تصرف والي الخرطوم دكتور عبد الرحمن الخضر بحكمة، حينما وجّه بعدم فتح بلاغ في حق الزميل بهرام عبد المنعم. بهرام هو بهرام، هذه هي طريقته في الإدلاء بما يرى في المؤتمرات الصحفية، بغضّ النظر عن من يجلس في المنصة أو موضوع النقاش. فعلها متدرباً مع رئيس الجمهورية في مؤتمر صحفي بقاعة الصداقة، واضطر حينها أستاذ الأجيال الراحل سيد أحمد خليفة، أن يكتب مقاله الشهير بأخيرة الزميلة الوطن (سيدي الرئيس.. بهرام ليس منّا)! وفعلها بهرام وهو محرر في مؤتمر صحفي لعرمان وأبو عيسى، غضب الأول واقترب الأخير من الإصابة (بجلطة سياسية)! وها هو بهرام يفعلها أخيراً مع والي الخرطوم، ووزيريْ الداخلية والإعلام. الأستاذ/ مزمل أبو القاسم رئيس تحرير الحسناء صحيفة (اليوم التالي)، كتب مقالاً رائعاً عن واقعة المؤتمر الصحفي، وسرد تفاصيل حوادث مماثلة في مسيرة الصحفي بهرام، وقال إن الصحف لا تحدد لمحرّريها الأسئلة التي عليهم طرحها في المؤتمرات، وإن بهرام صحفي لا يعبر عن توجهات عدائية ضد أي حزب أو شخص، هو يعبر عن نفسه وبطريقته. ونقل مزمل عن الأستاذ فيصل محمد صالح من حائطه على الفيس بوك، أن ما فعله بهرام ليس عمل مهنيّاً ولكنه (فش غبينة) مناهضي المؤتمر الوطني! اتصلت هاتفياً بالأخ الأصغر بهرام عبد المنعم، وتحدثت معه حول الطريقة التي تعوّد أن يطرح بها أسئلته، وقدمت له وجهة نظري؛ الرجل تقبل ما قلت بكل ذوق واحترام، فهو من خلال معرفتي به شاب خلوق، يتعامل برحابة صدر مع الملاحظات. في ذات العدد الذي ورد فيه مقال مفيد للأخ العزيز عبد الماجد عبد الحميد عن حادثة بهرام، نُشر في الصفحات الداخلية بصحيفة (اليوم التالي) مقال للأستاذ/ محمد حامد تبيدي مسؤول الصحافة بجهاز الأمن والمخابرات تحدث فيه عن ذات الواقعة. أفضل ما في مداخلة بهرام اللاهبة في المؤتمر الصحفي الأخير، أنها أثارت جدلاً مهنياً رفيعاً بين الصحفيين، حول علاقة الصحفي بالأحداث التي تقع في محيطه، وتحديد الفرق بين الصحفي والناشط السياسي، وبين السؤال والتعليق. لا أعتقد أن بهرام كان سيخسر شيئاً إذا طرح هذه الاتهامات في شكل أسئلة مباشرة، دون استخدام لغة قطعية جازمة، تفضي إلى الإدانة دون تقديم أدلة وأسانيد! دور بهرام ودورنا جميعاً بوصفنا صحفيين نقل الحقائق - لا فش الغبينة - نقل الحقائق وفق ضوابط مهنية صارمة متعلقة بالنص والمصدر، أو بما يعرف في علم مصطلح الحديث صحة المتن وسلامة السند. بمناسبة مقال الأخ تبيدي عن مداخلة بهرام في المؤتمر الصحفي، أتمنى أن تكون هذه الطريقة المحترمة، هي المعتمدة في تعامل جهاز الأمن مع الصحف والصحفيين. لن يحقق جهاز الأمن مكاسب بل العكس، إذا اعتقل صحفياً أو منع كاتباً من الكتابة، أو تمت مصادرة صحيفة بعد الطباعة.. ولكن سيجد الإشادة والتقدير إذا اختار طريق الحوار والرد على الكلمة بكلمة مثلها لا بإجراء سلطوي! إذا كان بمقدور إدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات، أن تكشف المعلومات الخاطئة، وتقدم المعلومات الصحيحة، وأن تمارس نقداً علنياً وجهيراً على الممارسة الصحفية بأقلام مبينة، لماذا تختار السير في طريق الإجراءات الاستثنائية، التي تحكم على العلاقة بين الصحافة والأمن، بأن تصبح عدائية تقوم على التنافر والتضاد، لا على التفاهم والتعاون، طالما أن غرض الجميع تحقيق المصلحة العامة؟! ضياء الدين بلال --رئيس تحرير صحيفة السوداني