[email protected] الخبر الذي إحتفت به صحف الخرطوم أمس الأوّل هو أنّ الفريق سلفاكير ميارديت أرسل خطابات الى خمسة وسبعين من قادة الجنوب (قادة خدمة مدنية وعسكرية) يطالبهم فيها بإرجاع المبالغ المنهوبة من خزينة حكومة الجنوب والتي قُدِّرت باربعة مليارات جنيه.. ومضى سلفا أبعد من ذلك فأرسل خطابات الى قادة بعض الدول الأوربية يطالبهم فيها بالمساعدة في إعادة أموال الجنوب. احتفت صحف الخرطومبالخبر من قاعدة ثابتة.. وهي أنّ خطابات سفاكير هي أبلغ.. وأدمغ دليل على الفساد في حكومة الجنوب. وهذا تحصيل حاصل.. فحكومة الجنوب لم تنكر يوماً أنّ هنالك فساد في كابينتها.. بل ومضت الى أبعد من مجرد الإعتراف.. الى تكوين آلية لمكافحة الفساد بسلطات تصل الى أعلى الهرم الوظيفي.. الى الوزير.. وإلقاء القبض عليه.. وكان شهيراً انّ فاقان أموم لم يؤدِّ القسم كوزير ل(السلام!!!) بسبب (مجابدات وإتهامات) بينه وآلية الفساد. كما أنّ صندوق النقد الدولي تحدّث عن الفساد داخل حكومة الجنوب.. وأشار الى مبالغ خيالية تمّ تحويلها من جوبا الى عواصم أفريقية وأوربية. ونهوضاً على كلّ ما تقدم.. فإنّ بروز دليل إضافي على أنّ هنالك فساد في الجنوب.. لا يدعو الى فرحة.. كفرحة من إكتشف الجاذبية.. فهو مجرد (دليل إضافي).. ليس إلا. الحصافة في قراءة الخبر.. أن ننظر اليه على أنّه جدية من رئيس الدولة الجنوبية في مكافحة الفساد.. وبخطوات منطقية.. فهو أولاً ارسل خطابات الى وزراء وقادة جيش آنيين وسابقين.. يطالبهم فيها برد الأموال التي أخذوها.. مقابل ضمانين.. الضمان الأوّل هو العفو.. والضمان الثاني هو السرية والستر.. لأنّ المقصود هو إرجاع المال.. وليس المحاكمات أو التشهير. هيا.. لنقارن ذلك بما هو عندنا.. حيث ينكر قادة البلاد أنّ هنالك فساداً.. فهم مازالوا في مرحلة الإكار (Denial) وهي مرحلة سابقة تسبق لمرحلة الإعتراف. بل وحينما تظهر نيران الفساد في الصحف.. تسارع الحكومة لإطفائها.. وتثني عطفها وتشمِّر سواعدها.. لا لتحارب الفساد.. بل لتحارب النشر.. بفقه أنّ ستر المفسدين هو ستر للحكومة.. وهذا من خطل السياسة. فالنظرة الصحيحة للمفسدين هو أنّهم (سوس) ينخر في جسد الدولة (حكومة ومجتمع).. (فيروس) يجب مكافحته بأقوى برامج الحماية.. وأنّ العافية الكاملة ل(الحكومة والمجتمع) معاً لن تتأتى إلا بإستئصال ذلك الجزء (المسوِّس).. وهو نوعٌ من السوس الذي ليس له ولاء.. يوالي مصالحه فقط.. فإنّ ذهبت المصالح ذهبوا. الأصوَّب أن ينظر قادة المؤتمر الوطني الى ما تنشره الصحف على أنّه قمة جبل الجليد.. وأنّ هنالك أضعاف ما تمّ نشرهُ قابع تحت سطح (الحماية السياسية). كُنّا بنقول في شنو؟؟. نعم.. خطابات سلفاكير. نقول: أنّ الضحك على الجنوب لن يساهم في بناء الشمال.. والإبتسامة الشمالية الساخرة التي تعلو وجه من يقرأ خبر (خطابات سلفاكير).. يجب أن تتحوَّل الى حزن.. لأنّ الجنوب سبقنا وارسل خطابات للمفسدين.