الخرطوم ... حسن بركية [email protected] في كل مرة ترسل فيها واشنطن إشارة بإمكانية التطبيع مع الخرطوم يتذكر السودانيون أنهم سمعوا مراراً تكراراً مثل هذه التصريحات في حين تظل الأوضاع كماهي لاحدث التطبيع ولاقامت واشنطن بإتخاذ خطوات حقيقية تدفع عملية التحول الديموقراطي في السودان وتظل الضغوط الأمريكية علي السودان محصورة في خانة (الحل بالقطاعي ) للأزمة السودانية وبينما تظل الخرطوم في حالة ترقب وتطلع غير أن الواقع يظل كماهو والخاسر الأكبر من كل هذا كمايري عدد من المراقبين هو الشعب السوداني. وتمر العلاقات السودانية الأمريكية بمنعرجات وتحولات ، خاصة من جانب الحكومة السودانية التي تبدو مستاءة جداً من بقاء إسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ، في أكثر من مرة أبدت الخرطوم رغبتها في رفع الحظر الأمريكي الذي ألحق أضرار بالغة بالاقتصاد السوداني و قد إعترف أكثر من قيادي في المؤتمر الوطني بهذا الضرر في أكثر من مناسبة. وبالأمس كان مبعوث مساعد الخزانة الأمريكية للشئون الافريقية جونا هيرلي قد قال: أن الادارة الامريكية وضعت في ميزانية عام 2013 مبلغ 250 مليون دولار كدفعة أولى للمساهمة في حل ديون السودان الخارجية توطئة لرفعها للكونجرس للإجازة ، ولكن تم ربطها بشروط سياسية وحل الأزمة الناشبة في جنوب كردفان و دارفور والنيل الازرق. وهذا الربط هو الذي يزعج الحكومة السودانية التي تري أن الولاياتالمتحدة تضع شروط تعجيزية للتطبيع. وكان المؤتمر الوطني قد أبدي تبرماً واضحاً من تصريحات القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم حوزيف ستنافورد الذي تحدث عن إمكانية التطبيع مع الخرطوم في حالة ذهاب حكومة الانقاذ وقال أمين الإعلام في الحزب الحاكم بدرالدين أحمد ابراهيم في تصريحات صحفية يوم الأحد الماضي (أن استمرار أمريكا فى السعى لتغيير الحكومة يعنى أنها ضد إرادة الشعب السودانى الذى انتخب حكومته وأضاف بدرالدين أن سعى واشنطن المعلن من أجل إحداث تغيير لهذه الحكومة "يمثل عدم احترام لهذه الإرادة). ولكن القائم بالأعمال الأمريكي تحاشي التحدث صراحة عن الرغبة الأمريكية في تغيير الحكومة الحالية وقال في حوار مع صحيفة ‘‘ السوداني‘‘ علي الشعب السوداني أن يقرر شكل وطبيعة الحكومة ولكن لو حدث التغيير وإن كان السؤال لو تغيرت الحكومة السودانية سيحدث التطبيع الأمر قد يسهل تحسين العلاقات‘‘. وتظل المواقف الأمريكية في الملف السوداني محل جدل وبل ريبة وشكوك حتي بين بعض قوي المعارضة ، المؤتمر الوطني موقفه معروف قدم كل مايملك من أجل التطبيع و حصد السراب غير أن هناك نقطة في غاية الأهمية يجب التوقف عندها وهي أن حزب المؤتمر الوطني يشتري إطالة عمره بأي ثمن مهما كان مكلفاً وهذا الثمن يخصم من رصيد الأجيال القادمة في التمتع بوطن حر ومستقر لأن البضاعة الأمريكية (الفاسدة) التي تطيل عمر هذا النظام تضر بالمصالح الإستراتيجية للشعب السودان وتأتي تصريحات المبعوث الأميركي الأسبق آندرو ناتسيوس إلي السودان في سياق هذه النظرة الأمريكية للأزمة السودانية وقال ناتسيوس ‘‘أن المعارضة المسلحة والمسالمة في السودان تجمع بين مكوناتها بغضاء الرئيس البشير وحزبه وليس "رؤية مشتركة" لمستقبل البلاد. وإن استطاعوا الإطاحة بالبشير متنازعون حول السؤال الذي يسكن السودان منذ نشأته: العلاقة بين الإسلام والدولة السودانية‘‘ . وهنا يبدو ناتسيوس متسقاً مع بعض القوي التقليدية التي ظلت تسوق بضاعة المؤتمر الوطني للمعارضة بأن بديل الإنقاذ هو الفوضي ولذلك المطلوب هو البحث عن مخرج إصلاحي يتيح للنظام البقاء لفترة مقبلة وتفكيك سلطته بطريقة تضمن عدم الملاحقة والمساءلة. وفي نقلة نوعية في مسيرة العلاقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وقوي المعارضة والتي كانت تصنف خاصة من قبل الدوائر الحكومية السودانية بأنها من أدوات السياسة الأمريكية في السودان أصدر الحزب الشيوعي السوداني بياناً هاجم فيه السياسة الأمريكية في السودان بعنف وكان البيان في نظر كثير من المراقبين مختلفاً ويحمل في طياته بوادر تحول في العلاقة بين الحزب الشيوعي والولاياتالمتحدةالأمريكية وقال البيان : ‘‘إن هذا المخطط يستهدف التنفيذ العملي لما طرحته أمريكا من قبل، حول الهبوط الناعم والتفكيك السلمي للنظام، للحيلولة دون تغيير جذري للنظام تفرضه إرادة الشعب. ومن هنا تبرز الأهمية القصوى لكشف هذا المخطط وفضحه داخل وخارج السودان ‘‘. انتهي بيان الشيوعي ولكن تشابكات المصالح الأمريكية السودانية لاتنتهي وفي كل السيناريوهات الأمريكية ودراسات مراكز البحوث والجامعات فيما كل مايتعلق بالشأن السوداني يغيب الخيار الشعبي والإرادة الشعبية ويلغي تاريخ الشعب السوداني في إقتلاع أعتي النظم الشمولية ووفق ماهو متاح من معلومات وخيارات تبدو العلاقات السودانية الأمريكية مرشحة للمزيد من المد والجذر ،فلا الحكومة السودانية قادرة أو راغبة في الشروع العملي لبرنامج التحول الديموقراطي الحقيقي ولا الولاياتالمتحدة تضع مصالح الشعب السوداني سلم الأولويات لديها فهي تبحث عن المصالح الأمريكية أولاً. ** نقلا عن صحيفة الجريدة