منذ أن اعلن رئيس الجمهورية من على شاشة تلفزيون السودان بأنه يمتلك منزلاً ومزرعة وشقة ولا شئ غير ذلك ،منذ ذلك الحين كان الأولى بمسؤولي حكومة الإنقاذ ان يحذوا حذوه فيقدموا من تلقاء أنفسهم كافة المعلومات المتعلقة بممتلكاتهم العقارية والنقدية وودائعهم الاستثمارية وعقاراتهم بالخارج ، لقد ضرب الرئيس البشير مثلاً مقبولاً حينما اوضح للجمهور انه يمتلك بعض الممتلكات وللجمهور الحق في التفكر والتأمل في معقولية تلك الممتلكات مع وضع الرئيس المادي وفترته التي ظل يحكم فيها السودان وما يتلقاه من مرتبات وحوافز . ان ملف ممتلكات بعض المسؤولين يمكن ان يفتح الباب واسعاً امام استرداد المال العام المنهوب او المكتسب بطرق ملتوية او المجير بواسطة السلطات والصلاحيات او المبدد بقصد منح الفرصة لآخرين للغرف منه تحت حماية اللوائح والضوابط المعمولة خصيصاً للتعامل مع المال من هذه النوعية ، لدينا تحقيقات جارية حول تمكين بعض المسؤولين لأشخاص للغرف من المال العام تحت شتى المسميات والتخريجات و قد يمتون اليهم بصلة القرابة او غيرها من ( الصلات الطيبة ) مثل الحزبية والبلدياتية والقبلية والجهوية والنسب والشللية او الدفعة او غيرها من العلاقات ، التحقيق يبحث في معلومات من هذا القبيل لتقديمه في صورة بحث عن أنماط وأشكال الفساد وتأثيراتها على حالة حقوق الانسان وحالة التنمية في البلدان الفقيرة او المصنفة حكوماتها عالمياً بانها حكومات فاشلة او فاسدة وغيرها من التصنيفات . ونسبة لتعذر الحصول على معلومات من هذه الشاكلة في ظل الاوضاع الحالية فإن التقصي على نار هادئة سيكون هو منهج البحث حتى تكتمل الصورة تماماً ومن المهم ان تملك وزارة العدل بعد حصر ممتلكات المسؤولين كافة دستوريين وغيرهم المعلومات التي بحوزتها الى وسائل الاعلام، فقد جربنا العديد من الفرقعات الاعلامية منذ تكوين آلية مكافحة الفساد واللجنة العدلية لمراجعة إقرارت الذمة وغيرها من اللجان وهذه الفرقعات لم تفلح في تبييض صورة السلطة لدى مجالس المدن ولا وسط المجتمع الدولي فالحديث ما يزال يدور حول ملايين الدولارات التي تم تهريبها خارج البلاد وتشييد مدن خارجية وهي احاديث سيكون لها ما بعدها حتماً متى ما تغيرت الاوضاع الحالية ولكم في ما حدث لجماعة حسني مبارك الحاكمة عبرة وعظة . وبعد اعلان الرئيس بممتلكاته المذكورة فإن أقل ما يتوجب فعله من بقية المسؤولين الذين هم دونه او هذا ما يفترض به ان يكون هو نشر كشوفات تتضمن اسماءهم وممتلكاتهم وتاريخ الحصول عليها ثم تبقى مسؤولية مقارنة قيمة هذه الممتلكات مع صحيح ما يقبضه او يكسبه اي مسؤول بالطرق المشروعة من مال ،تبقى هذه مهمة الجهات الخبيرة المختصة فإن لم توجد يمكن لرئاسة الجمهورية او مكتب النائب الاول للرئيس ان يكون لجنة عليا لحصر ومقارنة وكشف ممتلكات المسؤولين كافة خاصة وان النائب الاول سبق وأن كشف أمام البرلمان عن حقيقة المرتب الذي يتقاضاه والمقارنة متروكة لمن يريد ان يدرس حجم الممتلكات مع حجم المال المقبوض وتاريخ المسؤول المادي اي بمعنى السيرة الذاتية والتربوية للمسؤول وما اذا كان ورث من أمه وأبيه ما يملكه في الوقت الحاضر خصوصاً اذا كان الناس يتحدثون عن اشخاص يملكون عمارة وعمارتين وثلاث ورباع هذا غير الارصدة البنكية في الداخل والخارج . ان الغبن الاجتماعي الذي سببته الانقاذ خلال عشرين عاماً من الحكم ينذر بفتنة اجتماعية لا تبقي ولا تذر ثم ان الازمة المالية والاقتصادية العالمية جاءت لتزيد الطين بلة فقد غطى الفقر بقية النسب التي كانت فالتة من بين يديه واغرق الطبقة الوسطى التي كانت اصلاً تتهاوى تحت ضربات السياسة الاقتصادية الخاطئة ولم يبقِ الا على الشريحة الطفيلية العالقة بالنظام ذلك انها تكسب بطرق خبط عشواء وتقفز من حضيض الوضع الموروث الى قائمة اصحاب المليارات ما بين غمضة عين وانتباهتها وهي الشريحة المعنية بحصر الممتلكات، فلعل النتائج المرجوة تفضي الى استذكار البعض لحكمة رد المال الى بيت مال المسلمين او على أسوأ الفروض تطهير أصحاب الأموال المليارية من الدنس والأرجاس . الصحافة