بيان رسمي سعودي بشأن حادث طائرة الرئيس الإيراني    عقار يطّلع على خطة وزارة التربية والتعليم "امتحان الشهادة السودانية"    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    إنجاز قياسي.. مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي للمرة الرابعة توالياً    عائشة الماجدي: نشطاء القحاتة أشباه الرجال بمرروا في أجندتهم في شهادة الغالي محمد صديق    بسبب إحاطة عاجلة عن رئيس إيران.. بايدن يقطع إجازته    ضباط ينعون الشهيد محمد صديق إثر تصفيته في الأسر من قِبل مليشيا الدعم السريع    إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة    سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيوا معي الأنقياء المنسلخين من المؤتمر الوطني.. بعد أن فاءوا إلى الحق
نشر في الراكوبة يوم 20 - 08 - 2011


د. إحمد حموده حامد فضل الله
[email protected]
مقدمة:
إن الكوكبة من أصفياء النفوس الذين انسلخوا مؤخراً من ربقة المؤتمر الوطني ملأ نفوسنا بالأمل بأنه لا زال هناك من بين من ارتموا في أحضان هذا الكيان الظلامي من لا زالت نفوسهم مفعمة بالخير والتقوى والنقاء بعد أن تبين لهم سدور نظامهم فى الغي والضلال المفضي إلى هلاك مبين- ففاءوا إلى الحق. هؤلاء من الانقياء الاتقياء يحق عليهم القول كما جاء في الأثر: إن المرء ليعمل بعمل أهل النار ما يكون بينه وبينها من أن يرمي فيها, فبسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. نسأل الله لهؤلاء وأمثالهم ممن سوف يتبعونهم بإذن الله, أن يكونوا من الناجين من عمل سوء خاتمة المؤتمر الوطني الذي حتماً سيورد من اتبعه موارد التهلكة والبوار وسوء الخاتمة في الدنيا والآخرة.
المؤتمر الوطني: الزبد يذهب جفاء:
يجب أن يعي من ينتمون إلى المؤتمر الوطني أنه تم تجنيد أكثرهم وهم أحداث في المدارس لينخرطوا في تنظيم ظلامى لا يعرفون كنهه ولا وجهته, وتم تجهيلهم وغسل أدمغتهم واستغلال عاطفة الدين لديهم وعند كثير من البسطاء ليخلقوا منهم واجهة مدنية (حزب سياسي) ليكون غطاء لستر عورة حقيقة الحكم العسكرية الديكتاتورية القمعية لأجل إذلال واستعباد الشعب السوداني. تجلَت طبيعة الحكم العسكرية الديكتاتورية في ازدراء وتهميش رموز الحركة الإسلامية من المدنيين الذين قادوا مسيرة الحركة الإسلامية منذ بداياتها في السودان ولعل آخر دليل على ذلك هو تبخيس وازدراء وصفع شخصية د.نافع على نافع من قبل العسكريين وتوبيخ الرئيس البشير له على إمضاء اتفاقية أديس أبابا الإطارية مع قادة الحركة الشعبية قطاع الشمال المناضلين الشجعان بقيادة مالك عقار وياسر عرمان وعبد العزيز الحلو. ما يتضح منه أن المؤتمر الوطني كحزب سياسي- ورموزه المدنيين- لا مكان له من الاعراب في واقع الفعل السياسي السوداني, بل هو مجرد ديكور يستخدمه العسكريون لإحكام قبضتهم على مقاليد السلطة ومفاصل الثروة في السودان. ان حال المؤتمر الوطنى فى شراكته الضيزى مع المؤسسة العسكرية فى عملية السياسة السودانية كحال خصيتى الرجل فى عملية الجماع: لاينكحان ولا ينجيان من الجنابة, كما عندنا فى المثل الدارج. كما يتضح أيضاً أن العسكريين لا يرغبون في السلام من الأساس, لأنهم كعسكريين يجدون انفسهم ويحققون مصالحهم من استدامة الحرب (راجع مقالاتنا السابقة في سودانايل: مصالح المؤسسة العسكرية في استدامة الحرب- والبشير يستقوي بحزب سياسي لا وجود له).
المواجهة بين مؤسسات الدولة وقطاعات الشعب:
والحال هذه, فنظام الحكم القائم الآن فى السودان خلق انفاصاما تاما انقسم فيه المجتمع السودانى الى معسكرين: معسكر الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والسيادية والأعلامية زائدا المؤتمر الوطنى, فى مواجهة المعسكر الآخر الذى هو بقية قطاعات الشعب السودانى. المعسكر الأول (معسكر سلطة الدولة والحزب) يستخدم كل امكانات الدولة ومؤسساتها لاستباحة ونهب مقدرات الشعب, حيث يستحوذ الجيش والأمن على ما يقرب من 80% من ميزانية الدولة, بينما تذهب ال20% المتبقية الى منتسبى المؤتمر الوطنى المنتفعين من استدامة النظام ومن والاهم من الأرزقية من الاعلاميين والانتهازيين من المثقفين وعلماء السلطان الذين خانوا أمانة العلم, تاركين بقية الشعب السودانى للجوع والمسغبة وشظف العيش والغلاء الطاحن, حتى لا تجد الأسر ما يقتات به صغارها من زغب الحواصل, بل ينهار المجتمع اخلاقيا بسبب الفقر المهين. اذ تفجعنا كل يوم عشرات بل مئات من حالات انهيار الأسر بالطلاق والقتل والاغتصاب والعنف وقصص من التفسخ والانحلال يشيب لها الولدان. بل تجاوز هذا الانهيار فى المثل والاخلاق السودانية التى كنا نعتز بها ورسمت صورة الانسان السودانى تجاوتها للاساءة لتلك الصورة المشرقة التى كان يعتز بها السودانى اينما حل فى أصقاع الدنيا. لكن تفجعنا المصيبة حين نقرأ فى الأخبار أن عصابة من السودانيين ضبطتها الشرطة السعودية تخصصت فى سرقة ونشل حجاج بيت الله الحرام. هل كان يصدق أحد أن تصل الأخلاق السودانية لهذا الدرك السحيق؟؟ كل ذلك بسبب الافقار والحاجة وضيق ذات اليد وسوء الحال مع الغلاء الطاحن الذى تعانيه الأسر السودانية اليوم. ليس هذا الضنك فى العيش بسبب عجز الأسر وأرباب الأسر, بل مرده الى استحواذ معسكر الدولة والحزب على كل موارد البلاد لصرفها على نزواتهم البدائية من مأكل ومظاهر جوفاء وتفاخر فى الأموال والأولاد والمناكح والقصور المشيدة والحرث بملايين الأفدنة ولأنعام بمئات الألوف من الأبقار والأغنام والأبل.
احذروا غضبة الحليم:
كل هذه الشواهد الأليمة ما هى الا فوهة البركان الغاضب الذى بدأ يفور بالغبن والألم والغضب المكبوت الذى ظل يغالبه الشعب السودانى الحليم على مدى اثنين وعشرين عاما عجافا, سرقت البسمة من على وجوه أطفال السودان. هذا الشعب السودانى - لفائدة منتسبى المؤتمر الوطنى الذين يجهلون معدنه - هو من أكرم شعوب الدنيا شهد له بذلك القاصى فى بلاد المعمورة ودانيها. حتى أن اثنين من أمناء الأمم المتحدة شهدا بكرم ونبل ونجابة الشعب السودانى - حين قال داك همرتشولدز أول أمين عام للأمم المتحدة أن السودانيين هم أحد انجب الشعوب التى يجب أن تسخر لها معطيات الحضارة المعاصرة one of the finest races to whom the benefits of civilization should be harnessed . ردد ذات القول الأمين العام الحالى للأمم المتحدة بان كى مون فى زيارة له الى السودان قبل عدة سنوات قال انه يتحسر لحال السودان لما آل اليه من تدهور رغم أنه بلد يذخر بكل مقومات التقدم والرقى بما له من امكانات بشرية فذة وثروات طبيعية هائلة. ردد ذات القول الكثيرون ممن عرفوا السودانيين وخالطوهم وانبهروا بكرمه ونبل اخلاقهم, كان آخرهم شهادة السفير البريطانى الذى نوه الى كرم ونبل الشعب السودانى وعزا سوء الحال الماثل الآن الى سوء الحكم وادارة موارد البلاد التى تذهب كلها الى الجيش والأمن, هذه الشهادة التى أغضبت حكومة الخرطوم التى لا تحب نصح الناصحين, بل تأخذها العزة بالأثم, بدلا عن أن تفىء الى الحق.
هذا الشعب الكريم صبر على حكومة الطغمة وصبر على الظلم والجور والحرمان كل هذه السنين الطوال وما ذاك الا لنبله وحلمه وكرم محتده. لكن احذروا غضبة الحليم كما جاء فى الأثر - فأن الحليم حين يغضب يبطش بيد الله التى معه لأن يد الله مع الحق على الباطل- فاحذروا غضبة الشعب السودانى الحليم الكريم, فأنها والله رادعة موجعة.
عاقبة الظلم: عذاب الدنيا والآخرة:
لقد حرم الله تعالى على نفسه الظلم, وحرم الظلم على عباده - وخاصة الحاكم, وتوعد سبحانه الظالمين فى آيات كثيرة من آى الذكر الحكيم هى أكثرها فى الوعيد على الظالمين. ونبهنا القرآن الكريم الى شناعة الظلم لأن عذابه الدنيوى يصيب الظالم وعموم البلاد التى يفشا فيها الظلم لقوله تعالى: \" واجتنبوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة\" صدق الله العظيم. أن الفتنة التى يشعلها حكام السودان اليوم بين مؤسسات الدولة الممسكة بصولجان الملك وخزائن الثروة, وبين جموع قطاعات الشعب السودانى المهضومة - من أهالى دار فور, وجبال النوبة, وجنوب كردفان, والنيل الأزرق, والشرق, والنوبة الشمالية, وكل المهمشين والمشردين والمهجرين قسرا الى خارج البلاد - هذه المواجهة تنبى بشرٍ مستطير, هذه فتنة ماحقة من صنع المؤتمر الوطنى فى مواجهة كل هذه القطاعات الواسعة من الشعب السودانى. وحيث أن المؤتمر الوطنى كحارس مدنى لتبرير انتهاكات الحاكم العسكرى المطلق الذى بيده السلاح الرادع ومستعد لاستخدامه لقتل المواطنين فى المواجهة المحتومة بين الفئتين - يكون المؤتمر الوطنى شريكا أصيلا فى اذكاء نار الفتنة وفى تنفيذ فصولها الدموية اللاحقة.
لكن لقد توعد الله سبحانه وتعالى الظالمين الذين يؤججون الفتنة بأنها سوف لن تصبهم خاصة, بل يعم بلاؤها كل البلاد. فالطامة الكبرى التى تحدق بالبلاد هى الموجهة المحتومة بين قادة المؤتمر الوطنى والمؤسسية العسكرية ومن والاهم من جهة, وبين تلك القطاعات الواسعة من الشعب السودانى التى وصلت الى مرحلة من الشقاء اتفق فيها أن الموت والحياة سيّان بالنسبة لهم لما لحق بهم من سوء الحال والظلم والبطش والفقر والجوع. هذه المواجهة ان وقعت - ونسأل الله تعالى أن يحفظ السودان من شر هذه الفتنة المستطيرة - فان هى وقعت فستكون هناك حمامات من الدم تتضاءل أمامها تلك المشاهد المروعة المؤرقة التى حاقت بشعبى رواندا من الهوتو والتتسى فى منتصف تسعينلت القرن الماضى. تلك المشاهد البشعة من القتل والحرق والتنكيل والدمار الماحق حين يتحول الأنسان الى وحش كاسر تتلبسه غرائزه الحيوانية البدائية بسبب الأحقاد والضغائن والكراهية التى يغذيها المعتوهون العنصريون من أمثال الطيب مصطفى, يكونون هم أول ضحايا سوء أعمالهم فى الدنيا بسبب الفتنة التى أشعلوها, أما فى الآخرة فجزاؤهم عند الله أكبر لو كانوا يعلمون. نسأل الله تعالى أن يحفظ السودان من شر هذه الفتنة المستطيرة التى سوف لن يصيب شرها الظالمين فحسب, بل تكون بلاء على كل البلاد كما يحذرنا سبحانه فى كتابه العزيز. كما أن عاقبة الظلم فى الدنيا هى عموم البلاء فى الديار ومن أنواع ذلك استشراء الفقر, وشظف العيش, والجوع والمرض والحروب والفتن, وسفك الدماء وجور الحكام, وتعلق الغيث وتأخر هطول المطر كلها من أمثلة البلاء بسبب الظلم والفتنة. ولذلك نهيب بكل من ينتمى الى المؤتمر الوطنى أن يفىء الى الحق وينصح نفسه وينأى بنفسه عن هذا المصير السيىء, ويثوب الى الله تعالى بالتوبة والمغفرة فى هذا الشهر الفضيل شهر التوبة والغفران.
ومن أمثلة العذاب الدنيوى الأذلال والأهانة وشماتة الأعداء كما هو حاصل اليوم لرموز الحزب الوطنى البائد الذى حكم مصر بالبطش والجبروت على عهد الديكتاتور حسنى مبارك.
لكم فى حزب البعث العراقى والحزب الوطنى المصرى والتونسى عبرة:
ان الأحزاب الحاكمة التى ينشؤها الديكتاتوريون العسكريون مصيرها الى الزوال وسوء الخاتمة كما تعلِمنا تجارب حزب البعث العراقى البائد مع زعيمه الديكتاتور صدام حسين, وكذا الحال مع الحزب الوطنى البائد مع زعيمه فرعون مصر الديكتاتور حسنى مبارك, وكذا الحال مع الحزب الحاكم البائد فى تونس مع زعيمه الديكتاتور زين العابدين بن على, ومن قبلهم الحزب النازى وزعيمه هتلر وغيرهم الكثير من مثل هذه الأحزاب التى استغلها الديكتاتوريون العسكريون لقمع شعوبهم واذلالها فكان مصيرها أن كانت وبالا على الأوطان ثم وبالا عليهم فى أنفسهم أذ رد الله عليهم كيدهم فى نحرهم حتى صاروا أمثالا تضرب وقصصا من الغابرين.
مثل هذه الأحزاب هى أوزار ونقمة ليس فقط على العباد والبلاد, بل أيضا على جموع المنتسبين اليها المغرر بهم, يكتشفون بعد فوات الأوان أنهم كانوا يقفون مع الباطل ومع الشيطان الذى هوعدو للانسان مبين فيوردهم موارد الهلاك. انظر - يا هداك الله - الى ما آل اليه مصير قادة وكوادر حزب البعث العراقى وكوادر الحزب الوطنى المصرى والتونسى التى كانت تحكم بالحديد والنار والسطوة والجبروت والطغيان, أين هم اليوم؟؟ أنظر الى مشاهد الذلة والضعف والخوار وشماتة الشامتين والدموع على ما اغترفوه من أوزار فى حق أوطانهم وفى حقوق العباد المظلومين الذىن آلى الله سبحانه وتعالى على نفسه أن ينصرنّهم على الظالمين وأن دعوتهم ليس بينها وبين الله حجاب. ثم ان عذاب الآخرة أشد كما توعد الله الطغاة الجبابرة بذلك لأن العزة والجبروت لله وحده لا يشاركه فى ذلك أحد من خلقه. ولنا ولكم فى قصة فرعون عظة وعبرة, أذ قال تعالى لنبيه موسى: \"أذهب الى فرعون انه طغى\" صدق الله العظيم. فأصبح فرعون وملأؤه من قصص الغابرين, عظة وعبرة للمعتبرين. واليوم تقف تجارب الأحزاب الباطشة وقادتها الطغاة المتجبرون فى العراق وفى مصر وفى تونس - وقريبا ان شاء الله فى ليبيا وفى اليمن وفى السودان - قصصا أخرى وعبر لسوء المنقلب واستحقاق النقمة الألهية بسبب التجبر والطغيان مثلما حاق بفرعون وملئه. فلكم من هذه الأمثلة من التاريخ الشاخص عبرة يا أولى الألباب من منتسبى المؤتمر الوطنى قبل أن يفور التنور, وهات حين مآب.
نسوق هذه الذكرى علها تنفع المؤمنين من منتسبى المؤتمر الوطنى الذين لاتزال تنطلى عليهم أكاذيب قادتهم. ونحيى أولئك النفر من الأنقياء ممن انسلخوا من ربقة المؤتمر الوطنى بعد أن استبانوا الحق وفاءوا اليه. فلهم التحية والأجلال على انحيازهم لصوت الحق والعدل والضمير.
الى جموع الشعب السودانى:
حرىٌ بجميع السودانيين أن يدافعوا عن حقوقهم المشروعة فى العيش الكريم, فليست هذه منة من أحد, بل لقد كرم الله تعالى بنى آدم فى العالمين. فبأى حق يجوز لحكام السودان اهدار كرامة الناس؟ وواجب على رجال هذه الأمة الدفاع عن رجولتهم التى مرّغها الحكام حتى صار الرجل لا يقدر على اعالة أولاده. ما ذا ينتظر مثل هذا الرجل؟ اليوم الأسود؟ أن الرجل مطالب شرعا بالدفاع عن حقه فى العيش الكريم وان مات فى سبيل ذلك فهو لا شك شهيد. ان أضعف الايمان أن يقول الناس \"لا\" بملء أفواههم فى وجه حاكم ظالم, وأن يسجلوا كل شاردة وواردة من الانتهاكات والتجاوزات وحالات الظلم والفساد وأكل حقوق الناس والثراء الحرام , ورصد كل من ينتمى الى المؤتمر الوطنى أو ميليشياته ومؤسساته الموغلة فى أوحال الفساد, وتوثيق ذلك توثيقا كاملا ليوم الحساب والمساءلة الذى لابد ان شاء الله آت قريبا جدا. وحينئذ يكون المواطن السودانى قد أدى بعضا من واجب الدفاع عن حقه وأهله ورجولته وكرامته حين عجز عن مواجهة آلة القتل التى يستعد قادة الانقاذ اطلاقها على جموع الشعب. ولقد سهّل لنا مهمة هذا التوثيق وسائل التكنولوجيا الرقمية الحديثة, كما أن العلاقات الاجتماعية الودية المفتوحة بين الأفراد والأسر فى المجتمع السودانى تجعل من هذا التوثيق أمرا سهلا, حيث يمكن رصد كل من أثرى أو أخذ أو ظلم, فى الحى, والحلة والمؤسسة والمدرسة والجامعة - ما يمكّن من خلق ملفات كاملة التوثيق لمنتسبى المؤتمر الوطنى فى كافة مناشطهم وممارساتهم.
رسالة الى الجيش السودانى البطل:
نحيى الجيش السودانى البطل جنودا وضباطا خاصة أولئك القابضين على جمر قضية الهم الوطنى الملتزمين بصرامة بمهنيتهم العسكرية وشرفهم العسكرى الذى هو شرف كل سودانى حر وسودانية حرة كريمة. هؤلاء النفر من قواتنا المسلحة الباسلة لا شك تتفطر قلوبهم اشفاقا على ما آل اليه حال الوطن من تفكك وتشرزم وحروب وخراب وشحناء وفقر واملاق وشظف فى العيش وغلاء وانهيار فى الأخلاق والقيم السودانية التليدة ما ينذر بضياع الوطن من بين أيدينا جميعا. كل ذلك بسبب طيش بعض منسوبى القوات المسلحة من زملائهم الضباط الذين أطاحوا فى انقلاب عسكرى مشوؤم بالمؤسسية الدستورية والحكم المدنى النيابى الذى كان قائما يومئذ, منجرفين وراء بعض المهووسين من السياسيين الفاشلين الذين لم تسعفهم الأخلاق ولا المروءة من قبول ضعفهم فى المنافسة السياسية الحرة النزيهة فأغروا بعض منسوبى القوات المسلحة بالانقلاب على الحكم البرلمان الذى تراضى عليه كل السودانيون.
لا شك أن الغالبية العظمى من أفراد القوات المسلحة هم من صلب هذا الشعب الكريم أنجبتهم أمهات سودانيات حرائر كريمات ينتمون الى هذا الشعب يهمّون بهمومه ويتألمون اذا أصابه مكروه, ثم هم يقدسون واجبهم الوطنى ويحترمون مهنيتهم العسكرية فى صون سيادة الوطن والذود عن ترابه ووحدته. لكن تبقى الحقيقة الماثلة أن حفنة من الغامرين من زملائهم الضباط ممن استمراوا التغول على سلطة الحكم واستهوتهم أبهة السلطان وبريق الثروة والجاه, يسيئون بذلك الى سمعة القوات المسلحة وسجلها الناصع ودورها الوطنى ومسوؤليتها القومية فى أن تبقى وعاء قوميا جامعا ينأى عن الصراعات السياسية والانتماءات الحزبية, بحيث تكون ضامنا لأمن الوطن وسلامة ترابه. لكن بعض الضباط المنفلتين أدخلوا القوات المسلحة فى خضم معترك السجال السياسى حتى أضحت القوات المسلحة لاعبا سياسيا, بل صارت بالكامل الى موالاة حزب سياسى بعينه ما أفقدها حيدتها الوظيفية ومسؤوليتها القومية ومهنيتها العسكرية وفوق ذلك قوميتها فى الأساس. هذه الحفنة من الضباط المسيئين لسمعة قواتنا المسلحة ودورها القومى قد أوغلوا فى العسف والظلم - وهم يمسكون بمقاليد حكم البلاد - مستندين الى مابأبديهم من قوة فتاكة لقهر ارادة الشعب, فأوردوا البلاد موارد التهلكة والتفكك والضياع. أنه حان الوقت أن يقف الجنود الوطنيون المخلصون وقفة حق مع الذات بكل تجرد لله والوطن, وأن يسدوا النصح الأبلج لزملائهم الذين لايزالون يكابرون على استمرار امساكهم بالسلطة على أشلاء الوطن وسفك الدماء وتأجيج الفتنة بين أبناء الوطن فى دار فور وجبال النوبة وجنوب كردفان والنيل الأزرق وما أصاب الشعب من فقر وجوع ومسغبة. أسدوا اليهم النصح أن آن الأوان لتسليم أمانة السلطة للشعب, الذى هو سيد نفسه وسيد القوات المسلحة التى يدفع لها من دمه وعرقه. سلموا السلطة للشعب لتكونو أبناء بررة بوطنكم وأهليكم.
خاتمة: هدية:
ارجو ان أهدى سلسلة من المقالات الى اخوتنا فى القوات المسلحة ولكل المهتمين نبتدر بها نقاشا هادئا موضوعيا نتناول فيه العلاقة التى ينبغى أن تقوم بين المؤسسة العسكرية والمؤسسات المدنية للدولة, وتبيان حدود ومسوؤليات كل منهما بقصد خلق شراكة ايجابية للنهوض بالوطن حتى يتبوأ مكانه اللائق به وبالشعب السودانى الكريم بين الأمم بدلا من هذا الاصطراع العبثى المهلك الذى اذا استمر سوف يقود الى فقدان الوطن من بين أيدينا جميعا.
د. أحمد حموده حامد
[email protected]
الخميس 18 أغسطس 2011 الموافق 18 رمضان 1432ه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.