ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لابد من سودان جديد (4)
نشر في الراكوبة يوم 28 - 03 - 2013

للحديث عن الفساد فى هذه الفترة والاوضاع الاقتصادية الحالية لا بد من الرجوع الي الخطة العشرية التي وضعها النظام الحاكم (الإنقاذ) في 1992- 2002 والتي بناءً عليها كان يجب ان يصل السودان الي مستويات عالية من الانتاج المتعدد في كافة المجالات كما إدَّعوا – (لكن كانت الخطة عبارة عن تخطيط للبقاء في السلطة).
بنيت الخطة علي الاتي:
سياسة التحرير الاقتصادي.
الية السوق الحر.
وذلك بإعتبار ان الهدف الاول هو البقاء في السلطة والتمكين للكادر هو الهدف الثاني وزيادة الارباح لهذه الفئة دون النظر الي الفقراء الذين هم الاغلبية وكذلك الهدف هو خلق اغنياء جدد وفى هذا الصدد نستنتج الآتي:
1 ان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يرفضان تدخل الدولة في المسائل الاقتصادية لكن بهذا التدخل نجد النتيجة هي الانهيار الاقتصادي الذي يشهده العالم اليوم والذي بدوره يؤثر علي الانتاج الزراعي والصناعي والقدرة الشرائية للمواطن. ففي الوقت الذى تصرح فيه الدولة بان هذه الازمة لاتاثر علي الوضع السوداني إلا أن التاثير واضح من ذلك عند وضع الموازنة العامة للدولة 2009م حيث تم اعدادها كموازنة ظروف خاصة وبها اجراءات تقشف تطال بعمق الصرف علي الخدمة الاجتماعية من تعليم وصحة وغيره.
وذلك يعني ان اي حديث عن خفض الايرادات يعني خفض الصرف علي التنمية خاصة في المجتمعات الفقيرة و تزيد أوضاعهم سوءا علي سوء لأن الاغنياء الجدد من كادر الانقاذ يملكون مصادر متنوعة او انهم اخذوا الكفاية من الاموال مما يمكنهم بأن يكونوا بدلاء للراسمالية الوطنية التي كانت موجودة. وذلك بالتحايل علي السياسات الاقتصادية الموضوعية بهدف التمكين . ما حدث للخطة العشرية هو الفشل الذريع الذي لاقته لانها لم تكن علمية اقتصادية انما كانت لتحقيق آمال وطموحات الكادر الحزبي للانقاذ لانهم لم يكونوا يملكون مصادر للتمويل ولم تكن هناك جدية عند تنفيذها لذا لم يعلن عنها عند انقضاء الفترة المحددة لها 2002م مثلما وجدت من إهتمام عند بدايتها.
حصاد الهشيم:
هذه قراءة متأنية للخطة العشرية من 1991 – 2002 وما صاحبها من فشل في مجالات الزراعة والصناعة:
المجال الزراعي:
ما وصلت اليه الخطة العشرية في منتصف 2002 عند انتهائها في المجال الزراعي اقل مما تم الاعلان عنه من شعارات ( ناكل مما نزرع) نتيجة لهذا الشعار وفق ما خطط له لزراعة وإنتاج الذرة "على سبيل المثال" سوف يتم إنتاج ( 20,000,000 ) عشرين مليون طن من الذرة. وهذا أزيد من الاستهلاك في الدولة لكن عند انتهاء الخطة في 2002 كان الانتاج خلال العشر سنوات (282,500) مائتى وإثنين وثمانين ألف وخمسمائة طن من الذرة؛ أى ما يوازي 15% من ما وضع في الخطة فيما كان الانتاج في 88- 1989م حوالى (442,500) طن من الذرة أى ما يساوي 65% من الانتاج. وهذا ما يدل علي الفشل في مجال زراعة الذرة لأن الإنقاذ أتت بسياسة تمكين لكادرها فقط ولم يكن همهم الأساسي الانتاج الزراعي انما كان كادرها يعمل بالاحتكار للسلع المستوردة وسلع الانتاج المحلي لتكوين الثروات.
فيما يخص ميزان الحبوب الغذائية في ولايات السودان المختلفة، لا يكفي أن نعلم ان انتاج الذرة في المتوسط سنويا يصل الي 6 مليون طن والاستهلاك الفعلي حوالي 3 مليون طن. فهناك فائض في الانتاج لأنه اذا كان انتاج ولاية الجزيرة يحتاج الي ترحيل اذا ما كان سيوزع مثلا في الغرب او الجنوب مما يزيد من تكلفة الانتاج. وذلك عبر الارباح التي يضعها التجار. في التقرير الوارد من ادارة الأمن الزراعي بوزارة الزراعة الاتحادية لعام 2007 نجد ان الولاية الشمالية لها فائض في الانتاج39 الف طن. وولاية نهر النيل فائضها 202 الف طن من جملة الانتاج في السودان. وولاية الخرطوم بفائض 903 الف طن.
وعند مقارنة ذلك بمناطق الانتاج التقليدي يمتاز بتدني الانتاج ويسكنه 65% من جملة السكان في السودان. في دارفور من نفس التقرير كان العجز 562 الف طن. هذا يوضح عدم اهتمام الدولة بمناطق الانتاج التقليدية. وكذلك هناك جدول يوضح الاكتفاء الذاتي من الحبوب لعام 2008 بلغ فائضه 5340 طن من الذرة. بينما في العام 1988- 1989م بلغ الفائض 4425 طن. بعد مرور 20 عام نقص انتاج الذرة ب 450 الف طن. هذا اذا تم حساب كميات بذور الموسم الذي يلي ذلك فقد قدر ب 60 الف طن كما نجد الفاقد ضخما عند عمليات الحصاد زائدا الاستهلاك الحيواني الذي يبلغ 180 الف طن من الذرة و الاستهلاك البشري حوالي 3134 الف طن في العام نسبة لكل ذلك اتجه المواطنيين في السودان الي استهلاك الخبز نسبة لارتفاع تكاليف الانتاج للذرة والدخن.
فيما يخص توطين زراعة القمح في السودان في مناطق الجزيرة والولاية الشمالية، نجد أن نوعيته ليست هي المخصصة لانتاج الخبز انما تستورد الدولة قمح الخبز من الخارج. لذا، عندما يتم التحدث عن نأكل مما نزرع يجب أن نضع في الحسبان ان استيراد القمح للخبز لم يتوقف، حيث نجد أنه يتم استيراد 250 الف طن سنويا وما تم استيراده في زمن الخطة العشرية بلغ (1,500,000) الف طن بزيادة 6 اضعاف ما تم استيراده قبل الانقاذ. كما يشير ميزان الاكتفاء الذاتي الي ان انتاج القمح حوالي 627 الف طن. وبعد الحصاد نجده حوالي 31 الف طن بالتالي يتم تغطية الفارق بالاستيراد من الخارج حيث بلغت جملة استيراد القمح في 2008 حوالي 800 الف طن.
اما الدخن انتاجه 741 الف طن في 2008 وبذوره 17 الف طن والفاقد عند الحصاد 37 الف طن والاستهلاك الحيواني 21 الف طن والاستهلاك البشري 688 الف طن نجد ان الجملة هي 741 ألف طن. بالتالي الانتاج مساوي للاستهلاك من هذا نجد ان الدولة متخبطة في ادارة التوزيع العادل للثروة. ففي ميزانية 2009 الخاصة بالزراعة المطرية وضع لها 8 مليون جنيه اما الزراعة في الولايات الشمالية ونهر النيل وضع لها مبلغ 36 مليون جنيه لتوطين زراعة القمح اكثر باربعة مرات لما وضع للزراعة المطرية الذي يقطنه حوالي 65 % من جملة سكان السودان.
مما ذكرناه بخصوص الخطة العشرية وما بعدها في السودان من سياسات الاقتصاد للدولة هناك مفارقات عجيبة وغريبة خاصة في مجال الزراعة والثرروة الحيوانية. وذلك اذا ما اعتبرنا ان السودان يزخر بتتعدد تلك الموراد ومنتج رئيسي لها؛ ففي تقرير المراجع العام للاعوام 2005 – 2007 الخاص بتنفيذ المشاريع والمبالغ التي وضعت لتنفيذ تلك المشاريع في البند الرابع الخاص بالتنمية فقد خصص مبلغ 300 مليون دينار لاعادة تعمير المراعي ونفس المبلغ خصص للمدينة الرياضية بالخرطوم ومبلغ 659 مليون دينار لكهرباء الفلل الرئاسية التي تعادل اكثر من مرتين مما وضع للمراعي! أيهما اولي الرياضة والترفيه ام المراعي وتعميرها؟ التي يمكن بها ان توقف جميع الحروب خاصة دارفور حيث انحسرت المراعي في السودان واصبحت لا تكفي غير 50% من الثروة الحيوانية في السودان. الا انه عند التنفيذ فقد تم صرف 100 مليون دينار للمراعي. وهذا المبلغ يمكن ان يملكه اي تاجر في اسواق وسط الخرطوم. والفلل الرئاسية رصدت للكهرباء فيها ما يعادل 659 مليون دينار (كي تعقد فيها القمة الافريقية والعربية والباسفكية التي لم تستفيد منها الدولة)، نجدها في الآخر عند التنفيذ زاد المبلغ المخصص لها واصبح 1300000 دولار!
محور الصناعة:
نجد ضمن الخطة العشرية للانقاذ (نلبس مما نصنع). وكان الانتاج المحلي للمنسوجات في عام 86 بلغ 168 مليون ياردة وهو اقرب الي الاكتفاء الذاتي الذي يبلغ 200 مليون ياردة. عند وضع الخطة العشرية تم التخطيط لانتاج 800 مليون ياردة بحيث يتم الاكتفاء الذاتي 600 مليون ياردة و تصدير ما تبقي وبعد انتهاء الخطة في 2002 تم انتاج ما جملته 15 مليون ياردة فقط. بالتالي انخفض الانتاج بحيث كان الاستيراد في عام 1990 بلغ 3 مليون ياردة بملبغ 234 مليون دولار حتي وصل ذلك في العام 2007 الي استيراد منسوجات بمبلغ 316 مليون دولار. وهذا يكشف ما وصل اليه الخداع في الاقتصاد السوداني.
اما في مجال الزيوت النباتية وصناعتها دعت الخطة العشرية الي انتاج 600 الف طن لكن عند انتهائها كانت جملة الانتاج 155 الف طن اقل من 5% مما كان مخطط له. في عام 2006 كان المخطط انتاجه 1,402,107 طن الا أنه لم ينتج؛ ففي 2005 تم استيراد زيوت بملغ 50 مليون دولار وفي 2006 تم استيراد بما مبلغه 49 مليون دولار مما اثر علي ميزان المدفوعات.
بالنسبة للبترول تم تصدير بما قيمته 6757 مليون دولار في 2006 – 2007 اخذت الصين 85% منه مايساوي مبلغ 5745 مليون دولار. ونجد ان الموازنة العامة في الدولة تعتمد كليا علي البترول مما ادي الي اهمال النشاط الزراعي. أما الذهب فجملة صادراته في نفس العام كانت بمبلغ 516 مليون دولار وكله يتم تعدينه في البحر الاحمر فماذا تم من مشاريع تنمية فيها؟ اللهم الا الفقر الذي يهلك اهله.
فرغم انتاج البترول نجد ان تقرير العرض الاقتصادي لعام 2008 الصادر من بنك السودان يدل علي ان هناك واردات بترولية بما يعادل 414 مليون دولار في عام 2006 و291 مليون دولار لعام 2007 وبمبلغ 386 مليون دولار لعام 2008 من استيراد للمشتقات البترولية. وهذا يدل علي عدم الاستغلال الامثل للموارد رغم انتاج السودان للبترول.
في مجال السكر الآن السودان يستورد السكر رغم كثرة المصانع لان مصنع سكر كنانة اكثر اسهمه مملكوكة للاجانب من السعودية والكويت ومصر وان المصانع الاخري لا تكفي الاستهلاك المحلي.
في مجال الكهرباء وعدت الخطة العشرية بتوصيل الكهرباء لكل السودان ووعدت بأن تنتج كهرباء سد مروي 1250 ميغاوات ونجد ان تكلفة بناء سد مروي تساوي المليارات. فكان الاجدي أن يتم تعلية خزان الروصيرص الذي تساوي كلفته بين 600 – 900 مليون دولار وسد مروي كلفته تساوي مليار دولار لبناء الخزان غير المشاريع المصاحبة له من طرق ومشاريع ومدن جديدة اضافة الي مضاره البيئية وهدمه للآثار بل وكل ذلك يتركز في الولاية الشمالية مما يدل علي أنه برنامج انتخابي للمؤتمر الوطني وذلك لما ورد في الورقة الاقتصادية التي قدمها عبدالرحيم حمدي فيما عرف بعد ذلك بمثلث حمدي (دنقلا – سنار – كوستي).
أفاق الحلول للمشكلة السودانية:-
1- رؤية الحركة الشعبية:
حين أنشأت الحركة الشعبية في عام 1983م، قمنا بإجراء تحليل نقدي لواقع السودان وتوصلنا لقناعة بأن ضرورة كفاحنا لأبد أن تكون من أجل نوع جديد من السودان الذي نتبع له جميعاً، سودان متحد ولكن علي أسس جديدة وإدارة سودانية جديدة مبنية علي حقائق السودان علي كل من (التنوع التاريخي / والتنوع المعاصر). وهذا النوع من السودان الذي نعمل ونناضل من أجل تحقيقه سميناه (السودان الجديد).
ونحن علي ثقه تامه بأن المجموعات الدينية والعرقية والثقافية العديدة في السودان تستطيع أن تستخدم التنوع التاريخي والمعاصر للسودان في تشكيل وتطوير هويه وكيان سودانيين صحيحين. وإذا لم نتمكن من تشكيل وتطوير هوية وكيان يمثلاننا جميعاً، فسوف يتمزق السودان الي ما لا يقل عن دولتين مستقلتين.
أ- المرتكزات الفكرية والمفاهيم الأساسية لمشروع السودان الجديد:
لكل مشروع فكري ركائز أساسية (شعَب) يقوم عليها. وبما أن مشروع السودان الجديد هو في المقام الاول طرح فكري جاد لحل إشكالات الواقع السوداني، فبالضرورة أنة يقوم علي ركائز فكرية ومفاهيم أساسية يجب معرفتها وتطويرها. وذلك افقياً، بإحداث تراكم كمي علي مستوي الإلمام الجيد بها وإنتشارها بالقدر الذي يحولها الي خطاب إجتماعي سائد؛ راسياً، بالبحث في إمكانية تطويرها معرفياً وتعميقها بشكل مستمر يستفيد من المنهجية الحديثة في البحث العلمي.
وذلك حتي تتجسد من خلالها الأبعاد الفلسفية والعلمية للسودان الجديد كفكرة إنسانية إستفادت كثيراً من التجارب الإنسانية الأخري والتنظير من خلالها للواقع السوداني بعقول سودانية منطلقها الأساسي هو حقائق الواقع السوداني في كل من التنوع التاريخي والتنوع المعاصر.
وكيما تتجلى الفكرة علي المستويات السياسية والإجتماعية والإقتصادية، فهناك أربعة مرتكزات تقوم عليها فكرة السودان الجديد: وهذه الركائز هي أساس للوحدة الفكرية والعضوية للحركة الشعبية علي مستوي التنظيم وأساس لوحدة السودان علي مستوي الدولة.
وذلك لأنها تعترف بالإنتماءات البسيطة مثل القبلية، الجماعة الثقافية، والإثنية، وتتجاوزها عبر فتح الوعي علي مكونات السودان المختلفة والوقوف علي طبيعة الصراعات التاريخية فيه. وذلك بغرض الوصول للفهم المشترك والاعتراف بحقوق كل القوميات في المواطنة المتساوية داخل الدولة دون تمييز أو تحيُّز.
وهذا قد تأتى وبعد دراسة عميقة لتطورات الصراع في الدولة السودانية توقفنا عند بعض الحقائق التاريخية والتي هي، في منظور الحركة الشعبية، من أهم أسباب الأزمات والمشاكل في السودان.
أ/1-التنوع التاريخي:
ترى الحركة الشعبية أنه من الضروري بالنسبة لنا كسودانيين أن نرجع للماضي حتي نتمكن من معرفة الحاضر ونتعامل معه ومن ثم نمهد الطريق للمستقبل. وأن يتم ذلك دونما تحيز إنتقاء لمكون تاريخي دون الآخر. أي أن نستصحب معنا تنوعنا التاريخي في بناء دولتنا كجزء من حقائق حياتنا ومستقبلنا.
أ/2- التنوع المعاصر:
إن السودان يتكون، في الوقت الراهن، من قوميات ومجموعات إثنيه متعددة ومختلفة حيث نجد أكثر من (500) مجموعة إثنية، ونطرح بعض الأسئلة: ما موقف بقية المجموعات الإثنيه في حالة سيطرة مجموعة واحدة علي السلطة والثروة وكل مفاصل القرار في الدولة؟ الحركة الشعبية كمؤسسة سياسية قدمت إجاباتها الكافية بأنه في ظل سيطرة مجموعة واحدة وفي ظل وجود المجموعات الأخري يؤدي الي التهميش مما يقود المهمشين للنضال المشروع لإسترداد حقوقهم المهضومة. إذن، ماهو الحل؟
الحل هو أن نعترف بهذا التنوع. وهذا الإعتراف يقودنا لتطوير رابطة إجتماعية قومية تتجاوز كل هذه الخصوصيات وتستفيد منها دون أن تنفي أحدها، وبهذا فقط نستطيع تجاوز الأخطاء التي مارستها كل الحكومات السابقة ضد شعبنا وتلك الأخطاء هي الإعتراف بمكون واحد من مكونات السودان المتعددة والمختلفة وتهميش الآخرين.
أ/3- التحرر الوطني:
وهو إكتساب الوعي بالقدر الذي يمكننا من معرفة مكوناتنا الثقافية والإثنية والقبلية والدينية دونما تمييز أو عنصرية ومن ثم نبحث في وحدتنا الفكرية التي تقودنا للإعتراف بوجودنا جميعاً في السودان بشكل متساوي في الحقوق والواجبات ومن ثم معرفة أسباب تفرقنا وتدهور أوضاعنا وإستغلالنا وإستغفالنا من قبل الحكومات السابقة واللاحقة حتي نتمكن من خدمة أهدافنا ومصالحنا المشتركة بواسطة مؤسساتنا الوطنية التي نبنيها عبر الوعي والمعرفة الجيدة بواقعنا. ويمكن تلخيص التحرر الوطني في التحرر من التبعية بكافة أشكالها وتفصيلها كالآتي:
1- التحرر من التبعية الفكرية: وفي هذا الجانب نجد أن كل المحاولات الفكرية التي سعي دعاتها لتطبيقها في السودان فشلت وآخرها كان المشروع الحضاري والسبب هو أن مجمل هذه المشاريع الفكرية إما كانت مستوردة من خارج السودان ولم تتوافق بنيتها الفكريه مع حقائق الواقع السوداني أو لقصور في الرؤية لحل مشاكل الواقع السوداني وعدم المصداقية. فما كان من دعاة تلك المشاريع إلا ممارسة الخدع والحيل في تمريرها علي الشعب السوداني مستغلين في ذلك الجهل والأمية وضعف الوعي لدي قطاعات عريضة في المجتمعات السودانية المختلفة، فكان التحرر من هذه التبعية الفكرية هو أحد الخطوات الأساسية لبناء السودان الجديد.
2-التحرر من التبعية الثقافية: وذلك عبر الإقرار الجمعي للأفراد والمجموعات ومؤسسات الدولة والمؤسسات الثقافية بالتعددية الثقافية، والعمل الجاد لترسيخ الإحترام المتبادل والحق المتساوي لهذه الثقافات التي تشكل جميعها السودان، والنضال المشترك لتفكيك كل آليات السيطرة التي أسسها المركز عبر فرض (المركزية الإثنية) للثقافة العربية الإسلامية علي كل المستويات وفي كل مراحل تطوره. ولقد أرست إتفاقية السلام الشامل الأسس الدستورية والقانونية لتحقيق هذا المرتكز كما جاءت بالدستور القومي الإنتقالي لسنة 2005م الذي نص صراحةً في وثيقة الحقوق الداعية لتحقيق دولة الحرية والإستقلال الحقيقي وضمان حقوق كل القوميات السودانية.
أ/ 4- البناء الوطني:
ويعني إعادة بناء وهيكلة مؤسسات الدولة التي ترعي مصالحنا المشتركة وضمان تطورها: بمعني بناء الدولة السودانية علي أسس ومعايير جديدة تختلف عن اسس ومعايير الماضي، وضمان تطورها بالشكل الذي يتناسب مع خدمة حوجاتنا الأساسية المتنوعة والمتزايده ووفقاً لهذا المعني سوف تصبح مؤسسات الدولة معبرة عن القضايا الأساسية للشعب وفي خدمته وليس العكس. وهذا يقودنا الي وطنية مؤسسات الدولة والتي بدورها تطور فينا الوعي الوطني وترتقي بحسنا الوطني.
ونواصل
الشاذلي تيرا
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.