فى الوقت الذى اكد ت فيه الحركة الشعبية “شمال" موافقتها على قرار الوساطة الإفريقية، ببدء مفاوضات مع الحكومة السودانية في أديس أبابا في الخامس من مارس القادم .فان الحكومة ، قد حزمت امرها ، لتقرر بعد طول تردد ،رفضها المبدئى للتفاوض مع قطاع الشمال. بعد صدور القرار الدولى الذى يلزم الطرفين بانهاء النزاع المسلح فى ولايتى النيل الازرق وجنوب كردفان عن طريق التفاوض بوساطة الاتحاد الافريقى، ابدت الحكومة تحفظا تجاه الامر، واشترط العديد من المسؤولين فى تصريحات مختلفة العديد من الاشتراطات لاجراء تلك المفاوضات، كان اخر ما استقر عليه الموقف الرسمى ،هو اشتراط ربط هذه المفاوضات بفك ارتباط قطاع الشمال بدولة الجنوب.عدم استيفاء هذا الشرط ادى الى تعطيل انفاذ الاتفاقات الثمانية التى توصل لها البلدان فى سبتمبر الماضى، ومن ثم وتعثر المفاوضات اللاحقة بينهما لاصطدامها بالملف الامنى الذى يتضمن – وفقا للخرطوم – التزامات محددة للجنوب، بتجريد مقاتلى قطاع الشمال من السلاح ،او بعبارة اخرى، سحب الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين لجيش جنوب السودان. وقد اكد الرئيس البشير مؤخرا، فى تطور جديد للموقف الرسمى ، انه لاتفاوض مع قطاع الشمال. وقطع الرئيس، فى حديث لمجلس شورى الحزب الحاكم، منتصف الشهر الجارى ، " ان السودان ليس لديه مسعى او توجه لتوقيع اتفاقية جديدة الحركة الشعبية - قطاع الشمال أو غيره، فيما يتعلق بمعالجة قضايا منطقتى النيل الازرق وجنوب كردفان ،وانه متمسك بما تم التوقيع عليه من بروتكول حول قضايا تلك المناطق". واوضح قائلا: "أن المسلحين من أفراد الجيش الشعبي سيتم معالجة أوضاعهم وفقاً لبرنامج التسريح وإعادة الدمج". فى هذا الاطار اعلن المؤتمر الوطني رفضه تهديدات الأممالمتحدة باستخدام "وسائل غير مرئية" حال امتناع الخرطوم التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال ،قال رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالحزب، البروفسور إبراهيم غندور، إن الأزمة في الولايتين المذكورتين تعتبر قضية داخلية تلزم الجميع برفع أياديهم عنها، مؤكِّداً على أنها لن تُحل إلا سياسياً، وأن يكون الحل داخلياً وليس مفروضاً من الخارج. وأضاف "أي محاولات لفرض أي شروط أو حوارات ننظر إليها على أنها محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية." ويبدو ان الوساطة الافريقية ، التى علقت جولة التفاوض بين دولتى السودان التى كان مقررا لها منتصف الشهر الجارى،قد رأت كسر جمود تلك المفاوضات أودورانها فى حلقة مفرغة ، بمحاولة احداث اختراق فى مايمكن تسميته "ازمة المفاوضات"، بمدخل جديد.فقد بات جليا ان حل مشكلة الولايتين يمثل مدخلا مفتاحيا لفك عقدة مفاوضات السودانين، بما يحققه من استجابة للمطالب الامنية للسودان. وقد اعتبر المبعوث الامريكى السابق ، برنستون ليمان ، ان المشكلة، الماثلة فى جمود المفاوضات، تكمن فى كيفية تحديد الخرطوم لمطلوباتها الامنية و مخاطبتها. ومنذ اخر جولة من تلك المفاوضات، والتى انتهت كعادتها بالفشل،ارتفعت – كالمعتاد ايضا– حالة التوتر بين الدولتين،و شغلت وسائل الاعلام بالاتهامات المتبادلة بينهما، انباء عن حشود عسكرية على جانبى الحددود، ثم اشتباكات. ترافق ذلك مع تصاعد ملحوظ فى الضغوط السياسية والدبلوماسية على الحكومة. وقد عادت الاطراف لتاكيد مواقفها السابقة، وسط قناعة واسعة لدى الرأى العام، فى الداخل والخارج، بعدم جدوى التفاوض بين البلدين ، كآلية معتمدة لتسوية المشكلات القائمة بينهما.وهو – فيما يبدو- كان باعث الوساطة الافريقية لتعليق جولة التفاوض الى اجل غير مسمى. وفى سياق رد الفعل على تلك الضغوط ، والتى لم تخل من تهديدات واملاءات،كما يستفاد من افادات المسؤولين، عادت الحكومة لتأكيد مواقفها ،بصورة اكثر تحديداً وتصلبا.ماقد يؤشر مصير الجولة المقبلة.اذ شددت على انه ليس لها مزيد من التنازلات لتقدمها للجنوب. وقد تلخص موقف الحكومة من المفاوضات المقبلة فى اديس ابابا ، مع دولة الجنوب من جهة ومع قطاع الشمال ، من الجهة الاخرى، كما عبر عنه رئيس الجمهورية، رئيس المؤتمر الوطنى ، خلال مخاطبته اجتماع مجلس شورى الحزب الحاكم،فى "اللاءات" التالية: لارجعة عن اتفاقيات التعاون الموقعة مع جنوب السودان، لاتنازلات جديدة لصالح دولة الجنوب لاتفاوض مع قطاع الشمال، لاخضوع لأى املاءات اوضغوط خارجية لاتراجع عن المرجعيات ولاتفاقيات الخاصة بأبيى لاتراجع فى منطقة الميل 14 عبدالله رزق [email protected]