العصب السابع فتاوى انصرافية..!! شمائل النور في الوقت الذي تحتاج فيه الأوضاع التي يعيشها هذا البلد إلى ثورة ضمير وصوت عالٍ لا يخشى إلا الله، يحمي المظلوم ويسترد له حقه ويحاسب الظالم، تجدنا نغمض أعيننا عن خطايا وجرائم تمشي على رجليها بل وتنادي لننغمس في قضايا انصرافية لا تقدم ولا تؤخر. أول من أمس أصدر مجمع الفقه الإسلامي فتوى بعدم جواز نشر الأبراج، والحقيقة لله، عندما قرأت العنوان تصوّرت أنّ الأبراج المعنية هي الأبراج العالية المشيدة، باعتبار أنّ الحكومة تتبنى حملة ضد الفساد، وذلك بغرض التأكد في أمر المواصفات الهندسية أو التحقق من مصادر الأموال التي تُبنى بها الأبراج، إنّها السذاجة إذاً، فوجدت أنّ الأبراج المعنية هي تلك التي تداعب عند القراء درجات الحظ وكشف خيوط المستقبل، نعم الأبراج التي تنشرها الصحف كمادة ترفيهية في ركن قصي. مجمع الفقه الإسلامي ترك كل الذي يحدث الآن واجتمع وكوّن لجنة ثمّ فكّر وقدّر وقتل كيف قدّر، أنّ أبراج الحظ لا يجوز نشرها باعتبارها ضرباً من التنجيم والغوص في علم الغيب، نعم هي ضرب من التنجيم، لكن هل وصل بنا الحال إلى أن نحتكم إلى الأبراج لدرجة أن يُفتى لنا فيها. المتأمل في هذه الفتوى يتخيّل دون شك أنّ كل هذا الشعب لا يتحرك من مكانه دون أن يطالع حظه وعليه يُقرر أيخرج أم يبقى في مكانه، أيفعل هذا الشيء أم يتركه.؟ حسناً.. طالما أنّ مجمع الفقه الإسلامي يريد تقويم العقيدة فإنّه أمر جيّد والله، لكن لماذا لا يُفتي المجمع في زيارات أُولي الأمر منّا إلى مشايخ الطرق الصوفية والتبرّك بهم، أليس في هذا مساس وتهديد للعقيدة، وأنّه لأخطر من الأبراج؟ هذا إن كان منّا في الأصل من يؤمن بالأبراج. قبلها بأيام صدرت فتوى تُحرم جوائز شركة زين للاتصالات التي رصدتها كحوافز لمشتركيها الذين يكملون تسجيل بياناتهم، باعتبارها تدخل في دائرة القمار والميسر، كيف هذا... الله ومجمع فقهنا أعلم، فليقف علماء مجمع الفقه وقفة تأمل ويسألون أنفسهم، هل خلصنا من كل الأمور الجسام وبقيت لنا فقط أبراج الحظ وجوائز الاتصالات.؟ أليس هو ذات المجمع الذي أصدر في شهر يونيو من العام 2010 فتوى بجواز دفع (الرشوة) للجهات القضائية والإدارية بغرض إثبات الأصول السودانية في الخارج.. لذلك تجدنا لا نستغرب كثيراً بقدر ما يستفزنا هذا الانصراف إلى سفاسف أمور لا تُقدم ولا تؤخر، ودونهم المال العام يُستباح صباح كل يوم كما تُستباح الذبيحة، ودونهم ملفات الفساد التي تزكم الأنوف ودونهم القضايا التي تتربص بأرواح المواطنين فلماذا لم نسمع للمجمع صوتاً إزاء قضيّة حاويات النفايات الإلكترونية التي دخلت هذا البلد وتحمل كمّاً من الإشعاعات المسرطنة.. فلماذا يتهاون مجمع الفقه في أمر يتعلّق بأرواح المسلمين ويُعرّض حياتهم للخطر.. وينصرف إلى السفاسف.. فعلى ماذا يجمع هذا المجمع؟؟ خافوا الله فينا. التيار