لم يفلح التمكين موديل 1989 في تدجين الشعب السوداني أو موته جوعاً أو تطفيشه إلي سقط لقط . وعندما فصل الآلاف من الخدمة المدنية بدعوي الصالح العام ، ( دقشوا ) القطاع الخاص المنتج وليس الطفيلي ، فطاردتهم السلطة في وظائفهم الجديدة ، بل أخرجت رأس المال الوطني من السوق وضيقت عليه الخناق في كل جانب ولكن أولئك وهؤلاء صمدوا وهم يعرفون أن الوطن ليس ضيعة مسجلة باسم الكيزان ولا وقفاً مسروقاً في جدة أو جيزان . واشتغل كل زول في أي حاجة كيما لا تموت الأسر من الجوع ، وعاشت الغالبية عيشة الكفاف دون أن تنكسر الإرادة أو يضعف الأمل في التغيير للأفضل ، ولهذا استمرت الاحتجاجات والإضرابات بلا توقف طيلة السنوات العجاف الماضية ، كما استمرت الإنقاذ في ( زنقتها ) وبياتها الشتوي في انتظار مطرة البترول الجنوبي دون فائدة . وإذ لا تحتمل الطفيلية هذا الوضع ويهرس مفاصلها أن تري السودانيين يضحكون و ( يقرقرون ) ويثورون فإنها تلجأ الآن للتمكين موديل 2012 وشعاره ( نأكل ولا يأكل غيرنا ) . وهكذا يا أيها المفصول للصالح العام وأنت تعمل ( سواقاً ) في عربة أمجاد غير مسموح لك بالحركة في شوارع الخرطوم أو نقل الركاب لأن ( أمجادك ) مصدر من مصادر التلوث السمعي حسب قرارات شرطة المرور ، ولا بد أن تشتري ( بالشي الفلاني ) كاتم صوت للعادم مستوردة من المنشأ أو مضروبة أو تركن الأمجاد في أقرب راكوبة . ويا أيها الخريج الجامعي العاطل عن العمل وسايق رقشة لزوم الصرف علي الأسرة وتدبير المعايش ، فإنك مواجه بالغرامة ومصادرة العربة ذات الثلاثة أرجل بسبب إيقاف التراخيص ، واعمل حسابك يا غسّال العربات فإن موية الغسيل والصابون المخلوط بها تؤدي لتشقق شوارع العاصمة وتزعزع الأسفلت المعمول خصيصاً لعربات السدنة وأي مخالفة لهذا القانون الجديد تعرضك للغرامة والسجن وربما النفي إلي عتمور أب حمد . ويا ست الشاي التي كانت قديماً موظفة أو عاملة في شركة حكومية دفنتها الخصخصة ، ويا بائعات الكسرة أو التسالي والفول السوداني اللائي لم يتقيدن بالطبالي الإسلامية بأقساطها الشهرية ، فدونكم النظام العام وإزالة المخالفات ومصادرة ( العدة ) . ويا من تصيحون في الأسواق ( كل حاجة بسبعة ونص ) فإنكم تحبطون أهدافنا في ازدهار ( المولات ) جمع مول ، وكل مول وراه سدنة وفلول وهمباتة لم يروا صحن الفول . تمكين يا مسكين !! وبطيخة المشروع الحضاري ( مسيخة ) وعلي السكين الميدان