هل يعقل نظام مبارك ارحم للسودانيين من ثورة مصر؟ تاج السر حسين [email protected] بداية اقول تسعدنى كثيرا وجهات نظر القراء المحترمين وتعليقاتهم على ما أكتب، مؤيدة كانت أو معارضه وهذا حقهم حتى لو كانت تحمل قدرا من الشتائم والأساءات وسوء الفهم .. لكن أكثر ما يؤلمنى هو أن يقارن بينى وبين صحفيه أدمنت منافقة النظام وكتبت فى معظم صحفه الصفراء، وأغتنت منه حتى شبعت وساهمت فى اغتيال شخصيات الشرفاء، ولم تعتذر عن ذلك كله، ثم بدأت هذه الأيام – فجأة- فى الأبحار عكس التيار والأتجاه نحو خط مغائر (نوعا ما) وبصورة محسوبة ومؤمنه، وما اقبح أن يغتنى كاتب من خلال تطبيله المستمر لنظام فاسد فى أسوأ وأحلك ايامه .. وحينما يصبح النظام غير عابء أو مكترس للنقد لأن حركة الشعب وثورته بدأ تفتح (وردها) وبروز(شوكها) ولأن سقف ارتفع وتعدى حرية الكتابه بمراحل، واصبح الهدف الوحيد، يدرك النظام أم لا يدرك، هو الرحيل والتغيير .. حينما يصل الأمر الى ذلك الحد يتلون المتلونون ويتحول المتحولون لكى يستمر اكلهم من مائدة اللئام والكرام فى آن واحد، اى من موائد الأنظمه القامعه والديكتاتوريه، ومن خير الأنظمه الديمقراطيه والعادله، كما نلاحظ فى مصر الان! وعلى سيرة مصر اقول فى كثير من الأسف. هل يرضى مصر وثورتها وشبابها أن يشعر أخوانهم شرفاء السودان والمناضلين من اجل الحريه منذ أكثر من 20 سنه ، وذاقوا الويل والتعذيب والتشريد والفصل من الخدمه، بأن نظام (مبارك) مهما كان سيئا كان أفضل وأرحم لهم من (ثورة مصر) التى فرحوا بها وأحتفلوا مع شبابها وبكوا على ارواح شهدائها؟ هل يعقل هذا؟ ونحن نشهد هرولة النظام المصرى وعدد كبير من شباب الثوره من مختلف التيارات لا – الأسلاميين - وحدهم، نحو نظام (عمر البشير) وهو من قتل حوالى 3 مليون من شعب السودان فى الجنوب والغرب والشرق؟ وهو من اغتصب الحرائر بالآلاف وجعلهن يأكلن من أثداهن خشية (الموت)؟ وهو من جلد نساء السودان بعشرات الآلاف، وهو من أفسد الأخلاق والذمم وأستحل مال السودان العام وأستباحه من أجل تمكين و(تسمين) رموز النظام ومؤيديه ومنافقيه وقارعى الطبول لرئيس النظام الذى أدمن (الرقص) بدلا من الأهتمام بحاجات الشعب وطموحاته؟ هل تلهث (ثورة مصر) المباركه نحو نظام ديكتاتورى قمعى، أسوا من النظام الذى كان يحكمهم؟ الم يسمع شرفاء مصر وثوارها عن احتلال (ابيى) ، هذا الأحتلال الذى يمكن أن يؤدى الى استقطاب وأن يجر القدم الأجنبيه مثلما حدث من (العراق) بأحتلالها الطائش (للكويت) .. و(أبيى) لمن لا يعرفون ولا يتابعون ما يدور فى السودان منطقة متنازع عليها بين (جنوب السودان) ونظام (البشير) وحده لا شمال السودان كله، ونعرف أن منطقة (ابيى) لها برتكول مضمن فى اتفاقية سلام (نيفاشا) وندرك جيدا ما ينص عليه ذلك البرتكول، و نعرف بأن النزاع حول (ابيى) فصلت فيه (محكمه دوليه)، فرح بقرارها النظام فى البداية حينما ظن بأن القرار لصالحه ثم رفض القرار وأحكم قبيلة المسيريه، حينما شعر النظام بتردى نظامه الأقتصادى وتدهور وضعه المالى بانفصال الجنوب الذى تسببوا فيه وعملوا من اجله وأطلقوا عنان (كتبتهم) المأجورين والمهوسين، لكى يختار الناخب الجنوبى الأنفصال بدلا عن الوحده. للاسف وحتى اللحظه لا تعى ثورة المصر والقائمين عليها ولا تهمهم كثيرا مطالب الشعب السودانى العاشق للحريه والذى بذل لها ارواح شهدائها ودماء احراره فى أكتوبر 1964 حينما كانت كافة الأنظمه العربيه ترزخ تحت انظمه ديكتاتوريه وشموليه، ثم أعاد الكره ذلك الشعب العظيم فى ابريل 1985، ولم يتوقف نضال الشعب السودانى حتى حينما اعدم (البشير) 28 ضابطا من انبل ضباط القوات المسلحه السودانيه من مختلف الرتب وخلال ساعات معدوده ودون توفر محكمه عادله لهم، بل لم يكشف عن مكان قبورهم وحتى اليوم! لقد كنا كناشطين سياسيين ومنظمات مجتمع مدنى سودانيه، ندرك خلال فترة حكم (مبارك) سر الدعم والمساندة الذى يوليه لنظام (البشير) لأنه يريد فى السودان نظاما ضعيفا خنوعا خاضعا لا يملك قرار امره، ولذلك كان ازالة نظام (الأنقاذ) خطا احمرا لا يسمح به نظام (مبارك)، لكن رغما عن ذلك كنا نشاهد ونسمع من وقت لآخر لمعارض سودانى ينتقد النظام على قدر ما فى اجهزة الأعلام المصريه، ومن النادر أن نجد احد رموز النظام أو المطبلاتيه والأرزقيه، يتحدث لوحده ملفقا الحقائق وما يدور فى السودان، لكن ومنذ أن أنتصرت (ثورة مصر) لاحظنا أن الأجهزه الأعلاميه، تفرد المساحات بالكامل لرموز النظام ولأرزقيته وأعوانه، فهل هذا يعنى أن نظام (مبارك) الذى ساعد (البشير) فى البقاء على الكرسى ، أرحم وأفضل لشعب السودان من (ثورة مصر) التى سعد بها ذلك الشعب الأبى العاشق للحريه وللعداله والمساواة؟