رئيس لجنة المنتخبات الوطنية يشيد بزيارة الرئيس لمعسكر صقور الجديان    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    إجتماعٌ مُهمٌ لمجلس إدارة الاتّحاد السوداني اليوم بجدة برئاسة معتصم جعفر    في حديثه للاعبين قبل مران أمس…كواسي أبياه: كرة القدم لعبة الأخطاء وعلينا أن نستفيد من التجارب    رأفةً بجيشكم وقيادته    احاديث الحرب والخيانة.. محمد صديق وعقدة أولو!!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    وزارة الخارجية تنعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية    (بي ياتو ناحية ؟؟)    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    الحقيقة تُحزن    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    إنطلاق العام الدراسي بغرب كردفان وإلتزام الوالي بدفع إستحقاقات المعلمين    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    الإمام الطيب: الأزهر متضامن مع طهران.. وأدعو الله أن يحيط الرئيس الإيراني ومرافقيه بحفظه    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البشير وصدام وجهاً لوجه في أحرج موقف بسبب انقلاب رمضان الفاشل
نشر في النيلين يوم 21 - 12 - 2013

الرئيس عمر البشير كان يرفض منذ البداية اتباع سياسة المحاور لعل ذلك من أسباب المفاصلة الشهيرة بين القصر والمنشية، نذكر جميعاً كيف أن الشيخ الترابي كان يحرص على جمع الإسلاميين من خارج السودان في مؤتمرات مشهودة بالخرطوم؛ الاسلاميين بمختلف مشاربهم ومنهم المتشدد بالطبع مما أثر سلباً على سياسة السودان الخارجية وأثار حنق بعض دول المنطقة والولايات المتحدة والدول الغربية، حتى مصر الجارة الأقرب لنا، وما محاولة اغتيال الرئيس مبارك ببعيدة عن الأذهان ربما كان للترابي بعد إسلامي خاص .
الطرف الأغر/الفاتح محمد الامين
في مكتبه بالقيادة العامة مطلع التسعينات، حرص الرئيس البشير في مقابلة صحفية مطولة معي شخصياً على التأكيد على الروابط والعلاقات التي تجمع بين دول الخليج والسعودية بصفة خاصة، هذا اللقاء نقل منه جزءاً معتبراً بالصورة المذيع المتميز الراحل أحمد سليمان ضو البيت في النشرة الرئيسية بالتلفزيون القومي في اليوم ذاته ، وكذلك بثت منه النشرة باللغة الإنجليزية مقاطع مهمة.
بعد اجتياح الرئيس العراقي صدام حسين لدولة الكويت الشقيقة، سألت الرئيس البشير في لقاء آخر جمعني به بمكتبه بقاعة الصداقة عن موقف السودان من هذا الاجتياح، فكان رأيه القاطع أن مبدأ التأييد والإدانة يفتح الباب واسعاً للتدخلات الأجنبية ويحول دون احتواء الأزمة إقليمياً. نذكر جميعا ما حدث بعد ذلك من تدخلات خارجية بالفعل هددت الأمن القومي العربي برمته من المحيط إلى الخليج.
دول الخليج تفهمت بعد ذلك موقف السودان حيال الأزمة، وإن لم يكن مسانداً للعراق فهذا اتهام اختلقته الدوائر الغربية لتسميم الأجواء في المنطقة.
الواقع أن سائر دول الخليج بما فيها العراق كانت قبل ذلك ذات علاقات طيبة بالسودان وقدمت له الكثير من الدعم والمساندة.
الكويت الشقيقة سرعان ما تسامت على جراحها وغضبها، وتجاوزت الأزمة واستقبلت السودان بالأحضان وقدمت له الكثير ومازالت ، فلها منا الشكر الجزيل.
من المهم أن نذكر أن الدبلوماسية الشعبية، عبر الرموز السودانية العاملة بدول الخليج كان لها أثر فعال في ترميم علاقات السودان الخارجية في محيطه الخليجي.
الرئيس إلى العراق
الفريق أول ركن محمد أحمد محمد جامع كان نائباً لأمين عام مجلس قيادة الثورة، ومديراً لمكتب الرئيس بالقصر الجمهوري عندما صحب، عقب الحرب العراقية الايرانية، الرئيس البشير إلى العراق بدعوة من الرئيس العراقي صدام حسين، ثم عمل فيما بعد ملحقاً عسكرياً (بإيران) دلالة على توازن علاقات السودان الخارجية ، وقتها رغم سياسة المحاور السائدة في المنطقة والعالم الخارجي، ورغم ما يثار من غبار حالياً حول علاقة السودان بإيران، لكن السؤال المهم اذا اتجهت إسرائيل نحو أمريكا ضد العرب ماذا يفعلون، السؤال الأهم هو : ماذا تفعل تجاه محور مناويء لبلدك، الاجابة على هذا السؤال يمكننا أن نجدها طي تصريحات مساعد الرئيس بروفيسور غندور الذي ركز على تنمية علاقات ضاربة مع الإتحاد السوفيتي، السؤال هو هل نكون على الدوام تحت رحمة القطب الواحد.
قصة أول زيارة للرئيس البشير للعراق
الفريق اول ركن محمد أحمد جامع في هذه الحلقة الأخيرة من حديث الذكريات يوقفنا على تفاصيل أول زيارة للرئيس البشير للعراق في عهد صدام حسين، رغم ما حدث في محاولة إنقلاب رمضان الشهيرة واشترك عدد من العناصر البعثية فيها، باعتبار أن العراق دولة بعثية، الفريق جامع رافق وحده الرئيس البشير في هذه الزيارة باعتباره نائب أمين عام مجلس قيادة الثورة، ومدير مكتب الرئيس بالقصر الجمهوري، إضافة الى سكرتير الرئيس الخاص و يقول : وصلتنا دعوة للرئيس البشير من صدام حسين لحضور احتفالات استرداد الفاو، فرافقت الرئيس إلى هناك بصفتي نائب أمين عام مجلس قيادة الثورة ومدير مكتب السيد الرئيس بالقصر الجمهوري بأعتبار أن العلاقات بين الدول العربية والإسلامية مبنية على مبادئ ثابتة وأن تحل مشاكلها وقضاياها من داخلها بعيداً عن التدخلات الأجنبية ،لأن ذلك من شأنه جلب الدمار والخراب الى المنطقة. ثم بعد ذلك يحدثنا الفريق الجامع عن عمله في إيران كملحق عسكري وكان ذلك بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية.
وقد حضر الاحتفال معظم قادة دول الخليج من ملوك وأمراء، وممثليهم فقد كانت العلاقات جيدة، حتى دولة الكويت كانت حاضرة.
جزيرة الفاو كان قد تم تدميرها بالكامل وأعيد تعميرها خلال 70 يوماً، وكان الاحتفال يرمي الى اظهار الصورة الجديدة (للفاو) بعد استرجاعها.
لا ردود فعل سالبة مع إيران
هل زيارتكم هذه للعراق كانت لها رد فعل سالب من قبل إيران؟
هذه كانت الزيارة الأولى للسيد الرئيس للعراق في أعقاب محاولة انقلاب رمضان التي اتهم فيها مجموعة من البعثيين، وهذا هو مربط الفرس، باعتبار أن العراق هو معقل البعثيين وعلى رأسهم صدام حسين، كانت المفاجأة أن صدام حسين استقبل الرئيس البشير بنفسه في المطار وودعه أيضاً بنفسه وأنزله منزلة كريمة، وعقد معه اجتماعاً خاصاً سأتعرض لمحتوياته فيما بعد.
استمرت الاحتفالات قرابة الأربع ساعات كان وفدنا محدوداً الرئيس البشير وشخصي وسكرتيره الخاص محمد هاشم جلاس.
محمد هاشم جلاس قال لي : من الافضل أن يتم تسجيلي بصفة مدير مكتب الرئيس في هذه الزيارة، لأن مسمى سكرتير لا يعطي الوفد حجمه الطبيعي، وقد كان.
الاحتفالات كانت طويلة استعرضوا خلالها كل القوات العراقية بتشكيلاتها المختلفة، أمام الضيوف، وأروع ما فيها ان كل مناطق العراق اشتركت في الاستعراض وحيت الرئيس العراقي وضيوفه بدءاً من كردستان في شمال العراق وبقية المناطق فقد كان العراق موحداً.
العراق ثالث أقوى دولة عسكرية وقتها
ماهو تقييمك للقوة العسكرية العراقية في ذلك الوقت وهو خارج من حرب طويلة؟
العراق مشهور بأنه دولة قوية، بجانب إيران فهما من أقوى الدول عسكرياً في منطقة الشرق الأوسط، أقصد أيام صدام حسين. أيران تعتبر القوة الثالثة في منطقة الشرق الأوسط بعد اسرائيل ثم مصر التي تأتي في المرتبة الثانية، ثم تأتي العراق في المرتبة الثالثة، العراقيون كانوا يصنعون الأسلحة والصواريخ الباليستية فيها ما سقط في اسرائيل نفسها هي صواريخ متوسطة المدى.
موقف حرج
الوضع بالنسبة لنا كان حرجاً أثناء هذه الزيارة كما قلت، نسبة لإعدام بعض الضباط البعثيين في حركة رمضان وكما قلت إن العراق هو معقل البعثيين بزعامة صدام حسين نفسه، فخشينا أن ينعكس ذلك على الزيارة سلباً، رغم أن الدعوة وجهت للرئيس البشير من صدام حسين شخصياً، إلا أن موقفنا كان حرجاً ونحن ضيوف على صدام حسين زعيم البعثيين فالعراق دولة بعثيه.
بعد الاحتفالات مباشرة أرسل لنا مسؤول المراسم وقال للرئيس البشير بعد نصف ساعة الرئيس صدام حسين سيكون معكم في قصر الضيافة ودولة العراق طبعاً منظمة جداً، فكل وفد من الوفود استضافوه في فيلا منفصلة مجهزة على أعلى مستوى بكامل الخدمات الحرس ومؤمنة بالأسوار العالية.
مع الرئيس صدام حسين
فعلاً بعد نصف ساعة جاءنا الرئيس صدام حسين، وحيا الرئيس ودخل في الموضوع مباشرة خاطب الرئيس البشير بقوله :
معالي الاخ الرئيس، أرغب أن اوضح لشخصكم الكريم بأننا معروفون لديكم في السودان بأننا دولة بعثية، ورشحت الأخبار بأن نظامكم في السودان نظام إسلامي، وحدثت إعدامات مست بعض البعثيين، ولكن رغم المواقف المختلفة، فأننا أمة واحدة، ومن هذا المنطلق فأنا لا أقبل أن السودان، أو أي دولة عربية أخرى تفقد شبراً من أراضيها، وأهم أمر هو ألا نختلف حول تأمين الدول العربية من أي خطر خارجي تتعرض له اي دولة، وقال للرئيس البشير، نحن لا نتدخل في تعاملكم مع البعثيين في السودان، كما أننا نتعامل مع الإسلاميين هنا بالكيفية التي نراها مناسبة لأجل الوطن.
بعد ذلك صدام بادر على الفور قائلاً : ومن هذا المنطلق ونحن نعلم الآن موقفكم والحرب الدائرة في السودان من عمليات عسكرية على الأرض، الحقيقة ما قاله صدام كان صحيحاً فأطراف الجنوب وقتها كانت كلها محتلة تقريباً وكانت مناطق الكرمك وقيسان وتوريت ومناطق غرب الاستوائية كانت محتلة، صدام قال للرئيس : ماهي طلباتكم وكان السودان في ذلك الوقت محاطاً بحصار دولي محكم خاصة بعد أن عرف المجتمع الدولي أن الثورة في السودان ثورة إسلامية، وقدموا لنا قائمة بالمتطلبات وكان بحوزتنا قائمة، وكنا في غاية الحرج كيف سنقدمها، ولكن حديث صدام رفع عنا الحرج، وكان بصحبة الرئيس صدام حسين كامل وهو مدير مكتب صدام ومتزوج من ابنته وقد تضمنت القائمة اسلحة وذخائر كنا في أمسّ الحاجة لها.
استجابة فورية للطلبات
الرئيس العراقي تناول منا قائمة المتطلبات ثم ناولها لحسين كامل، وسأله في حدود كم من الوقت يمكنك توفير هذه الطلبات وإرسالها للسودان؟ حسين كامل رد على الفور على صدام، بأنه هذه الطلبات سوف تكون جاهزة خلال 48 ساعة، وسترسل الى السودان خلال هذه المدة القصيرة، بعد ذلك اتخذ اللقاء الطابع الودي، والرئيس صدام طلب ان يجلس مع الرئيس البشير على انفراد وقد كان بالفعل.
مفاجأة مذهلة
عندما عدنا للسودان بعد يومين من الاحتفال كان الرئيس صدام حسين حريصاً على أن يودعنا بنفسه في مطار بغداد الدولي وبالرغم من كثرة الوفود، وإنه في مثل هذه الحالات عادة ما ينوب عن الرئيس أشخاص آخرون ليكونوا في وداع الضيوف، إلا أن صدام حسين حرص على أن يكون بنفسه في وداع الرئيس البشير بالمطار عند وصولنا الى مطار الخرطوم الساعة الرابعة عصراً فوجئنا بوجود طائرتين عسكريتين ضخمتين وقابلنا رئيس الاركان الفريق اسحاق ابراهيم عمر، ونائبه ابراهيم سليمان وكانا مستغربين جداً لوجود هاتين الطائرتين المحملتان بالأسلحة والذخائر، وقالوا للرئيس البشير إنهم منذ الأمس ينقلون هذا العتاد العسكري الذي ازدحمت به مخازن الاسلحة بعد ذلك ابلغونا بأن الطائرتين العسكريتين هدية من صدام حسين للسودان، والحقيقة هذا العتاد العسكري كان له الأثر الكبير في تحرير كثير من المناطق المحتلة في الجنوب والنيل الازرق.
صدام حسين والميرغني
هنا أعدت للأذهان المساعدات العسكرية التي قدمها صدام لمولانا محمد عثمان الميرغني للحكومة الائتلافية في عهد الديمقراطية الثالثة وساهمت في تحرير الكرمك هنا لا ننسى ان دول الخليج كلها كانت تدعم السودان في مجالات أخرى، خاصة المملكة العربية السعودية.
علاقتنا بإيران في ذات الوقت متوازنة
الفريق أول ركن جامع تم تعيينه فيما بعد ملحقاً عسكرياً بإيران (لاحظ التعاون العسكري السوداني العراقي، رافقه تعاون عسكري سوداني إيراني، دون أن يخل السودان بعلاقاته الخارجية.
الفريق جامع يقول : إن الإيرانيين ليست لديهم نعرة عرقية، هناك سودانيون متزوجون من إيرانيات دون أدنى متاعب والشعب الإيراني شعب متحضر ومارس الديمقراطية، وهو منضبط في السير خلف القيادة مهما كانت الاختلافات.
طبعاً تطورت العلاقات السودانية الإيرانية إبان وجودي هناك بدون ان أذكر أية تفاصيل.
والشعب الايراني شعب ودود ولا توجد جالية سودانية بالمعنى المألوف، عدا طلاب سودانيين ومرضى يأتون للعلاج فالايرانيون اشتهروا في تخصصات نقل الكلى، وأمراض العظام كان وجودي هناك في زمن الرئيس رفسنجاني، ومحمد خاتمي.
عودة الى الجنوب وأحداثه المتجددة
الفريق جامع قلنا إنه شارك في تحرير توريت وغيرها عبر رحلة امتدت من تخوم جوبا الى توريت استغرقت أكثر من تسعين يوماً، وقال لنا في الحلقة الماضية ان الجيش السوداني على وشك انهاء التمرد في الجنوب والنيل الأزرق، لولا التعليمات التي وردت إليهم بوقف العمليات توطئة لاتفاقية نيفاشا، واعتبر ذلك خطأً استراتيجياً أدى الى انفصال الجنوب، عقب اتفاقية نيفاشا وتداعياتها على السودان الشمالي عبر اندلاع حروب جهوية ونقل الحرب الى المدن.
الاحتراب القبلي الطاحن الذي يجري الآن في الجنوب بين قوات الرئيس سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار ومواليه، جعل الفريق جامع يقول في هذه الحلقة ان اتفاقية نيفاشا، اضرت بالشمال والجنوب معاً.
تعليقات حول تصريحات العقيد الصوارمي
العقيد الصوارمي خالد سعد المتحدث باسم القوات المسلحة أعرب في تصريحات لوكالة (رويترز) امس الأول الخميس عن خشية السودان من أن يؤثر الصراع القبلي الدائر في الجنوب على تدفق النفط عبر الأراضي السودانية مما سيضر بمصالح السودان، متخوفاً من انتقال القتال من ولاية (جونقلي) الى المناطق المتاخمة للسودان مما يعني تهديدات أمنية للسودان، فضلاً عن أن توقف النفط الجنوبي عبر الاراضي السودانية سيؤثر سلباً على السودان الأمر الذي يقلق حكومة الخرطوم.
تزامنت مع تصريحات العقيد الصوارمي تصريحات أخرى لجهاز الأمن والمخابرات الوطني عبر الصحف بإحباط محاولة لتهريب أسلحة وذخائر إلى البلاد بمنطقة صحراوية بمحلية الدبة لا ترتبط بأنشطة سياسية أو خلايا نائمة.
الفريق جامع أمّن على تصريحات العقيد الصوارمي المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة بقوله : ما قاله الصوارمي هو عين الحقيقة والصواب لأن بترول الجنوب يقع في منطقة ولاية الوحدة بالجنوب، وبترول السودان يتم تجميعه من آبار النفط في منطقة هجليج وهي تقع في منطقة حدودية بين الشمال والجنوب وبالتالي فهناك تهديد أمني واقع على السودان مما يستوجب المزيد من الاحتياطات الأمنية، فإذا استمر الاضطرابات في منطقة الوحدة، فهذا يعني انقطاع انسياب البترول الجنوبي عبر انبوب النفط الشمالي الامر الذي يؤثر تأثيراً بالغاً على الاقتصاد السوداني لذلك فإن التصريحات الصادرة من الخارجية السودانية بأن ما يحدث في الجنوب هو شأن داخلي، موقف متوازن وحكيم.
تهريب الاسلحة
بالنسبة لعملية جهاز الأمن بإحباط تهريب اسلحة بالولاية الشمالية عبر الحدود، فتلك انشطة تجارية يقول الفريق جامع فتجارة السلاح اصبحت تجارة رائجة بالسودان وواقعاً يجب اجتثاثه من جذوره، عبر نقاط مراقبة وقوات حدودية ذات امكانات عسكرية معتبرة بإسناد جوي إضافة الى جهود جهاز الأمن الوطني المقدرة، فهو له امكانات متابعة بالداخل والخارج. المستهدف بتجارة الأسلحة هذه هو القبائل السودانية مما يترتب عليه مخاطر أمنية كبيرة تهدد استقرار البلاد.
الاقتتال الجنوبي الجنوبي
وحول ما يجري حالياً في الجنوب من اقتتال قبلي عنيف يقول الفريق جامع إن الجنوب والشمال ضحيتان لاتفاقية نيفاشا، وفي رأيي أنها كانت مؤامرة دولية لفصل الشمال عن الجنوب، انتشرت الحرب في الشمال، وفي الجنوب بين القبائل المتناحرة وأرى أن الحرب الأهلية في الجنوب لن تتوقف.
تقييمي لما يحدث في الجنوب هو أنه إذا حاول الفرقاء لم الشمل فهذا لن يتحقق بسهولة لأنه حتى لو ذهب الطرف الحاكم، او المعارض فسوف تظهر أطراف أخرى تغذي النعرات القبلية وتؤجج نار الحرب من جديد.
سلفاكير قد يستمر في الصمود لفترة لكن في النهاية سوف تتصدع الحكومة وتنهار.
ما يجري في الجنوب هو لمصلحة إسرائيل، لأن إسرائيل تهدف للوصول الى منابع النيل والسيطرة عليه، وهذا ينعكس على السودان ومصر سلباً، وإسرائيل بالطبع تدعمها الولايات المتحدة.
وعندما كنت في الجنوب، كان هنالك وجود إسرائيلي يتخفى تحت مظلة المنظمات الدولية وكان يخطط منذ ذلك الوقت لما يجري حالياً، خاصة إذا علمنا أن اسرائيل تحلم وتعمل للوصول الى دولة إسرائيل الكبرى الكبرى من الفرات الى النيل، ولم يكن ذلك ليتحقق لها لو ان السودان بقى موحداً وقوياً.
حدود سائبة
انعكاسات الحرب الأهلية الدائرة في الجنوب على السودان تتلخص في ايجاد حدود سائبة يصعب السيطرة عليها مما يؤدي الى توالد وتكاثر الحركات المسلحة الجنوبية التي قد تتسلل الى داخل الأراضي السودانية وتسبب المزيد من المتاعب للحكومة السودانية.
فات أوان الحل الجذري
فات أوان الحل الجذري لهذه المعضلة بانفصال الجنوب فعلاً وتداعيات هذا الانفصال على السودان والجنوب معاً، فيجب علينا وضع قوات حدود قوية رادعة، وأن ننأى بأنفسنا عن الصراع المسلح الداخلي في الجنوب وبما لدينا من علاقات مع الأطراف المتقاتلة فعلينا تنبيههم إلى خطورة الانجراف وراء هذا القتال المميت وأن يحكموا صوت العقل.
إن أكبر قبليتين يشكلان المكون الرئيسي للجيش الشعبي هما قبيلتا الدينكا والنوير وهذا يعني أن توازن القوى العسكرية ما بين سلفاكير ومشار، وهنا صعوبة لحسم المعركة لأحد الطرفين نهائياً وسوف تستمر هذه الحروب لفترة طويلة.
إبان الوحدة كان الجنوبيون جسماً واحداً ضد الشمال وكان كلما تظهر أعراض أي مواجهات مسلحة بين الجنوبيين في ظل السودان الواحد، سرعان ما يعملون على اطفائها لتوحيد صفوفهم لمواجهة الشمال، ولكن الآن هناك تخوف من أن يسعى الغرب وإسرائيل بالذات ومن ورائها الولايات المتحدة لتغذية الحرب الأهلية في الجنوب حتى يذعن الجنوبيون جميعهم للمخطط الصهيوني الغربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.