.. [email protected] ما كادت المناوشات بين الزميل الطاهر ساتي والدكتور ربيع عبد العاطي تضع عصيها علي دولاب التهدئة ..حتي اندلعت حرب قلمية ثانية من أروقة ذات صحيفة السوداني بين الزميلين الدكتور زهير السراج وضياء الدين بلال ..ولو افترضنا ان نزاع الطاهر وربيع كان محسوما من أساسه لعدم التكافؤ في وزن القلمين من حيث المهنية العالية التي يتمتع بها الطاهر كصحفي محترف يملك مقدرات الطرح العالية..ولديه كاريزما جذب القاري اسلوبا ومضمونا وهو أيضا يتمتع بجرأة اثارة الموضوعات التي تحرك حمية قرائه الوطنية والتي تصب في الصالح العام دون خشية من أحد مهما كان سلطانه أو تميز عنوانه..فيما كان الطرف الآخر من تلك المخاشنات قد دخل من موقع ( المحرش ) الذي دفعه انسياقه غير المدروس و دخوله علي الخط دون وجه حق الي الوقوع في فخ انكشاف مقدراته المحدودة في التعاطي مع مهنة الاعلام بصفة عامة والصحافة علي وجه الخصوص..وهي تجربة كان علي من يزعم انه خبير وطني لايشق له غبار أن يعد العدة جيدا ان كان منصبه يخوله ارتياد المعترك بما يخدم النظام الذي يمثله في ظروف بدأت فيه الصحف والمجالس تثير كثيرا من الحديث المثير حول تمدد شآفة الفساد في مفاصل وثنايا الحكم والحزب الذي يمثل الذراع السياسي له..وسط اجواء من غضبات الشعوب التي ان عاجلا أو آجلا ستلهب نار الصدور الغاضبة وتشعل هتافات الحناجر المغصوصة بعبرات الغبن الطويل في شارعنا المكلوم...وطائرات حماية المدنيين من بطش الأنظمة الظالمة تحوم علي مرمي( نبلة ) من تخومنا الغربية ..هذا ان لم تكن قد بدأت فعلا في الحط علي ارضنا والانطلاق منها في طلعاتها الانسانية.. ولكن حرب الاقلام التي نشبت بين ضياء وزهير هي حتي الان وعلي مايبدو تدور في حلبة الصراعات الشخصية اذ يحاول كل طرف ان يرمي دفوعا تقلل من دفاع الاخر ..وتوعد كلاهما غريمه بابراز المستندات التي تؤيد مزاعمه.. وهي ومن وجهة نظري المتواضعة التي كونتها من خلال متابعة مسوغات الخلاف من بدايته ..أن لم يكن خلف الأكمة ما وراءها ..أسباب لا ترقي الي درجة ان يصعدها الزميلان الي أعمدة الصحف بهذا القدر من الشراسة ..بما يصرف القاريء عن القضايا الوطنية الحساسة بدرجة حساسية ظرفنا السياسي والأمني بما يهدد مستقبل الوطن في ظل تحدي النظام الحاكم للشارع بالسحق سعيا لتحقيق الخلود لنفسه ومن بعده الطوفان ..ومعارضة ضعيفة تحاول لملمة جراحها ومصالحها الذاتية ..فيما هي توجه عينيها و تمد يمناها للحكم ..ويسراها مسترخية علي عب المواطن الذي يحترق في دواخله ويلفه الأحباط من خارجه.. صحيح ان ضياء من الأقلام المحسوبة علي النظام ..لذلك نفترض أنه معني بتقويم الحكم بقلمه ان كان هامش الحرية المتاح هو حقيقة لا يخشاها السلطان..اذن فيما الهروب الي الامام في قضايا انصرافية ذاتية مكانها لجان اتحاد الصحفيين المختصة للفصل فيها تجنبا لصعودها الي منصات القضاء..وحتي لا نتهم بالتحيز الي طرف دون آخر فالكلام عن عدم اضاعة المساحات المتاحة ووقت القاريء في قضايا شخصية موجه ايضا للدكتور السراج ..كقلم معارض ينتظره القراء عند زاوية ذات الظرف الحساس للادلاء بدوله الواسع في بئر المرحلة وان كان يكتب عبر الأسفير من وراء البحار.. للزميلين تحياتي ولهما العتبي ..فقد كان عتابي من باب الزمالة الصادقة والمحبة والوفاء وسعيا وراء تضافر الجهود لتضميد قلب الوطن الجريح.. بيد ان الملمح الثالث لحروب الأقلام هذه الأيام هو ما بدأه الزميل الهندي عزالدين ..كدعوة حق ..قصد بها باطل حينما ناشد السلطات باطلاق سراح الزملاء الصحفيين من جريدتي راي الشعب..والميدان مبررا طلبه ليس ايمانا بحرية الصحافة وحق الزملاء في ان يعبروا طلقاء عن رايهم طالما ان ذلك يتم في اطار تلك الحرية التي تزعم الحكومة انها مكفولة لهم..ولكنه ( قداها ) بسقطته حينما قال ان وجودهم طلقاء يكتبون مثل قلتهم وقلة صحفهم التي لايقرأها أحد ولا يقرأ لهم .. بل ذهب الي ابعد من ذلك وطالب باغلاق بعض الصحف لان شكلها لايعجبه وبالتالي فهي لا تعجب من يقف وراءه بالتاكيد اذ يبدو انه يمثل صوت سيده.. .. وهو لعمري رأي ساذج وخطل ينم عن الاستخفاف بعقلية القاريء ويثبت غرورا يستمده الهندي من قربه الي السلطان الذي ما حجب حرية اولئك الزملاء الا لان صدره قد ضاق بردة فعل ما يكتبونه وأثره علي القاريء.. ولعل ذلك ما تناولته مهيرة الصحافة السودانية الجريئة الزميلة أمل هباني بالقدر الذي يوحي بان الهندي قد فتح علي نفسه نافذه للهواء الساخن لن تصده عنه ضلفات النظام التي يحتمي من ورائها.. ولعله قد طالع ان كان مطلعا علي صفحات الراكوبة ذلك السيل من مداخلات القراء التي تدل علي وعي شعبنا ..وايمانه بحرية الكلمة حقا مكفولا لمن هو معه في وجهه النظر ولمن هو يخالفه الرأي..وهو علي درجة عالية من قدرة التمييز بين المفيد الذي يخلد في عقل الانسان ويتجسد في ويتمدد في صدر الزمان ..وبين ما هو زبد يذهب هباء ..مع ذكري صاحبه ..أو سطوه من يسانده التي هي الي فناء محتوم ..ويبقي وجه ربك ذو الجلال والأكرام.. وهو من وراء القصد.