[email protected] تزايد ظاهرة إستعجال الأسر على عقد القران، هربا من مطاولات الخطوبة وإختصارا للتكاليف المتزايدة للزواج، والتي أثقلت كاهل الشباب وساهمت بصورة فعالة في عزوفهم عنه، تدفعنا لمحاولة الغوص فيها وجرد حسناتها مقابل السيئات مع تسجيل انحيازنا للسترة بالقليل. في البدء دعونا نقف للتأمل في الفرق الشاسع بين بساطة إجراءات الزواج عند أهلنا في الأقاليم، مقابل التعقيدات وكثرة الإجراءات والمراسم التي تسبق الزواج عند أهل الخرطوم، من تعارف تتبعه قولة خير والخطوبة وأخيرا وليس آخرا حفل الزواج، وبعد أن كان الغلاء قد أجبر الأهل على إختصار الأحتفال في يوم واحد يشمل عقد القران والزفاف ثم الصبحية وقطع الرحط في الثلث الأخير من نفس الليلة .. تراجعت الأمور مرة أخرى للخلف وعدنا لعادة الاحتفال بالزواج على يومين، بل صاحبته (شتارة) عكس الأمور بجعل الصبحية تسبق الدخلة !! ثم نتساءل بعدها في براءة عن سبب المحقة وقلة البركة الحاصلة على أزواج الزمن ده جاية من شنو؟؟ هو الناس وكت يبدوها بالمعكوس دايرين يتموها كيف؟ رغم منطق دعاة الإختصار وتبسيط إجراءات وتكاليف الزواج لتشجيع الشباب على إكمال نصف دينهم، إلا أن هناك من يتحفظ على إنتشار ظاهرة مباغتة الخاطب وأهله بالمأذون الذي (ينبسق وينداح كمان) من بين المدعويين، وينبري لعقد القران رغم أنف الخطيب، والذي قد يكون غير مستعدا بعد للزواج وقد يحتاج لإكمال أستعداداته تلك لشهور وربما سنين، وبالتالي يجد الأهل أنفسهم مواجهين بالحرج الفقهي والإجتماعي حيال هذا الزواج المكتمل مع وقف التنفيذ ! .. وربما كان تشاؤم البعض من العقد المبكر آتية من ذلك الحرج. ومن سلبيات كمين المأذون ومفاجأته للخطاب بالوقوع في حفرة الزواج بدون (دبارة)، أنه ينفر الشباب عن محاولة المجاهرة بعلاقاتهم العاطفية وإخراجها من مخاطر ظلمة الخفاء الى شرعية الإعلان ومباركة الأهل. 0 كنت شاهدة على قصة تحكي عن ذلك المطب .. فقد ربطت علاقة حب بريئة بين (هشام) بزميلته في الكلية (سهى) وبما أنه كان شابا متدينا وعلى خلق، وزميلته من أسرة محافظة ومحترمة، فقد قدرا معا أن يعيشا قصة حبهما في العلن وبمباركة الأهل ورعايتهم حتى يكملوا سنوات الدراسة، وبعد الإستخارة والإستشارة إتفق (هشام) مع أسرته على تدبيرمبلغ من المال وشبكة بسيطة وبعض الهدايا ليقدمها لمحبوبته (سهى) في إحتفال صغير يكون بمثابة إشهار للعلاقة وإكسابها موافقة ورضا الأهل وبمثابة حجز مسبق للملكية بوضع الدبلة على اليد خوفا من أن يخطفها أحد عرسان الغفلة ويتركه يغني في (ما بنفع كلام يا ريت)! سارت الأمور كما خطط لها الخطيبان وتجمعت أسرة (هشام) الصغيرة وبعض الأقارب وأمتطوا أمجاد وفارهتين وتوجهوا صوب بيت اسرة (سهى) يحملون هداياهم ومبلغ (قولة الخير) البسيط، وعلى الجانب الآخر إستعدت أسرها وبعض كبار العائلة لإستقبال الضيوف وإكرامهم بالمعهود من ضيافة الخطوبة .. إلتقت الأسرتين وجلسوا يأكلون ويسمرون في صفاء حتى حانت لحظة إجراء طلب اليد من والد (هشام) الذي تنحنح وحمحم ثم تحدث عن سعادتهم بنيل شرف طلب يد إبنتكم الكريمة .. وللصدفة، كان المأذون يسكن على بعد ثلاثة بيوت منهم وهكذا عندما إنبرى عم (سهى) للرد على خطبة والد (هشام)، كان أحد الصغار قد إنطلق كالسهم نحو بيت المأذون وأخبره عن طلب إستدعائه على عجل، فما كان من المأذون (سريع النهمة) ألا أن (نفض الجلابية وقلبا فيهو) ثم تأبط دفتره وإنطلق .. وهكذا وقبل أن يكمل عم (سهى) رده على والد (هشام) كان المأذون واقفا بين أيديهم .. قال العم: أنحنا والله يشرفنا نسبكم وما عندنا فيكم قول .. لكن حكاية خطوبة وطلوع ونزول دي ما عندنا .. أخير نرمي الحبل وبعدين بي راحتكم .. متى ما استعديتوا العرس بنتما ما في زول ساكيهم!! وطوال طريق العودة ظلت أم (هشام) ترغي وتزبد عن كلفتة إبنها وتدبيسه بالعقد وهو ما زال صغير وفي أول حياته .. ك (جقجقة) أم (سهى) غضبا على هملة إبنتها وعقد قرانها لا ضبيحة دم ولا مهر .. قالت لابيها: جدعتا بتك لي تلميذ حق فطورو في تلتلة وجيتني حانف وشك ؟!!