[email protected] لا أجد أيِّ غضاضة في وجهة النظر المخالفة لما أكتب.. وأحياناً لا أجد ذات الغضاضة في الإساءات التي يطلقها بعض القراء (ضمن) ردودهم.. فكلُّ إناء بما فيه ينضح. لكنّ المشكلة تأتي حينما ينُصِّبُ القارئ نفسه قاضياً دينياً.. يلبس عباءة (رجل الدين) فيطلق الأحكام الكفرية والشركية والزندقية على الآخرين. مقال الأمس (مزيداً من الطين).. جلب شتى الردود لا سيَّما البريد الإلكتروني.. وأقظاها تلك الرسالة التي وصمت كاتب المقال ب(الرِّده).. لأنّه جهر برأيٍّ لا يتمنى فيه فوز مرشح الإخوان المسلمين بإنتخابات الرئاسة المصرية. وأقول للأخوين محمد صلاح عبد الله ومزمل عبد الغفار.. أنّني سأحاول شرح وجهة النظر التي انطلقتُ منها بكلماتٍ أخرى.. علّ وعسى أن تكون الفكرة أكثر وضوحاً بالنسبة لهما. قلتُ أنّ تجربة الإخوان المسلمين السياسية في مصر أضعف من تجربة نظرائهم (الحركة الإسلامية) في السودان.. فعلى أقلِّ تقدير.. وصل سياسيو الحركة الإسلامية الى الحكم منذ زمانٍ أبكر.. في حكم النميري.. ودربوا كوادرهم على العمل التنفيذي والتشريعي.. وحينما جاء إنقلابهم.. كانوا يعرفون الكثير عن تسيير شئون الدولة. ولعلّ الحكاية الأولى للإنقاذ دالةٌ على هذه المعرفة.. فالإنقلابيون لم يجدوا دولاراً واحداً في خزينة بنك السودان.. فسوَّقوا أنفسهم لمصر على انّهم يخدمون خطها.. حتى قال الشربيني السفير المصري بالسودان عبارته المشهورة (دُول أولادنا).. وحصلت الإنقاذ (فوراً) على عشرين مليون دولار من القاهرة رسّخت بها أقدامها.. تلك الملايين التي ندمت عليها بعد ذلك. رُغماً عن مشكلات السودان الكثيرة والمتجددة.. إلا أنّ مشكلات مصر أكبر من كلّ مشكلات السودان.. ولو تناولنا فقط مشكلتها كدولة (مواجهة) مع (إسرائيل) لوضح حجم التحديات الخارجية التي تواجهها. وكذلك.. فموارد مصر أكبر من موارد السودان.. إلا أنّ المواطن المصري يعاني فقراً قاحلاً لا يتناسب مع موارد بلاده.. السياحة من الموارد الإقتصادية الأكبر للمحروسة مصر.. والسياحة ليست فقط مشاهدة (الحجارة) من الإهرامات ومدافن.. بل تتبعها قائمة طويلة من (الممنوعات والمحرمات) التي يجب ان تُقننها الدولة.. فماذا سيفعل إخوان مصر إذا (لوازم) السياحة؟؟.. من المؤكد أنّهم سيجدون أنفسهم إزاء خيارات حآآآدة بين المبادئ والواقع. ماذا سيفعلون حينها؟؟.. هل سيصمتون كما صمت إسلاميو السودان عن شركات السجائر التي تدرُّ مليارات على الخزينة العامة؟؟.. فيكونُ الحكم خصماً على المبادئ؟؟؟. كما أنّ حكم الإسلاميين في السودان.. ابتعد كثيراً عن المبادئ واقترب من (الميكافيلية) و(الذرائعية).. بحيث أصبحت الغايات تُبرر الوسائل.. و(حقّ القوة) يُستخدم ضد (قوة الحق).. وفشلت المبررات الأخلاقية لبقاء الحركة الإسلامية في الحكم.. وغاب مصطلح (المشروع الحضاري) حتى من اللسان الرسمي. كلّ هذا كان خصماً على الإسلام.. بحيث أنّ زوال هذا النظام (قد) ينتج كفراً بهذا المنهج الإلهي الرائع.. كفرٌ لا يسهل تداركه مهما ومهما. لهذا لا نريدُ تجربة (فاشلة) أخرى باسم الدين.