. الاتحاد النسائي استطاع أن يحقق للمرأة السودانية حقوقها السياسية الكاملة . كان للاتحاد النسائي دوراً فاعلاً بالمشاركة في كل قضايا الوطن وكانت البداية رفع مذكرة لمجلس الوزراء تحمل احتجاجاً ورفضاً للسماح للطائرات التي حملت السلاح لإعدام الزعيم الإفريقي باتريس لوممبا بالمرور عبر سماء الخرطوم mahasin-abdelaal بقلم/ د. محاسن عبد العال تمر علينا اليوم 31 يناير 2012 الذكرى الستين لتأسيس الاتحاد النسائي السوداني ويحز في نفوسنا ويحزننا كثيراً أن نفتقد في هذا اليوم الأخت عزيزة الجميع السيدة الفاضلة الأستاذة عزيزة مكي عثمان أزرق طيب الله ثراها ، رائدة الدعوة لتأسيس الاتحاد النسائي ، التي دعت رفيقاتها رائدات الحركة النسائية في منزل والدها قلعة الوطنية بحي بيت المال بأم درمان، وطرحت فكرة قيام التنظيم النسائي والتي تم الاتفاق عليها في ذلك اللقاء الفريد، ثم بدأ العمل الجاد لوضع دستور الاتحاد النسائي وبرنامج العمل المنظم من أجل استنهاض وعي المرأة السودانية ومحو الامية ونشر التعليم في كل بقاع الوطن لتمكين المرأة السودانية للمشاركة في التنمية وبناء الوطن، وتصدى الاتحاد النسائي بقيادة النساء السودانيات في كل مكان من أجل الدفاع عن حقوقهن كمواطنات وكأمهات مع رفع مستوى الوعي لدى النساء ولرفض كل العادات والتقاليد البالية، التي تتعامل مع المرأة كأنثى فقط وليس مواطنة لها حقوق وعليها واجبات مساوية لرفيقها الرجل، وتضمن دستور الاتحاد النسائي منذ بداية تأسيسه أهمية الدفاع عن حقوق المرأة والتعامل معها كمواطنة رفيقها لزميلها الرجل. ولابد أن أذكر إن قيام الاتحاد ودستوره وبرامج عمله، وجد التأييد الكامل من القوى السياسية الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي الذي فتح باب عضويته للمرأة السودانية قبل الاستقلال وأبان الحكم الاستعماري حيث أشرك المرأة السودانية في عضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في ذلك الزمان، الذي عانى فيه الجميع من الحكم الاستعماري، كما كان له السبق في الدفاع عن حقوق المرأة كمواطنة مساوية للرجل وكأم. مما قاد كل القوى السياسية الوطنية آنذاك لتتصدى للدفاع عن قضايا المرأة ومطالبها ولا ننسى موقف الزعيم إسماعيل الأزهري طيب الله ثراه عند الدفاع والعمل الجاد لإصدار مجلة( صوت المرأة) في عام 1955 حيث رفضت السلطة البريطانية آنذاك السماح بإصدارها، ولكنه دافع بوطنية صادقة عنها واستصدر ترخيص إصدارها، ولذلك صدر العدد الأول من مجلة (صوت المرأة) يحمل في غلافه الأساسي صورة الزعيم إسماعيل الأزهري طيب الله ثراه. . مساواة المرأة بالرجل هذا وقد تمكن الاتحاد النسائي بما لاقى من تأييد للقوى السياسية الوطنية للمشاركة في اللجنة التي وضعت أول دستور للسودان وسميت بلجنة سكومارس و مثلت المرأة في تلك اللجنة سكرتيرة الاتحاد النسائي آنذاك السيدة ثريا الدرديري طيب الله ثراها. كان لمشاركة المرأة أثره الفاعل إذ تضمن أول دستور وضع للسودان بنداً داخلي يؤكد مساواة المرأة والرجل في الحقوق والواجبات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية كمواطنين سودانيين وذلك مع تأييد حقوقها كأم. وكان لذلك أثره في أن تعمل لجنة الاتحاد النسائي المركزية آنذاك، والتي ضمت أوائل رائدات الحركة النسائية واللائي بدأن العمل بالاتحاد والتواصل لتوسيع فرص التعليم للمرأة في كل بقاع السودان ولتوفير فرص العمل حسب مؤهلاتها . هذا وقد استطاع الاتحاد النسائي وأبان الحكم الاستعماري من أن يواصل العمل من أجل حماية حقوق المرأة كما عمل باجتهاد وعزيمة لمحاربة كل التقاليد والعادات وبعض المفاهيم التي تنقص من مكانة المرأة أو تزييف حقوقها، وكانت البداية المطالبة بتوفير فرص التعليم المتساوية للمرأة والرجل مع ضمان توحيد مناهج تعليم البنات والبنين.إذ كانت مناهج التعليم والمرحلة الثانوية العليا مختلفة اذ أنها لا تدرس المواد العلمية فيزياء وكيمياء وأحياء في مدارس البنات بمفهوم خاطئ يقول إن البنات لا يحتجن هذه المواد إذ أنهن يحتجن فقط لدراسة التدبير المنزلي والخياطة باختصار إنهن يحتجن فقط لما يزيد مقدراتهم كربات بيوت وأمهات. استطاع الإتحاد النسائي مع اتحاد المدرسات من توفير مناهج التعليم في مدارس البنات والأولاد ذلك بتدريس المواد العلمية في مدارس البنات لتأهيلهن مثل الأولاد لدخول الكليات العلمية في الجامعات، هذا كما طالب الاتحاد النسائي بتوفير فرص العمل المتساوية للمرأة والرجل في كل المجالات، والتي تؤهلها مقدراتها العلمية للعمل فيها. ليس هذا فحسب بل تمكن الاتحاد النسائي مع اتحاد المدرسات من المطالبة بتوفير المساواة في الأجور للمرأة والرجل. إذا كانت المرأة تأخذ أربعة أخماس أجر زميلها الرجل والغريب تتساوى معه في المؤهلات وفي مجال العمل هذا مع تأمين حقوقها كأم، إذ كانت المرأة تأخذ إجازة للوضوع بأجر لمدة أسبوع واحد فقط . ولكن بعد المواقف الجادة والقوية من الاتحاد النسائي استطاع أن يحقق إجازة لمدة شهرين للوضوع للمرأة، وذلك بمرتب كامل وحسب ما نصت عليه المواثيق الدولية. تحقيق الحقوق السياسية : ليس هذا فحسب ولكن الاتحاد النسائي استطاع أن يحقق للمرأة السودانية حقوقها السياسية الكاملة في عضوية الأحزاب السياسية وفي الترشح للبرلمان والتصويت في الانتخابات العامة ، واستطاع الاتحاد النسائي السوداني أن يحقق للمرأة السودانية مكاسب عديدة حول وضعها كمواطنة وكأم، كان ذلك قبل رفيقاتها في العالم الإفريقي والعربي، وهنا لابد أن نذكر أن المساواة في فرص العمل التي تحققت بمجهودات الاتحاد النسائي أعطت المرأة السودانية، فرصة التوظيف كقاضية في منتصف السبعينات وذلك قبل أخواتها في العالمين الإفريقي والعربي وللمواقف الجادة والهامة للاتحاد النسائي في السودان، فقد وجدت أوائل خريجات المرحلة الثانوية العليا فرصة الدراسة الجامعية في كلية الطب بجامعة الخرطوم حيث تخرجت الدكتورة خالدة زاهر، والتي تولت مسؤولية رئاسة اللجنة المركزية الأولى للاتحاد النسائي، وتواصلت دراسة المرأة في جامعة الخرطوم وفي كلياتها المختلفة، كان للعديد من أولئك الخريجات قدرة تحمل مسؤولية عضوية اللجنة المركزية للاتحاد النسائي منذ بداياته، وظللن كرائدات للحركة النسائية حتى اليوم إذ لم يتخلين عن مسؤولياتهن في تشجيع الشباب للعمل من أجل حماية حقوق المرأة وصيانة وضعها المساوي لشريكها الرجل مع حماية حقوقها كأم. ولابد أن نذكر إن الاتحاد النسائي كان حريصاً على مشاركة المرأة من كل التنظيمات النسائية ، التي نشأت بعده، وكل النساء من القوى السياسية، كان الاتحاد النسائي حريصاً على مشاركتهم في كل الندوات التي تعالج قضايا المرأة، والتي كان يقيمها في داره التي منحتها له القوى السياسية و كانت بالقرب من المحكمة الشرعية القائمة حتى اليوم بأم درمان. كما كان الاتحاد النسائي حريصاً على أن توقع كل الكيانات المختلفة للمرأة التي تأسست بعد قيام الاتحاد النسائي وذلك في كل المذكرات التي ترفع للقوى السياسية والدولة لصيانة وضع المرأة وللمطالبة بحقوقها في كل المجالات. مشاركة فاعلة في قضايا الوطن : كان للاتحاد النسائي دور فاعل بالمشاركة في كل قضايا الوطن وكانت البداية رفع مذكرة لمجلس الوزراء تحمل احتجاجاً ورفضاً للسماح للطائرات التي حملت السلاح لإعدام الزعيم الإفريقي باتريس لوممبا بالمرور عبر سماء الخرطوم، ليس هذا فحسب لكن كان للاتحاد النسائي ترابطاً وتعاملاً مرتباً مع نساء العالم مما دفعه لتنظيم موكب حمل مذكرة للسفارة الفرنسية في الخرطوم للمطالبة بإطلاق سراح المناضلة الجزائرية (جميلة بوحريد) ذلك مع المشاركة الفاعلة في المؤتمرات العالمية التي ظل يدعى لها، قام الاتحاد النسائي بفتح فروع له في كل من جوبا وأم برمبيطة، وكانت الصلابة بالمشاركة في مؤتمر المرأة في الصين ، والذي دُعي له الاتحاد النسائي من قبل المرأة في الصين حيث اُشرك الاتحاد النسائي مع عضوية نساء أخريات من منظمات نسائية فاعلة، وكانت عضوية الوفد عشرة نساء سودانيات، ذلك في عام 1958 وكان شخصي الضعيف بين عضوية ذلك الوفد، وهنا لابد أن أذكر أن الدخول للصين يجب أن يتم عبر “تايوان" والتي كانت مستعمرة بريطانية لكن سفارة بريطانيا رفضت أن تعطينا التاشيرة لدخول “تايوان" وطلبت منا أن نأخذها من سفارة بريطانيا في بيروت، والتي سافرنا عن طريقها، ولكن سفارة بريطانيا في بيروت رفضت أن تعطينا التأشيرة باعتبار أنه كان يجب أن نأخذها من الخرطوم، ولكن من حسن حظنا أن التقينا ببعض الطلبة السودانيين والذين كانوا يدرسون في الجامعة الأمريكية في بيروت ، والذين عرفونا أن هناك مكتب تجاري صيني أفتتح،اختتم حديثنا في بيروت وأشاروا علينا أن نذهب لذلك المكتب التجاري الصيني وطلب المساعدة منهم، وفعلاً ذهبنا لذلك المكتب التجاري الصيني فرحبوا بنا وقاموا باتصالات مستعجلة، وأخبرونا أن نسافر فوراً عن طريق “تايوان" وسيتم استقبالنا هناك، ومنها نذهب لبكين عاصمة الدولة الصينية .. وفعلاً سافرنا وفي “تايوان" استقبلنا وفد نسائي صيني ومنها ذهبنا للصين، كانت لنا مشاركة فاعلة في ذلك المؤتمر باسم الاتحاد النسائي السوداني، ليس هذا فحسب بل وكان للاتحاد النسائي السوداني علاقات واسعة مع نساء العالم مما مكننا من حضور مؤتمرات عالمية نسائية عديدة في العديد من مدن العالم مثل مؤتمر الصين، وكان لذلك أثره في أن تم اختيار رئيسة الاتحاد النسائي آنذاك الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم لرئاسة الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي بموافقة كل المنظمات النسائية، والتي شكلت عضوية الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، ومن أهم المؤتمرات العالمية التي شارك فيها الاتحاد النسائي السوداني ومثله شخصي الضعيف كان مؤتمر (المرأة للسلام في فيتنام )والذي انعقد في باريس عاصمة فرنسا. . التحية لهن : وأخيراً فالتحية والتهنئة للمرأة السودانية عامة ولبناتي العاملات في كل المجالات وفي مقدمتها مجال الصحافة، وللمرأة السودانية في كل بقاع السودان واللائي يحصدن الجمر في مواجهات تحديات الحياة الاقتصادية والسياسية الصعبة والمعقدة، وتحياتي لأمهات الشهداء والمناضلين من أجل الوطن عبر تاريخنا السياسي، والتهنئة الحارة لرائدات الحركة النسائية، اللائي ظللن يرفعن أيديهن وأصواتهن للدفاع عن حقوق المرأة وصيانة وضعها كمواطنة ، والتحية لروح أختنا الحبيبة العزيزة عزيزة مكي فلها الرحمة وأسكنها الله الجنات مع الصديقين والصالحين والشهداء. والشكر أجزله لأسرة تحرير جريدة (الميدان) والتهنئة الخالصة لابنتي مديحة عبد الله لتعيينها رئيسة تحرير جريدة (الميدان) مما نعتبره امتداداً لمواقف الحزب الشيوعي الأصيلة من قضايا المرأة وتأمين حقوقها كمواطنة. الميدان