مازالت أزمة الاتحاد السوداني لكرة القدم مستمرة ومتصاعدة، فقد قبلت المفوضية الطعن ضد الدكتور كمال شداد واستبعدته من قائمة المرشحين، وأجريت عملية الانتخابات في غيابه، وفاز الدكتور معتصم جعفر برئاسة الاتحاد، فيما رفع الدكتور شداد أمره للاتحاد الدولي \"الفيفا\" الذي يتوقع أن يفرض عقوبات على الاتحاد السوداني لكرة القدم بسبب التدخل الحكومي في شؤون اللعبة. مازلت اعتقد أن الطريق لحكم موضوعي في القضية يتطلب البعد عن شخصنة الموضوع كله، والوصول لجوهر الخلاف. أولا: هل يجوز للدولة إصدار قانون للهيئات الشبابية والرياضية ليكون حاكما لجميع المؤسسات الشبابية والرياضية، وكيف يتم هذا الأمر؟ وكيف نستطيع التوفيق بين القوانين وبين مبدأ أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية. واعتقد أن هذا ممكن إذا جاء القانون بعد مناقشات وحوارات واسعة مع القواعد والأجسام والاتحادات الشبابية والرياضية المختلفة. ومن المهم أن يستصحب القانون هموم وتطلعات ورغبات القاعدة، لا أن يكون مفروضا عليها من أي سلطة. ثانيا. هل هناك مبدأ قانوني أو سوابق تمنع البلد، أي بلد من إصدار تشريع أو لائحة تحدد المدة التي يقضيها أي شخص في العمل العام، مثل تحديد تولي المنصب بدورتين؟ علما بأن دستور الولاياتالمتحدةالأمريكية، مثلا، يمنع الرئيس من الترشح لدورة ثالثة. لا أظن شخصيا أن هناك ما يمنع، وفي كثير من المناصب الدستورية والتنفيذية والطوعية هناك قيود عادية على تكرار الترشيح، لفتح الباب أمام الوجوه والتجارب الجديدة. ثالثا: ما هي حدود ولاية الاتحاد الدولي لكرة القدم على الاتحادات الوطنية؟ هذا سؤال كبير يناقش في الإعلام في دول كثيرة بعد أن تحول السيد بلاتر لحاكم بأمره في كل العالم يزجر الرئيس النيجيري ويهدد البرلمان الفرنسي. وقد أخطأت بعض الأقلام المؤيدة للدكتور شداد بالقول عن لوائح الاتحاد الدولي تمنعه ذلك. وشكرا لبعض الأصدقاء الرياضيين الذين شرحوا لي القاعدة. فبحسب قولهم أن الاتحاد الدولي لا يمنع هذا الأمر ولا يتدخل فيه إذا كان نابعا من الجمعية العمومية للاتحاد الوطني، وهنا يجب تضمين الأمر في النظام الأساسي للاتحاد الذي تجيزه الجمعية العمومية. نقطة اعتراض الفيفا أن أي قوانين أو لوائح أو قواعد عمل يجب أن تجيزها الجمعية العمومية، تضمن في النظام الأساسي، الذي يعتمده الفيفا كدستور للنشاط الرياضي بالبلد المعني. إذن اعتراض الفيفا لن يقوم على مبدأ أنه كاتحاد دولي لا يعترف بحكاية منع الترشح لأكثر من دورتين، لكنه سيقوم على أساس أن القاعدة الرياضية في السودان، وهي بالنسبة إليه الجمعية العمومية، لم تقر هذا الأمر أو توافق عليه، ولهذا لا يجوز للدولة فرضه بقانون. موقف الفيفا هنا لا يدخل في تفاصيل القرار والمنع، فقط حول ولاية الجمعية العمومية ولوائحها على الاتحاد، وليس وزارة الشباب والرياضة أو الحكومة. من هنا نعود لبداية الحكاية، اطرحوا مسالة تقييد الترشح لأكثر من دورتين في الجمعية العمومية للاتحاد، فإذا تمت الموافقة عليها صارت مبدأ متفق عليه، وإلا فلا معنى لفرضها بالقوة على القاعدة. الأخبار