كبيراً في حياته كبيراً في مماته لم أحاول الكتابة من قبل في هذا الحقل ربما لإحساسي حينها أن الإحساس ببعض الأشياء أروع بكثير من تدوينها وربما لعدم قناعتي وقتها بإمكانية التوثيق لهذه السيرة التي مضي صاحبها تاركاً إيانا في حيرة عظيمة من أمرنا ومخلفاً برحيله المر كثير جروح . من السهل للغاية أيها الإنسان أن تكتب فيمن تحب لا أسهل من ذلك علي الإطلاق لكن حينما تأتي الكلمات مصحوبة بتفاصيل لن تستطيع ما تبقي لك من عمر إعادتها عندها فقط تدرك أيها الإنسان أي حبيب تسرب من بين يديك . شريط طويل من الذكريات إسترجعه الآن كل حدث فيه يصلح لأن يكون رواية مكتملة التفاصيل . ولئن كانت كل فتاةٍ بأبيها معجبة فإني إعترف أمامكم أننا أشقاء وشقيقات كنا أشد إعجاباً برجل مضي الي ربه ملتحفاً كرامته وصدقه ويقينه . في السادس من أغسطس 2012 م وفي الثامنة والنصف من مساء الإثنين غاب رجل عظيم من الدنيا رحل بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء ونقاء السيرة والسريرة كان ذلك في الغرفة 102 بمستشفي الشفاء . تحلقنا حوله نحن أبنائه وبناته إلي جانب والدتنا متعها الله بالصحة والعافية ونفر أعزاء وعزيزات من أهلنا ومعارفنا أحسسنا بعدها أن الموت وكعادته هزمنا في أجمل من نحب حاول الطبيب كثيرا إنقاذه ... إعادته لمربع الحياة ... الحياة التي قضاها بشرف ومحبة ... الحياة التي مشي خطاها بعزم وقوة ... تلك الحياة التي نازلها بإقتدار الحياة التي لطالما ظل يعطر جنباتها بيقين لا يفتر . كان الطبيب يحاول ونحن لا نملك وقتها سوي التحديق في شريط ذكرياتنا مع هذا الرجل العفيف . جاءتني الصور تباعاً ... ياخ حتي ضحكاته ونكاته وونساته أتتني ... كرسيه الذي لطالما جلس عليه في الصباحات ... سريره ... دولاب ملابسه ... ماكينة حلاقته ... كل شئ يأتيني الآن . والطبيب يحاول وأنا غارق في فوضي الذكريات . إبتسامته وهدوئه .. أنسه المحبب يا الله أكل شئ إنتهي الآن ؟ صرخات الموت تهزني بعنف وأنا غارق في التحديق ... لو كان بالإمكان حينها لصرخت أن أوقفوا هذي الكرة الأرضية أريد أن أنزل الآن . فمن ينتشلني الآن وسط ركام الحزن هذا ؟ لم يكن والدي سوي رجل عاش حياته بصدق ... لم يكن علي الإطلاق سوي فارس من فرسان الأساطير عبره تعلمنا كثير مثل وقيم ماكان لنا أن نتعلمها في كنب المدارس . أول درس علمنيه أن أنظر للحياة من بابها المفتوح أن لا أطاطئ رأسي أبداً علمني أن العمل هو قيمة الإنسان . كان سعيداً بنجاحات أبنائه وبناته كان يصر علي تعليمنا وقد كان له ما أراد . كان رجلاً بحق وحقيقة ، كان يملؤنا فخراً في كل لحظة قضيناها إلي جانبه الآن يرحل بهدوئه المعهود يتسرب من بين أيدينا تسرب الماء من قبضة الكف ونحن لا نملك يا أبي الآن سوي التحديق . تحكي أمي كثيراً عن ما واجههم من صعاب في سبيل ذلك لكنه كان علي الإستعداد دوماً علي أن يذلل كل تلك الصعاب بالعمل المضني جاعلاً من تعليم أبنائه وبناته هماً لا يعلوه هم وناشداً سعادتهم حتي وإن كان ذلك علي حساب شقائه وصحته . حسين خليل إسم سجل حضوره في سفر الخالدين بعطائه وحسن سيرته وإني الآن لا أجد من المفردات ما تسع وما قدمه هذا الرجل النبيل . فقد كان صديقاً وخليلاً قبل أن يكون والداً لي ولاشقائي وشقيقاتي . سنفتقده بكل تأكيد وسنظل علي الدوام نتذكره وندعوا له بالمغفرة والرحمة وسيظل مكانه في القلب عامراً غير أننا وبكل صدق سنفتقده حالنا حال الكثيرين من أصدقائه ومعارفه وأهله . سنفتقد تلك الابتسامة الودودة سنفتقده في مشاوير الحياة سنفتقدك والدي بصدق غير أننا فخورون بك بذات فخرنا في حياتك فقد كنت أكثر من رجل يمشي بين الناس . وداعاً والدي وفي الخالدين وليتقبلك الله بعظيم رحمته وليلهمنا الصبر وحسن العزاء ولا حول ولا قوة الا بالله .