حديث المدينة يا.. راااجل..!! عثمان ميرغني أمس.. في برنامح (مؤتمر إذاعي) في إذاعة أمدرمان .. وزير الإعلام المهندس عبد الله مسار تحدّث بكل قوّة عن (تحرير وسائط الإعلام الرسمية).. ويقصد أن تصبح الإذاعة التي كان يتحدث داخل استديوهاتها.. والتلفزيون القومي المجاور لها.. مناطق محررة تعبر عن الرأي والرأي الآخر بكل حرية.. ويحق لنا أن نقول للوزير.. نفس ما قاله مقدم برنامج (جراب الحاوي) الشهير الأستاذ محمد سليمان.. ( يا.. راااجل!!) المذيع محمد سليمان.. في عهد الرئيس النميري.. وفي حلقة من حلقات برنامجه الذي يسأل فيه الجمهور مباشرة على الهواء.. سأل الجمهور:( رئيس دولة إفريقية.. أديب عالمي وشاعر مشهور يعتبره الكثيرون أحد أهم المفكرين الأفارقة في القرن العشرين.. من هو؟) كانت المفاجأة التي لم يتحسّب لها مقدم البرنامج.. أحد الحضور أجاب بسرعة وعلى الهواء مباشرة (الرئيس جعفر النميري).. مقدم البرنامج محمد سليمان ردّ عليه بكل عفوية: ( يا .. راااااجل).. في اليوم التالي صدر قرار بوقف البرنامج ومُقدِمه. وزير الإعلام الجديد.. المهندس مسار.. ربما لم يفهم اللعبة بعد.. هو لا يعلم شيئاً عن الخطوط الحمراء.. ولا يعلم أنّ مجرد كلمة واحدة زائدة من فم مذيع في الإذاعة أو التلفزيون كافية أن تحيله لكشف المعاش.. إن وجد له فيه مكان. وأستاذنا البروفيسور علي شمو كتب في مذكراته أنّه في جميع العهود السياسية.. تعوّد أي نظام أن يأتي للإذاعة والتلفزيون بكوادره، ويذهب بهم.. ومع ذلك.. لا أريد أن أحبط الوزير (الجديد!!) أو أكسر المجاديف.. ربما يصادف أن ينطبق عليه قول الشاعر.. (وإني وإن كنت الأخير زمانه.. لآت بما لم تستطعه الأوائل).. فليتوكل الوزير ويبدأ.. من برنامج واحد فقط لا غير.. يسمح فيه بحوار حر مفتوح على مصراعيه في الهواء الطلق.. صدقني.. يا سعادة الوزير.. حتى ولو حصلت على شهادة ضمان من أرفع جهة حكومية.. لن تجد مسؤولاً في الإعلام أو مذيعاً من فئة (قادر و راغب) أن يضع عنقه في المقصلة. ولأنّي أخشى على الوزير من مغبّة المخاطرة غير مضمونة العواقب.. خاصة هو ليس من أهل البيت.. و من حزب مصنف في قائمة (التمويل \"السياسي\" الأصغر).. أقدم له مقترحاً أكثر أماناً.. دعك من إذاعة أمدرمان وتلفزيونها.. فهي مسكونة .. أرجع لنا إذاعة (البي بي سي) العربية.. التي تكفّل سلفك الدكتور كمال عبيد بكتم أنفاسها.. إذاعة البي بي سي.. ليست فقط صوتاً للرأي والرأي الآخر.. بل هي (نموذج) مناسب للغاية لتمشي على آثاره إذاعة أمدرمان وتلفزيونها في الطريق الذي رسمته لهما.. طريق الإعلام الحر.. على الأقل سيجد إعلامنا إعلاماً آخر منافساً له.. يجبره على تكبّد مشاق التجويد في خدمة الرأي والمعلومات.. يا سعادة الوزير مسار، إذا أرجعت لنا (البي بي سي) سنصدق أنّك ستكسب معركة تحرير أمدرمان.. حاول جرب..!! التيار