تراسيم.. سكر.. سكر!! عبد الباقي الظافر . في الوقت الذي كانت فيه بواخر شركة سكر كنانة تمخر عباب البحر وفي جوفها (إثينول) لا سكر ..في هذا الوقت تحديداً، كان إنتاج الشركة الكبرى يهوى إلى نصف المستهدف.. وعندما كانت شركة كنانة تتفاوض مع وزارة الزراعة لإضافة مساحات جديدة لمحمية كنانة.. كان إسهام كنانة في سوق السكر السوداني المتسع يتناقص من نحو 60% إلى 15% فقط. ولكن حكومتنا الوطنية (تسد دي بسكر ودي بعجين).. ثم تفتدي الأزمة بذبح سمين ..وترمي ببعض التجار وراء قضبان السجن. بتهمة الاحتكار.. والسؤال لماذا لا يحتكر التجار الملح.. أو يخزنون القمح ..أو يضاربون في (البنزين)؟.. والإجابة أن الحكومة خلقت الجو المواتي للاحتكار.. هذا ما قاله العالم الكبير عبدالرحيم حمدي. وحمدي الذي كان في الإنقاذ وزيراً ليس متهماً في (وطنيته).. ولكن لسانه مسكون بالصراحة. وتزيد الحكومة الأمر من السوء كيل بعير.. وتتدخل متصادمة مع آلية السوق ..وتوزع السكر بأيدي خشنة ..ورغم أن الأزمة في مبتداها..أزمة قلة إنتاج ..أدت الى احتكار القلة.. الحكومة تتدخل وبدلاً من توسيع مواعين التوزيع.. تجعلها أكثر ضيقاً.. وتقطع رزق آلاف من التجار وتنعم بالسكر على فئة قليلة. صحيح أن أسعار السكر قد ازدادت في السوق العالمي ..وجاوز الطن حاجز الخمسمائة دولار ..ولكن سعره في السودان يكاد يكون ضعف ثمنه في عرض البحر.. والذي يجعل سكرنا ببريق الذهب.. ليس تميزه.. ولا ارتفاع كلفة إنتاجه.. فقط الضرائب الباهظة والرسوم المسيئة والجبايات غير المقننة والسياسات المضطربة. السكر الآن عند الحكومة مصدر دخل.. فوق ظهره يركب الدستوريون..ومن نكهته يصل النواب الى البرلمان ..وعلى حواشيه تدفع رواتب المعلمين.. لذلك تجعله الحكومة عزيزاً ونادراً وغالياً.. والمواطن الفقير لا يريد من الحكومة أن تصرف له سكره بل تنصرف عنه.. وإذا تركت حكومتنا سكرنا على (طويل العمر) فيدل كاسترو في كوبا فسيصل السكر الى المواطن بأقل من سبعين جنيهاً. المطلوب الآن أن يفقد السكر امتيازه.. ويصبح كسائر السلع.. يستورده من يشاء ووقتما يشاء.. وبدلاً من أن تأخذ الحكومة حقها عند حصاده عليها أن تصبر ..وتنتظر حتى تضيف عليه المصانع من جهدها.. ويتحول السكر إلى عمالة إضافية في سوق العمل ..وأرباح نقدية في جيوب أصحاب المصانع..عندها فقط تقبض الحكومة حقها. لن يحدث هذا التغيير.. ويصبح السكر سلعة عادية إلا بمزيد من التحرير الاقتصادي..وكذلك بمزيد من الشفافية.. شفافية تجعل مصانع السكر تتخصص في سكرها.. وتترك سياسة التمدد الأفقي لصناعات مجاورة تجذب كاميرات الإعلام ..ولكنها لا تطعم البائس الفقير سكراً. التيار