتي فشلتْ في تحقيق هَدَفِها، وسقطتْ في أحد حقول ولاية "بنسلفانيا"، بعد عِراك بين الرُّكَّاب وبين المختطفين.
ويرى ذلك السيناريو "مُوغلاً في الأسلوب الهوليودي"؛ (ص: 85)، ويرجِّح أن"الحكومة الأمريكيَّة، لعلَّها هي مَن قامتْ بكتابة هذا السيناريو المتضمِّن تحديدًا لانفراج بطولي"؛ (ص: 83)، ويرجِّح الكاتب نفسه أن "تكون طائرات حربيَّة قامتْ بتعقُّب الطائرة إلى أن آلَ الأمر بها إلى إطلاق صاروخ على أَحَد مُحَرِّكاتها، فالانفجار وليس التحطُّم هو ما يُفَسِّر تناثُر حُطام الطائرة بموضعين مختلفين، امتدَّتْ مساحتهما على مدى اثني عشر كيلو مترًا إلى مشارف بحيرة إينديان ليك"، (ص: 86).
يبيِّن الكاتب أنَّ إخفاء الحكومة الأمريكيَّة لأغلب تفاصيل تلك العمليَّات، وتكتُّمها على الصناديق السوداء للطائرات المختطفة ومحتواها، "كل ذلك فتَحَ الباب أمام ما لا مَناص منه من شيوع للأساطير الحضريَّة (الخرافيَّة)، مثل: الفرضيَّة التي تزعمُ أنَّ الطائرتين اللتين ضَرَبَتَا البُرْجين التَّوْءَمين كانتا موجَّهتين عن بُعد، وأنَّ أسامة بن لادن عميل لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيَّة"؛ (ص: 92).
يستبعد الكاتب كذلك المحاولة المغلوطة؛ لتقرير صِلة إسرائيل بالهجوم، على أَثَر خلفيَّة حادثة "رؤية خمسة احتياطيين من الجيش الإسرائيلي يعملون موظَّفين لدى شركة عاملة في مَيدان نقْل الأمتعة والتجهيزات بنيويورك وهم يرقصون في مُنتزه الحريَّة "ليبرتي استيت بارك"، كما لو كانوا يحتفلون بتدمير مركز التجارة العالمي"؛ (ص: 93)، ولكنه يرجِّح أنه رُبَّما كون " أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قد تمكَّنتْ من الحصول على معلومات ذات صِلة بكوماندوز الحادي عشر من سبتمبر، ولَم تقمْ بنَقْلها إلى وكالات الاستخبارات الأمريكيَّة الحليفة لها"؛ (ص: 96).
وهو ما يبدو واضحًا عقب تحليل تلك الأحداث المترابطة؛ حيث إنَّ ضلوع "الموساد" في هجمات الحادي عشر من سبتمبر يبقى ببساطة أمرًا مستبعدًا"؛ (ص: 97).
التأهُّب لخوض الحرب:
ويتتبَّع المؤلِّف ردَّ الفعل الأمريكي المباشر بعد الهجمات، واستيقاظ الرُّوح الإمبراطوريَّة المتجبِّرة، كما عَبَّر عنها وزير الدفاع الأمريكي حينها "دونالد رمسفيلد" الذي صرَّح بأنَّ "على الولايات المتحدة أن تستخدم قوَّتها لتأديب العالَم"؛ (ص: 106).
حيث سارَعَ جميع السياسيين الأمريكيين باتِّهام تنظيم "القاعدة" كالمحرِّك الأساسي لهذه الهجمات، مما يُثير قدرًا كبيرًا من الشك والريبة؛ "فالواقع أنَّ الولايات المتحدة بدأتْ في الترتيب لردِّ "شامل" بسرعة لَم يسبق لها مثيل، بحيث بدا كما لو أنَّ الأحداث التي وقعتْ عَشيَّة اليوم السابق لَم تكنْ سوى إشارة مؤذنة بالانطلاق في تنفيذ سياسة كانتْ مبيَّتة من قبل"؛ (ص: 107)، وسارعتِ الإدارة الأمريكيَّة وسط تأييد جيرانها الأوروبيين بغزو أفغانستان في غضون شهور قليلة، "وفي نهاية المطاف قرَّرت الولايات المتحدة - مُتذرِّعة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر - شنَّ حَربٍ ستمكِّنها من التخلُّص العسكري من طالبان، وإحكام السيطرة المباشرة على أفغانستان"؛ (ص: 112)، وهو ما يؤكِّد أنَّ "وراء الدفاع المشروع عن النفْس - الذي تذرَّعتْ به إدارة "بوش"؛ لتبرير غزو أفغانستان - تتخفَّى بالأساس الرغبة الأمريكيَّة الجامِحة والمبيَّتة منذ أَمَد بعيد للسيطرة على أسيا الوسطى ومصادر الطاقة الموجودة بها"؛ (ص: 110).
ويؤكِّد الكاتب مرة ثانية أنَّ سرعة الردِّ الأمريكي على هجمات الحادي عشر من سبتمبر وطبيعة هذا الردِّ، يُمكن اعتبارهما تنفيذًا عمليًّا لسياسة رُتِّبَ لها منذ أَمَد بعيد؛ (ص: 111).
ويرى الكاتب أنَّ الربط بين أحداث الحادي عشر من سبتمبر وغزو العراق بعد ذلك، كان مقحمًا بصورة فَجَّة من جانب إدارة "بوش"؛ لتوسيع هَيمنة أمريكا على مصادر الطاقة، وأن الولايات المتحدة قد "خَسِرتْ سياسيًّا"؛ (ص: 119) في تلك الحرب غير المبرَّرة، والتي وَصَفَتْها بأنَّها "حرب وقائيَّة ضدَّ عراق صدام حسين"؛ (ص: 118)، وخاصةً بعد كَشْف كمِّ جرائم الحرب، والانتهاكات الدوليَّة التي ارتكبتْها أمريكا خلال غزو العراق، أو في سجونها التي أقامتْها على أرض العراق كسجن "أبو غريب"، وغيرها ك"جوانتانامو" جنوب شرق "كوبا"، بحيث لَم يَعُدْ لها أن تتفاخَر ب "النموذج الديموقراطي الذي كان يُمثِّل خلال جزءٍ كبير من القرن العشرين مصدرَ إلهامٍ بالنسبة للكثيرين"؛ (ص: 122).
ونجد أنَّ الولايات المتحدة بنظام استخباراتها القوي قد فَشِل فشلاً ذريعًا في التنبُّؤ بهجمات الحادي عشر، رغم العديد من التحذيرات والمؤشِّرات التي كانتْ تفيد بأن من المحتمل "توجيه ضربات هجوميَّة ضد الولايات المتحدة الأمريكية"؛ (ص: 112)، ويظهر ذلك جَليًّا في "ضخامة الردِّ الأمني والعسكري الأمريكي على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والذي يُعبِّر عن الرغبة في تعويض عجز المخابرات الأمريكيَّة عن التنبؤ بهجمات الحادي عشر من سبتمبر أو التمكُّن من إجهاضها"؛ (ص: 112).
صدام الحضارات - مناقشة مع هنتجتون:
يبدأ الكاتب فصوله الثلاث التحليليَّة الأخيرة بمناقشة نظريَّة "صراع الحضارات"، التي نادى بها "صمويل هنتجتون" عام 1993 كتفسير لماهيَّة تلك الأحداث؛ حيث سَبَق للكاتب محاورة "هنتجتون" بصفة شخصيَّة بشأْن آرائه المتعلِّقة بالنظام السياسي والديموقراطي، وخاصة نظريته الأكثر جَدلاً بخصوص تصادُم الحضارات على أساس ثقافي لا أيديولوجي أو اقتصادي، ونرى الكاتب يتبنَّى هذه النظرية في تفسيره، ويرفض تفسير الصراع بين الشرق والغرب على أنه صراع بين الأديان، أو ذو طابع اقتصادي بَحْت، وإنما"الأمر يتعلَّق بداهة بصراع بين الحضارات والثقافات"؛ (ص: 136)، و"الصدام الثقافي هو واقعٌ لا يُمكن إنكارُه، على اعتبار أنَّ العلاقات بين الغرب والعالَم الإسلامي كانتْ على الدوام تصادُميَّة، لدرجة أنه يُمكن التحدُّث - دون مبالغة - عن عداءات حضارية"؛ (ص: 139)، ومِن ثَمَّ "فإن المشكل يتلخَّص ببساطة في أن الغرب يمثِّل الحضارة التي سَعَتْ أكثر من غيرها، وبطريقة ممنهجة إلى السيطرة على العالَم، والحضارة العربية الإسلامية تمثِّل في هذا السياق منافسها الأكثر صلابة"؛ (ص: 139).
ويجانِبُ الكاتب الصواب في تفسير هجمات الحادي عشر من سبتمبر على أساس نظرية أستاذه "هنتجتون" التي ينادي بها؛ حيث يؤكِّد على أنَّ هجمات 11 سبتمبر "ذات بُعد سياسي بامتياز"؛ (ص: 142)، وأن "دوافع "محمد عطا" شأْنها شأْن دوافع ابن لادن، إنما كانتْ بامتياز ذات طابع سياسي، فهذه الدوافع تنبعُ - في الواقع - من مسألة عدم التناظُر في القوة أكثر مما تعود إلى صِراعات محليَّة أو مسارات تتعلَّق بليبراليَّة العالَم السياسي"؛ (ص: 143)، ولَم تَكنْ بدافع ديني أو ثقافي؛ أي: كأن الكاتب يريد أن يؤكِّد أنَّ الشرق والعرب عامَّة غير قادرين على مُجاراة نَهْج الحضارة الغربيَّة ذات النظرة الاستعلائية الاستعمارية، ومِن ثَمَّ حَدَث التصادُم حضاريًّا، ووقعتْ أحداث الحادي عشر، "فالولايات المتحدة تستعمر بلدين مسلمين - أفغانستان والعراق - وتدعم بشكلٍ نَشِط استعمار بلد ثالث (فلسطين)، وهي تُهَدِّد عَلنًا دولتين أُخْرَيين - إيران وسوريا - كما فرضتْ عُزلة دبلوماسيَّة على اثنتين أخريين - السودان وليبيا - إلى أن انصاع "القذافي" لمطالبها، وتتسامح إزاء قمع المسلمين في الشيشان وكشمير، فهل يُمكن أن نتفاجَأ بما يشعر به النشطاء الإسلاميون - والحالة كهذه - من رغبة جامِحة في الثأْر من الأمريكيين، يشاطرهم فيها الكثير من المسلمين المعتدلين، أكثر ممن يقرون بذلك علنًا؟"؛ (ص: 143).
ويعتبر الكاتب أنَّ ظهور تلك الجماعات النشطة سياسيًّا نابعٌ من "فشل الأنظمة العربية في حماية مصالحها، وتضافُر ذلك مع واقع هَيمنة القُوَى الغربية على هذه الدول؛ مما أدَّى إلى ظهور فاعلين من خارج المؤسَّسات الرسميَّة على المسرح - مثل القاعدة - أخذوا على عاتقهم سدَّ الفراغ في السلطة الملاحَظ لدى الأنظمة العربيَّة والإسلامية"؛ (ص: 144)، وأنَّ هؤلاء الشباب المتحمِّس للاستشهاد في سبيل تلك القضية "نمط جديد من المعارضة تجاه الغرب يمثِّل ديمقراطيَّة النِّضَال ضدَّ الغرب المتسلِّط"؛ (ص: 144).
ويرى الكاتب أنَّ تلك الجماعات الأصوليَّة هي إفراز طبيعي "ناجم بالأساس عن السياسات الغربيَّة الاستعماريَّة الجديدة والإمبرياليَّة، فالظاهرة الجديدة للحادي عشر من سبتمبر هي أن مجموعة مُعَيَّنة من النخب العربيَّة ذات التوجُّه الإسلامي قرَّرتْ - وهي متسلِّحة بعزيمة نادرة - أن تترجِمَ في أفعال متجسِّدة ما كان يَجيش في صَدْرها من امتعاض لتلك السياسات"؛ (ص: 149).
ومنه يظهر بشكلٍ واضحٍ أنَّ سياسة "النفاق تمثِّل إحدى القِيَم البنَّاءة ضمن الجوهر اللازم لنَمَط النهج السياسي الغربي"، وأنَّ "التوسع الاستثنائي والتفوق الذي أحْرَزَه الغرب يعود جزئيًّا إلى ممارساته الشَّرِسَة، والطابع المنظَّم لهذه الممارسات، كما يعود إلى أنَّ الغربيين يقتلون بطريقة أكثر فاعلية من الثقافات الأخرى"؛ (ص: 154).
وإنه تبعًا لهذه الغَطرسة الغربية، والأسلوب الاستعلائي المتسلِّط "يبلغ نفاق الغرب ذِروته حينما يرفض الإقرار بمهاجمته للإسلام، فالحرب التي تُخَاض فِعليًّا في أفغانستان والعراق ما هي إلا حرب ضدَّ الإسلام"، وإنَّ تلك الحروب والمواقف العدائيَّة "تَكْشف ببساطة، وبِما لا يدع مجالاً للشكِّ، عن الطبيعة الحقيقيَّة للغرب المشحونة في الصميم بالْحِقْد على الإسلام والخوف منه"؛ (ص: 160).
"في الوقت الذي تَصدر فيه الأوامر إلى بقيَّة العالَم بالاصطفاف خلف (فاعلة الخير) في العاصمة الإمبرياليَّة الجديدة "واشنطن"، هناك مقاومة عربيَّة إسلاميَّة تُذَكِّرها على الدوام بمحدوديَّة قُوَّتها الأيديولوجيَّة، ثم - خلافًا لكل التوقُّعات - تُبَاغِتها بضَرْبة مُوجِعة"؛ (ص: 167).
ويرى الكاتب كمحصلة للأمر مع أستاذه هنتجتون "أن انحطاط الغرب بحسب اعترافات بعض الغربيين أنفسهم قد بدأ بالفعل؟"؛ (ص: 156).
محصلة كل المخاوف:
بماذا غيَّر الحادي عشر من سبتمبر الولايات المتحدة الأمريكية والعالَم؟
بروز نَمَط من الفاشيَّة في الولايات المتحدة الأمريكية، أو دولة الجيش التي تعيش حالة استنفار حَربي دائمة.
ظهور محاولة لفَرْض "الإمبراطورية الأمريكيَّة" على العالَم، وما ترتَّب عليه من غزو أفغانستان والعراق، والتهديد باحتلال سوريا وإيران، ووضْع بعض الدول مصدر التهديد تحت مُسَمَّى "محور الشر" (إيران وكوريا الشمالية وكوبا).
تصدير النموذج الأمريكي إلى الخارج للدول المتحالفة قَسرًا، عن طريق تطويع القانون الدولي لِخِدمة مصالحها، وتجريد المنظَّمات الدولية من الصبغة الشرعية التي تتمتَّع بها، مثل: تعزيز الأنظمة السلطوية التي تضمن هَيمنة الإمبريالية الأمريكية في باكستان والعراق وإسرائيل، التهديد بقَطْع المساعدات الاقتصادية عن الدول التي لا تتعاون في ملاحقة "الإرهابيين"، إضفاء الشرعيةَّ على جرائم الحرب التي ارتكبتْها في حروبها بعد الحادي عشر من سبتمبر بحجة ملاحقة الإرهابيين.
التحلُّل من حقوق الإنسان، ودولة القانون التي كانتْ تتشدَّق بها أمريكا دومًا، فعلى إثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر ضاعفتِ السلطات الأمريكية انتهاكاتها للحُريَّات العامَّة، مثل: القيام بعمليات التجسُّس على المنازل، الرقابة على المواطنين، اعتقال الرعايا الأجانب لآجال زمنيَّة غير مُحددة دون محاكمتهم طبقًا لقانون الاشتباه، عسكرة القَضاء الجنائي، خَرْق نصوص معاهدة "جنيف" بشأن معاملة المحتجزين أمنيًّا وأسْرَى الحروب، وتحييد المدنيين أثناء الحروب.
حسب إحصائيَّات السلطات الأمريكية نفسها، تَمَّ في الفترة ما بين ربيع عام 2001 وصيف 2003، توقيف ما يناهز ثلاثة آلاف شخص بحجة أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة، وبحسب إحصائيَّات مستقلة، فإنَّ عددَ المعتقلين قد وصَل إلى خمسة آلاف شخص، وسُلِّم مائة شخصٍ من المعتقلين إلى سلطات البلدان الصديقة - وبالأخص الأردن وسوريا ومصر - وألزمتِ الأجهزة الأمنيَّة السريَّة باستنطاقهم.
التعامُل مع العدو الوهْمي الجديد كما لو كان حقيقة، بحيث أضحت "القاعدة" أداة وهميَّة، يُراد لها أن تكون مصدر الشرور في كلِّ مكان حسب التصور الأمريكي، ومنه ترسيخ فكرة "الإسلام الراديكالي" - عالَميًّا - كعنوان رئيس للإرهاب.
منذ الحادي عشر من سبتمبر قامت الولايات المتحدة بإنشاء ثلاث عشرة قاعدة عسكريَّة في ثماني دول - المجر، رومانيا، بلغاريا، العراق، أوزبكستان، قيرغيزستان، أفغانستان، باكستان - من أجْل تدعيم سياسة "الدفاع عن النفس" التي وضعتْها كسبيل لتدعيم مفهوم التدابير الاستباقيَّة ضد البلدان المعادية والتنظيمات الإرهابيَّة، وذلك من جانب أحادي من ناحيتها.
المسعى العنيف والأعمى من جانب الولايات المتحدة؛ لكَبْح حريَّات الآخرين بما فيهم مواطنوها أنفسهم، كذلك جَعل أمريكا - حسب تعبير الروائي "نورمان ميلر" - بصَدد التحوُّل إلى "دولة ضخمة ذات مقومات هَشَّة" تحمل مقومات فنائها.
نهاية الأوهام - الحصاد الْمُرّ:
يرى الكاتب أنَّ أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد فرضتْ حالة من "الْهَلع الشديد" بالولايات المتحدة الأمريكية؛ (ص: 207) أدَّتْ بها إلى "حالة استنفار دائم"؛ (ص: 208)، وبدلاً من تصحيح الأوضاع بالاعتراف بالخطأ ورَفْع الظلم، حيث مَثَّلَتْ هجمات الحادي عشر من سبتمبر "فرصة فريدة بالنسبة للولايات المتحدة؛ لاستخلاص العِبَر والسَّعْي لتعديل توجُّهات سياستها الخارجية"، (ص: 227)، على النقيض تمامًا، توسَّعتْ دائرة الصراع وتكثَّفتْ حينما "أعلنت الولايات المتحدة حربًا ضد الإسلام دون أن تسمِّيها - إلى الآن - باسمها الحقيقي"؛ (ص: 230).
وعلى المدى البعيد ستكون مُحَصلة كل تلك الغَطرسة والجبروت الأمريكي "دَفع الولايات المتحدة ثمنًا باهظًا جرَّاء سلوكها الإمبريالي، الداعم بلا هَوَادة للسياسة الإسرائيليَّة الهدَّامَة، وللحروب التي أشعلتْها في أفغانستان والعراق، فهناك أجيال جديدة من العرب والمسلمين يتربَّون اليوم على كَرَاهية أمريكا، وهذه الكراهية آخذة في الاتِّساع؛ لتشمل كلَّ حليف للولايات المتحدة"؛ (ص: 207 - 208).
وينادي الكاتب الأصوات المتعقلِّة في الغرب بتحييد الصراع، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فمن الواضح تمامًا "أن الإسلام هو المستهدَف الوحيد بِجام الغضب الصادر عن هؤلاء الذين يقدِّمون دروسًا للغير، ويُنَصِّبون أنفسَهم حُماة للقِيَم"؛ (ص: 217)، وهم في أشدِّ الحاجة لها.
ويبرْهِن الكاتب على أنَّ الانشغال بالتفسيرات الغربيَّة والأمريكية لهجمات 11 سبتمبر وما تلاها - مَضْيعة للوقت وتبديد للجُهد، وأنَّ الانسياق وراء"نفاق وسائل الإعلام الغربيَّة"، وأصوات الشر من الكُتَّاب الغربيين المتطرِّفين سوف يُسْهم في "إبعاد أعداد من الغربيين - ممن ليسوا أغبياء ولا شركاء - عن استيعاب حقائق الصراع"؛ (ص: 224)، وأنَّ "سياسة الثأْر" و"كَبْش الفِداء"؛ (ص: 237) - التي يتعامل بها الغرب والولايات المتحدة ضدَّ كل ما هو إسلامي - هي بمثابة "انحطاط حضاري"؛ (ص226) يَصْعُب معه "إنقاذ ما كان من المتاح إنقاذه"؛ (ص: 226).
ويتساءل الكاتب متعجِّبًا: هل يجب علينا تذكير هؤلاء - الذين ينادون بالنزال - أنَّ أسلافهم قد خَسِروا المعركة إبَّان الحروب الصليبية؟"؛ (ص: 237).
ذاقت الولايات المتحدة في نهاية الأمر طعمَ العقاب، وفي نهاية المطاف أنجبتْ أُم المعارك عمليَّات الحادي عشر من سبتمبر، وعليه يختتم الكاتب كتابه بتساؤله المحتوي في باطنه على رجاء بأن يتعقَّل الغرب من أنَّ هجمات الحادي عشر من سبتمبر هي عاقبة الفكر الغربي القائم على استلاب الحريَّات وقَتْلها، وأنَّ إعادة الكَرَّة ثانية سوف يؤدِّي بنا لِهُوَّة مُظلمة في مستقبل مجهول:
"ماذا سيكون المستقبل؟ هل سيكون حالة من التصارُع ما بين حملة دوليَّة من الإرهاب الدائم، وإمبراطورية عالميَّة تمارِس أساليب العقاب؟
طالَما أنَّ الولايات المتحدة لَم تتقبَّل - على مستوى سياسي أكثر منه ثقافي - وجود حضارة لها قِيَم بديلة، حضارة تَمَّ إضعافُها اليوم، لكنَّها قابلة لأن يكون لها من القوة ما للغرب كما دلَّل التاريخ على ذلك - فإن الحوار حول ماهيَّة الحادي عشر من سبتمبر لن يوضَعَ في نصابه"؛ (ص: 239).
تقييم الكتاب:
الكتاب يُعَد وثيقة هامَّة للغاية، مُقدَّمَة للعالَم الغربي؛ لفَهم طبيعة هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وماهيَّة أسباب حدوثها، ودعوة للعقلانيَّة من نُزهاء وشُرفاء الغرب؛ لكَفِّ المظالِم ضدَّ الإسلام وآله، باعتباره العدوَّ القديم للحضارة الغريبة الاستعمارية، فالظلم لا يولِّد إلا الظلم؛ كما برْهَن الكاتب خلال فصول كتابه.
الكاتب استبعد تمامًا نظرية المؤامرة، التي هي بضاعة كثير من الكتابات العربيَّة حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وذلك بأسلوب تحليلي عميق، مركِّزًا في الوقت ذاته على ضرورة وجود وجهة نظر مغايرة من جانب الغرب نفسه؛ لفَهم دوافع تلك الهجمات وغيرها، وهو ما يهمُّ القارئ، ويحقق ثمرة الكتاب المرجوَّة، فالكتاب موجَّه بالأخصِّ للقارئ الغربي، الذي يستبعد تمامًا فكرة المؤامرة من حساباته، ويحاول إيجاد جواب عن السؤال الذي يتردَّد ليل نهار في وسائل الإعلام الغربيَّة: لماذا يكرهوننا؟! لماذا يهاجموننا؟!
جانَبَ الكاتب الصواب في اعتماد وجهة نظر المفكِّر "صمويل هنتجتون"في ربط هجمات الحادي عشر من سبتمبر بصدام الحضارات ثقافيًّا، مع إغفال الجانب العَقَدي لطبيعة الصراع الدائر حتى يوم القيامة بين جانبي قُوَى الغرب الملحِد والعالَم الإسلامي، فلا يمكن فصل الثقافة الإسلاميَّة والعربيَّة عن العقيدة بأيِّ حال من الأحوال.
الكتاب يُعَد من أثرى المؤلفات التي كتبتْ في تفسير أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ومليء بالتفاصيل، ويدلِّل على ذلك اعتماد الكاتب في كتابة مؤلَّفه أكثر من 100 كتاب كمرجع، أكثر من 400 مقال صحفي، و 12 فيلمًا وثائقيًّا، وكانتْ هذه المراجع بخمس لغات: العربية، الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية، الألمانية، وكان من أكثر الكتب مبيعًا بفرنسا، وتَمَّتْ إعادة طباعته عِدَّة مرات، إلى أن الكاتب نفسه ألْحَق بخاتمة كتابه ثبت بالتسلسل الزمني لأحداث الحادي عشر من سبتمبر حسب روايته بالكتاب، وأهم الأعلام الوارد ذِكرُها بالمؤلَّف.
جدير بالإشارة أن الكتاب أُلِّف باللغة الفرنسية، وأسهمت الترجمة الرصينة المتْقَنة من جانب الباحث الموريتاني - المقيم في نيويورك - الأستاذ أحمد صالح احميِّد، في تعزيز قيمة الكتاب، وإتاحته لجمهور القارئين في الوطن العربي، المفتقد لِمثْل هذه الدراسات الجادة في سوق دور النشر العربية.
رابط الموضوع
http://www.alukah.net/Culture/0/27786/
فهرس الكتاب
الموضوع الصفحة
مدخل تمهيدي
الحدث الجلل 3
الفصل الأول
الكوماندوز 11
الالتحام 14
محمد عطا 22
مروان الشحي 24
زياد سامر الجرّاح 25
الاندماج 26
التنفيذ 29
وصول الفرق 34
هاني حنجور 35
نواف الحازمي 35
خالد المحظار 36
العنصر العشرون 38
مفاتيح النجاح 46
الفصل الثاني
التحضيرات 51
القرارات الأخيرة بأسبانيا 54
التصويبة الأخيرة ب"لاس فيغاس" 56
الفصل الثالث
العملية 63
طائرة شركة طيران امريكان آيرلاينز، الرحلة 11 69
طائرة شركة طيران آيرلاينز، الرحلة 175 72
طائرة أمريكان أيرلاينز الرحلة 77 76
طائرة شركة يونايتد أيرلاينز، الرحلة رقم 93 81
المناطق الضبابية 91
فرَضِيَّةُ الضلوع الإسرائيلي المزعوم في العملية 93
الفصل الرابع
التأهب لخوض الحرب Bellum seipse alet 99
الامبراطورية تتحرك 106
الفشل الاستخباري الذريع 112
المسألة العراقية 117
الفصل الخامس
صدام الحضارات 125
نبوءة البرفسور 128
الحادي عشر من سبتمبر وتأكيد الصِّدَام 135
إضفاء صبغة أكثر راديكالية على التساؤل 144
كشف النقاب عن الغرب 152
الفصل السادس
مُحصِّلة كل المخاوف 169
التحلُّل من حقوق الإنسان ودولة القانون 172
قانون "بيتريات" Patriot والإجراءات الاستثنائية 179
الأمريكيون: الضَّحايا الرَّاضَونَ بذلك 182
التعامل مع العدوِّ الوهمي "الجديد" كما لو كان حقيقة 188
الأسلوب الأمريكي والإغراءات الإمبريالية 196
الفصل السابع
نهاية الأوهام 205
ردّة الفعل 208
خِيّانة رجال الدين 215
على من يأتي الدور الآن؟ 218
عصر الامبراطورية الأمريكية 225
إصابة الذهن الأمريكي بالجمود، وفقدانه للإحساس 228
التسلسل الزمني للأحداث 241
المصادر ولوائح الكتب التي تم اعتمادها كمراجع (118 كتابا، 500 مقالا، 12 فيلما وثائقيا)
أولا : المُؤلفات والمقالات (وِفْقَ الترتيب الأبجدي اللاتيني للأسماء العائلية للمؤلفين): 259
ثانيا : الأفلام الوثائقية 282
لائحة بأسماء الشخصيَّات الواردِ ذكرها في المؤلف 285
ملاحظة: توجد مقتطفات من الكتاب أدناه
يمكن اقتناء نسخة من الكتاب أونلاين عن طريق "النيل والفرات"
http://www.neelwafurat.com/itempage....3&search=books
يمكن اقتناء نسخة من الكتاب أونلاين عن طريق "بازار الكتب "
http://bazaralketab.com/BooksMain.as...b-5e7a128a41f5
موزعو إصدارات عالم الكتب الحديث في الوطن العربي (بما فيها كتاب "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات
الحادي عشر من سبتمبر")
ليبيا: دار الرواد- ذات العماد- برج (4) هاتف 218213350332
الأردن: إربد- عالم الكتب الحديث- ش. الجامعة- بجانب البنك الإسلامي- هاتف 96227272272+ فاكس 96227269909+ ص.ب 3469 الرمز البريدي 21110.
- عمّان: جدارا للكتاب العالمي- هاتف 0796535399 .
- الإمارات- الشارقة: مكتبة الجامعة هاتف 97165726001+ ص. ب 4540.
- لبنان- بيروت: دار الكتب العلمية- تلفاكس 804811- 9615804810+ ص. ب (11- 9424).
- مصر- القاهرة: مكتبة مدبولي 6 ميدان طلعت حرب- هاتف 5756421- فاكس 5752854.
القاهرة: الدار المصرية اللبنانية- 16 عبد الخالق ثروت هاتف 3910250 فاكس 3909618 ص. ب 2022 برقياً دار شادو.
القاهرة: دار الوفاء 2 درب الأتراك- الأزهر هاتف 4502813 تلفاكس 4502812.
القاهرة- دار الكتاب الحديث 94 شارع عباس العقاد مدينة نصر هاتف 2752990 فاكس 2752992.
القاهرة: دار العلوم للنشر والتوزيع هاتف 200576140+ تلفاكس 2025799907+.
- السعودية: الرياض: العبيكان- تقاطع طريق الملك فهد مع العروبة هاتف 4654424/4160018 وجميع فروعها في المملكة.
جدة: كنوز المعرفة- الشرقية شارع الستين- عمارة أبا الخيل هاتف 6510421- 6514222 فاكس 6516593 ص. ب 30746 جدة 21487.
مكة المكرمة: مكتبة إحياء التراث الإسلامي- الزاهر هاتف 5445984 فاكس 5436620.
- العراق: بغداد- مكتبة الذاكرة- الأعظمية- مجاور السفارة الهندية هاتف 4257628 تلفاكس 4259987- الثريا 8821621241714+ .
- فلسطين- رام الله: دار الشروق- شارع مستشفى رام الله هاتف 97022975632+ فاكس 97022975633+.
غزة: مكتبة اليازجي تلفاكس 2867099/ 2835669-8-970+ .
- ليبيا: دار الرواد- ذات العماد- برج (4) هاتف 218213350332+.
- الكويت: دار العروبة للنشر والتوزيع- النقرة- شارع قتيبة- مقابل مجمع النقرة الشمالي هاتف 2664626 فاكس 2610842.
مكتبة ذات السلاسل هاتف 9652466255+.
- المغرب: الرباط- مكتبة دار الأمان- زنقة المأمونية- مقابل وزارة العدل هاتف 037723276 فاكس 037200055 .
الدار البيضاء: دار الثقافة- 32- 34، شارع فيكتور هيكو- ص. ب: 4038- هاتف 022302375- 022307644- فاكس 0220006511- 022443048.
- تونس: مركز الموسوعات والكتاب- نهج أحمد البليلي هاتف 71335829 فاكس 71342124.
- الجزائر: أمين للتسويق الدولي للكتاب العلمي والجامعي- تلفاكس 21321773355+ ص. ب 75 حسين داي (16040) الجزائر.
الدار الجزائرية المصرية للكتاب تلفاكس 21321541135+ .
دار الكتاب للبحث العلمي هاتف 0272994257 الجزائر.
دار بهاء الدين للنشر والتزيع- جامعة متوري قسنطينة- عمارة الآداب رقم 18- هاتف وفاكس 0021331904141.
دار الوليد للتوثيق- فيلا رقم 05 حي اللوز بن عمران بو مرداس- تلفاكس 21324830310+.
دار النهضة الجزائرية- تجزئة ن2- قطعة رقم 93- إدارية الجزائر- هاتف 021353508+.
- السودان: الخرطوم- الأستاذ الدكتور عباس محجوب – هاتف 249122468208+- 249912581660+.
مقتطفات من الكتاب
مقتطفات من الكتاب تتحدث عن القضية الفلسطينية
إنَّ المحافظين الجدد محاطون بمثقفين من اليمين، مثل وليام كريستل ، رابرت كاغن ، كارلس كروثامر ، جاشوا موراتشفيك وفرينك غافني ، وهم يستلهمون رؤيتهم العَقَدية من الفيلسوف ليو ستروس ؛ ويشكلون في الأساس تيارا فكريا لبَعْث اليمين الريغيني (نسبة إلى الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغن). كما أنَّ رؤيتهم نتاج لتحالف معقَّد بين اليهود الموالين لإسرائيل (مثل بول ولفويتز) والمسيحيين الصهاينة (جورج بوش، كارل روف)، والمنهجيين الكنسيين (ديك تشيني)، والبروتستانت المتطرفين (كوندوليزا رايس). والتحالف مع إسرائيل هو في الأساس - بالنسبة لبعضهم - ذو أبعاد توراتية محضة. وهكذا، فإن الدعم الإنجيلي لسياسة بوش المساندة لإسرائيل (بات رابرتسون ، جورج فالويل ، جاري باور) يستند على حجج دينية مفادها أن النبي إبراهيم قد تعهد للشعب اليهودي بأنْ يَستعيد - إلى الأبد- "أرضه الأصلية". فالإنجيليون، وَمِنْ بينهم عقيلة ديك تشيني، يُؤمنون إيمانا جازما بأنّ عوْدة المسيح على الأرض لنْ تتمَّ إلا بعْد أنْ يستكمل الشعب اليهودي إقامة الدولة اليهودية على كامل أراضيها، وعاصمتها القدس."
****
في هذه الظرفية، لم يكن مفهوم الحرب الوقائية مُرتَجَلاً، ولم يُتَّخَذْ كمجرد إجراء دِفاعيٍّ صِرْفٍ، بلْ إنَّه - على العكس - يستند على منطق هيمنة كان قد بلغ مرحلة النُّضج إِثْرَ عمليةِ تحضيرٍ طويلة؛ فعندما كان ديك تشيني وزيرا للدفاع في ظل إدارة الرئيس جورج بوش (1988-1992 ) قام - بمساعدة عدد من مستشاريه، من بينهم لوس ليبي (الذي سيشغل فيما بعد مدير ديوان تشيني في ظل إدارة جورج أيتش بوش)، بول ولفويتز وزالماي خاللزاد (وهو حينها الممثل الخاص لإدارة بوش المكلف بالمسائل المتعلقة بالمقاومة العراقية المناهضة لنظام صدام حسين) - بإعداد وثيقة معنونة ب"دليل تخطيط [سياسات] الدفاع " Defense Planning Guidance حيث تضمنت جوانب تَمَّتْ إعادة العمل بمقتضاها في سنة 2002 ضمن خِطَطِ إدارة الرئيس بوش، وأُعِيدتْ برمجتُها من جديد. ومن أبرز النقاط الواردة فيها ضرورة الحفاظ على تفوق القوة الأمريكية عن طريق التحالفات المناسبة بحسب الظروف القائمة.
وفي السياق نفسه كان ريتشرد بيرل Richard Perle، مساعد وزير الدفاع، قد وقع سنة 1996 مع ديفد ورمسر David Wurmser - مساعد وزير الخارجية المكلف بالحد من التسلح - مُذكرة موجهة إلى الوزير الأول الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو، معنونة ب "قطيعة تامة: استراتيجية جديدة لحماية المجال "A Clean Break: A New Strategy for Securing the Realm" يَدْعُو فيها إسرائيل إلى تبنِّي استراتيجية استباقية تجاه الفلسطينيين (لأجل احتواء سوريا، وتقليص دائرة نفوذها).
وعلى الرغم من تلك التوجيهات، فإنَّ إدارة بوش كانتْ تبدو مع ذلك - عند تولِّيها السلطة في شهر يناير من سنة 2001 - وكأنها تتَّجه صَوْبَ التوقف عن الانخراط في الصراع الدائر في الشرق الأوسط، والمُراهنة على خلْق ديناميكية جديدة في المنطقة تاركة الأطراف تُواجه بعضها البعض. وبهذه الطريقة، فإنّ الولايات المتحدة - وكما هو واضح - أطلقتْ يدَ إسرائيل، متبنِّيةً في الوقت نفسه سياسة انحياز سلبي يُجيزُ - عَمَلِيًّا - لإسرائيل ما تقوم به من تصرفات. و في مواجهة الفوضى العارمة و الدمويَّة التي ارْتَمى فيها الإسرائيليون والفلسطينيون مع بدْء انتفاضة الأقصى في شهر سبتمبر من سنة 2000، وضع الأمريكيون استراتيجية تقوم على الوساطة عنْ بُعْدٍ، سيتبين بعْدَ أشهر أنها غير فعالة على الإطلاق.
كما أنَّ هذه السياسة الخاصة بالمنطقة لمْ تَعْرفْ قَطُّ في واقع الأمر- ولم يُرَدْ لها ذلك - تحوّل الأمريكيين عن النهج المتَّسِم بالرغبة الجامحة لمعالجة الملف العراقي معالجة نهائية، في أعقاب حرب الخليج الثانية، سنة 1991. إنَّ الولايات المتحدة بمساندة من بريطانيا كانت تخوض حربا مستمرة ضد العراق طيلة العقد الزمني السابق مُشْهِرة في وجهها سيفا مُصَلَّتاً، تَمثَّل بدءً في فرض الحصار الاقتصادي، ثم إقامة مناطق حظر الطيران الجوي، ثم التأثير المباشر على مهام مفتشي نزع التسلح UNSCOM خِدْمة للأهداف الأمريكية.
****
يمْكن اعتبارُ أنّ الغرب كان لغاية الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001، على وشك أن يستمرئ واقع الاستغلال الذي يمارسه في حق العالم العربي والإسلامي. فالثمن الذي يتعيَّنُ دفْعُهُ كان زهيدا نِسبيًّا، والمعاملة الجائرة التي تُمارَسُ (في فلسطين وفي العراق) يتم تسويقها في قالَبٍ مُعَقْلَنٍ (إسرائيل دولة ديمقراطية، "صدام حسين يشكل تهديدا")، والنزاعات العربية الداخلية مُستمرة، وفسادُ الحكومات يُكَمِّلُ المشهد. لكنّ ردّة الفعل كانتْ عنيفة. فعلى نحو ما قد يشهد التاريخ مِن أحداث مُسرَّعَةٍ، تَشكَّلَ فجأةً نمطٌ جديد من المعارضة تجاه الغرب. إنَّ الفشل الجليَّ للحكومات العربية في التصرف بصورة شرعية وناجعة - باسم الشعوب العربية، سعْيا لحماية مصالح هذه الأخيرة - وَلَّد حركة ذات حدَّيْن، أفْضَتْ إلى دمقْرطة النضال ضد الغرب المتسلِّط. فالقاعدة اليوم ليستْ سِوى أعراض مُستَفْحلة لتلك الحالة المَرَضِية. وستكون القاعدة مُستقبلا - في بُعْدها العالمي وطابع "الخوصصة" المتَّسِمة به - تلك الحالة المرضية.
وكما أشار إلى ذلك المثقف الأمريكي نعوم تشامسكي Noam CHOMSKY، فإنه من النَّادر طرحُ مسألة الدوافع التي أدّتْ إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر. والامتناعُ عن طرْحها بطريقة جِدِّيَّة يَعْنِي - بالأساس - إيثارَ زيادة فرص احتمال حدوث هجمات جديدة
*****
وتساءل بعضُ المُعَلِّقين الأمريكيين عنْ ما إذا كان إحداثُ تغييرٍ سياسي في الشرق الأوسط إثْر هجوم إرهابي لا يشير إلى أن المهاجمين حققوا الانتصار. فقدم الصحفي الأمريكي غاري كاميا Gary Kamiya جوابا لذلك. فهوَ يشير إلى أنه "مُنْذُ أَمَدٍ بَعيدٍ جِدًّا، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتظاهر بمظهر مَنْ هو خارج دائرة الصراع ]الدائر بين إسرائيل والعرب] - وَهْيَ ليست مُحايِدةً فيه - إذْ أَنَّهَا تُساند بطريقة غير نَشطةٍ وضعِيَّةً لا يزال فيها الحَنقُ الفلسطينيُّ المكبوت يزداد إلى أنِ انفجر في صورة حالة من العنف بلغتْ حدَّها الأقصى ... فلوْ كان الوضع يتعلق بصراع بين الخير والشرِّ، بين "إسرائيليين خيِّرين" يحاربون ضد العرب الأشرار" من أجل البقاء، فإن قضيةً من هذا النوع، تستحق أن تَجْلِبَ لأمريكا حِقْدَ ملايين الأشخاص. لكنَّ الأمْر ليس كذلك. فلا يُوجد من الأشخاص مَن يُؤْمن بذلك في هذا العالم، باستثناء شريحة من الشعب الإسرائيلي، والحكومة الأمريكية فيما يبدو".
****
ومِنْ ناحية أخرى فإنَّ كاتب افتتاحية المجلة الفرنسية لبوين Le Point، ومُؤسِّسها، كلود إيمبار Claude Imbert، يُعْلن هو الآخر عنْ كراهيّته للإسلام. وتَبعهُما الكاتب الفرنسي ميشل هويلبك، الذي عبََّرَ عَلَناً عنْ كراهيته المجّانية للإسلام، أيَّامًا قبل الحادي عشر من سبتمبر. (ففي مُؤَلَّفِهِ "المنصّة Plateforme" الذي حقَّقَ أكبر المبيعات في سوق الكتب خلال صيف العام 2001 بفرنسا، كانت الشخصية المحورية في القصة تُوضِّح أنْ لا شيء يُثْلِجُ صدْرها أكثر من عِلْمِهَا عبْر نشرات الأخبار بأنَّ امرأة فلسطينية، مِن المُحبَّذِ أن تكون حاملا، قدْ تمَّ قتلها).
وبخصوص المسلمين، فإن الصحفيَّة الأمريكية آن كولتر Ann Coulter ترى "أنه يَلْزَمُ احتلالُ بلدانهم، وقتْلُ قادتهم، وتحويلُهم إلى مسيحيّين".
هل هذه الشخصيات - الذائعة الصيت لدى الجمهور - تُعبِّر على الملأ عمَّا تُضْمِرهُ أغلبية منافقة؟.
الواقع أنّ المهمة المتمثلة في تقديم العرب على أنهم شياطين، من أجل تشريع ممارسة العدوان ضدهم، عَرَفَتْ عَشِيَّة الهجمات على نيويورك وواشنطن نجاحا لَمْ يَكُنْ مُؤَمَّلا، كما يشهد على ذلك انتشارُ المؤلَّفاتِ المُعبِّرةِ تصريحا أوْ بطريقة مُبَطَّنة عن عدائها للإسلام أو العرب. ( وفي تلك الحالة، فلنْ يَتطلَّب الأمرُ تَبْييِنَ أنَّ الأمر هنا يتعلق بحرب قائمة بين الحضارات).
كما أن الانحيازَ المُستمِرَّ للسياسة التوسُّعية الإسرائيلية من قِبل الحكومات الغربية وبعض المثقفين الغربيين، وكذا القطيعة القائمة بين العرب (وبين الشعوب العربية وحُكَّامها) وبيْن الولايات المتحدة، قد تصاعدَتْ وتيرتُها منذ الحادي عشر من سبتمبر.
وممَّا له مدلول خاص يوْمَنا هذا، عدمُ التصرّفِ (ولاَ حَتَّى تحريك ساكن) حِيَالَ ما تقوم به إسرائيلُ من خَرْقٍ للشرعية الدولية، من ناحية، وما هو مُشاهَدٌ من مظاهر القوة العسكرية الأمريكية، التي يتم استخدامها بشكل شبه حصري ضد العرب والمسلمين، من ناحية أخرى. ففيما يخص النقطة الأولى، لا يتردَّد بعضُ المثقفين في تبرير الاغتيالات والأفعال الإجرامية التي يتم ارتكابُها من قِبَل حكومة شارون.
يشير الكاتب الأمريكي، جوان ديديون Joan Didion، إلى أنّ الأمريكيين لم يعُدْ بوُسْعِهِمُ الدخولُ في حوارٍ بشأن علاقتهم بإسرائيل [...] بلْ حتَّى أنه لَم يَعُدْ هناك سبيل لإثارة التساؤل المتعلق بمسألة العلاقة ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل في جامعة هارفرد Harvard University، لا في نيويورك، ولا في واشنطن. فذلك قد يُفْضي إلى الموت ... إننا نَخْتبيء. إننا نتخفَّى. فنحن نريد أنْ يتمَّ نزعُ فتيلِ المُشْكلِ، في الوقت الذي نكون فيه تحت الحماية في منأىً من الخطر خلف حاجز واقٍ يتمثل في الإساءات الجارحة والإساءات الجارحة المضادة. يَتم التعبيرُ عن الكثير من الآراء. لكنَّ القليل هُمْ مَنْ يُتاحُ لهم بسْطُ أفكارهم. والأقل من ذلك همْ مَن يقومون بتغييرها.
وعلى الرغم من الاحتجاجات الصادرة عن بعض المثقفين الغربيين مِمَّنْ يتطلَّعون إلى أسلوب يمتاز بالصرامة والصدق، ويشعرون بالعار تجاه "جُبْنِ" حكوماتهم، فإن عجز الغالبية الكاسحة من الدول الغربية - ونحن نقيس كلامنا في مثل هذا التعميم - عن مجابهة الظلم الأمريكي والإسرائيلي يَفْضَحُ أكثَرَ من أيِّ وقت مَضَى نفاقَ كلِّ الصَّرْحِ السياسي والإعلامي والثقافي الغربي، الذي يَكيل بمكيالين عندما يُقْدِمُ على التعبير عن السّخط المصطنع، من منطلق أخلاقي.
فقدْ كتبتْ يومِيّةُ لوموند الفرنسية - في سعيها إلى التخفيف من حدّة انتقاد طفيف وُجِّهَ إلى شارون الذي تم وصْفه بأنه "عديم المصداقية" (وهو تعبير مُلَطَّفٌ لا يليق أَلْبَتَّةَ استخدامُه للحديث عن مُجْرم حرب) - أنَّه فيما يتعلق بالهجمات الانتحارية التي شنّها انتحاريون فلسطينيون من البالغين سنَّ الثامنة عشر، فإن "الوسائل تحدِّدُ الغايات، وتلك الوسائل التي يتم استخدامُها في إطار النضال الوطني تُوحِي دائما بتلك الوسائل التي سيتم استخدامُها عندما يتعيَّنُ حكمُ فلسطين كدولةٍ مستقلة". ومن ذا نستشف إلى حدٍّ ما الإيديولوجيا المبطّنة داخل هذا الانتقادات.
هل أن مُحَرِّري هذه الافتتاحية يُفكرون فعلا في تفنيد شرعية قيام شعب يرزح تحت نَيْرِ الاستعمار باللجوء إلى استخدام القوة؟.
فمِنْ بين الملاحم الدموية للإمبريالية، فإن تاريخ حرب التحرير في الجزائر، والوسائل المستخدمة في قمع عمليات النضال الوطني في سبيل التحرُّرِ قد أبَانَتْ لنا، إذن، عن سَوْءة أولئك الذين يستخدمونها.
لقد قام مدير صحيفة لوموند Le Monde ، جان ماري كولومباني Jean-Marie Colombani، بإعطاء زخم لهذا الرأي الذي دافعَتْ عنه الصحيفةُ اليوميةُ الباريسية - وذلك بعد مضيّ يومين من صدوره - واصفا الهجمات الفلسطينية بأنها "نذير شُؤْمٍ لمستقبل الشعب الفلسطيني وشكْل الدولة الفلسطينية".
ألا يُعَدُّ هذا محاكمة للنوايا؟ (فالحُجَّةُ نفسُها يمكن أيضا أن تنْسحب حرفيًّا على الإسرائيليين أنفُسِهم الذين أُنْجِبتْ دولتُهم في ظل الإرهاب الموجّه ضد البريطانيين وضد الفلسطينيين). فما ذهب إليه كولمباني موغِلٌ في المبالغة، لأنَّ صحيفة واشنطن بوست Washington Post، التي يصْعب أن تُتََّهم بالتعاطف مع الفلسطينيين، كانتْ قد أشارتْ في افتتاحيتها - بعد مرور ثلاثة أيَّام - إلى "أن الإرهاب يُستخدم أحيانا باسم القضايا العادلة.
"نحن بِأَسْرِنَا أمريكيون أكثر من الأمريكيين أنفسهم... فمِن خلال تأكيده أنّ الصراع الجديد ذو طبيعة ثقافية، يتوسَّع كولمباني في بسْط رؤيته في كتابه، مُدافعا عنْ كون التضامن مع الولايات المتحدة يبقى جوهريا، ولا يقتصر على البُعد العاطفي وحده.
فهذا الحكم التلقائي المتعلق بحتمية التكاتف ما بين أوروبا و الولايات المتحدة يستند على أساس من المعاملة بالمثل تجاه أمريكا التي أبْدَتْ، بعد الحرب العالمية الثانية، شعورا مماثلا من خلال انشغالها بمصير أوروبا. لكنه بالذات، يتعلق أيضا بمجموعة تشترك في منظومة من القيِّم الموحدة؛ فبالطريقة نفسها التي يشعر فيها الملايين من العرب والمسلمين بأنَّهم "بأسْرِهم فلسطينيون" أو أنهم " بأسْرهم عراقيون"، فإن الغربيين همْ "بأسْرهم أمريكيون" وهُمْ "بأسْرهم إسبان".
وبعد مرور سنة على هجمات نيويورك وواشنطن، يستمرُّ كولمباني في التشديد على ذلك مِن خلال الإشارة إلى "أننا، لسنوات، كنا أمريكيين بطريقة يطْبَعُها الثباتُ. ونحن لا نزال، وسنبقى كذلك، طالما أن مصير كلِّ منَّا مرتبط بمصير الآخر. (إنّه تَجَلٍّ جديدٌ لصراع الحضارات).
****
علاوة على تلك البلبلة العامَّة والتَّخبط الناجِمَيْن عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أخذتْ وسائل الإعلام منذ خريف العام 2001 - بلْ وعددٌ كبير من المثقفين الغربيين أيضا - في تقديم صورة سلبية عن الإسلام والعرب، وذلك بطريقة شبه ممنهجة. يضطلع بهذا الدور في الولايات المتحدة الكثيرُ من الصحفيين والجامعيين، كالصحفية جودث ميلر Judith Miller، والجامعي فؤاد العجمي، لوري ميلروا LaurieMylroie، ميلتون فيورست Milton Viorst ، و برنارد لويس Bernard Lewis. أما في فرنسا، فإن التحاليل يتكفل بإشاعتها برنارد هنري-ليفي Bernard Henry-Lévy، آلان فينكلكرو Alain Finkelkraut، آندرى غلكسمان André Glucksmann، آلكسندر آدلر Alexandre Adler، ميشل تريبالا Michèle Tribalat، بَيَيْر آندرى تاغيف Pierre André Taquieff، آلكسندر دَفالْ Alexandre Del Valle، آليزابت ليفي Elisabeth Lévy، دانيل سيبوني Daniel Sibony، جاك آلين لجي Jack-Alain Léger و باسكال بركنر Pascal Bruckner، ضِمْنَ آخرين.
ويَلزَم أن يُذكر في هذا الصدد، أنّه في ظل النظام الجمهوري، كما [هو] الحال في فرنسا مثلا، فإنّ بعض المثقفين والصحفيين الذين يدينون باليهودية - من غير الإسرائيليين - يَدَّعون الموضوعية، وهي صفة لا يُمْكنهم الاتِّصافُ بها بشكل كامل في صراع ذي خلفية عقائدية، فَهُمْ من يُغذِّي حالة التضليل التي أضْحى إخوانهم في المواطنة ضحيَّة لها.
فاستغلال المخاوف المتصلة بالإرهاب لأجل التشويش على الأذهان قد سَهَّلَ - منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر - المُهمة التي يضطلع بها آندري غلكسمان وغيْرُهُ، منْ أمثال ألين فينكلكروت (الذي جعل المُمَثِّلة جوليت بينوش Juliette Binoche - مُؤخرا - تَشْعر بالذنب، بسبب التعبير عن إحساسها الصادق، على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية).
كما أنَّ الحجج التي رَوّجَ لها - خلال التسعينيَّات - الفيلسوفُ برنارد-هنري لَفِي فيما يتعلق ب"الخطر الإسلامي"، وتلك التي ساقها - خلال العشرية الحالية - الكاتبُ آندرى غلكسمان- الذي لا فرق لديْه بين الحرب الإنسانية والحرب ضد الإرهاب -، تَنْطوي على خِدَاعٍ مُضَلِّلٍ. ينضاف إليها كذلك النهج المُتعالي المتسلِّط، والمشوب بالإزدراء لهؤلاء المثقفين، هذا النهج الذي يطال حتَّى المجتمعات التي ينتمون إليها. فالنهج الذي يتبعونه يتمثل في "استخدام أسلوب خطابي يأتي في قالب معكوس، يتم صهره في بوتقة، وإخراجه في ثَوْبٍ – مُحافظٍ – جديدٍ.
فمن خلال التغطية الإعلامية الهائلة المخصصة لهُمْ، يقومون من تلقاء أنفسهم بزرع بذور معاداة السامية، التي لمْ تغادر في واقع الأمر أوروبا على الإطلاق، و التي لا ناقة للعرب فيها ولا جملا. فلئن كانت معاداة السامية قد ظهرت اليوم جزئيا في صفوف شريحة من الشباب من ذوي الأصول المغاربية، ممَّنْ يحسُّون في أعماقهم بالإحباط الحاصل لدى ملايين الفلسطينيين والعراقيين، فإنَّ الأمر يعود إلى أسباب سيَّاسية محضة. فشجْب معاداة الساميّة أمرٌ صائب. لكن التوقف دون تَفحُّص أسباب تلك المعاداة - التي لا علاقة لها بالحياة الاجتماعية، بلْ إنها ذَاتُ طبيعة سياسية بالذات -، ليس كذلك. بلْ إنّ ذلك من قبيل خِداعِ الذَّاتِ.
ففرنسا، في هذا الصدد - على غرار ماحدث في الولايات المتحدة، فيما يتعلق بأقلياتها العرقية من ذوي الأصول اللاتينية (التي تعود جذورها لأمريكا اللاتينية)، خلال سبعينيات القرن العشرين - تشْهدُ تحولات ديمغرافية مُتسارعة، بطريقة لمْ تَعُدْ تَسمح لسياستها الخارجية أنْ تُزيح عنْ دائرة الضوْء شريحة هامة من مواطنيها "الجدد"، أَحْرَى أن تتبنى – حصْريًّا - مواقف تعبرُّ عن رأْي شريحة لاَ تُمثل سِوَى أقليَّة.
من ناحية أخرى، فإنه من الأمور التي لها دلالة، أن الإسلام هو المستهدف الوحيد بجام الغضب الصَّادر عن هؤلاء الذين يُقَدِّمُون دروسا للغير، وَيُنَصِّبُونَ أنفسهم حُماةً للقيم في وجه "الغُلوّ" الصادر عن الديانات السماوية. فبالنسبة لآلكسندر آدلر، على سبيل المثال، فإنَّ "الكفاح ضد بن لادن، يَبدأ - أوّلا وقبْل كلِّ شيء - تدريجيّا، في كل بلد، وفي كل قرية، لانتزاع الشعب من البُؤْس واليأْس والعنف". مهمة حضارية جديدة ذات بُعدٍ إنسانيٍّ!. (لماذا لا تتجنبون التغطية على الظلم الصارخ، بدلا من عقلنة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، واحتلال الولايات المتحدة للعراق باستخدام الحُجَّة الصحيحة-الكاذبة [الخادعة] القائمة على غياب الديمقراطية في العالم العربي؟). ويتابع الصحفي آدلر قائلا: "هذا الظهور المباغت لنمط التفكير الغَيْبِيّ البائد، لا يُمْكن القضاء عليه إلا عن طريق ظهور توجُّه سياسي واقعي وقوي، قابل لأنْ يتْبَعَ نهْجًا ديمقراطيا في المناطق الرئيسة بالعالم الإسلامي".
فنحن هنا أمام صِيغةٍ لاستراتيجيةٍ امبريالية خاصة بإدارة بوش، هي منْ إفرازٍ أمريكي محْضٍ، تتمثل في فرض حكومات غير منتخبة، تكون بمثابة دُمىً يَتم تحريكُها وفقا للمصالح [الأمريكية]، ليْس إلاًّ. ف"الواقعية السياسية القوية" هي مجرَّدُ شكْلٍ مُعدَّلٍ لصيغة "الدول الإسلامية المعتدلة"، التي كانت تُطْلق في سالف الزمن على "المتعاونين" أمْثال:
***
وبِحُكْمِ وفائها لتلبية الواجب الوطني، ستنضم هُولِيوُود (مؤسسة الإنتاج السينمائي) بدافع حسن النيَّة منها، إلى هذه الحرب الصليبية الجديدة.
فمِنْ ضِمن الديناميكيات الهوليودية الجديدة، يُلاحَظُ تزايدُ المُنْتَجات السينمائية ذات الطابع العسكري بالذات (سقوط مِروحية بلاك هوك: Black Hawk Down، مُحصّلة كل المخاوف: The Sum of All Fears، الآثار الجانبية: Collateral Damage، دموع الشمس: Tears of the Sun، خَلْفَ صُفوف العدُوِّ: Behind Enemy Lines، قوات التدخل السريع: S.W.A.T، حرب هارت: Hart's War، الأساسي: Basic، كُنَّا جنودا: We Were Soldiers، مُتكلّمُو الريح: Windtalkers، الجنود الجواميس: Buffalo Soldiers)، وتمجيد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (ألعاب التجسس: Spy Game، المُجَنَّدُ الجديد: The Recruit، هوية [جَيْسِنْ] بُورْنْ: The Bourne Identity). ويتلاقى ذلك مع تجديد على مستوى الهوية والروحانية الغربية (آلام المسيح، مَمْلَكَةُ السَّماء: The Passion of the Christ, Kingdom of Heaven) .
***
وفي مواجهة هذا الوضع، وكما أشار إلى ذلك رئيس تحرير جريدة لوموند ديبلووماتيك، فإن القادة الأوروبيين، بالأخص، قاموا - في مواجهة الإمبريالية الأمريكية - بالتصرف بطريقة تلقائية شبيهة بما يَصْدر عن الكلْب الطيّع وِفق سلوكٍ يتّسم بالخنوع مثْلما يقوم به الخادم المخلص لأسياده. فباعوا - على هذا النحو - الاستقلال الوطني والسيادة والديموقراطية بثمن بخْس. فهم فكريا قد تجاوزوا الخط الفاصل بين الحليف والتابع، وبين الشريك والأداة.
مقتطف من المقدمة
الهجمة المضادة للحملة الصليبية
جذور هجمات الحادي عشر من سبتمبر وتداعياتها
إنَّ المعاملة الجائرة هي تجسيد للشرِّ لدى الإنسان.
ابن خلدون، كتاب "واقع العمران البشري"
فقرة من مقدمة الكتاب
....لقدْ وَضعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 حَدًّا لحالة اللاَّمبالاة التي كانتْ تَعرفها أمريكا، حيث كانتْ - أكثرَ مِن أيِّ وقت مضى في تاريخها - غارقة في الصناعات الترفيهية. وعلى الرغم مِن كل ما قيل وكل ما كُتب بخصوص هذا الحدث، فإنَّ مِن المفارقة أنْ يَظلَّ الرفضُ القويُّ لمواجهة الدوافع الحقيقية لِما حصل مِن أحداث مُسيْطِرا لدى الولايات المتحدة والغرب عموما. لماذا تمَّ - في واقِع الأمر - ارتكابُ هجمات الحادي عشر من سبتمبر؟ لماذا وَقع حادِث مِن هذا القبيل؟ وما الذي دَفع المهاجمين إلى القيام بما فعلوا؟. ما الذي بَلَغ بِشبان مُتعلّمين، - مِن أوساط برجوازية عربية، يَتحدثون لغات مُتعددة، ويَعيشون حياة عصرية مكَّنتْهمْ مِن التعرُّف على العديد من البيئات والثقافات - حدّا جعلهم يأخذون في التحضير الدقيق لهجمات انتحارية من هذا النوع؟ ما الحوافز التي دفَعتهمْ إلى هذه الدرجة من الإقدام ورباطة الجأش؟ ولماذا كانوا على استعداد كامل للتضحية بأرواحهم؟.
لقد تَم طرْح التّساؤُل عمّا دفع إلى القيَّام بذلك (وإن كان الجواب على هذا التساؤل ستقدِّمُه اعترافاتُ مُدبِّري العملية أنفسهم)، وكيْف حدَث؛ بَيْدَ أنّه لَم يَتمَّ القيام بوقفة تأمُّل ومراجعة للذات، لمعرفة "دوافع" هذا التصرف. وعلى الرَّغم مِن أنَّ الإجابة على هذا التساؤل أمْر بَدَهِي بالنسبة للإنسان العادي - العربي أو المسلم - فإنّ السؤال بِحدِّ ذاته ظلَّ على الدَّوام بدون إجابة في الولايات المتحدة؛ إذْ يَتمُّ - عنْ قصْد - إبعادُه عن دائرة النقاش المسموح به، ممّا جعله في الغرب موْضع إبعادٍ وكبْتٍ جماعي. هكذا، غدا الاهتمامُ الكبير بدوافع الهجماتِ مِمَّا يُصَنَّفُ في عِداد الأنشطة الثقافية المثيرة للريبة. وكما ذكر الرّاحل أَدْورد سعيد: "قدْ يكون - اليَوْمَ - أقلُّ رأْيٍ حُظْوةً في القبول لدى الرأي العام، هو ذلك الذي يُشير إلى وُجود دَوافع تاريخية جلبَتْ للولايات المتحدة - بوَصْفها فاعلا دوليا رئيسا - هذا النوع من الكراهية بسبب تصرفاتها. فالموْقف السائد اليوْم هُو أنَّه لا تَسامح ولا اهْتمام بِأيِّ رأْيٍ يُقلِّلُ منْ شأْن الهجماتِ أوْ يَسْعَى إلى استجلاء أسبابها، بلْ وحتى التساؤل عنْها بشكلٍ عقْلاني"([1]).
لِماذا وقعتْ، إذنْ، أحداث الحادي عشر مِن سبتمبر؟ تكمن الإجابة أساسا في وجود شعور عميق بالظلم يُحسّه يوميا ملايين العرب والمسلمين في قرارة أنفسهم، حيال سلوك وتصرفات الولايات المتحدة والغرب تجاههم. فالمسألة لا تَنْبعُ مِنْ الأصوليّة الإسلامية أوْ التعصب الديني أو الفقر، ولا مِن غياب الديمقراطية في العالم العربي؛ إنمَّا تعُود في المقام الأول إلى الشعور بالظلم، والتعطش إلى المعاملة العادلة المنْصفة. ومَردُّ هذا الشعور تحديدا هو تلك الممارسات الجائرة التي لا تتوقف، و المتمثلة أساسا - ولكنْ بشكل غيْر حصْريٍّ- في الدَّعم اللامشروط لدولة إسرائيل القائمة على النهْب والاغتصاب. ومِما يجْدر التذكير به هنا أنَّ تفوّق الولايات المتحدة ليْس هو الذي يُغذِّي هذا الشعور بالغيْظ، بل المسؤول عن ذلك هو سياسة الدولة الأمريكية وما يطْبعها مِن هيمنة، لأنَّ التفوق الأمريكي أمْر واقعيٌّ لا يمكن التشكيك فيه أوِ الاعتراض عليه.
يُضاف إلى ذلك أنَّ الخوْف بسبب جسامة الحدث وطابعه الاستثنائي يُلْزِمُ اعتمادَ الصِّدْق في الكشف عن حقيقته. ما الذي يَجْعل الغرب يتهرّب من استجلاء دوافع هجمات الحادي عشر من سبتمبر؟ هلْ هوَ تخوُّفُه مِن مواجهة كُرْهه للإسلام، وما جلبه على نفسه من ضغينة لقاء ذلك؟ أمْ أنَّ استراتيجيات التهرُّبِ تلك تحمل إيثارا للنسيان، ورفْضا لِمُواجهة جرائم الاستعمار وما اقترفتْه يداهُ في حق المسلمين، ماضيًّا وحاضرا؟ أمْ هُوَ الخوْف مِن الإقرار بهشاشة رغَد عيش العالم المعاصر مِن مدريد إلى نيويورك، وبنسبيِّة التطمينات التي يَرْكنُ إليها؟.
الكثير من الأمريكيين والأوروبيين صرّحوا في أعقاب هجمات نيويورك وواشنطن: إنَّ منْ ارتكبوا هذه الأعمال "يَكْرهون نَمَطَ حياتِنا". ولكنْ هلْ لهذه التأكيدات، في الواقع، منْ معنى؟ ليْس هناك أيُّ عربي يكره نمط الحياة الغربية لدرجة ارتكاب هجمات انتحارية مِن هذا القبيل، لأنَّ الطَّعْن في هذا النهج أمْر لا يهمُّه بالأساس، حتى لَو اختار العيش وفق هذا النهج. ومع ذلك، فإنَّ الأغلبية الساحقة مِن المسلمين، ليسوا بحاجة إلى إشراقات إلهية أوْ أطْياف شيطانية لِيُحسّوا بالمرارة مِن الهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية، إلى حدِّ تصوُّرِ إمكانية القيام بِردة فعل عنيفة تجاه الولايات المتحدة. وفي ظل وضْعية الاحتلال العسكري للعراق، ازدادتْ حِدَّةُ هذا الإحساس وضراوتُه. إنّ الرَّغبة الجماعية في الثأْرِ تُشكِّلُ في واقع الأمر حافزا قويًّا (كما كان الحال بالنسبة للأمريكيين غَداة الحادي عشر من سبتمبر، رغْم أنَّهُم أخْطأوا الهدف بخوض الحرب ضد العراق)، وشُعورُ المسلمين بأنّهمْ ضحيَّة ليْسَ مِن قبيل الأسطورة على الإطْلاق. إنَّه - على العكس من ذلك - يُشَكّلُ واقعا مريرا بالنسبة لعدد كبير جِدًّا من العرب والمسلمين الذين سُلبوا ما كان لديْهم. وبالرغم مِن ذلك، لا يزال يسْتعصي على الكثير من الأمريكيين تصوُّرُ أنْ تكُون لعمليات الحادي عشر من سبتمبر دوافع أُخرى غير التعصب الديني.
وفي مثل هذا السياق، يُشكّل هذا الكتاب مصدرا للمعلومات المتعلقة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، و وَسيلةً للتفكير في أسبابها وآثارها. والقيامُ بتحريات حوْل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وفَهْمُ مدلولاتها، والتفكيرُ في تبعاتها، مِن الأهمية بمكان، لسببيْن اثنيْن على الأقل. فمِن جهة: يُشكِّلُ استهدافُ نيويورك وواشنطن في واقع الأمر حدثا تاريخيا رئيسا في النظام الدولي، وبالأخصِّ في مجال العلاقات بيْن ما سَيُطْلَقُ عليه - دون تهرّب- العالمان الغربي والإسلامي. فالهجمات شكّلت في حد ذاتها - دونما مبالغة - "الحدث الأبْرز"، أوْ لِنَقُل: إنَّها "أُمّ الأحداث"، أو ْالحدث "الخالص" الذي يَخْتزل بداخله كل الأحداث التي لَم يُكتبْ لها قط أنْ تحدثْ من قبلُ([2]). بتعبير أدقّ، تُشكل الهجمات "أوَّل حدث بارز في فترة ما بعد الاستعمار". لقد كانتْ القوى الإمبريالية - وِفْق المنطق الاستعماري - تَخوض - بعيدا عنْ مجالها الترابي، وأحيانا بالوكالة - حروبا يكُون العالم الثالث وقودها. ووِفْق المنطق السائد في فترة ما بعد الاستعمار، صار المُخْضَعونَ بالأمسِ اليومَ فاعلين، حتّى لو اقتضى الأمرُ منْهم الاغتراب - على نحو ما حصل في نيويورك - لِخوْض معركة مضادة في قلب العالم الغربي([3]). يَجْدرُ التنبيه إلى أنَّ عملية الحادي عشر من سبتمبر تُمثِّل أَول مَرّة تُسْتهدف فيها الولايات المتحدة بهجْمة على أراضيها منذ حرب 1812، عندما عاثتْ القُوات البريطانية فسادا في مدينة واشنطن، وأَشْعلت النار في البيت الأبيض ومقر الكونغرس، مُجْبِرة الرئيس جيمس ماديسون James Madison وأعْضاء الكونغرس على الفِرار من المدينة.
ولئِنْ ظل الغموض يَلفُّ العمليات المنفَّذة ضد الولايات المتحدة - كما سنرى - فإنه قد أصبح من الممكن الآن الاعتمادُ على بعض العناصر لإعادة بناء الكيفية التي تمَّ بها تخطيط العملية وتنفيذها (أين؟ ومتى؟ وإلى حدّما كيف؟)، حتى وإن كان ذلك بشكل غير مكتمل وبالرّكون إلى الكثير من الفرضيّات السياقية. وعليه، فإن السرد – كما نقدم هنا – لن تكون له مَنْدُوحَةٌ من الاعتماد على عدد من الافتراضات والفرضيات، لأن الكثير من الجوانب المتعلقة بتحضير وتنفيذ العمليات لا تزال مجهولة. ومع ذلك، فإن عناصر اللغز - على مَرِّ الأشهر التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر - قد أخذت مواقعها على الرقعة تباعا، مما جعل المعالم تتضح بشكل تدريجي. من ذلك، على سبيل المثال، سلسلة أشرطة فيديو بن لادن وشريكه أيمن الظواهري، التي أشارت بوضوح إلى أنهما كانا المدبرَيْن لهذه العملية. كما أن الوصايا التي سجلها العديد من أفراد الكوماندوز، وكذا التفاصيل المتعلقة بأصل كل منهم على نحو ما أوردها بن لادن في العملية قد قدمت بعض عناصر الإجابة بشأن المنطلقات الأولى لهذه الهجمات. ففي مقابلة حصرية مع العضو الذي يُزْعَمُ أنه كان مكمّل العشرين لعدد الكوماندوز، قَدَّم رمزي بن شيبه تفاصيل أنشطة المجموعة في ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وهناك أخيرا بعض التسجيلات الصوتية التي جرت خلال عملية اختطاف الطائرات، والتي تَمَّ عرض أجزاء منها للجمهور، ممّا سمح بإعادة بناء بعض مراحل تنفيذ الهجمات. ومع ذلك، لا تزال بعض التساؤلات الجوهرية يلفها الغموض، شأنها في ذلك شأن بعض جوانب الرواية الرسمية التي قدمتها الحكومة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق برحلة شركة يونايتد أيرلاين رقم 93 ورحلة أمريكان أيرلاين 77، اللتين يُظنّ أن أُولاَهُمَا سقطَتْ في ساحة جرداء على مقربة من مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، وأن الثانية ارتطمت بمبنى البنتاغون في واشنطن؛ وهي رواية لا تَصْمدُ أحداثُها في وجه التمحيص الدقيق. من جهة أخرى، يمكن التساؤل عن العناصر التي أتاحت للسلطات الأمريكية أن تستنتج، في غضون ساعات معدودة، أن المصري محمد عطا والإماراتي مروان الشحِّي، و اللبناني زياد جرّاح هم المسؤولون عن الهجمات. فمن أين لها أن تعرف أن الطائرات الأربع المختطفة كان يقودها هؤلاء الثلاثة ومعهم السعودي هاني حنجور؟ وهل كان الخاطفون الخمسة عشر الآخرون على دراية بالطبيعة الانتحارية لعملياتهم؟ وهل كانت عمليات أخرى مبرمجة في الحادي عشر من سبتمبر؟ وهل يمكن افتراضُ أن بعضها قد أُجْهِضَ؟ وهل لا يزال المسؤولون عن هذه العمليات داخل الولايات المتحدة الأمريكية؟. لا مِرْيَةَ إذن في أن الكثير من الأسئلة المتعلقة بوقائع الهجمات لاتزال بحاجة إلى إجابات دقيقة وذات مصداقية – لا شك أنها سترى النور إما عاجلا أو آجلا. ومع ذلك، فإن منطق الأمور يسمح بتقديم الملامح العامة للشريط المحتمل للأحداث.
إن تحسين مستوى معرفتنا بالأحداث لا يُشكِّل سِوَى أَحَدِ شَطْرَيْ مدلول الهجمات التي تمّتْ في مدينتيْ نيويورك وواشنطن. وهكذا فإن الجزء الثاني من الكتاب سيتناول مسألة حوافز المُغِيرين، والسياق التاريخي والثقافي الذي يندرج في إطاره هذا العنف، والأثر الذي أحدثته هذه الهجمات على المستوى الدولي، وانعكاساتها على الديمقراطية الأمريكية على نحو ما نعرفها. يُذكر أن الإجابات المقدَّمة والأطروحات المعروضة هنا لا تتقيد جميعها بمألوف المعجم، ومعتاد القِيَّمِ، ومطْروق الآراء. وهو ما لا نرى فيه حرجا. فمن الشائع اليوم وجود تحليلات لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، تتداخل فيها المتناقضات، وتُركِّزُ حصْريا أو بشكل جزئي على التطرف الديني لدى مدبّري العمليات، وعلى الحقد الذي يكنّونه للديمقراطية الغربية، أو على غياب الديمقراطية في العالمين العربي والإسلامي. إن هذه الآراء المكرورة من شأنها تغييبُ القضية المحورية، المتمثلة في عدم الركون إلى المظاهر الزائفة، والاعتراف بأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ما هي إلا ردة فعل على تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية الجائرة.
هذه نبذة مفصلة عن السيرة الأكاديمية للمؤلف، وهو برفسور عربي من جامعة هارفرد، على ويكيبيديا الإنجليزية
http://en.wikipedia.org/wiki/Mohamed...Ould_Mohamedou
وهذا برنامج فرنسي مشهور يحتفي بالكتاب وبالمؤلف، وكذا مشاركته في برنامج "حوار الدوحة" إلى جانب مستشار الرئيس الأمريكي
http://www.ckfu.org/vb/t441760-2.html
يمكن اقتناء نسخة من الكتاب أونلاين عن طريق "النيل والفرات"
http://www.neelwafurat.com/itempage....3&search=books
يمكن اقتناء نسخة من الكتاب أونلاين عن طريق "بازار الكتب "
http://bazaralketab.com/BooksMain.as...b-5e7a128a41f5
موزعو إصدارات عالم الكتب الحديث في الوطن العربي (بما فيها كتاب "الهجمة المضادة للحملة الصليبية: جذور وتداعيات
الحادي عشر من سبتمبر")
ليبيا: دار الرواد- ذات العماد- برج (4) هاتف 218213350332
الأردن: إربد- عالم الكتب الحديث- ش. الجامعة- بجانب البنك الإسلامي- هاتف 96227272272+ فاكس 96227269909+ ص.ب 3469 الرمز البريدي 21110.
- عمّان: جدارا للكتاب العالمي- هاتف 0796535399 .
- الإمارات- الشارقة: مكتبة الجامعة هاتف 97165726001+ ص. ب 4540.
- لبنان- بيروت: دار الكتب العلمية- تلفاكس 804811- 9615804810+ ص. ب (11- 9424).
- مصر- القاهرة: مكتبة مدبولي 6 ميدان طلعت حرب- هاتف 5756421- فاكس 5752854.
القاهرة: الدار المصرية اللبنانية- 16 عبد الخالق ثروت هاتف 3910250 فاكس 3909618 ص. ب 2022 برقياً دار شادو.
القاهرة: دار الوفاء 2 درب الأتراك- الأزهر هاتف 4502813 تلفاكس 4502812.
القاهرة- دار الكتاب الحديث 94 شارع عباس العقاد مدينة نصر هاتف 2752990 فاكس 2752992.
القاهرة: دار العلوم للنشر والتوزيع هاتف 200576140+ تلفاكس 2025799907+.
- السعودية: الرياض: العبيكان- تقاطع طريق الملك فهد مع العروبة هاتف 4654424/4160018 وجميع فروعها في المملكة.
جدة: كنوز المعرفة- الشرقية شارع الستين- عمارة أبا الخيل هاتف 6510421- 6514222 فاكس 6516593 ص. ب 30746 جدة 21487.
مكة المكرمة: مكتبة إحياء التراث الإسلامي- الزاهر هاتف 5445984 فاكس 5436620.
- العراق: بغداد- مكتبة الذاكرة- الأعظمية- مجاور السفارة الهندية هاتف 4257628 تلفاكس 4259987- الثريا 8821621241714+ .
- فلسطين- رام الله: دار الشروق- شارع مستشفى رام الله هاتف 97022975632+ فاكس 97022975633+.
غزة: مكتبة اليازجي تلفاكس 2867099/ 2835669-8-970+ .
- ليبيا: دار الرواد- ذات العماد- برج (4) هاتف 218213350332+.
- الكويت: دار العروبة للنشر والتوزيع- النقرة- شارع قتيبة- مقابل مجمع النقرة الشمالي هاتف 2664626 فاكس 2610842.
مكتبة ذات السلاسل هاتف 9652466255+.
- المغرب: الرباط- مكتبة دار الأمان- زنقة المأمونية- مقابل وزارة العدل هاتف 037723276 فاكس 037200055 .
الدار البيضاء: دار الثقافة- 32- 34، شارع فيكتور هيكو- ص. ب: 4038- هاتف 022302375- 022307644- فاكس 0220006511- 022443048.
- تونس: مركز الموسوعات والكتاب- نهج أحمد البليلي هاتف 71335829 فاكس 71342124.
- الجزائر: أمين للتسويق الدولي للكتاب العلمي والجامعي- تلفاكس 21321773355+ ص. ب 75 حسين داي (16040) الجزائر.
الدار الجزائرية المصرية للكتاب تلفاكس 21321541135+ .
دار الكتاب للبحث العلمي هاتف 0272994257 الجزائر.
دار بهاء الدين للنشر والتزيع- جامعة متوري قسنطينة- عمارة الآداب رقم 18- هاتف وفاكس 0021331904141.
دار الوليد للتوثيق- فيلا رقم 05 حي اللوز بن عمران بو مرداس- تلفاكس 21324830310+.
دار النهضة الجزائرية- تجزئة ن2- قطعة رقم 93- إدارية الجزائر- هاتف 021353508+.
- السودان: الخرطوم- الأستاذ الدكتور عباس محجوب – هاتف 249122468208+- 249912581660+.
أحمد صالح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.