التغيير المنشود من المطلوبات المستمرة لترقية حياة الإنسان: يقول الحق تبارك وتعالي في محكم تنزيله: بسم الله الرحمن الرحيم (لا يغير الله ما يقوم حتي يغيروا ما بانفسهم)*الرعد:11* صدق الله العظيم. وقد جاء في تفسير هذه الآية ما معناه أن النعمة من الله علي العباد لن تزول إلا إذا غيروا حال عبادتهم وتقواهم وبالتالي يحدث التغيير بناء علي ما كسبته ايديهم من مخالفات ومعاصي. وكذلك معكوس هذه الفكرة وهو أن حال العباد تتغير نحو النعم والبركات إذا تحولوا من حال المعصية إلي حال الطاعة والعبادة. يقول الشاعر: إذا كنت في نعمة فارعها**** فإن الذنوب تزيل النعم وحطها بطاعة رب العباد**** فرب العباد سريع النقم والله أعلم. المعني الذي نريد استلافه هنا في موضوعنا هذا هو أن عملية التغيير من المطلوبات المستمرة والمستديمة للتمكن من ترقية حياة الإنسان وجعلها بمستوي أفضل مما هي عليه. ولتحقيق الغيير لابد توفر الإرادة والعزيمة القوية والهدف الواضح والرغبة الجامحة في إحداث التغيير. وهذه الأشياء تشكل متطلبات أساسية لعملية التغيير في حد ذاتها- ولا يمكن للتغييرأن يحدث التغيير بدونها. التغيير نحو الافضل مطلوب في حياة الفرد وفي حياة الاسرة وفي حياة المجتمع والامة. ومن وسائل التغيير في حياة الناس والمجتمعات السياسية - الثورات - ومن الوسائل كذلك - الثقافة. وبمرور التجارب الكثيرة يتضح أن أثر الثقافة كأداة للتغيير أبلغ وأقوي من أثر الثورة. ففكم من ثورة (كثورات الربيع العربي) لم تفلح في إنتاج نظم سياسية مبرأة من العيوب أو متفق عليها وإنما انتجت انظمت أسوأ من سابقاتها. أما أعظم مثال للتغيير عبر الثقافة والتثاقف الفعال هو المادة الثقافية التي طرحها الدين الغسلامي عبر ما يعرف (بمكارم الاخلاق) وقد قال عنها الرسول الكريم - نبينا محمد صلي الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق). فهو لم يرفض الاخلاق الكريمة التي جاءت ممن كان قبله - بل قبلها وتمم عليها. فنجده يستحسن ما كان حسنا من أخلاق العرب في الجاهلية من كرم وشجاعة وإيثار وعفة.إلخ ويستقبح ما كان قبيحاً. واستطاع الدين الإسلامي بقوة ثقافته أن يذوب الفوارق العرقية ويردها إلي أصل الإنسان الأول وهو سيدنا آدم عليه السلام وأن يجعل الخلق كلهم من بني آدم عيال الله - أكرمهم عند الله أتقاهم - والتقوي ما وقر في القلب وصدقه العمل. إذن نستطيع القول بأن الإلتفات إلي الدين الحنيف والإعتصام به واستصحاب الطيب من الاعراف يمكن ان يستخدم كأحد انجع الوسائل لتغيير مجتمعاتنا نحو الافضل. ونذكر هنا ان الدين لم يترك في حياة الناس شاردة ولا واردة إلا احصاها. فكافة الشئون السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وغيرها متضمنة ومسرودة في الدين ولها نماذج سابقة تكاد تكون مكررة. نامل ان يتم التركيز علي الثقافة في المرحلة المقبلة ويتم استخدامها من قبل الجهات الرسمية والشعبية كاداة فعالة في التغيير المنشود نحو الافضل للمجتمع السوداني. ولأن الثقافة تحتوي فيما تحتوي علي الفنون والفنون لا تحيا ولا تنمو إلا في ظل الحرية - فالحرية من المطلوبات الهامة إذن في إنتاج التغيير نحو الافضل - وطالما هب نسيم مناخ الحريات في ردهات الفعل والحراك الثقافي المتمثل في وسائل الإعلام والنشاط السياسي الحزبي - فما علي جميع المكونات المجتمعية إلا إلتقاط زمام المباردة وتفعيل معاول التغيير لتحقيق غد مشرق لهذه البلاد العظيمة السودان في ظل مشروع "الوثبة الكبري".