[email protected] بادر نفر كريم من قيادات المؤتمر الشعبى بولاية نهر النيل الى الحوار مع الاسلاميين الموالين للنظام الحاكم سعيا الى اخراج الحركة الاسلامية من ازمتها الخانقة عبر اصلاح حقيقى يجمع القواعد من جديد ويوحدها فكانت مبادرة الوحدة والاصلاح . لعلنا نحاول هنا ان نناقش الدوافع التى ادت الى هذا الاتجاه ، فلا شك ان الاكتفاء بالاصلاح ولو كان حقيقيا يعتبر تراجعا عن الهدف السياسى المعلن لحزب المؤتمر الشعبى ( اسقاط النظام و استعادة الديمقراطية ) لان الاصلاح يعنى بقاء النظام ولو فى طبعة جديدة مزيدة ومنقحه ، فما الذى دفع الى ذلك التراجع ؟ لعلها العوامل الاتيه : 1 اليأس من التغيير : تخلف الشارع السودانى عن ركب التحرك الشعبى فى الشوارع العربية ، ولا يبدو فى الافق ما يدل على قرب تحركه و لا انتصاره اذا فعل فى ظل النقابات المدجنة و الجيش المؤدلج والصفوة الحاكمة المنطوية على خيار السحق الدموى . وقبل ذلك سقط الرهان المفاجىء على الانتخابات كما قطعت ذراع خليل الطويلة فى شارع العرضه بأم درمان . اذا سدت ابواب التحرك الشعبى ، العمل العسكرى و الخيار الانتخابى ولم يبق الا باب الحوار . 2 الخوف من التغيير : الطوفان الشعبى فى الدول العربية يصب فى مصلحة الحركة الاسلاميه بخلاف الوضع فى السودان حيث يؤدى الى غرقها، ولن يعصمها جبل الشعبى من الماء اذا فار التنور ، لذا لابد لسفينة الاسلاميين ان ترسوا على جودى الحوار تجنبا للعزل والاستئصال من ناحيه واستثمارا لحال الهلع الذى اصاب الانقاذ لانتزاع تنازلات كبيرة منه تحقق الاصلاح الحقيقى وتمنع الثورة وتحمى الحركه . 3 الفشل لسياسى : فشل المؤتمر الشعبى فى تحقيق اهدافه و تقلصت قاعدته وعجز عن اكتساب عضوية جديدة وسط الجيل الطالع والقطاع الفاعل الذى ركزت عليه الحركة الاسلامية كثيرا وهو قطاع الطلاب ، بل تساقطت قياداته العليا و الوسيطة اما يمينا باتجاه المؤتمر الوطنى او يسارا باتجاه حركة العدل والمساواة ، وما مبادرة الحوار الا وسيلة لكسر الجمود وبديل عن السقوط. وكما فشل التنظيم فى بناء نفسه فشلت تحالفاته المعارضه فى تعبئة الشارع او انجاز اى عمل سياسى ذى بال . وكما حاولت ان أتفهم دوافع المبادرين آ مل ان يتفهموا دفوعى التاليه :- 1 لن اقف طويلا امام اليأس فقط اذكر بان الواجب يظل واجبا غض الطرف عن امكان تنفيذه وفقا لميزان القوى الراهن والاسقطنا فى الانهزامية ، ومعطياتنا لا تختلف عن معطيات تونس فى 1712 او مصر فى 241 ثم تحرك الشعب فانجز المستحيل فالرهان على الشعب السودانى . 2التحرك الشعبى العربى ليس علمانيا ولا اسلاميا حركيا بل ينشد الحرية والكرامة والعدالة فى بديل ديمقراطى تعددى ، ولان الحركات الاسلامية هناك كانت فى الموقع الصحيح اى خارج النظام المنهار واكثر القوى صمودا امام الديكتاتورية و ادقها تنظيما واقربها الى نبض الشارع بدا انها المستفيد الاول. اما هنا فمن شعر بان التيار سيجرفه فعليه ان يصحح موقعه قبل فوات الاوان ، واخشى ما نخشاه ان تجمع الحركة الاسلامية على الغى ويربط مصيرها بمصير الديكتاتورية فتتحقق احلام الاستئصاليين . 3 اما الفشل السياسى فهو حصاد التجارب الماضيه فهل نتداوى بالتى كانت هى الداء ؟ كما ان المراجعة النقدية لتجربة الانقاذ لم تقم على نحو صحيح لذا لم تعط ثمارها المرجوة، فجاء الوعى الديمقراطى هشا وبدا الخلاف مع الانقاذ مغاضبه اكثر منه مراجعة فكريه او سياسيه . لذا يصبح القيادى شعبيا ويمسى وزيرا انقاذيا لا يميزه شىء عن سائر وزراء العسكر! أو كادرا مليشياويا لدى العدل والمساواة دون ان يطرف له جفن ! والفواصل بين اتجاهات هذه الهجرات هى خطوط العرق و القبيله وراجعوا الاسماء . ما علينا لو اعتمدنا معيار المراجعة النقديه لبناء استراتيجية جديدة تتجاوز خطيئة الانقاذ لبدت المبادرة خطوة الى الخلف . اللهم بلغنا فاشهد الاثنين : 7 من جمادى الاول 1432 هجرى موافق : 9 من مايو 2011 ميلادى