. جنيف [email protected] عندما وصلتني دعوة كريمة من قناة الجزيرة للمشاركة في سمنار حول حرية الإعلام وحقوق الإنسان Press Freedom and Human Rights في مدينة أوسلو قفزت إلى ذاكرتي المحادثات السرّية في عام 1991 التي جرت في مدينة أوسلو النرويجية و التي أفرزت عن إتفاقية أوسلو للسلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر 1993، تذكرت كيف إنهال ياسرعرفات (سلام وقبل )على رابين و بل كلنتون أثناء توقيع الإتفاقية في واشنطن. وفي طريقي إلى أرخبيل الجزرالأسكندنافية ثمة سؤال قفز إلى ذاكرتي و لكن دون إجابة شافية لماذا أن كثير من المدن الغربية إرتبط إسمها بإتفاقيات دولية ؟ مثل إتفاقيات جنيف المعنية بحماية حقوق الإنسان في حالة الحرب وإتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية و إعلان روما الخاص بالمحكمة الجنايات الدولية و إتفاقية مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات وبروتوكوله و إتفاقية دبلن الخاصة بالاجئيين و إتفاقية بروكسل الدولية المتعلقة بالحجز على السفن وغيرها من الإتفاقيات الدولية التي إرتبط إسمها بمدن غربية و لم نسمع عن مدن إفريقية أو شرق أوسطية إرتبط إسمها بإتفاقية دولية عدا إعلان الدوحة الخاص بمنظمة التجارة العالمية. قطع تفكيري صوت المضيفة التي أعلنت أن الطائرة تستعد للهبوط في مطار أوسلو وأصبحت أتمعن من نافذة الطائرة الفوارق الجغرافية بين الدول الإسكندنافية ولكن دون جدوى لم أستطع فك رموز وطلاسم تلك الحدود و الحواجز التي تقينت أنها مجرد حدود شكلية لتقصير الظل الإداري في تلك الدول بل هي حدود لا تعرف إجراءت التأشيرة العقيمة التي تعاني منها شعوبنا. إستضافة أوسلو سمنار حول حرية الإعلام و حقوق الإنسان بتنظيم متميز ومتفرد من مركز النرويج لحقوق الإنسان و الديمقراطية بالتعازن مع قسم الحريات العامة و حقوق الإنسان بقناة الجزيرة كان لنا شرف المشاركة في هذه الفعالية التي تركز الحديث فيها عن أهمية حماية الصحفيين في مناطق الصراعات وعن حرية الصحافة التي يصفها الميثاق الدولي لحقوق الإنسان بأنها من الحريات الأساسية للإنسان، وتضعها الدساتير في صدر أولياتها كما أكدت عليها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والعديد من قرارات الأممالمتحدة واليونسكو وحرية التعبير هي واحدة من أساسيات المبادئ الديمقراطية. تركز الحديث و الجدل حول المادة 19 من العهد الدولي لحقوق الإنسان التي تنص على ان \" لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة من أي جهة كانت ، ولكل انسان حق في حرية التعبير.ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها الى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فنى أو باية وسيلة أخرى يختارها. و تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز اخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية. ثمّة أمر لا سبيل للقفز فوقه أو تجاهُله وهو أن النرويج تمتلك في مجال حقوق الإنسان ورقة رابحة مما ساهم في نجاح السمنار وبرغم أن البرد يمزق أوصالها في الشتاء و تراودها الشمس عن ذات اليمين و ذات الشمال في الصيف ولكنها تستضيف عددا من المؤتمرات الدولية حيث تعتبرالنرويج إحدى أكبر المساهمين مالياً في الأممالمتحدة، وتساهم في البعثات الدولية لقوات الأممالمتحدة، ولا سيما في أفغانستان وكوسوفو والسودان وهي أحد الأعضاء المؤسسين للأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي. طه يوسف حسن . صحفي معتمد لدى الأممالمتحدة بجنيف