تركت زيارة وزير الإعلام في حكومة الجنوب برنابا بنجامين للخرطوم صدى طيباً في كثير من أجهزة الإعلام، خاصة أن الرجل مارس نشاطاً محموماً وتواجد في كل أجهزة الإعلام، وزار الأجهزة الإعلامية وتبادل مع مسؤولي الإعلام والصحافة الأفكار والآراء واتفق على زيادة التبادل بين الأجهزة في الخرطوموجوبا وبقية مناطق الجنوب. وقدم الوزير نقداً موضوعياً لأداء أجهزة الإعلام القومية في الخرطوم من وجهتين، الأولى أنها مقصرة في نقل وتوصيل المعلومات الحقيقية عن ما يحدث في الجنوب، وتكتفي بنقل أخبار ومعلومات جهات غير منصفة، والثانية بأنها لا تتعامل بالتوازن المطلوب فيما يتعلق بخيارات الاستفتاء ولا تتيح فرصاً متساوية لوجهتي النظر المتعلقة بخيارات الاستفتاء. صحيح أن أجهزة الإعلام الموجودة في الخرطوم، وبالذات الصحف، أهملت الجنوب ولم تفتتح مكاتبَ وتعين مراسلين يعينوها على نقل الصورة الحقيقية لما يجري هناك، وهي ما زالت تركز على الخرطوم فقط، لكن بالمقابل فإن حكومة الجنوب مسؤولة عن بعض التقصير، وكان من المفترض أن تبادر بتقديم مساعدات لمراسلي الصحف في جوبا الذين يلاقون صعوبات جمة في متابعة مهامهم. واقترح على الوزير أن يؤسس مكتباً للمراسلين بإشراف وزارة الإعلام يمكن أن تساهم جهات كثيرة في تأسيسه، يكون مكاناً للتلاقي وللمؤتمرات الصحفية، وفي نفس الوقت مركزاً لإرسال الأخبار والمعلومات لا يكلف الصحفيين أية أتعاب. وحتى لا تصبح دعوة وزير إعلام الجنوب لأجهزة الإعلام في المركز لتنتقل إلى جوبا \"عزومة مراكبية\"، وهي لفائدة القراء تطلق على الدعوات التي يصعب تلبيتها عملياً، لأن المراكبي يدعوك لمشاركته وجبة وهو في مركبه في عمق النهر وأنت تقف على الشاطئ، فإن هناك بعض المطلوبات من الوزير. يشكو كثير من الصحفيين من مضايقات الأجهزة الأمنية واستخبارات الجيش الشعبي، وهي مضايقات عامة لا تفرق بين صحفيي الشمال والجنوب، وآخرها اعتقال طاقم قناة \"الشروق\"، ولا بد من تدخل الوزارة مع هذه الأجهزة لضمان سلامة الإعلاميين وحرية عملهم. وحتى لا يتحسس أحد من هذا القول، فإن المضايقات موجودة في الشمال والجنوب، وهذا أمر مؤسف لأنه رغم تصاعد دعوات الانفصال، إلا أنه يبدو أن هناك روابط قوية بين الحزبين الحاكمين فيما يختص بحساسيتهما من أجهزة الإعلام. وفيما يتعلق بحرية الدعوة لخياري الاستفتاء فإن هذا أمر حيوي ومهم، فمع الأسف الشديد تركز أجهزة الإعلام في الشمال على الدعوة للوحدة، بينما تركز أجهزة الإعلام في الجنوب على خيار الانفصال، دون حوار بين أنصار الخيارين يستفيد منه المواطن الجنوبي الذي سيذهب للتصويت. إن فتح أبواب أجهزة الإعلام لحوار حر ومسؤول بين أنصار الخيارين أمر لا غنى عنه، ولا ضمان لنزاهة وحرية عملية الاستفتاء دون تفعيل هذا الحوار. افتحوا الأبواب ودعوا الأزهار تتفتح، ولا خوف على رأي حر ومسؤول من التعرض للحوار والنقد، ولن تستطيع القيود والتعتيم حماية رأي فطير وغير موضوعي. الاخبار