[email protected] دأب الرئيس التركي طيب رجب اردوجان منذ اندلاع موجة المظاهرات السورية على اطلاق سيل من التصريحات التي يندد فيها تارة بادب شديد وتارة باقسى العبارات بالممارسات القمعية للنظام السوري ضد شعبه مع توجيه الدعوة لبشار الاسد بالكف عن استخدام العنف ضد المتظاهرين وبالاستجابة الى مطالبهم . كنا سنرحب بمثل هذه التصريحات لو صدرت عن رئيس دولة يؤمن بحق الشعب بتقرير مصيره او يدعم التيارات العلمانية والتنويرية والتقدمية او يعمل من اجل قيام دولة مدنية اما ان تصدر عن هذا الاخونجي طيب اردوجان فلا احد من التيارات والقوى السياسية المشاركة في الانتفاضة السورية سيرحب بها بل سيعتبرها تدخلا في مسالة داخلية سورية ليس من حقه ولا من حق ساركوزي ولا هيلاري كلنتون وغيرهم من زعماء الدول ذات التاريخ الاستعماري ان يدسوا انفهم فيها . فقبل ان يوجه الدعوة لبشار للاستجابة لمطالب شعبه وقبل ان يندد بممارساته القمعية عليه اولا ان يستجيب لمطالب الشعب الكردي التي لا التي لا تختلف عما يطالب به المتظاهرون السوريون كما عليه ان يتوقف عن اجراءاته القمعية ضد الاكراد وحيث رايناه منذ غزواته المظفرة لصناديق الاقتراع وتسلمه لمقاليد السلطة يامر بشن حملات عسكرية ضد حزب العمال الكردي بهدف تصفيته بدلا من التفاوض معه علما بان حزب العمال يخوض منذ عقود كفاحا تارة سلميا وتارة مسلحا لا للانفصال عن تركيا بل من اجل اقامة حكم ذاتي للاكراد الذين يشكلون ثلث سكان تركيا وحيث يمكن في اطاره ان يجسدوا هويتهم ويتكلموا لغتهم وينتخبوا هيئاتهم التمثيلية . ثم كيف للرئيس السوري ان يستجيب لاهم مطلب من مطالب الثوريين السوريين والمتمثل بتوفير فرص عمل لجيش من العاطلين السوريين عن العمل والرئيس طيب اردوجان يرفض ضخ حصة سوريا من مياه نهر الفرات المحجوزة خلف سد اتاتورك وعشرات السدود الاخرى التي ما كان لتركيا ان تقيمها في ثمانينات القرن الماضي لولا ان دولة عربية نفطية تكفلت بتمويلها من عوائدها النفطية لا حبا بتركيا وانما نكاية بالنظامين السوري والعراقي ولخلق متاعب اقتصادية لهما ردا على موقف النظامين المعادي من الاخوان المسلمين ولاجتثاثهما لهذا التنظيم من الجذور مما ساهم في اضعاف نفوذ هذه الدولة في العراق وسوريا بعد تصفية سلاحهم الاستراتيجي المتمثل بهؤلاء الاخوان الملتحين .. كيف للنظام السوري ان يوفر فرص عمل لهذا الجيش من العاطلين واكثر من نصفهم هم من صغار الفلاحين ومن العمال الزراعيين الذين كانوا يعملون في الاراضي الزراعية الواقعة في شمال سوريا وتصحرت عشرات الالوف من الدونمات منها بعد ان حجزت حكومة اردوجان حصة سوريا فيه خلف السدود التركية . ما كان لاردوجان ان يدس انفه بهذه الوقاحة وبهذا الشكل السافر وينصب نفسه وصيا على الشعب السوري لولا تنازلات حافظ الاسد المهينة والتي تمثلت بتسليم زعيم حزب العمال الكردي المناضل اردوجان لتركيا ولو لا تنازل بشار الاسد عن لواء الاسكندرون العربي الذي اغتصبته تركيا وضمته الى اراضيها استنادا الى استفتاء مزور جرى قبيل الحرب العالمية الثانية كما اغتصبت اسرائيل ارض فلسطين التاريخية استنادا الى خزعبلات واساطير توراتية . المثير للقلق ان اردوجان لم يكتف بدس انفه بالشان الداخلي السوري عبر اطلاق تصريحات الشجب والتنديد او باسداء النصائح لبشار الاسد كأي اب يغار على مصلحة ابنه بل ركب موجة الثورة السورية عبر تقديم كافة اشكال الدعم للتشكيلات النائمة التابعة لتنظيم الاخوان المسلمين وحيث راينا مؤشراتها بظهور جماعات مسلحة تابعة للاخوان في المناطق الساخنة في شمال سوريا فهل كان ممكنا لهذه الجماعات ان تحمل السلاح وتشن حرب عصابات ضد الجيش السوري لولا ان عددا كبيرا منها قد تسلل من الاراضي التركية ولولا ان حزب العدالة والتنمية الاخونجي القابض على مقاليد السلطة قد زود هذه العصابات الملتحية بالسلاح والعتاد وسهل لها عملية العبور الى الاراضي السورية . الخشية هنا ان تنطلى دموع التماسيح التي يذرفها اردوجان على اطراف في الانتفاضة السورية وان يصدقوا ان حزب العدالة الذي يقوده اردوجان يقف الى جانب الثورة السورية ويحارب في خندقها من اجل التخلص من النظام الاستبدادي الاسدي بينما ما يسعى اليه اردوجان عبر تسليح الاخوان المسلمين هو الاطاحة بالنظام السوري وتسليم مقاليد السلطة في سوريا لهؤلا ء الملتحين ولتكون سوريا في ظل النظام الاخواني ساحة مفتوحة امام النفوذ التركي وسوقا كبيرة تستغله تركيا من اجل حل ازماتها الاقتصادية عبر اغراقه بالبضائع التركية حتى لو كان ذلك على حساب الصناعة والزراعة السورية!!!