من قال أن الثورة شرارة تنطلق ليبدأ حريق الطغاة وحريق أي وضع مغلوط , اقول له رأيك على عيني ورأسي ولكن تمهل قليلاً لتسمع مني... ساقول لك أن الثورة بذرة , نعم بذرة صغيرة جداً جداً تبدأ هذه البذرة بداخل كل منا , ممكن ان تبدأ هذه البذرة بالنمو في أي لحظة ونحن امامها سواءَ ولكن الاختلاف في بداية النمو يكمن في تفاوت إدراكنا للأوضاع الخاطئة حولنا. عادةً نثور في وجه من كنا نحبهم في المقام الأول او نحترمهم ونعظمهم , ممكن أن يكونوا حكام , زعماء , رؤساء في عمل , أقارب أو أصدقاء أو من الممكن ان يتمثلوا في أي كيان المهم يبدأ السيناريو كالتالي :------ عندما تحس أن هناك شيئاً ما غير مريح في تعاملك مع هذا الكيان ولكن ما هو هذا الشئ ؟! لن تستطيع أن تسميه , المهم عند هذه اللحظة تماماً تتشكل بذرتك التي تحملها بين ضلوعك و تبدأ في الإختلاف مع نفسك هل هو على خطأ ام أن بعض الظن اثم ؟ فتبدأ في ري وسقيا البادرة ليس فقط بظنونك ولكن ايضاً بحبك وتعلقك والاحساس بأن الامان يكمن فقط بالقرب من هذا الكيان , لا تظن أن الشتلة تتوقف عن النمو بل على العكس كلما كان حبك أو تقديرك كبيراً امتدت جذورها في شعاب قلبك و توغلت داخل كيانك لتصبح أقوى و أكثر تأصلاً............ وتستمر في رعاية شتلتك الفتية حيناً بالتمني بانصلاح الحال واحياناً بالتجاهل نسبة لانشغالك بظروف الحياة ومشاغلها و لكن يبقى السبب الرئيسي بداخلك هو عدم إكتمال الأدلة وخيوط المؤامرة التي وقعت انت بطيب خاطر داخلها . وتبدأ الصورة في الإتضاح شيئاً فشيئاً فهذا ظلم بيّن و ذاك تجاوز واضح و تلك كانت إساءة لا تغتفر؛ فتدخل في طور الضيق و الغضب الذي يؤدي لتقوية شجيرتك ويسرّع نمو افرعها و أوراقها لتصبح شجرة ضخمة فتضرب باغصانها التي خرجت عن التحكم لتصدع كيانك و تشقق وجودك لتمتد خارجك وتضرب عنان السماء معلنة للجميع رفضك لوضعك البائس و المزري_حتى وإن كان في هذا الوضع بعض الاستقرار أو الفوائد لك_و ستقول عندئذ ( لا) صريحة و واضحة و قوية و سترفع شعار (عليَّ وعلى أعدائي) و تزلزل حينئذ كيان غريمك وعدوك الجبان الذي استنزفك ولم يرحمك في أي شئ ( والذي كان من المفروض أنه حبيبك أو على الاقل حليفك ولكنه طالما اوصلك لهذه الهياج فهو عدوك) , وقد يخطرببالك أن الأوان قد فات وقد يبكتك ضميرك لماذا لم تثر من قبل ولماذا رضيت بهذا الوضع؟!, لم يفت الأوان أبداً فهذا هو أوان ثورتك و هذا جمال ثورتك , فلم تكن شجرتك بهذه القوة وهذا العنفوان من قبل .. تستطيع عندئذٍ فقط أن تتنفس الصعداء وترتاح من وزرك الذي انقض ظهرك وتجلس تحت شجرتك مرتاحاً لما فعلته. ما يحدث للأفراد هو صورة طبق الأصل لما يحدث للشعوب الإختلاف في شئ واحد وهو إتحاد فروع شجرة كل فرد مع شجرة الأخر بحيث تشق هذه الفروع المتكاتفة عنان السماء فتلتف حول الطاغوت وتخنق جبروته وإستبداده فيسقط في وهمه معطياً الفرصة للحرية ولكل الشجر في أن يتنفس نسيم العدل وليزهر أيضاً ويثمر احلاماً وامنيات بغدٍ أفضل لاجيال أكرم وأكثر شرفاً. أقول لمن يظن ان الثورات التي تحدث ألان وراءها محركون, أنتم موهومون الشعب هو من إبتدأها والشباب بالذات هو من حركها فهذه الأجيال المختلفة الثائرة التي ملت الظلم و قد ملت الشيخوخة التي ضربت بجذورها كل المؤسسات و ظلت تنخر بسوسها بلا علم , بلا دين وبلا حب......