هناك فرق طلاق للضرر! منى أبو زيد في منتصف العمر.. جميلة.. مثقفة.. أنيقة جداً.. أجلسني قانون المصادفة بجوارها في إحدى المناسبات.. أدهشني برودها الذي لا يتناسب ومرارة الحكاية.. فأدركت أنها لا تزال تعيش مرحلة (الصدمة).. حكاية السيدة الأنيقة تقول إنها قد اكتشفت ذات فاجعة، أن ثلاثين عاماً من العشرة لا تكفي لكي تجزم امرأة بأنها في مأمن عن مفاجآت رجل! بعد ثلاثة عقود من العشرة.. علمت محدثتي أن زوجها - الذي لم ينم ليلة واحدة خارج البيت متزوج من أخرى (زواج نهار).. سراً ومنذ سنوات.. ولديه طفلان يعيشان في الظل مع أمهما التي ارتضت حياة (الدس) طمعاً في مال الكهل، الذي هام بها حباً.. فقفز فوق الحواجز الطبقية.. والجيلية.. كي يعيش مع فتاة في عمر أولاده.. حياة زوجية.. هي أقرب إلى المغامرة.. منها إلى المودة والرحمة والسكن! عندما رفض أن يطلقها لجأت صاحبة الحكاية إلى القضاء.. طلبت الطلاق للضرر.. سألتُها ما نوع الضرر بالضبط؟!.. قالت الخداع.. وتهامس الأخريات.. وكوني آخر من يعلم! فقلت لها في مناصحة مخلصة.. جربي الغفران.. إن الواحدة منا لا تعيش أكثر من ربع قرن من السعادة مع اكثر من رجل.. وأنا على يقين من أنك ستغفرين يوماً.. إنها ثلاثين عامًا.. وليس ثلاثين كبسولة تُباع كل يوم في الصيدليات! ودعتها بصادق الدعوات بحياة زوجية (عادلة).. ثم أورق في داخلي ذات السؤال القديم.. هل يجب أن تظل أيادي النساء موضوعة على قلوبهنَّ طوال الوقت خوفاً من أخريات مجهولات قد يسرقن الأزواج ذات غفلة؟!.. وإن حدث.. هل الحكمة في هجران البيوت.. أم في الرضا ب تقلص المساحات الخاصة إلى النصف فقط؟! ثم.. كيف تتحقق المساواة في المعاملة بين رفيقة درب رصيدها في القلب ثلاثين عامًا.. وأخرى رصيدها من المعيش ثلاثين يومًا ؟!.. وهل المشكلة في قذارة غسيل الأزواج.. أم في زجاج نوافذ الزوجات؟! ربما كانت طبيعة الحب كعاطفة غير ديموقراطية.. تنهض على مبدأ الأنانية والاستئثار.. هي الفكرة التي يستند إليها بعض المفسرين كتخريج لطيف.. مقبول.. لتفنيد الارتباك الذي قد يغشى عقل المتأمل في آيات التعدد.. باعتبار أن مشروعية التعدد تنهض على مبدأ (العدل المستطاع) الذي يدخل في قدرة المكلف.. معظم النساء يرين أن آليات تطبيق العدل العاطفي تتكئ في المقام الأول على مدى (مقدرة) الرجل على تحري العدل في تفاصيل (حميمة) هي مربط فرس (الرضا) ومحور دائرة العدل التي يدور نقاش فكرة التعدد حولها.. ولكن.. ما مدى مشروعية هذا الزعم الأنثوي السائد؟! ماذا عن هواجس الزوجات بشأن المنمنمات والتفاصيل؟!.. وإلى أين يذهب (حسن التبعل).. في ظل تلك الأجواء المكهربة بالغيرة.. الملغومة بالشكوك والوساوس؟! كيف يطمئن قلب (هذه) إلى تحقق العدل بينها و(تلك)..؟!.. وكيف تكون (الرقابة) على ميزان العدل في تلك المؤسسة؟!.. وما هي خارطة طريق الوحدة الجاذبة في تلك الشراكة.. يا ترى؟! كيف نحاسب الحكومة؟!.. وكيف تطمئن قلوب الرعية إلى عدالة (توزيع الحصص) في مملكة القوامة والشراكة والتعدد؟! نحتاج إلى تنوير معرفي.. نحتاج إلى تفكيك بعض المسلمات.. قبل أن نحجم.. أو نقدم.. أو قبل أن نتشدق بالحديث عن مجاهل التعدد مطلقاً.. مؤيدين كنا.. أم مُندِّدين! التيار