حديث المدينة زحمة.. فيها الرحمة!! عثمان ميرغني حسناً العيد منحنا فرصة زمن إضافي، (24) ساعة.. تعاطفاً معنا نحن شعب السودان الذي ينجز 99% من المطلوب منه.. في 1% من الزمن المتبقي له.. وبإمكان الذين ذهبوا إلى الميناء البري ولم يجدوا حافلات للسفر إلى الولايات.. أن يجربوا صباح ونهار اليوم في الزمن الإضافي وحتماً سيوفقون. ومحنة المسافرين عبر البر إلى الولايات كبيرة ومحزنة.. تنهال عليهم الضربات من كل صوب.. أولاً: ترتفع قيمة التذاكر تدريجياًََ إلى أن تصل إلى قرابة الضعف.. وثانياً: يرتفع الزحام لدرجة الشلل في الميناء البري.. يفترش أرضه الآلاف بأطفالهم ونسائهم.. في وضعٍ مبكٍ.. لكن ليست تلك هي المحنة الحقيقية.. المحنة الأكبر التي تستوجب فعلاً البكاء على الوطن هو حال (الحكم الفيدرالي) الذي بدلاً من أن يكون لصالح هؤلاء المكلومين.. يظل مجرد وظائف دستورية مرهقة للخزانة العامة.. دون أن يمس حياة المواطن.. لو فطنت حكومات الولايات فإن مثل هذا الحراك الموسمي يمنح مؤشراً اقتصادياً جاذباً.. سأشرح لكم لو (طولتوا بالكم) قليلاً.. لنأخذ مثلاً بولاية الجزيرة.. هذه الولاية المهمة تعتبر معبراً بين الخرطوم وخمس ولايات أخرى.. فلو استثمرت ولاية الجزيرة قليلاً جداً من الأموال (بل لا حاجة للأموال .. لأن المستثمرين سيجلبونها معهم) فمن الممكن أن تؤسس محطة ربط Hub.. في مدينة ود مدني.. تستثمر ولاية الجزيرة في تشييد خط سكة حديد سريع بين الخرطوم ومدني.. يعمل طوال العام وتزداد الحاجة إليه في المواسم.. فهو وسيلة نقل مريحة آمنة (ليس فيها تفويج) كما أنها تنقل أعداداً ضخمة من الركاب بتكلفة يسيرة للغاية.. المسافة بين الخرطوم ومدني (بالسكة الحديد) قصيرة للغاية.. لا تتجاوز ال(100) كيلو متر وتزيد قليلاً.. هذه المسافة بالقطار السريع لا تعني أكثر من ساعة.. وصدقوني سيجد بعض الناس أنه بمقدورهم السكن في مدني والعمل في الخرطوم. ويصلون إلى مواقع عملهم قبل زملائهم الذين يسكنون أمبدات.. والثورات.. هذا الخط الحديدي.. سيجعل من مدني عاصمة اقتصادية متحركة وتعج بالعابرين.. لأنه وفي مواسم الزحام سيكون في وسع المسافرين إلى مختلف ولايات السودان.. الهروب من الخرطوم إلى مدني .. حيث من هناك تبدأ رحلتهم بالبصات السفرية إلى بقية مناطق السودان.. ويصبح في ودمدني (الميناء البري) مجاور لمحطة السكة الحديد.. يسمح للمسافرين بالانتقال من صالة ركاب القطار .. إلى صالة ركاب البصات السفرية بكل يسر.. لا تتحقق فوائد الحكم ال(لا) مركزي إلا بارتفاع حمى المنافسة بين الولايات.. لكن إذا انتظرت حكومات الولايات صدقات المركز عليها.. وإذا استرضت المركز على حساب مصالح أهالي الولاية.. فإن الحكم الولائي يظل هدر أموال على تشريفات دستورية لا تغني ولا تسمن من جوع.. لماذا لا تمتلك ولاية مثل البحر الأحمر.. غنية بأهلها ومواردها محطة بث فضائي مثل النيل الأزرق.. لتنافس بها إعلام المركز.. خاصة في كعكعة الإعلانات.. وفي الصيت.. لابد للولايات أن تفكر بعقل تجاري.. لمصلحة مواطنيها!! التيار