[email protected] ان العقل سمي عقلا لانه يعقل بصاحبه عن القبيح والخطأ وبقدر تحكيم العقل في التصرف علي حساب الغريزة فالسلوكيات اللاأنسانية موبقات يركس بها الانسان عندما تستعبده غرائزه ولكنه يسمو بها حين يتحكم عقله ويضبط غرائزه لان العقل كأداة لمعرفة الحسن من القبيح لا يكفي للرقي بالبشرية للكمال الانساني المنشود لان غالب الخطأ الذي يقع من تصرفات بني البشر يقع مع العلم والادراك بخطأ التصرف وقبحه وقد اهتدي الانسان لشرائع السماء والقانون الوضعي وما فيها من عقاب لسد هذه الفجوة بقمع السلوك غير القويم ولكن القوانين سماوية كانت ام وضعية علي اهميتها لا تسد ان يفلت منها وهكذا فلا بد من الاخلاق للكمال الانساني النسبي لا الكمال لله وحده فألاخلاق ضرورة بأعتبارها الضابط الذاتي التي تحد من سلوكيات الانسان اللاحميدة هذه المقدمة أسوقها عن الاخلاق وأهديها خصوصا لجماعة انصار السنة وعموم التيارات السلفية وقد رأيتها ضرورة للتمهيد عن الحديث عن القيم الاخلاقية بعد ان تعثرت اذناي بخطبة يوم الحمعة الماضي بالمركز العام للجماعة بالثورة خاصة وانني كنت قد ركزت جاهدا في ان اتطرق لما سيتناوله ائمة المساجد من خلال هذه الفترة العصيبة من تاريخ السودان لتحديد مدي مواكبتهم لما يجري في الشارع العام والاهتمام بقضايا المواطن وبما ان ائمة المساجد يغلب عليهم التيار السلفي فلقد كان التناول سلبا بأعتبار ان هذه المرحلة تشهد نقطة تحول في تاريخ الاقتصاد السوداني الي الاسوأ بأعتبار القرارات الاقتصادية الصادمة التي صدرت فمن الطبيعي ان تتطرق خطبة اي جمعة لهذه الازمة التي ضربت المجتمع السوداني المهم للتصنيف هناك عدد من المساجد وعلي قلتها تناولت الموضوع وكال خطباؤها باللوم علي الحكومة بأعتبارها ممسكة بذمام الامور فبالتالي لم تحسن قراءة الواقع الاقتصادي وبالتالي هي من تتحمل (وش القباحة) وهناك عدد من المساجد تناولت مواضيعا اخري (دقت طناش)وكأن الامر لا يعنيها وكلها ينتمي ائمتها للتيار السلفي ثم هناك ايضا مساجد تناولت الموضوع سلبا ويغلب عليها التيار السلفي واركز علي اول خطبة تناولها المركز العام للجماعة في اول جمعة تلت اصدار القرارات فقد كال الامام باللوم علي المواطن السوداني ونعته بأنه سبب البلاءات والكوارث التي حلت بالبلاد بأعتباره جزء كبير من الازمة التي يتحملها لابتعاده عن الطريق القويم ( يعاين في الفيل ويطعن في ضلو) ولم يتطرق بأي نقد تجاه الحزب الحاكم ليشفي صدور الذين المواطنين حضروا الخطبة فبالله كيف يستقيم هذا؟ شخصيا عندي موقف من خطاب الجماعات السلفية بأعتبار انهم لا يركزون علي امور جوهرية وقضايا معاصرة تهم المجتمع ورحم الله الشيخ محمد سيد حاج فبالرغم من اختلافي معه فكريا فلقد كان فقده مؤثرا خصوصا علي منظومات الحركات السلفية بأعتباره كان رمانة ميزانهم و ان خطابه كان جاذبا خاصة لفئات الشباب ومن الصعوبة ان يتم تعويض فقده في الوقت الراهن ولقد اعتدت ان لا احوم كثيرا حول المواضيع التي تثيرها الحركات السلفية بأعتبار ان الرد قد يكون فيه هدر للوقت للرد علي امثال صاحب الخطبة الذي اتخذ اسلوب الاثارة اللاموضوعية التي تفتقد الادلة الموضوعية مما يفقدها القوة المطلوبة في مخاطبة المتلقي ومحاولة اقناعه لقد كان من الضروري ظهور مدارس فقهية مختلفة وتيارات متعددة في الفقه تعبر عن هذه الاختلافات حتي تحرك الجمود الفكري من حالة القيود العقدية لان هذا جانب ايجابي للحد البعيد وقد لاحظت تباين اغلب هذه التيارات المختلفة في تناولها للازمة الراهنة وان اتفق غالبيتهاعلي نقد الحزب الحاكم بنسب متفاوته ولكن هذه الجماعات السلفية امرها عجب فهي اسد علي المواطن ونعامة علي الحزب الحاكم بعد ان لاحظت في مرات كثيرة انهم يركزون في خطبهم علي تلميع الحزب الحاكم وأشاروا كثيرا لعدم جواز خروج المواطن في المظاهرات للتظاهر ضد الحكومة حتي ولو كانت غير شرعية منذ فترة طويلة وانا ارصد طريقة اداء المدارس السلفية بالسودان وخصوصا جماعة انصار السنة بأعتبارها كبري تلك الجماعات فلاحظت ان خطابهم الفكري لا زال تقليديا وغير جاذب ولا زال خطابهم عاجزا حتي الان عن خلق مشروع يتمحور حول قهر الحزب الحاكم وكأن النخبة الحاكمة براءة من التهم تصمم لهم برامج الصون والعفاف بطريقة لا تعترف بفوضاهم الغريزية وتقرها ولا تري لا حلا غير ان توسع لهم الطريق لقد تنامت الحركات السلفية بعد ان اكتسبوا وجود مقدر بعد ان افسح لهم الحزب الحاكم الطريق لتقارب رؤاتهم الايدولوجية وهو ما اسميه زواج فكري بين هذه الجماعات مع الحزب الحاكم فبالتالي هم يعيشون مرحلة شهر عسل مع الحزب الحاكم ووجدت هذه الجماعات الطريق ممهدا للنمو بعد ان ملكتها النخبة الناخبة اهم ادوات السيطرة كوسائل الاعلام وهيمنتهم علي منظومة هيئة علماء السودان وبالتالي فتح شهيتها من خلال سياسة تكميم الافواه لصالح فئات معينة وافساح الطريق لهم مما زاد من تفوق هذه الكيانات وانفتحت لهم ابواب المجد فمن الطبيعي ان ويوجهوا سيوفهم ضد خصوم الحزب الحاكم ويحاربوهم بكل ضراوة لان هذه فرصة لن تتكرر لهم اما اي نظام اخر قادم بعد ان امتلكوا جرأة ملفتة ذهبت في تكفير اعداء الحزب الحاكم ان علي جماعة انصار السنة ان تعدل من نهجها حتي تستطيع ان تقنع المواطن البسيط انها تقف في صفه فلقد كان لنا في السلف الصالح اسوة حسنة في ذلك فهل كان السلف الصالح يتغاضون عن نقد الحكام والتغاضي عن مراراتهم اذا بدرت منهم اي منكرات؟ ومن هنا أتوجه بسؤال لجماعة انصار السنة التي تري في ان لا بديل للحزب الحاكم الا الحزب الحاكم؟ وماهو ذنب المواطن حتي يتحمل كل هذا العذاب وما ذنبه حتي تذيقوه انتم اسباب البلاءات؟ كيف كان حال الدولة السودانية قبل مجئ دولة الانقاذ وكيف اصبحت الان؟ ومن الذي تسبب في ما ألت اليه الدولة السودانية هل هي الحكومة ام المواطن؟ ومن هو الذي احق بالنقد في هذه المرحلة؟ الم تسمع الجماعة تطمينات وزير المالية قبل الانفصال بان الاوضاع تسير الي ما يرام حتي اذا حدث انفصال؟ الم تسأل الجماعة نفسها في ان لماذا لم يتدبر الحزب الحاكم نفسه لمواجهة تداعيات الانفصال لمواجهة اثار الكارثة المحتملة قبل وقت كافي علما بأن كل المؤشرات كانت تدل علي الانفصال واقع لا محالة لسياسة الدولة وقتها وبالتالي ذهاب البترول جنوبا ومع كل ذلك يحيد اولئك العلماء عن قول الحق او يصمتون عنه ويكيلون باللوم علي المواطن الغلبان؟ الم تسأل الجماعة نفسها عن كيف افرغ النظام الخدمة المدنية والعسكرية من المخلصين من ابناء هذا الوطن ليعين اهل الولاء والبراء والمصالح الذين ينفذون مشيئة الحزب الحاكم وابقي علي ترسانة من القوانين تهدر الحقوق والحريات العامة والخاصة وتصادر حرية التعبير والرأي وما زال الحزب الحاكم يعمل علي اصدار المزيد من التشريعات التي تلغي من حرية الصحافة واقامة الندوات والتجمعات فهل هذا من الاسلام في شيئ؟ الم ينظروا كيف نشر النظام الفساد في اوصال العمل العام حتي اصبحت الدولة السودانية مصنفة ضمن الدول الاعلي فسادا واساء بذلك للدين الاسلامي فهو ظاهريا يرفع راية الدين وفي الواقع يرتكب الموبقات بأسم الاسلام لقهر المواطن وأين كان علماء الانكفاء عندما اجاز البرلمان القرض الربوي بخصوص سد مروي و فلينظر اولئك العلماء الي حال المجتمع السوداني بعد ان ضربته مظاهر لم نكن نألفها من قبل ونظرة واحدة علي مانشيتات الصحف الاجتماعية نجد فيها الكثير من القصص الواقعية المؤلمة لحد الوجع تدل علي ان الوداعة والفضيلة التي كانت تجمل وجه هذا المجتمع قد ذهبت بلا رجعة واصبحت تخفي تحتها( زبالة) تفوق الوصف من القذارة لسياسات الحزب الحاكم وبعد كل هذا لماذا صمت اولئك العلماء علي انتهاكات النظام الذين تلطخت اياد يهم بدماء الصحايا والمنكوبين في دارفور واحداث مجذرة بورسودان الشهيرة اليست كل هذه قضايا اولي بالاهتمام؟ لماذا لا تناقش الجماعة وتتحدث عن ظلم حكومة الولاية لشريحة المعاشيين وهضم حقوقهم اليست هذه قضايا اولي بالاهتمام و من باب اولي ان تطرح علي المنابر؟ ان علي جماعة انصار السنة ان تعلم ان الفقر والفضيلة لا يجتمعان فمن الصعب ان تبذر بذور الفضيلة في مجتمع يعاني غالبيته من الفقر والاهمال بعد ان افقر النظام غالبية قطاعات الشعب لسياساته العرجاء بعد ان دمر كبري المشاريع الاقتصادية في البلاد واعتمد علي البترول الذي ذهب بلا رجعة وبالتالي برزت مسألة سوء الاخلاق كرد فعل طبيعي لذلك الم يقل عمر بن الخطاب لو كان الفقر رجلا لقتلته؟ الم يقول لو عثرت بقلة في الشام فأنا المسؤل عنها فمن هو المسؤل الان عن المواطن السوداني؟ فأذا كنا نريد اجتثاثها فلا بد من زوال النظام لايجاد بيئة صالحة حتي يخرج افرادا صالحين ولن يتم ذلك الا بتوفير الاكل والشراب والصحة والتعليم لان تلك هي الخدمات التي كانت موجودة قبل مجئ الحكومة الحالية ولا بد من توفير ذلك كحد ادني حتي يستطيع ان يعيش المواطن بطريقة كريمة وهذه هي مسؤلية الدولة وليس مسؤلية الشعب حتي لا يضطر المواطن للجوء للمارسات اللا أخلاقية فأين اين تذهب اموال الضرائب والجبايات التي يدفعها المواطن ولاتعود عليه بالخير هذا غير واردات البترول التي تقدر بحوالي اربعين مليار دولار فلماذا لم تسخر كل تلك الاموال في صالح المواطن فلماذا بعد كل ذلك تلقي تلك الجماعة المنكفئة باللوم علي المواطن الغلبان؟ لقد ابتليت الدولة السودانية بنظام غارق في العنصرية حتي اذنيه وهذا هو النظام الوحيد الذي امتلك جراءة للنقاش في مؤسساته العلنية لسياسات التمييز بين مناطق السودان علي اساس الهوية والولاء والاشارة هنا الي مثلث حمدي وصحيفة الانتباهة وقد وضع هذا النظام المعادلة التي يراد بها من الاخرين التوافق عليها وهي معادلة كرست الثروة بين سياسات التحرير والاستثمار وكذا الوظيفة العامة في المؤسسات الحيوية لقوي اجتماعية بعينها ومعلومة للجميع وقد ترتبت علي هذه السياسات فوارق فاحشة بين قطاعات المجتمع في امور حيوية اهمها التعليم لقد خدمت الجماعات السلفية الحزب الحاكم وقدمت له خدمات جليلة في مراحل مختلفة خاصة وانهم يسيطرون علي هيئة علماء المسلمين التي بأي حال لاتمثل كل العلماء المسلمين بمختلف توجهاتهم في المجتمع السوداني فالتعيين يتم وفق امزجة الحزب الحاكم وفق منطق الولاء والبراء وقد خدم اولئك السلفيون الحزب الحاكم خاصة في مرحلة الانتخابات بتعبئة الرأي العام ضد احزاب المعارضة والحركة الشعبية لدرجة التكفير فيشغلون الناس بقضايا انصرافية عن الاهتمام بالظلم والقهر وتبديد اموال الشعب في ما لا طائل منه واحوال النازحين في المعسكرات لأن تلك هي المسائل التي هي جديرة بالاهتمام علي من يدعون انهم يحملون هم الدين الاسلامي لاصلاح حال البلاد التي تسير نحو الهاوية.. فهذا شيئ طبيعي لانهم استطابوا بخيرات النخبة الحاكمة فلا يحرمون متعة الحياة علي انفسهم مقابل حق وطن بأكمله في ان يناضل ويكافح من اجل اعلي قيمة اوجدت من اجلها الحياة فيرون كل تلك الفظائع ويصمتون عنها فكيف لاولئك العلماء و لهيئة علماء المسلمين ان يكونوا ضمير الامة ولسانها وهم منذورين لمزاجية الحكام واهوائهم وأخير والي ان تعي جماعة انصار السنة دورها في حماية المجتمع لافساح الطريق للمواطن في ان يعيش بأمان حتي يحقق زاته والا فأن الفصام علي مستوي الممارسة في العلاقات سيستمر في ما سيفرزه من مألات والذين يديرون ظهورهم للحقائق سرعان ما سيجدوا انفسهم امام واقع اسهموا في تعقيده وتأذوا من مألاته