بات السؤال عن البديل يتصدر الاونة الاخيرة اهم الموضوعات التي تشغل اذهان السودانين بصيغتة ( من هو البديل..؟ ) وبمضمونه من هو الخيار الانتخابي الذي يطرحة لنا دعاة التغيير والديمقراطية في المرحلة القادمة، تعبيرا عن ان كل التكوينات السياسية المطروحة الان نالت حظها من السلطة، وبشكل اكثر سذاجة قد تاخد المسالة طابعها الفوضوي عندما يقول لك البعض (انحن الناس ديل اخير لينا لانهم اكلو وشبعو نجيب زول تاني عشان ما يبدا ياكل من جديد لي ) في اشارة الي حكومة المؤتمر الوطني . في تقديري ان مثل هذه التساؤلات لا تعبر الا عن شخصية العاجز المهزوم المتحجر معرفيا وتاريخيا، فالتساؤلات اعلاه هي متجاوزة لنفسها بمعني اننا نسلم بواقع مازوم ونرفض في نفس الوقت تغييره والبحث عن بديل له، مسالة لا تتماشي مع العقل والمنطق لان التغيير ضرورة لا يمكن نفيها او تجاوزها في وجود (الزمان)، فالانسان والتاريخ بطبيعتهم متجهين نحو التغير والصيرورة المستمرة حتي لو فرضنا وجود لواقع كلي او مطلق لانهائي فما بالك في واقع الدولة السودانية في عهد حكومة المؤتر الوطني، فالتغيير اذن هو ضرورة انسانية لا بد ان يستجيب لها البشر . نعود مرة اخري الي السؤال في جزئيتة الثانية والمتعلقة بطرح البديل المناسب، بعد ان اجبنا علي الجزئية الاولة، فالسؤال ذو شقين احدهما يرفض التغيير ويرضي بالواقع رغم مرارتة والاخر يؤمن بالتغير في داخله لكنه يكذب وجود بديل، ويمثل هذا الشق من السؤال تحديا للتكوينات السياسية التي لم تتسني لها فرصة إستضافه من الدولة السودانية علي كرسي السلطة سواء بالديمقراطية او بالانقلاب العسكري، ونستطيع ان نحصر هذه التكوينات في تيارين احدهما علماني والاخر اسلامي وهم ( القوة الحديثة- والسلفية ) واخشي ما اخشاه ان يكون البديل هو التيار السلفي وفقا لواقع الحال ولاسباب نجملها في الفقرة القادمة . شهدت التيارات السلفية مؤخرا تطورا ولو نسبيا علي مستوياتها التنظيمية وخرجت بذلك من شكلها التقليدي ومن دائرة الدعوة الي الانخراط في العمل السياسي وإعتلاء المنابر الجماهيرية، مسالة لا ينكرها مكابر والشواهد علي ذلك كثيرة ابتداء من الاستقطاب وعملية البناء التنظيمي التي صا رت لها تمظهراتها وسط مجموعات كبيرة من الشباب، مرورا بتناولها للقضايا الاجتماعية من خلال تقديم بعض الدعاة لشرايط كاست وتسجيلات اذاعية وانتهاء بابداء الرأي في السياسة وذلك بتوجيههم الانتقادات لنظام الحكم وتشاكس بعض دعاتها مع الحاكم. اما القوة الحديثة وهي التيارات السياسية التي ولدت في التسعنيات من القرن الماضي هي في تقديري تيارات بعيدة كل البعد عن الجمهور فالحركات المسلحة ينحصر وجودها في اراضيها المحررة عصيا عليها الخروج منها، اما الاولي فينحصر وجودها في اعمال العقل والفكر والتنظير بعيده كل البعد عن البناء التنظيمي . وما اود الاشارة اليه هنا ان السؤال عن البديل ليس هو بسؤال يتم طرحه وتداوله فقط في المناقشات والمساجلات السياسية بل اصبح موضوع راي عام بل يكاد يكون هو الراي السائد وسط اغلب السودانين مما يعني ان الديمقراطية القادمة مهددة بخيار الكم وليس الكيف وذلك وفقا للعقلية التي تطلق السؤال حول البديل، وان التيار السلفي اصبح يشكل تهديدا واضح لكل التكوينات السياسية لانخراطه في المجتمع اكثر منهم بل ونيله للثقة اكثر منهم ايضا، وما عليك الا ان تقارن بين اعداد الذين خرجوا لهدم السفارتين الامريكية والالمانية مع اعداد الذين خرجوا في مناشدات اخري، فاحذروا السلف ربما يكون هو البديل القادم . ولكم مني كل التحايا . الميدان