العبرة فيمن اعتبر....أليس فيهم رجل رشيد؟ا منى بكري أبوعاقلة [email protected] بعد أن بلغ السيل الزبى، ازدحمت الجموع الثائرة وتدافعت نحو الخلاص والانعتاق من كابوس الظلم والطغيان. أحسست أن هنالك ناراً تزداد اشتعالاً، ودخاناً كثيفاً يتصاعد في الأفق، حتى يعجزك عن رؤية ما حولك، ويتسرب إلى اعماق دواخلك ويكتم على أنفاسك ويصيبك باختناق مميت. نظرت حولي، ورأيت غلياناً يشتد وحمم متفجرة، تنبعث من بركان ظل خامداً لفترة طويلة، ما لبث وأن عاد يرمي بأحجاره الملتهبة. الكل أصابه شيء من عنت ورهق وكبد وجوع ومعاناة تفوق حد الوصف والتصور، وبات، لا يعرف كيف يبدأ يومه المأسأوي، وكيف ينتهي، في ظل دوامة قاسية لا تعرف الرحمة أو العذر حيث أصبح الحصول على لقمة العيش هو ضرب من ضروب المستحيل. وفي ظل هذا الوضع السوداوي، ظل الاحساس يتعاظم بغضب شديد، ليشتد نقماً وحنقاً وغيظاً وكراهيةً، كانت تدور في دائرة السر وقد خرجت إلى أرض العلن منددةً بليل ظلم طال، وأنه آن الأوان الانعتاق. ورغم كل ما يحدث، مازالت الفئة المتسلطة، المتنفذة، مدججة بقوة السلطة، وبالدناءة والجبن، وتصر على سعيها لتحقيق مصالح شخصية بأساليب البغي والقهر والخيانة والغدر والظلم والجور والطغيان، تمتص من دم الفقراء مليارات الدولارات التي تكفي لحل مشاكل الفقر والجوع والبطالة، وتتفنن غير آبهه بمن يموتون من القهر والجوع، لتجد فرائس أخرى، حيث لا يشبعون نهمهم وجشع نزواتهم، وهكذا دواليك. أعرف كيف تكون نهاية الخاتمة للفئة المستبدة الغاشمة التي تتحكم في مصائر الأغلبية، فالتاريخ يعلمنا ويهبنا من العبر والدروس ما يكفي، ولنا في نهاية صدام حسين وزين العابدين بن علي، والقذافي وفي محاكمات الوزراء والمسئولين المصريين التي تجري على قدم وساق، نهاية مخزية وفاضحة، وكفانا بها درس مستفاد وعبرة. ولكن، ما يشغل بالي وتفكيري، هو أي المآلات سوف يكون المصير؟؟ هل سيكون حالنا أشبه بالتجربة المصرية أو التونسية؟؟ أو بالتجربة الليبية أو السورية؟؟ أم باليمنية أو الصومالية؟؟. ازدادت همومي هماً، حين رأيت الجموع الهادرة الثائرة تطالب بحقوقها، فهذا وحده كفيل بأن يزلزل عروش الطغاة ويجعلها تهتز بقوة، وأدركت أنه لن يكون هنالك إلا صوت الرصاص والقنابل!!!!. تزلزل كياني كله، وأقشعر بدني لقتل الأبرياء، وكيف تجرأ الطغاة على تعذيب وإبادة شعوب، عزلاء، مسالمين، ملتزمين بالسلام؟، ولكن، ماذا يكون غير ذلك؟؟؟ وماذا نتوقع غير ذلك؟؟؟؟. تيقنت أنه لن يهدأ لنا بال، إلا بالمواجهة مع الزعماء الجبناء، فماذا نتوقع ممن هو في الاصل جبان؟؟؟. فالجبان هو الذي يرهب ويخاف من شعبه!!، وهو الذي لا يعرف كيف يواجه أو يفاوض أو يحاور!!!. وهو الذي يسرق قوت الشعب وأمواله!!!، وهو الذي يشرد الملايين من شعبه!!!!، وهو الذي ينكر ويرفض كل الحقوق والقوانين!!!، وهو الذي يأمر بتعذيب واعتقال وسجن الأبرياء!!!، وهو الذي يأمر بسفك دماء الشرفاء!!!!، وهو الذي يزور ويزيف إرادة الشعب في الانتخابات!!!. عرفت أن للحرية مهر غالٍ ودماء نفيسة تراق، وأن الانعتاق من جبروت القهر والذل، لن يكون إلا بتواصل الدماء التي سالت من قبل من أجل الحرية والكرامة والاستقلال، والتي ستسيل اليوم وغداً. ولكنني، أأسى على وطن، متخم بالجراح والأحن، وطن متعب من الانقسام أن ينزلق لمهاوى الردى، وأشفقت عليه من ويلات التمزق والدمار. وأعرف أن من يتسببون في ذلك الجحيم، لا يدركون حجم الجرم الذي أذنبوا فيه، ولا يعووا مدى المسئوليات التي تقع على عاتقهم، ولا يستطيعوا أن يعرفوا كيف يكون السبيل إلى حقن الدماء!!! وليس فيهم من رجل رشيد!!. لم أملك، إلا وأن تتقاذفني الأمواج المتشائمة من المستقبل القاتم الذي يبشر بأن الضحايا هم الشعب السوداني!!!!، وهنالك أيضاً، بارق أمل يلوح في الأفق ويومض ببريق يبعث على التفاؤل بأن المنتصر الأعظم هو الشعب نفسه، ببذله للتضحيات، وطول انتظاره لقدوم الحرية. نظرت حولي ولم أجد إلا أن الأكف قد رُفعت تضرعاً لله تعالى، منادية، بأن يرفع عنّا البلاء، وأن يكفينا شر الفتن. وأن يخلصنا من كل خائن وجبان يسعى الى هدم الوطن.