بقلم : طاهر عمر [email protected] إن الإقتصاد يقود العالم ولكن الي أي وجهة ؟ روح هذا السؤال كانت الدافع الحقيقي لجهود دانيل كوهين كإقتصادي شهير إنبثقت عنها أفكاره الإقتصادية . يرجع له الفضل في إعلان وثيقة الإشتراكيين الديمقراطيين تلك الوثيقة التي فصلت الأسباب التي جعلت االفرنسيين أمام خيار واحد وهو التصويت لصالح فرانسوا هولاند أمام خطاب ساركوزي الذي يجسد اللا عدالة . نال كتابه الإنسان الإقتصادي جائزة الكتاب الإقتصادي لعام 2012ويعتبر كتابه مبحث مهم فيما يتعلق بالسعادة للفرد وثروة الأمة وكذلك علاقة الأخلاق والإقتصاد والمنافسة والتعاون . إذا كانت السعادة كغاية وهم يأرق الفلاسفة والأدباء نجدها مع دانيل كوهين هم أصيل له كإقتصادي . ومايقلق دانيل كوهين عكسية العلاقة مابين ثروة الأمة وسعادة الفرد ويستدل علي ذلك بالأزمة الأقتصادية وظلالها المخيمة علي الشعب الأمريكي اليوم . وكذلك يلاحظ دانيل كوهين المنافسة في ظل النيولبرالية وفكرة التبادل الحر وعلاقتها العكسية مع التعاون . وفوق كل ذلك عكسية العلاقة ما بين الإقتصاد والأخلاق . ويضرب مثلا علي ذلك لا يخلو من السخرية وهي مسألة التبرع بالدم ويقال أن المسؤل أراد أن يزيد كمية الدم المتبرع به فأعلن أن هناك حافز لمن يتبرع بأكبر كمية من الدم فجاءت النتيجة عكسية . فعند دانيل كوهين في الصالة متي ما دخل الإقتصادي خرج منها الأخلاقي . بعد أن أكد دانيل كوهين بين عكسية العلاقة فيما يخص الأخلاق والإقتصاد والمنافسة والتعاون ينادي بأعلي صوته من أجل إدخال التعاون في دالة المنافسة وإدخال الأخلاق في حقول الأدب الإقتصادي . لذلك يري في جهود روزفلت أيام الكساد العظيم بعدا إنسانيا إفتقده الشعب الأمريكي في ظل فلسفة التبادل الحر . ومحاولة أوباما اليوم لفرض الضرائب علي الأغنياء جلبت له كثيرا من التهم ومن ضمنها ميوله الإشتراكية . فمحاولة اوباما لفرض الضرائب علي الأغنياء محاولة جادة في إصلاح العلاقة ما بين ثروة الأمة وسعادة الفرد ويلتقي مع دعوة دانيل كوهين لإدخال التعاون علي المنافسة والأخلاق علي الأدب الإقتصادي . يؤكد دانيل كوهين علي أن بحوث الإقتصاديين فيما يتعلق بالمنفعة هي بحوث عن سعادة الفرد ولكن إفتقرت للمباشرة في قياس المنفعة . فمسألة العدالة الإجتماعية أصبحت تشغل كل العالم في زمن أصبحت فيه التنمية ليست علي وفاق مع الديقراطية والعالم المتقدم علي خلاف مع شعوب العالم الثالث وأضحت ظاهرة تنامي الفقر في المجتمع الأوروبي ظاهرة لا يمكن تجاهلها . من هنا نبعت أهمية كتاب الإنسان الإقتصادي وإستحقاقه لجائزة الكتاب الإقتصادي . كتاب يبحث عن سعادة الفرد عكس الأفكار الدوغمائية السائدة عندنا في السودان سواء كانت أفكار الإسلاميين التي تقدس النصوص وتقتل النفوس في الوقت الذي أتضح فيه الأمر أي لا يوجد مقدس يفوق هيكل الإنسان قداسة سواء كان نص أو غيره من الرموز . أو دوغمائية الحزب الشيوعي السوداني للنصوص كما إرتهان الإسلاميين السودانيين للنصوص . يجب أن يخدم الدين الإنسان وليس العكس . ولكن مع أمثال نافع علي نافع يصير الإنسان خادم للنصوص وقاتل للنفوس وهذا هو الإزدهار السلبي . ففي توضيح عبادة النص وقتل النفس أنظر للحرب الجهادية علي الجنوبيين والنوبه . أما فيما يتعلق بعبادة النصوص عند الشيوعيين السودانيين قارنهم بالإشتراكيين الأوروبيين سيتضح لك الأمر في مسألة خراب العقل الدوغمائي . كتاب الإنسان الإقتصادي يعتبر إمتداد لكتابه المشهور الصادر عام 2008 بعنوان الإزدهار السلبي ففيه يركز دانيل كوهين علي إرتكاز الحضارة الغربية علي أفكار عصر التنوير وهما العقل والسلام إلا أن أوروبا نفسها خاضت حربين عالميتين أدت لقتل الملايين من بني البشر . وينتقد فية خطورة العولمة في نشر نمط الإستهلاك الغربي وضرره علي النظام البيئي . ويضرب مثلا بالصين إذا ما أصبحت ذات نمط إستهلاكي كما الغرب إنها ستقضي علي إحتياطي النفط العالمي وتقضي علي غابات العالم في سنيين معدودة ومن هنا تتضح خطورة النمط الواحد للإستهلاك . دانيل كوهين مثل كثيريين من المفكريين الغربيين يفتخرون بالإرث الروماني والإغريقي .فنجده قد تحدث عن سقوط الإمبراطورية الرومانية لأن نظامها الإقتصادي وصل لنهاياته . فخروج الأموال من أجل بناء منازل تفوق فخامة الصروح الحكومية أدي لإطمحلال الإقتصاد . لذلك جاء إعتناق المسيحية كعلاج للفساد وعدم العدالة الذي ساد . وهذا أمر مضحك للعقل الأوروبي اليوم الذي يعي ظلم الكنيسة عبر عصور الظلام أي أن تكون المسيحية شفاء من الظلم الذي ساد أيام ضعف الإمبراطورية الرومانية . لذلك يري دانيل كوهين أن ثراء الأمم في كثير من الأحيان ذو علاقة عكسية مع سعادة الفرد . دانيل كوهين يناقض فوكوياما وكتابه نهاية التاريخ ويري أن الديقراطية اليوم في خطر فيما يتعلق بطبيعة العلاقة ما بين ثراء الأمم وسعادة الفرد . لذلك يري في نجاح الهند والصين مالم تحتاط لعلاقة سعادة الفرد وثراء الأمة ماهو إلا تكرار للتجربة الغربية وهي تترنح تحت تأثير الأزمة الإقتصادية . مع دانيل كوهين يمكنك أن ترفض الدارونية الإجتماعية التي يمارسها الإسلاميون في السودان وسوف تجعلك تري بوضوح روح البربرية التي تتقمص نافع علي نافع عابد النصوص وقاتل النفوس . يا شباب السودان مع النخب الفاشلة لا أمل ولا صباح جديد يطل . فأنتم من يستطيع تجاوز العقل القديم عقل النخب الفاشلة . العقل الدوغمائي المتكلس الذي يجسده خطاب الإسلاميين وخطاب المعترفيين بهزيمتهم من قبل الإسلاميين . اليوم إن لم تسقط الإنقاذ بعمل واعي وهادف من قبلكم سوف تسقط بالتقادم . فالأجدي أن تسقط بعمل هادف وواعي من أجل بناء وطن تسوده العدالة الإجتماعية وتكون المواطنة أساس بغض النظر عن الدين واللون والجنس والجهة . هاهي الإنقاذ تحتضر إقتصاديا وسوف تسقط كما سقطت روما وكما إختنقت آشور علي الدرع وهذا ما ذكره المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي . آشور إختنقت علي الدرع بسبب حروبها . أنظر حروب الإنقاذ اليوم في دار فور وجبال النوبة والنيل الأزرق . إنها تخوض حروب بإقتصاد منهك . فالأجدي أن تسقط الإنقاذ بفعل واعي وهادف . من غيركم سينجز هذا العمل الجبار ؟ أنتم لاغيركم لأن النخب الفاشلة يسكنهم الخوف من خطاب الإسلاميين ويخشون من فكرة سلاسل الجحيم التي أخافهم بها الإسلاميين عبر خطابهم الذي يجسد عقل مسيحية ماقبل الإصلاح . فمسألة خلاص الروح أمر يخص كل فرد علي حدي . لاتتركوا تجار الدين يخوضون فيما بينكم والله . فالله قد وضع ثقته في الإنسان وأكرمه .