هل نحن شعب . .خامل الذهن.. متحجر التفكير لا يبتكر ولا يبدع ؟ هل نحن شعب غبي؟ سأترك الإجابة بعد أن يشاهد كل منكم مقطع الفيديو التالي: فيديو ربما تختلف ردة فعلك عن التي ظلت تلازمني كلما شاهدت هذا المقطع وهو أنه أصبح يساورني إحساس أن هنالك شىء محسوس ويكاد يري يحجب ويغشي عقول الناس عندنا في السودان فلا يزيدون عن ردة الفعل السريعة لأي حادثةٍ صغيرةٍ كانت أو كبيرةٍ بالإضافة لإستسلام مخيف للواقع وكأنه حتمي لا يمكن فيه أو حتى محاولة التساؤل مجرد التساؤل لماذا نؤدي كثير من الأعمال والأشياء بنفس الطريقة منذ عشرات وقد تكون مئات السنوات بنفس الطريقة غير الفاعلة ! دعونا نتساءل ما هو هذا الشىء الذي يغشى ويعمي بصيرتنا وبصائرنا؟ الذين يدرسون العلوم قد يكونون على دراية بتقسيمات هيرمان للمخ وخصائص كل جزء الذي قد يهيمن على التفكير الغالب للفرد . فمثلاً هناك الجزء الذي يختص بالانفعالات والعواطف والاحاسيس والتفاعل مع الأخرين , وجزء اخر يختص بالتفكير العقلاني المنطقي الذي يهتم بالمعطيات بالإضافة لآخر تنفيذي منضبط يتبع التفاصيل، أما الجانب الأخير فهو الذي يختص بالخيال والابداع والرؤية البعيدة والتمرد على الواقع . ما يهمنا هنا الجانب الابداعي المتمرد هذا وكيف يمكن تنميته. غالباً ما ينمى هذا الجزء عن طريق التعلم و باللآتي : * للطفل: عن طريق اللعب الحر والإستكشاف والتجريب وذلك بإتاحة بإعطائة الفرصة من غير الأطر الشديدة التقييد من " إفعل ولا تفعل" * عن طريق دراسة الفلسفة والفنون والرياضيات (ليس على طريقتنا طريقة جداول الضرب). ففي الفلسفة ودراسة الفن هنالك مبدأ البحث عن ماوراء المعطى وعدم الإكتفاء بظاهر الأشياء ، أي رؤية المخفي والمقصود من القطعة الفلسفية أو الفنية "critical thinking "عن طريق التفكيرالتحليلي النقدي هنا يتحرر الجانب الذي يختص بالخيال والإبداع ، فتأتي الحلول المبتكرة للمسائل والمواقف البسيطة أكانت بسيطة أم معقدة وفي شتى ضروب الحياة. ودليل على هذا تجدنا نحن شعوب العالم النامي متفوقين اكاديمياً لأننا نهتم بالجانب الذي يختص بالعواطف والانفعالات والأحاسيس بالإضافة للجانب المنضبط التنفيذي الذي يهتم بالمعطيات والتفاصيل مما يجعلنا عاطفيين انفعاليين مع معرفة أكاديمي لا بأس بها ولكن مقارنة في الوقت نفسه مع فرد من الشعوب المتقدمة ذو قدرات أكاديمية تبدو عادية أو حتى متواضعة نجده ناجح في كثير من ضروب الحياة العملية وقادر على إبتكار الحلول وإيجاد البدايل لشتى متطلبات حياته وربما حياة الآخرين أيضاً ، طبعا هذه القيمة نسبية ولكنها تكاد تكون قاعدة عامة. دعونا نعود للفيديو: صدقوني يا أخوتي كان اشفاقي وقلقي على الرجل الذي يحاول ان إنقاذ الطفل أكثر من الطفل العالق نفسه. هذا الرجل المسكين لا يستطيع أن يضع رجله على ذلك السلم العجيب الطائر في الهواء ، تُراه بالكاد يمسكُ و يتمسك بعمود الكهرباء ، والغريب في الأمر أن لا أحد على الإطلاق يعتقد أنه في خطر..ولا أحد في كل هذه المجموعة التي تصرخ وتبكي وتعوي ترى حلاً بطريقة : "إذا فعلنا كذا ستكون النتيجة كهذا" أو حتى القليل من الفعل الذي ينبئك أن هنالك محاولة للتفكير ، مجرد التفكير. هذا الفيديو يقودني لقصة أخرى ما فتأ صديق لي يحكيها المرة تلو الأخرى ساخطاً وممتناً. هو ممتنُ للعناية الالهية التي أنقذت والدته التى كادت أن تموت غرقاً عندما إنهار بها المرحاض ( طبعاً لا أحد يتمنى الشهادة في هذه البقعة حتى وإن كانت الضمانة الجنة ). ومصدر سخطه لأنه عند يحكي هذه القصة ينفتح بيننا باب للتساؤل الذي لا ينتهي : * كيف يجلس شخص على حفرة لا يقل طول الواحدة منها عن سبعة أمتار، مليئة (بما نعلم ) من غير أن يتساءل ، ألا توجد طريقة أفضل من هذا اللغم الأرضي الذي أجلس عليه؟ أو سأجد طريقة أخرى لفعل لعمل المراحيض هذه؟ * لماذا الواحد منا يهتم بباب الشارع ( تلاته ضلف ) وتجد المراحيض والحمامات بلا أبواب وهي الأولى بأن يستر الذي بداخلها ؟ * كيف فكرنا ونفكر في عملية زبالة البيوت ، العصيدة ، القراصة ، أمطار الخريف في داخل بيت كل واحد منا ، العرش المسطح ، قدح المونة ، صب أعمدة الإسمنت وغيرها الكثير الكثير؟ أسئلة تكاد لا تنتهي ولكن دائماً نختمها بالسؤال نفسه هل نحن شعب غبي؟