هناك فرق فاتورة الضحية ..! منى ابو زيد الفرق بين المُتحرّش والمُغتصب والقاتل صدفة .. أو (فَرَقة) .. مجرد لحظة مواتية .. بضع ثوان - فقط – قد تشكل منعطفاً حاسماً لانتقال المجرم من إحدى تلكم الخانات /الافتراضات الثلاث إلى أخرى .. ف المتحرش هو مشروع مغتصب .. والمغتصب هو مشروع قاتل ..! لكنّ المُشرّع السوداني كان ومايزال يطوي مسافات العقاب بين إزهاق الروح والأذى الجسيم/الشنيع المتمثل في جرائم الاغتصاب .. وما تزال أعداد المجرمين الطلقاء في زيادة وتفاقم .. وما تزال تلك العلاقة الطردية المشئومة، بين التخاذل في تطبيق القانون والانصياع لسطوة العرف - الذي يعتبر الاغتصاب فضيحة للضحية – قائمة .. وما يزال معظم الآباء والأمهات يقدمون حقوق وثارات وكرامات فلذات أكبادهم قرابين ل (إله السترة) .. والنتيجة أنّ حوادث جرائم الاغتصاب أصبحت من أخبار الجرائم النمطية التي تُسوّد بها الصحف صفحاتها الاجتماعية ..! ليس أفظع ولا أنكى من أن تفقد فلذة كبدك على النحو الذي فُجعت به أسرة الطفلة شيماء والتي أُسدل ستار التقاضي والأحكام أخيراً على قضية مغتصبيها وقاتليها بتنفيذ حكم الإعدام قصاصاً عليهما – قبل أيام - .. إنما ورغم كل شيء .. يبقى القصاص وجهاً من وجوه الثأر العادل .. التي تمنح ذوي الضحايا بعض العزاء والسكينة ..! لكنّ التشديد في عقوبة مغتصبي شيماء سببه القتل - بالطبع - وليس الاغتصاب .. الأمر الذي يقودنا إلى سؤال كبير .. لو كان الرجلان قد اغتصبا الطفلة ثم تركاها حية ولاذا بالفرار .. ماالذي كان سيحدث ؟! .. أبداً قد يقضيان بضعة شهور أو بضع سنوات في السجن .. قبل أن يخرج كل منهما ليذوب في عجينة المجتمع دونما أي تأهيل أو علاج يذكر ..! ذات الصحف التي حملت نبأ تنفيذ القصاص بمغتصبي شيماء .. حملت خبر الحكم بالسجن ست سنوات مع مائة جلدة على شابين إغتصبا فتاة تحت تهديد السلاح .. والبون شاسع – كما ترى - عند المُشرّع السوداني بين التهديد بالقتل قبل الاغتصاب .. وبين القتل بعد الاغتصاب ..! الحكومة البولندية ومُشرّعوها يفاخرون المجتمع الأوروبي والدولي - هذه الأيام - بدخول قانون إخصاء مرتكبي الجرائم الجنسية - (الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأطفال تحديداً) – حيّز التطبيق في الأسبوع الماضي .. وهو أقسى قانون عقوبات يطبق على مرتكبي جرائم الاغتصاب في أوروبا ..! السبب الرئيس في تقديم مشروع ذلك القانون الرادع كان مكافحة ارتفاع معدلات الجرائم الجنسية التي ترتكب بحق الأطفال في بولندا، السنوات الأخيرة .. ووفقاً له سوف يتم (إجبار) السجناء قبل خروجهم من السجون على تناول عقارات تحد من نشاطهم الجنسي .. إضافة إلى العلاج النفسي ..! هذا ما كان من أمر دولة أوروبية متحررة عن قيود التقاليد والأعراف التقليدية .. فما بالك بعقوبة اغتصاب الأطفال في المجتمعات المحافظة التي يُنزل معظم أفرادها موقف ضحية جريمة الاغتصاب منزلة الفضيحة الاجتماعية ..؟! .. ليس ذلك فحسب بل إنّ بعضهم يقف بردة فعله على تخوم الشك والاتهام والقذف في أعراض الضحايا ..؟! كلا ! .. لستُ أبالغ .. وإن شئتم الدليل .. أقرأوا ما بين سطور حورات نميمة أهل الحي التي تنشأ بعد حادثة اغتصاب أي فتاة .. أقرأوا الإيماءات وإيحاءات الملامح .. وإن شئتم الدقة المكتوبة .. ف اقرأوا تعليقات قرّاء أخبار جرائم اغتصاب الفتيات على شبكة الإنترنت ..! ستجدون أنّ ضحايا جرائم الاغتصاب من الفتيات والنساء، مسؤولات عن أقدراهن على نحو ما .. بل مُتهمات .. وفي كثير من الأحيان مُدانات .. أي مقتولات .. إن لم يكن بسلاح المتهم ف بسياط المجتمع .. أوليس ذلك القتل المعنوي البشع - أوليس سلخ جلد الشاة وهي مُثخنة بجراح الاعتداء - أدعى ل تغليظ العقوبة الرادعة لجرائم الاغتصاب ..؟! التيار