أكثر من الملك ..! منى أبو زيد [email protected] \"ما رأيكم في رجل حكم ثلاث سنين؛ قتل في الأولى الحسين بن علي، وفي الثانية أرعب المدينة وأباحها لجيشه، وفي الثالثة ضرب بيت الله الحرام بالمنجنيق\" ؟! .. هكذا اختزل ابن الجوزية – الحفيد – حكم يزيد بن معاوية، الذي بدأت به، واستنَّت لأجله، لعنة توريث الحكم في عالمنا العربسلامي، قبل أربعة عشر قرناً من الزمان ..! أضابير التاريخ – الذي يعيد نفسه بتطابق حيناً، وبتصرف أحياناً! – تقول إن قصر نظر يزيد الذي تسبب بمقتل الحسين في معركة كربلاء كان بداية تضعضع الأحوال السياسية في عهد الخلافة الأموية، التي عجزت عن تحجيم تفاقم ثورة المهمشين والمعزولين سياسياً ..! فجاء بنو العباس ونكلوا بالموالين للحكم الأموي وبطشوا بالملكيين أكثر من ملوكه .. أما نظرائهم في ملك بني العباس فقد فرشوا موائد طعامهم هم فوق جثث قتلاهم، ونبشوا قبورهم ومثلوا بجثث حكامهم ..! وفي القراءات الأدبية للثورة الفرنسية، وعلى الرغم من التفاوت الظاهر في تناول موازين الظلم والعدالة، هنالك التقاء عند تجاوزات المتتوركين أكثر من أتراكهم .. فتشارلز ديكنز صور تجاوزات بلطجية الثورة وتنكيلهم بالأمراء والنبلاء وأصدقاء البلاط .. بينما وصف فيكتور هوجو جرائم الملكيين أكثر من الملك .. وبين الفئتين، وفي كلا القراءتين هنالك متجاوزون وصموا انتماءاتهم السياسية وتسربلت مطامعهم الشخصية بغلالة الولاء الكاذب..! الملكيون أكثر من الملك هم البطانة الفاسدة والحلقة الأضعف في أي نظام سياسي، هم أكثر من ينتفع وأول من يسقط .. هنالك اليوم أكثر من ثمانمائة ملف بين يدي اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق، بعد أن أطاحت ثورة الشعب – في تونس - برموز الرشوة والفساد الذين كانوا يحتمون بنظام بن علي ..! لكن التاريخ الذي أعاد نفسه في تونس بتطابق يعيدها بتصرف – هذه المرة – في مصر، بعد أن طال أمد الفترة الانتقالية بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية، فالملكيون أكثر من الملك في مصر يواجهون اليوم عزلتهم على طريقة الرقص على السلالم ..! سياسة عض الإصبع التي تنتهجها الثورة مع النظام جعلت رموزه السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية في حال من الفوضى النفسية – غير الخلاقة! - فلا هم مع الثورة ولا هم ضدها .. هم ليسوا شركاء لكنهم ليسوا متفرجين .. النظام يطالبهم بشجب الثورة والتنديد بها عبر وسائل الإعلام، والشعب يتربص بملامح موالاتهم للنظام ..! من الذي سيجلس على الكرسي ؟! .. من الذي سيبقى بلا كرسي ؟! .. الإجابة على هذا السؤال هي التي ستحدد مصائر الملكيين أكثر من الملك في نظام يحتضر ..! عن صحيفة التيار منى أبو زيد [email protected]