.. [email protected] لازلت أذكر جيدا ورغم مرور أكثر من ثلاثة عقود ، مدى فرحتي وأنا أتلقى أول رسالة من قاريء معجب بأحد تحقيقاتي الصحفية في ذلك الوقت المبكر وأنا لم أزل حينها أحبو في درب صاحبة الجلالة مهنة المتاعب ، التقط حروفي من تراب الأرض مقتفيا أثر الناس في غدوهم ورواحهم وهم يعاقرون دروب الحياة الشاقة عملا ومعيشة وهموما ! ويظل ذلك الاحساس ربما خالدا في دواخل أي كاتب مهما علا شأنه وذاع صيته ، فيصبح همه الأكبر هو ردة فعل مايكتب على القراء ، على كافة مستوياتهم ، ولا أنسى ان صديقي الراحل الكاتب الكبير الأستاذ/ حسن ساتي كان يعير هذه الناحية قدرا من اهتمامه ، الى درجة أنه رغم فارق التجربة بيننا كان يسألني عن راي فيما يكتب ، فيخجل تواضعي وأنا اليافع في بدايات تعاطي الموهبةوقتها ولا أقول المهنة ، بينما هو كان مرشحا لتولي رئاسة قسم التحقيقات بجريدة الأيام في عهدها الذهبي ! لا أعتقد في ايامنا هذه هنالك أسوأ من احساس الكاتب حينما يفتح مقاله ، الآن في الصحف الالكترونية وينزلق الى ، مساحة تعليق القراء ويصدم بها فارغة تتراى منها في خياله المحبط عبارة ( لم يعلق أحد ) وهو الذي بذل مجهودا ووقتا طويلا في صياغة وكتابة ومراجعة موضوعه الراتب وعينه وهمه على اجتذاب رضاء قرائه ، طبعا بعد توصيل الرسالة التي أرادها من مضمون المكتوب ! أحيانا يكون ذلك حافزا للأتيان بما هو أقوى وذلك مع توفر وسخونة القضايا التي يمكن تناولها ، ويكون أحيانا سببا للتوقف وتأمل الذات مع النفس، ولكن يظل مبدأ الاعتزال أمرا صعبا ، لان ادمان الكلمة من مقومات حب الوطن ، وصداقة القاريء ، ولا فكاك من كل ذلك الا بالمزيد من منادمة الحرف ، بحثا عن الحقيقة الغائبة دائما خلف سراب الحياة بالفكرة الجديدة والأسلوب الجاذب واللغة الرصينة ، بحثا عن انجاح كل طلاب مدرستك من أبناء وبنات أفكارك في الدور القادم وأنت تماما كمدرس جاءته نتيجة امتحانهم هذه المرة ، لم ينجح أحد .. فحبكم هو من حب الوطن وفوق حب الذات، وأعلى الخاطر ولن نتوقف عن ادمانه عبر الكتابة ابدا وان لم يعلق أحد ، حتي ينجح شعبنا في اجتياز امتحان ثورته التي نسعى كل منا من موقعه لانجاحها في نسختها الثالثة وبتفوق نعض عليه بالنواجز هذه المرة ، ولن ينجح أحد من سارقي الثورات في التغول عليها ! ولن يتوقف أحد من هم الكتابة الى أن يتحقق كل الأهداف المنشودة أو نموت دونها ، وحينها لن يتسنى لنا سماع أو قراءة التعليقات ولو علقت الدنيا كلها بعد الرحيل ..نعيا وتقريظا ! وسامحونا على دمعة الشوق مقدما والفراق المؤقت وبدافع المحبة هذه، وأتمني الا يطول الغياب كثيرا ان كان في العمر بقية باذن الله. وربما تكون اطلالتي اسبوعية ، أو من وقت لآخر وفق ما يستفز القلم من أحداث وسط ركام المشاغل ، التي قد لا تجعلها يومية ،أو من قبيل كثرة الطلة قد تمسخ اقلام خلق الله ..هي وقفات تأمل متباعدة من أجل استدعاء الأجمل اللافت للعقول قبل العيون ، والذي يخدم الصالح العام من بين كل هموم الشأن الخاص .. ودمتم سعداء ورمضان كريم ..