حديث المدينة عند الطلب.. حسب الطلب..!! عثمان ميرغني فتاوى متتالية تنسب للأزهر الشريف في مصر.. كلها تقريباً سياسية.. فتوى تحرّم الزواج من (فلول) نظام حسني مبارك المخلوع.. وفتوى تحرّم التصويت ل(فلول) النظام البائد.. ثم آخرها فتوى خارقة للحدود السياسية لمصر.. تسلب الشرعية عن أي نظام حكم يستخدم القمع العسكري ضد شعبه.. والمقصود طبعاً اليمن وسوريا في الوقت الراهن.. وأي دولة مستقبلاً ينزل الجيش فيها إلى الشارع ويواجه الهتافات بالدبابات. والمشكلة ليست في الفتاوى في حد ذاتها.. رغم أنها صارت أقرب للمنشورات السياسية التي تتعارك بها الأحزاب.. لكن المشكلة في (صحوة الأزهر)..!! الأزهر الشريف الذي تأسس منذ العام (970م) وبلغ من العمر (1042) عاماً.. استمد وقاره من كونه مؤسسة أكاديمية تضخ الآلاف من العلماء كل عام.. ليس لمصر وحدها بل لكل الكون الإسلامي.. ولا يخلو بلد في العالم من خريجيه. لكن الأزهر خلال السنوات الأخيرة.. منذ ثورة يوليو 1952.. وربما قبلها منذ عهد الملكية.. اقترب كثيراً من كونه رافداً سياسياً داعماً للدولة بالحق والباطل معاً.. يصدر فتاوى عند الطلب تلبي الطلب الرسمي.. واكتسب لقب (الشريف) رسمياً وفقده شعبياً. والآن.. وبعد ثورة 24 يناير في مصر. وزوال الطغيان والديكاتورية.. وتنفست مصر لأول مرة الحرية والديمقراطية.. انطلق لسان الأزهر ليصدر فتوى (تحريم تقتيل الشعوب).. ولو كان مبارك في السلطة لما تجرأ الأزهر ليلقي مجرد نظرة على حال الشعوب العربية فضلاً عن دعمها ب(فتوى).. وفي كل الأحوال الشعوب العربية الثائرة على نظم حكمها تجاوزت كثيراً فتوى الأزهر ولم تعد تنتظر نزع الشرعية عن حكامها ببيان أو حتى بقرار من أي جهة ولو كانت مجلس الأمن نفسه.. ورغم أن السيد الصادق المهدي أشاد في حواره مع جريدة الشرق الأوسط (اللندنية) بفتوى الأزهر. إلا أنني أخالفه الرأي تماماً.. فتوى تكرس حالة كون الأزهر مجرد (كومبارس) سياسي يجاري الواقع السائد في مصر.. والأجدر أن يصدر الأزهر فتوى في وضعه المؤسسي في الفتوى الدينية.. حتى لا يصبح مجرد مركز لإصدار الفتاوى السياسية التي تبدو مضحكة أحياناً كما هو الحال في فتوى تحريم الزواج من (فلول) حسني مبارك. مطلوب من الأزهر أن يحدد المعايير العلمية والفنية لما يمكن أن يطلق عليه فتوى.. حتى لا تتحول هذه الكلمة إلى (فرمان) ديني يقهر العقل والفكر ويحرم ويحلل حسب مزاج رجل أو فئة أو حتى مؤسسة أكاديمية مثل الأزهر.. المؤسسات الإسلامية تمارس درجة من العنف الفكري على الشعوب الإسلامية بما تصدره من فتاوى.. والأوجب أن تتحول (الفتوى) إلى مباحث علمية تصدر عن مراكز بحوث متخصصة (لا يشترط فيها الارتباط المباشر بعلوم الدين). بمعنى أن تصدر الفتوى من جامعة القاهرة بنفس قوة الأزهر.. لأن طبيعة الفتوى تتناول مسائل حياتية ولا يشترط فيها أن تكون كلها في صميم التخصصات المرتبطة مباشرة بعلوم الدين.. التصفيق لفتاوى الأزهر التي تعجبنا.. ثم الصفير للفتاوى التي لا تعجب.. يعز مصادقية المؤسسات الإسلامية ويدمر احترام الشعوب وتوقيرها للمؤسسات المرتبطة بالعلوم والتخصصات الإسلامية. التيار