[email protected] فى مثل هذا اليوم من عام 1990 شهد السودان مذبحة هزت الضمير الأنسانى فى كآفة انحاء المعموره، لا يمكن أن يرتكبها انسان سوى عاقل لا يعانى من عقد نفسيه أو شعور بالنقص وينتمى الى أى دين أو فكر، لم تعهد مثلها من قبل ثقافة الشعب السوداني الطيب الكريم المتسامح، منذ أن عرف السودانيون الحياة فى مجتمعات اتفقوا أو اختلفوا قبل أكثر من 7000 سنه. حيث قام النظام الفاشل الفاسد المجرم القاتل بقيادة الضابط المتمرد (عمر البشير)، الذى انقلب على الشرعيه والديمقراطية ليلة 30/6/ 1989، باعدام 28 ضابطا من انبل واشرف وأكفأ ضباط القوات المسلحه السودانيه والى جانبهم عدد من ضباط الصف، بعد قيامهم بثوره (مضاده) لم تكتمل ولم يكتب لها النجاح ولم ترق فيها نقطة دم واحده، لأنهم كانوا (اولاد بلد) اصلاء، وكانت قراءتهم للمستقبل سليمه ومتقدمه وناضجه وكانت أهدافهم نبيله ووطنيه، بأن يخلصوا الوطن سريعا من قبضة مجموعه ديكتاتوريه فاسده، سوف تؤدى به الى الفشل والى الأنفصال والتشتت والتمزق، وأن يعود النظام (الديمقراطي) الذى مهما شابته سلبيات، لكنه يبقى أفضل من نظام (عسكرى) شمولى مختلط بمشروع دوله دينيه وجهاديه (ظلامى)، يقوده اغبياء فاشلين فى العسكريه وفى السياسه، لذلك تسسبوا فى ضياع وطن شعبه وسطى معتدل، يتمتع بمكارم الأخلاق ولا يحتاج لمن يكلمه عن دينه. وفعلا صدق توقع اؤلئك الشهداء الأبرار، حيث قامت (الفئة) المارقه والعصابه المتمرده باستقلال الدين من أجل الدنيا فشوهته واساءت اليه وكرهت فيه البسطاء. وكل سودانى تعاون أو طبع أو توافق مع هذا النظام المجرم أو عمل ضمن اجهزته أو حزبه، أو ظن امكانية (اصلاحه) من الداخل، منذ أن ارتكب جريمة أغتيال الشهداء الثلاثة (مجدى وجرجس وانجلو) بسبب عمله ورقيه ثم واصل جرائمه باعدام اؤلئك الضباط الشرفاء خلال ساعات معدوده وفى نهار 28 رمضأن، بدون شك يعانى نفسيا من ذلك التعاون والتوافق ويلوم نفسه على ظنه الحسن فى مجموعه مجرمه تفوق سوء الظن العريض، أدخلت الحزن فى قلوب جميع السودانيين قبيل العيد بيومين، وهم يدعون أنتماء للأسلام وجاءوا من أجل نصرته. نعم اهل الشهداء وأخوانهم وذويهم ، الشعب كله، اذا كان الشعب له ضمير، لأنهم ضحوا بارواحهم فداء للوطن كله، لكن من الناحية (القانونيه) فلابد أن يتخذ الأجراءات وأن يرفع الدعاوى الأهل والأقرباء. ونحن نعلم أن (اسر) شهداء رمضان الأبرار قد أسسوا تجمعا يضمهم جميعا، وظلوا يحيون ذكرى اؤلئك الشهداء وينظمون المسيرات فى كل عام، وكانوا يقمعون ويعتقلون، وفى ذات الوقت نعلم بأن عدد قليل من اهلهم وذويهم باعوا قضيتهم وهادنوا النظام ، سامحهم الله. لكنى استغرب بعدما تغيرت الظروف واصبح العالم مثل القريه الصغيره، لماذا لا يطالب اهل اؤلئك الشهداء مطالبة جاده وقوية وأن يستعينوا بالخبراء فى الداخل والخارج من اجل ارغام النظام على الكشف عن مقابر اؤلئك الشهداء، وتسليمهم لأهلهم وذويهم، والعالم كله تابع وشاهد كيف أن (اسرائيل) قد قبلت باطلاق سراح على الاف الأسرى الفلسطينيين وغير الفلسطينين من أجل أن تستعيد الجندى (جلعاط شاليط) بل انها افرجت قبل ذلك عن عدد ضخم من الأسرى العرب مقابل أن تستعيد (رفات) جنود قتلوا فى مواجهات مع حزب الله اللبنانى. لقد ظللت على الدوام أكتب عن مذبحة هؤلاء الأبطال الشرفاء ولن اتوقف أو أمل الكتابه، ليس لأن لى من بينهم صديق أو زميل دراسه، فكلهم أخوانى واصدقائى ورفاقى، لأنهم ضحوا من اجلنا جميعا، ولم يفكروا فى انفسهم وفى أسرهم وامهاتهم وابنائهم أو من اجل تحقيق مصلحه شخصيه، كان بامكانهم تحقيقها لو رضخوا للنظام الشمولى الفاسد كما فعل بعض من رفاقهم الذين تخلوا عن وطنهم وباعوه بثمن بخس من أجل حياة هنيئة ومتع زائله. فأصبح هؤلاء الأحياء امواتا، وأؤلئك الشهداء احياء يكاد ينطبق عليهم بيت الشعر الذى يقول (لله ميت بالمدينة قبره حى، والأحياء اموات). أتمنى أن تتحرك مجموعه من اسر اؤلئك الشهداء وأن تتقدم بطلبات لكآفة المنظمات الأقليميه والدوليه ذات الصله للضغط على النظام المجرم للكشف عن مقابر اؤلئك الشهداء ، لأنها سوف تكشف الكثير، وأن يعاد دفنهم بالطريقة التى تليق بهم وبما قدموه لوطنهم، شاء النظام أم ابى.