** قلت البارحة، لم يذكر تقرير المراجع العام كل الحقيقة لنواب البرلمان والرأي العام..وأن التقرير لم يُغيّب حال المال العام بالبنوك فحسب، بل تلاعب أيضاً بالأرقام والنسب ليغيّب الحجم الحقيقي للمال العام المعتدي عليه بمرافق الدولة الولائية والإتحادية ومؤسساتها..ثم تلاعب بالكلمات، ليغيّب - أيضاً - حجم وأسماء الوحدات الحكومية التي تهربت من المراجعة..نعم، هكذا محتوى التق رير، غابت فيه الشفافية والحقيقة.. يلا نقرأ ما بين أسطر التقرير، ثم نكشف ما إستطعنا إليه سبيلاً ..!! ** أولاً، لم يذكر التقرير- لاتصريحاً ولاتلميحاً- حجم المال المعتدى عليه مركزياً.. بل راوغ عقول النواب بتلوين هذا الحجم بنص فحواه : ( بلغ صافي المال العام غير المسترد في الأجهزة القومية 3.8 مليون جنيه)، وللأسف، هذا النص - في مقام كما مقام البرلمان - خدعة بصرية وعقلية، ومراد بها تقليل حجم المال المعتدى عليه مركزياً..فالتعريف القانوني، وكذلك الأخلاقي، للمال العام المعتدي عليه ليس هو فقط المال غير المسترد، بل والمسترد أيضاً.. !! ** نعم، حاصل جمع المسترد وغير المسترد هو المبلغ المعتدى عليه، وهكذا تتلقى البرلمانات المعلومة في الدول التي مراجعها العام لا يتوجس من ذكر الحجم الكلي للمال المعتدي عليه، ولا ينتهج نهج ( فقه السترة)..إن كان الحجم الكلي قليلا، يطمئن البرلمان والرأي العام على سلامة نفوس سادة الأجهزة التنفيذية وسلامة الإجراءات المالية والمحاسبية، وإن لم يكن الحجم قليلا تعالج البرلمانات وبقية الأجهزة الرقابية تلك الأنفس - بالعقاب - وكذلك تعالج الاجراءات المالية والمحاسبية بالتصحيح، أوهكذا القصد - في الدول ذات الأنظمة الراشدة- من إعلان (الحجم الكلي للمال المعتدى عليه)..ولكن هنا، حيث موطن ثقافة (مشطوها بي قملها)، تقرير مراجعنا العام - بذكاء غير خارق - يغض الطرف عن حجم المال المسترد، ويكتفى بذكر حجم المال غير المسترد، ويفعل ذلك لتضليل الرأي العام بخبر هزيل من شاكلة ( المال المعتدى عليه بسيط خالص، بس تلاتة مليار وشوية)..فالشفافية لاتعني نصف الحقيقة، أو كما يفعل نهج المراجع العام..!! ** ثانياً - وهنا أم المصائب - لم يفصح خطاب هذا العام عن أسماء الهيئات والشركات التي تهربت – بالتلكؤ والرفض - من عرض موقفها المالي لنواب البرلمان والرأي العام..وبالمناسبة، كان قد أفصح ببعضها في تقريرالعام الفائت، وأثارصخباً إعلامياً، ولذلك تم تلوين الحجم والأسماء بنصوص غامضة نصها : ( 72 هيئة وشركة حكومية تحت المراجعة)، وبالتأكيد لم - ولن - يعرف البرلمان والرأي العام حال المال العام في هذه الوحدات، إذ ليس لتقرير المراجع العام ملحق يخصص له البرلمان جلسة أخرى، وكذلك لم يحدث في تاريخ المراجع العام انه عقد مؤتمراً صحفياً عرض فيه للرأي العام حال المال في الوحدات التي تلكأت عن المراجعة في حينها، أي يظل مصير أموال ( 72 هيئة وشركة حكومية) في طي الكتمان..!! ** ثم نقرأ هذا النص ( 25 وحدة حكومية تحت المراجعة - لم تقدم حسابات حتى تاريخه)، هكذا النص الغامض.. (25 هيئة وشركة حكومية)، لم تقدم حساباتها حتى موعد إعداد التقرير، وهذا يعني بالبلدي كدة ( متهربة من المراجعة)، ومع ذلك يصف تقرير المراجع - للنواب طبعاً - هذا التهرب ب(تحت المراجعة)..هي - أصلاً – لم تقدم لفرق المراجعة دفتر حساباتها، فلماذا تم تلوين تصرفها هذا ببوهية (تحت المراجعة) .؟. ليست هناك إجابة غير أن المراد بهذا التلوين ( خداع الناس)..!!