يتزامن حلول الذكرى السابعة والخمسين لاستقلال السودان المجيد مع تدابير وارهاصات عودة ولاية غرب كردفان وهي الولاية التي سبق وأن ازيلت من الخارطة الفيدرالية للسودان في العام/2005م وذلك في سياق بروتوكولات اتفاقية السلام الشامل C.P.A التي وقعتها الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية وتم شطر محليات الولاية ليلحق الجزء الجنوبي منها بولاية جنوب كردفان بينما لحق جزؤها الشمالي بولاية شمال كردفان، وذهب الكل وفي أنفسهم شئ من حتى!!. الآن ستعود الولاية لخارطة السودان الجغرافي والاداري والفيدرالي والسياسي مرة أخرى وهناك انقسام بين أهلنا في محليات القطاع الغربي من ولاية شمال كردفان ما بين مؤيد لعودة غرب كردفان بخارطتها القديمة وبين من ينادي بانشاء ولاية قائمة بذاتها تحمل اسم ولاية النهود لا علاقة لها بغرب كردفان السابقة برغم كل هذه الظروف الاقتصادية الضاغطة بعد أن فقدنا نسبة كبيرة من عائدات تسويق النفط بعد انفصال جنوب السودان واصبح قطراً قائماً بذاته..ولكل من الفريقين رؤيته ودفوعاته...ولكن ما الذي يمكن أن يحدث الآن؟!! الآن تعود غرب كردفان والجنوب قد انفصل وأصبح دولة قائمة لحالها ولم يعد جزءً من الجغرافيا السودانية، تعود لنا وهي تجد نفسها ولأول مرة ولاية حدودية مثل غرب دارفور وكسلا والشمالية والبحر الأحمر بعد أن كانت تتوسط عمق السودان في السابق، تعود لنا هذه المرة والبعض ينظر إليها على غرار أنها تمثل تكساس الغرب الأمريكي بالنسبة للسودان.. باعتبارها حتى الآن تمثل ولاية النفط أو الذهب الأسود الذي يعول عليه كثيراً في رحلة تعافي الاقتصاد السوداني والتي تعتبر رحلة شاقة ومرهقة وشائكة الأبعاد والتضاريس لتكون واحدة من مؤشرات التحدي القومي الكبير! في عصر السباق المارثوني بين الدولار والاسترليني واليورو والمارك والين عادت ولاية غرب كردفان لتكون محطة إسناد اضافية للخارطة في العمق الأمني القومي لوطن مثخن بالجراحات ومحاط بكيد الأعداء ومكر العملاء والمأجورين، حيث تمتد ألسنة اللهب في جنوب كردفان وعلى امتداد الشريط الحدودي بين دولتي السودان وجنوب السودان ومهددات الأمن في دارفور لا تزال قائمة وكردفان تعايش الذكرى السنوية الأولى لاندحار قوات العدل والمساواة والجبهة الثورية في معارك ود بحر بمحلية ود بندة خلال الأسبوع الأخير من ديسمبر من العام/2011م ومصرع قائدها د. خليل ابراهيم وغير ذلك من مترادفات ونحن نواجه حزمة من التحديات الجمة!! تعود غرب كردفان وسط وجدان منقسم ومشتت بين أهلها..بعضهم يحسن قراءة الخارطة بحصافة وذكاء وبعضهم الآخر تخونه دقة وسلامة التقديرات البعيدة عن الواقع والبعيدة جداً عن استلهام التجارب والدروس والعبر!! قيادات وزعامات تريد أن تعيد انتاج نفسها مرات ومرات وقد خبرناها من قبل منذ عهد الولاية الوليدة عام /1994م وألبسناهم العباءات السياسية والتشريعية ولكنهم للأسف لم يقدموا شيئاً مفيداً.. لا للتجربة ولا للمجتمع!! الكل يريد أن يحشد الناس ليصنع منهم هالة وبريقاً لنفسه حتى يجد له موقعاً متقدماً في الولاية العائدة وكأن هذا المجتمع لم ينجب غيره.. بطولات جوفاء اصوات مشروخة كاريزمية مصنوعة..عطاء مفقود..ادمان مستمر للفشل..وتهديدات لا تسمن ولا تغني من جوع..وتلويح بسلخ كل القبيلة من حزب المؤتمر الوطني الحاكم في حالة عدم قيام ولاية النهود..وكأن هؤلاء الناس قد نالوا عضوية هذا الحزب باسم القبيلة..وكأنهم قطيع من النعاج يتحكم فيهم هؤلاء ويدفعون بهم ذات اليمن وتجاه الشمال!! من الذي قال بأن قواعدنا هناك لا تفهم ولا تحسن قراءة الواقع..ومن الذي قال بأنها فوضت زيداً أو عمراً ليدير لها معارك مع والٍ سابق أو مع مسئول مركزي أو مسئول ولائي رفيع يحكم الآن أو يتأهب للمغادرة أو لتولي موقع آخر..؟! اسئلة عديدة تمتد متراصة بطول عربات القطار تبحث لها عن اجابة من هؤلاء الذين جاء بعضهم في غفلة من التاريخ وانزلاقه من الزمن لتولي مواقع أقل ما خرجوا به منها هو تمكينهم لأنفسهم بعد أن ودعوا حياة الفقر والبؤس التي كانت تحيط بهم وجعلتهم يتوهمون ديمومة الثراء الذي لا يدوم في نظرهم الا عبر التمترس والتخندق في المواقع الدستورية التي تتيح المزايا والامتيازات وترادف المرتبات الشهرية المتعددة ومخصصات ما بعد نهاية الخدمة ونقصد بها الحقوق المسماة بمكافآت الدستوريين والتي لا يكلف فيها أحد من هؤلاء نفسه مشقة ولو كفالة يتيم واحد!! بئس هذه القصور التي لا تفتح لاستضافة الناس واكرامهم أو لتبني طلاب العلم أو المرضى..بأي حق يريد هؤلاء بأن يتزعموا الناس بالاثنية والعنصرية متمشدقين باسم القبيلة التي لم يقدموا شيئاً لها لا من قبل ولا من بعد؟! من حق أهلنا في النهود أن ينعموا بولاية مستقلة بكفاحهم وعرقهم وعطائهم ومن حق مدينة النهود أن تتدرج وتتطور وتصبح عاصمة حتى لكردفان الكبرى..ولكن ليس من حق هؤلاء الأباطرة والكباتن أن يزايدوا باسم مجتمع المنطقة بادعاء البطولات ويزعموا بانهم هم الذين يملكون القدرة في تحقيق احلام الجماهير، لأن الجماهير هناك صاحبة كسب وارادة وعزيمة وتدري كيف توصل صوتها لرئيس الجمهورية ولقيادات الحزب الحاكم وليست بحاجة لسماسرة سياسة أو مدعي بطولات زائفة ارادوا أن ينعموا بحياة الكنكشة في المواقع الدستورية مدى الحياة مثل زعامات الأحزاب الطائفية الذين لا يهرمون ولا يشيخون ولا يعتزلون العمل السياسي!! لا أحد يملك الجرأة أو الحق ليتطاول علينا في مواقفنا المشهودة لدى الجميع منذ البيان الذي أصدرناه في صحيفة ألوان في شهر أغسطس عام/2004م ضد تذويب الولاية وقلنا فيه أن الحكومة تخطئ بذلك في حق المنطقة وأهلها.. وكنا يومها نتولى تكليف أمانة الاعلام والناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني في غرب كردفان..ولا نزال على قناعاتنا وكثيراً ما جاهرنا بأصواتنا في قضايا أهلنا المصيرية عندما كان هؤلاء يختبئون خوفاً على مواقعهم وعلى مخصصاتهم ولم ندع البطولة يوماً بقيادة وفد الي الخرطوم نتوارى عن الأنظار عند الوصول إلى هناك..!! من حقنا أن نحرض أهلنا ونقول لهم بأنه واذا تعذر الآن تحقيق مطلبهم بقيام ولاية في النهود فان من حقهم أن ينعموا بولاية مشتركة مع أهلهم الآخرين وأن ينعموا بعائدات البترول والذهب والحديد وأن يكونوا شركاء في رسم وصناعة المستقبل ليخرجوا من حياة القرون الوسطى التي فرضت عليهم بسبب ضعف عطاء النخب التي ظلت تمثلهم باستثناء القلة التي كانت تقدر المسئولية ولا تخشى في الحق لومة لائم! أين كان هؤلاء الأبطال عندما ضربت غبيش والمجرور والزرنخ وود بندة وأرمل وأم زميل وغيرها وسقط الشهداء والجرحى بالمئات؟! لم نسمع بمن جاء ليطلب تولي مسئولية الثأر والقصاص ورد الاعتبار للديار التي انتهكها ودنسها التمرد الدارفوري..!! مالكم كيف تحكمون؟! اننا نبحث عن عمق الاضافة والتمكين والاسناد القوي الذي يمكن أن تضيفه غرب كردفان بعودتها لولايتي شمال وجنوب كردفان ولاهلنا مواطنيها الكرام حتى تتبوء كردفان الكبرى موقعها الطبيعي والمستحق في خارطة الوطن كرقعة جغرافية ومجتمعية ظلت تشكل قاسماً مشتركاً تاريخياً في صناعة تاريخ الدولة السودانية، فهل يعي ويدرك هؤلاء؟ اللهم أغفر لنا والهمنا الحكمة وأجعلنا من المهتدين دوماً إلى صراطك المستقيم إنك أنت السميع المجيب. [email protected]