هناك فرق تلفزيون محتشم ..؟! منى أبو زيد بالإنابة عن مَن مِنَّا يا ترى، يطالب السادة نواب البرلمان بتحويل التلفزيون السوداني إلى جهاز إعلامي محتشم يدعو إلى الإسلام ؟! .. هل تتفق أنت مع ذلك ؟! .. هل كنت يوماً من أنصار الرجوع بالتلفزيون إلى بداية التسعينيات .. هل كنت يوماً من المنددين بمحاربة ما أسماه بعضهم بالسلوك الغربي المندس ؟! .. ثم، هل تنقل مثل هذه المطالبات وجهات نظر أقاربك، أو جيرانك، أو \"ناس الحلة\"، أو حتى زملاءك في العمل ؟! .. إن كانت الإجابة ب لا كما أتوقع، ف بالإنابة عن أي شعب إذن يتجشم السادة النواب مثل هذا العناء ..؟! هل يقتنع عاقل بأن الشعب السوداني الذي يقتطع ثمن الطبق الهوائي من أطباق الطعام، وفواتير \"باقات\" القنوات الرياضية والفنية المشفرة من أولويات الميزانية، هو الذي يوصى نوابه في البرلمان بالدعوة إلى احتشام التلفزيون إنابة عنه .. ؟! أمامي الآن السيدة جيزيل خوري بجمالها الأخاذ، تحاور واحداً من زعماء التيارات الإسلامية المتشددة، على قناة العربية، هي تبتسم بحضورها الفاتن، وهو يغض بصره عن حسنها ما استطاع!، وعلى طريقة (لكم دينكم ولي دين) ..! وهنا، ما يزال السادة النواب يحدثوننا عن \"السلوك الغربي المندس\" في القناة الفضائية الرسمية الوحيدة في العالم العربي التي تلتزم مذيعات أخبارها ومقدمات برامجها بالزي القومي مصحوباً بالحجاب الإسلامي، ومع ذلك قد يغض بعض شيوخنا - المتزمتين - الطرف وقد لا يفعلون!،مثل هذه الازدواجية كم تفتح أبواب السؤال على علاقة الاستبداد السياسي بالتدين الشكلي، وعلاقة الورع الكاذب بالتخلف الحضاري ..! تلفزيون التسعينيات الذي يدعو إليه بعض السادة النواب لم يكن يفعل شيئاً سوى بث المزيد من صور الإيحاء العكسي للمشاهد المسكين الذي كان يهرع – مكرهاً - إلى الفضائيات العربية والغربية هرباً من سذاجة الوصائية الإعلامية، ورداءة الوعظ الاستعلائي المحير ..! نحن نتفق مع السادة النواب على أن كثير من البرامج لا تغري بالمشاهدة، وأن المدائح النوبية الحقة طار ووقار وليست أغنيات راقصة وموسيقى صاخبة، وأن طغيان الغناء حتى على الزمن المخصص للبرامج الحوارية الجادة عادة تلفزيونية ذميمة، ولكن الفضائية السودانية \"محتشمة\"على الأقل في مضمار المقارنة، ونهج التسعينيات لم يكن يمثل هذا الشعب، أبداً..! الردة الإعلامية إلى تلفزيون التسعينيات، والرؤية الأحادية المتطرفة لرسالة الإعلام لم يسبقنا عليها البرلمان الإيراني نفسه، الذي ينتقد نوابه الشيعة عرض المسلسلات والبرامج الحوارية التي تسيء إلى الأقلية من أهل السنة في البلاد، وحينما أقدم رئيس البرلمان – مرة – على انتقاد التلفزيون الحكومي، فعل هذا عندما بُثَّتْ حلقة واحدة من مسلسل تضمن إساءة للجالية اليهودية في إيران ..! هذه هي طبيعة القضايا الإعلامية الجادة التي يناقشها النواب – عادة - تحت قباب البرلمان، وهي في الغالب قضايا خطيرة تتضمن تظلما من كل، أو بعض، فئات الشعب .. من هذا المنطلق نحن نسأل : هل طالب هذا الشعب حكومتكم باحتشام التلفزيون ..؟! {}{ الاحداث