.. [email protected] ويتوالى مسلسل سقوط طائراتنا المتهالكة ، ويفقد الأبناء ابائهم وتترمل الزوجات وتكتوي من جديد أكباد الأمهات بجمر الدمع الذي ظل يخترقها مع نفخات الانقاذ على مواقد الحرب التي لا توصد منها نافذة في حائط الا و أنفتحت أخرى في جدار آخر ! وبيانات الناطق الرسمي جاهزة الاعداد ، فالسبب عطل فني ، تلك الشماعة التي تعلق عليها الكوارث التي سجلّت النسبة الأعلى في بلادنا دون غيرها خلال السنوات الأخيرة ! لاأحد ينكر حقيقة القضاء والقدر وان لكل أجل كتاب وكل نفس ذائقة الموت وان تعددت الاسباب ! لكن حكومتنا غير الرشيدة من الواضح انها تصر على الدفع بارواح الناس في لهيب حروباتها لاسيما الجنود النظاميين والى اتون المحارق الجوية وهي تعلم جيدا عدم صلاحيتها للطيران ، جراء انتهاء عمرها الافتراضي وعدم توفر قطع غيارها حتى في بلاد المنشأ ، وليس بسبب المقاطعة فقط التي تذرف حيال معاناتها منها حكومتنا وقيادة الجيش دموع التماسيح لتبدو ضحية في نظر المكلومين في فلذات اكبادهم ، لا متسببة مع سبق الاصرار ! بالأمس خرج علينا الناطق دائما بغير الحقيقة العقيد الصوارمي ، ليعلن النبأ الحزين ليس على بيوت الضحايا فقط وانما على كل بيت سوداني فهم جنود من ابناء الوطن ، مضطرين لتنفيذ الأوامر طالما أن قدرهم قد رمى بهم في سلك الجندية التي هي شرف يجعل من صدر الجندي درعا للذود عن بلاده ، فحولته الانقاذ رماحا في ظهر أهل تلك البلاد لترتوى هي في مشوار فشلها الطويل وتعيش على نزيف تلك الرماح ! لأول مرة لم يسبغ بيان الجيش اياه بالامس ثوب الشهادة على أجساد الضحايا ، فقال بالحرف الواحد ! ( فقتل من ركاب الطائرة ثلاثة عشر شخصا ونقل تسعة للمعالجة ) ! فيما كانت مقدمة البيان قد أوضحت تحديدا ان الطائرة عسكرية وكانت في مهمة الى دارفور وتحمل اسلحة ومعدات ! فما هو معيار الشهادة عند صحابة الانقاذ ؟ ومن يستحقه في نظرهم ؟ فقط قادتهم من السياسيين والضباط وان دفعوا بهم للركوب على تلك التوابيت الطائرة والسيارات التي يعبثون بكوابحها باليد اليمنى للتخلص ممن انتهت مهمته او صار عقبة في صعود أحد ما ، ثم يمسح اهل الانقاذ بدم بارد على دمعة فاقديه من الأهل بمنديل الشهادة الذي يحملونه في اليد اليسرى ! أما الجنود من شاكلة الذين ماتوا بالأمس اثناء تادية الواجب وهم مضطرون اليه بحكم فرضية تنفيذ الأوامر ايا كانت على علمهم بأنها مهام قذرة ، فهم قتلى ليس الا ! ولعل ذلك يذكرني التصرف الذكى لأحد السكارى وقد قبض عليه في شوارع دمش وهو تائه عن منزله ، وكانت سوريا وقتها تعيش حدادا على وفاة باسل الأسد ابن الرئيس حافظ وقتها الذي قضى في حادث سير عادي فاطلق عليه لقب شهيد ! فصار السكران يتوسل لعساكر الدورية باطلاق سراحه متعهدا بعدم التسكع ليلا وهو مخمور ، فرقّ له قلب الضابط المسئول وقال له سأطرح عليك سؤألا اذا جاوبت عليه ساطلقك ، فقبل الرجل بالشرط فرحا، وكان سؤال الضابط ، عن الفرق بين الشهيد والقتيل ؟ فقال الرجل بدهاء ومكر ان الشهيد يا سيدي من يموت في حادث سير على شارع المطار كالسيد باسل الاسد ! أما القتيل هو من يقول غير ذلك ! ونحن ايضا نطرح السؤال على ناطقنا الرسمي الذي ظل يتذاكى علينا في بياناته بتزييف الحقائق وقلبها رأسا على عقب ليجعل كل هزيمة لقواته نصرا واسباب سقوط طائراتنا جاهزة في جيبه قبل سقوطها المتوقع ! من هو الشهيد ومن هو القتيل في نظره المرتبط بقصر نظر نظامه وقادة جيشهم المؤدلج ؟ مع أننا وعلى سكرنا المتواصل بهموم الأنقاذ ، نعلم الحقيقة وذلك لايحتاج الى ذكاء خارق ! فان القتيل هو شعبنا المسكين أما الشهيد فهو الوطن بكامله ولا نملك الا تقبل العزاء فيه وفي انفسنا وكل الذين فقدناهم وخالص مواستنا لآلهم وان يلهمهم الله الصبر وعاجل السلوان ويتقبل الجميع في ابواب رحمته الواسعة ،، وانا لله وانا اليه راجعون .