آهرشني وتفنن -تنمية الموارد البشرية حمرة عين-!! تيسير حسن إدريس [email protected] روى لي صديق قصة ابن قريته مدعي الشجاعة (هرأش ساكت) فقال: (أجبره ظرفٌ طارئ على أن يعبر مقابر القرية ليلا فظل طوال العبور يلعلع مدندنا بصوته الأجش لإثارة الطمأنينة وطرد الخوف مما أدَّى لاستيقاظ أحد المشردين من نومه مزمجرا بصوت جفلَ على إثره (عشى البايتات) واصطكتْ أسنانه وركبتاه جزعا ووصلت معدته الحلقوم هلعا وطفق يطلق وابل من الريح المنتن الخبيث بينما يكابد ويفحط في مكانه غير قادر على إطلاق ساقيه المرتجفة للريح ولما دنا منه المشرد أغشي عليه ليصحو مكللا بعار جبنه ومبللا بمخرجاته الفسيولوجية ومنذ تلك الواقعة أطلق عليه لقب أرجو أن يعفني القارئ الكريم عن ذكره (فالدنيا لسه صباح). تعود إلى ذاكرتي هذه القصة كلما استمعت لأحد قيادات المؤتمر الوطني (شاقي حلقومه فينا ملعلعا بهرشه) جديدة، ويبدو أن نهج (الهرشه) المتبع من قبل جهابذة الإنقاذ هو سمة عامة لا تخص أو تمييز فردا أو مجموعة دون الأخرى فهو على الأرجح مسلك وخلق نتاج سوء تربية تنظيمية تميز تيار الإسلام السياسي الذي يرفض المجتمع وموروثة من القيم والتقاليد ويدعو لهدمه باعتباره جاهليا ويظل ينظر باستعلاء واحتقارٍ لأهله وشعبه مما يقود منسوبيه للإصابة بعلل نفسية تسم تصرفاتهم الاجتماعية بالغرابة مما رسَّخ في وجدان العامة صورة نمطية عنهم تقارب بينهم و شذاذ الآفاق، وقد عبَّر عن هذا الشعور الاجتماعي السائد الأديب الراحل الطيب صالح بسؤاله المتعجب الشهير الذي غدا ضمن أهم مأثورات شعبنا (الممحن من عمايل الجماعة المتأسلمة). لقد غلب الطبع التطبع فأصبح فطاحلة المؤتمر الوطني صور منسوخة مكررة فبعد أن أخافنا وقطَّع قلوبنا هلعا أمير الكتيبة الإستراتجية (النافع) ومساعده الهمام (المندور) متوعدين ومنذرين أبناء الوطن بالسحق والسحل إن تجرؤا على التظاهر السلمي، ومن قبل أوسعونا لسعا بتعابيرهم الحضارية (لحسا للكوع ومقالعة بالضراع) هاهو الرجل المعين على رأس وزارة من مهامها الارتقاء بمقدرات الإنسان وتنمية الموارد البشرية (تصور!! يبرنق عويناتو ) ويقدحهما شررا في وجه أهل (دنقلا) المندهشين ويلج بكل عنفوان مضمار (الهرش الإنقاذي) ليدلو بدلوه في لُجَّة هذيان التصريحات المتلاطمة والعبارات الصادمة المستخفة بمشاعر هذا الشعب الصابر والمشككة في مقدرة رجاله على النضال والدواس. العجيب في هذه التصريحات النارية أنها تطلق من خلف جُدُر مما يدفعنا لوضعها وتصنيفها في خانة (هرش يهرشه فهو هرَّاش) لأن جهابذة المؤتمر الوطني عادة ما يطلقوها وهم (مُضَّارِّين) خلف أجهزنهم الأمنية والقمعية، مما يثير السخرية والرثاء من طبيعتها الهرطقية، ويقدح في شجاعة مطلقيها في حضرة شعب كريم وشجاع من طبيعة أهله إذا ما أراد صبي منهم- دع عنك الراشدين- تصفية حساب مع قرين له دعاه قائلا (طالعني الخلاء!!) ، إنها بحقٍّ عقول بائسة خاوية ونفوس مهزومة تدفع المرء للتساؤل متعجبا عن جدوى هذه الممارسة الرعناء التي عايدها ومردودها المزيد من سخرية العامة والاستهزاء من ضعف الحيلة والوسيلة وعمى البصيرة. ولا أظنّ أن منسوبي الجماعة مهما بلغ بهم الغباء مصدقون أن شعب السودان الأبيَّ صانع الثورات والانتفاضات سليل من حاربوا مدافع المستعمر بسيوف العشر يخاف ويرهب تلك التحذيرات الجوفاء. أما إن كان ذلك كذلك تكون العصبة المتأسلمة قد فقدت بحق صوابها وغرها بالشعب الغرور لصبره الذي أمده (سلبه) وطول (البال) حتى تنمَّر كل (ورر) وبات (يقدل) محاكيا صولة الأسد ظنا بأن تماسيح النيلين قد نفقت. إن هذا النَّهجَ المعوجَّ وغيرَ الحضاري -من سيل التصريحات والتحذيرات غير المسئولة- لا يجْدِي؛ بل يزيد طين سخط الجماهير بله، فلو كانت تجدي لعصمت دكتاتور ليبيا الذي تفنَّن في إطلاقها ورغم ذلك انتهى به الحال أسير جحر باب العزيزية. كما أنها من خطلها تدل على خواء الفكر وفقر المنطق والحجة ومدى ضعف وفزع مطلقها الذي يعاني الانكسار والهزيمة الداخلية، ويعلم علم اليقين أنَّ العقلَ الجمعي قادرٌ على كشفِ حقيقة جبنه، والتمييزِ بين الصنديد و (الهراش) . تيسير حسن إدريس 20/04/2011م