قفزة كبرى برئاسة محمود عباس سامي محمد الأسطل [email protected] في دوحة الاقتصاد, الإعلام, السياسة وصناعة الدبلوماسية الجديدة لجامعة الدول العربية المتفقة مع متغيرات الربيع العربي تم التوقيع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل على اتفاق الدوحة الخاص بالمصالحة الفلسطينية برعاية سمو الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني. إن أكثر ما ميز هذا الاتفاق ما تم من وفاق على الرئيس محمود عباس ليترأس الحكومة الانتقالية, وبذلك تم حسم سنوات من الخلاف على اسم رئيس الوزراء, وكأن هذه الخطوة تذكرنا بالانسداد السياسي الذي فرض على السلطة الوطنية الفلسطينية وللخروج من هذا النفق تم استحداث منصب رئيس الوزراء في شهر مارس آذار من العام 2003م لمعالجة أسباب داخلية وخارجية, وكانت البدائل بين مروان البرغوثي ومحمود عباس, في النهاية تم اختيار محمود عباس. بدأ الرئيس محمود عباس عمله منذ بداية حياته السياسية في جراحة المخ والأعصاب السياسية فلم تكن العلاقة الشائكة والدقيقة بين قادة النازية وقادة الصهيونية التي فندها من خلال أطروحته للدكتوراه إلا نطاقا فكريا للسياسة التي يتبعها في حل القضايا الفلسطينية وعلائقها المحلية والخارجية بطريقة دقيقة وهادئة تنم عن اختمار التجربة والممارسة. ومن خلال استقراء الواقع والمشهد السياسي الفلسطيني وتطوراته فإن الرئيس محمود عباس أكبر المساهمين في صياغة الإستراتيجيات السياسية الكبرى للشعب الفلسطيني, وهو الذي أسس أهم المسارات السياسية التي تسير فيها القوى الفلسطينية المختلفة والاتفاقيات التي دشنت على إثرها السلطة الوطنية الفلسطينية التي تمثل الكيان السياسي الفلسطيني الأول المعترف به على أرض فلسطين, وهو الذي شارك في إرساء مؤسسات الدولة, ومحاسبة الفساد العلنية, وترتيب البيت الداخلي. لم يكن حل الدولتين الذي تنادي به معظم الفصائل اليوم -بطريقة أو بأخرى- واردا لدى قيادات ورموز فتح فضلا عن جماهيرها, أو الفصائل الأخرى القومية أو حتى الإسلامية, لكن منذ وقت مبكر أدرك عباس ضرورة تثبيت البناء الكياني الفلسطيني خطوة خطوة أمام تحديات الطمس والإلغاء الكبيرة التي تعصف بالقضية الفلسطينية, فبعد جهود كبيرة تم إعلان مبادئ السلام في العام 1977م عقب محادثاته مع الجنرال \"ماتيتياهو بيليد\" على أساس حل الدولتين, وشارك في محادثات بوساطة هولندية عام 1989م, وساهم في تنسيق مفاوضات مؤتمر مدريد عام 1991م وتوج هذه الخطوات باتفاق أوسلو 1993م وقاد اتفاقات القاهرة ...الخ. فليس غريبا أبد أن يتولى الرئيس محمود عباس رئاسة حكومة الوفاق لردم هوة الانقسام داخل البناء السياسي الذي رسم فيه أدق التفاصيل وشكله بطريقته المعهودة, لاسيما أنه, استطاع تحطيم العقبات الكبريات فبعد أن كانت اللاءات الإسرائيلية والغربية حاضرة أمام أي اتفاق مصالحة اقترح الرئيس محمود عباس على رئيس المكتب السياسي خالد مشعل مشروع المقاومة السلمية الذي لاقى قبولا لدى معظم قيادات حركة حماس مع الاحتفاظ بلفظة المقاومة الشعبية المرنة, وتم الإعلان عن هذا المشروع الذي جعل المصالحة ومخرجاتها في دائرة القبول وحققت نسبة رضا متدنية لكناها في دائرة القبول. جاء هذا الاتفاق ليمثل التحول الأهم من قلب العاصمة القطرية منذ الانقسام الأليم الذي امتد خمسة أعوام فقد كانت فتح وحماس على طرفي نقيض فترة طويلة وجرت بينهما أحداث دامية ومعارك سياسية وإعلامية إقصائية حتى تدخلت قوى عربية وإقليمية لتدخل في دوامة حوارات واتفاقات متعددة توجت بإعلان الدوحة. كان الدور القطري يحمل دلالات مهمة فقد شكلت السياسة الخارجية القطرية أهم دور في المنطقة تمثلت في الوقوف بجانب الربيع العربي لاسيما ما تم في الساحة الليبية والمصرية وكذلك ما يتخذ من دور في الأحداث السورية, هذا الأمر جعلها مهيأة ومؤهلة لأن تمثل الوسيط بين فتح وحماس, في ضوء انشغالات القاهرة بأحداث ما بعد الثورة, وموازاة لهذا الاتجاه فقد تلاشى قطبي الممانعة والاعتدال وبدت قطر الأكثر استعدادا لمثل هذه المواقف المفصلية على المستوى الدولي فقد رحبت فرنسا بالاتفاق وأكد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو: \"أن فرنسا تدعم المصالحة التي بدأها الرئيس محمود عباس ... وأن بلاده وشركائه الأوربيين على استعداد للعمل مع أي حكومة فلسطينية تتعهد بنبذ العنف والتوصل لحل الدولتين\" وكذلك رحب الرئيس اللبناني. في الختام لاشك أن الممارسات الحوارية السابقة وكثرة الاتفاقات المنتهكة تمثل هاجسا لكل أبناء الشعب الفلسطيني والمنطقة مما يخفف من فرط التفاؤل لكن عربة المصالحة تتقدم يوما بعد يوم وتذلل العقبات معضلة بعد معضلة, والجميع بات مدركا لضرورة أن يقول الشعب كلمته بعيدا عن الشارع, وعدم الاحتكام لمنطق استعراض القوى, من هنا فلا فكاك عن هذا الاتفاق, ونأمل أن يتم دون عراقيل نفسية وليست قانونية كما يدعي البعض, وهل كل ما يحدث في وطننا يطابق القانون والقانون الأساسي؟