الشاعر الصديق الدكتور محمد سعيد بادي .. والذي عاد الى السودان لتكريمه من طرف شركة زين للاتصالات يوم أمس الأحد ، فقلب الطاولة التي وضعت عليها أكاليل الرشوة رأسا على عقب، وسجل موقفا بطوليا لم يسبقه عليه من اعتلوا منصات التكريم من قبل على الأقل في المدى القريب خلال هذا العهد ، ربما باستثناء الراحل رفيق دربه حميد ، وهو الذي رثاه بكلمات كانت بمثابة طلقات فوق روؤس ديناصورات الحكم المتحجرة وموميات المعارضة الأثرية على حد سواء ، القاها في ذلك الحفل حيث تقازم حيال معانيه الطاعنة مباشرة في فيل الظلم من فرط الخجل كل الحضور من الرسميين الذين باعوا مواقفهم الوطنية وتاريخهم الطويل رخيصا بمخازي العطايا من أمثال المنبطح عثمان عمر الشريف وطأطأوا هامات الذل أمام قامته الشامخة التي لم يدانيها انكسار ولا خنوع ، فانبرى يوجه زخات زفراته الحرى وقد خرجت من صدره براكينا متوقدة من خلف سنين الغربة التي لم تكن هروبا ولا نائيا عن الوطن ، بل كانت عامل تأثير في تراكم الصخور التي انبنى منها جبل غضبته على سوء الحال وقد نعى مآل البلاد التي تركها كبيرة موحدة ، فوجدها مقطوعة الساق كما قال تحت الركبة ولم يخفى مخاوفه التي بثها بصلابة من أن يرتفع مبضع غراب الشؤم لها الى منطقة الفخذ الذي لم يكن كما نوه يعرف عنصرية ولا جهوية قبل رحيله المر عن الديار ! وهكذا تكون الكلمة الصادقة التي تؤسس لموقف الشاعر الوطني الفحل الذي لم يساوم في الحق مقابل رشاوي الباطل ، التي أخال أن من نظموها له قد قضموا أصابع الندم وقد أدخلهم ذلك الفتى في حرج ، دفع بمقدم الحفل المنقول على الهواء من شاشة النيل الأزرق ، أن يقتحم المنصة ويعتذر لودبادي بانتهاء الزمن ، ثم ينقطع صوت القناة الخائف ، ولكن ليبقى جرس قصائد محمد بادى عاليا رنانا في مسامع الضمائر التي أصغت اليه عبر نبرته المميزة ! لله دره من شاعر ..أعاد في ليلة البارحة الى ذاكرة الململة أمكانية التفكر من جديد في نسمات الربيع التي غشيت كل الأنحاء من حولنا ، وتمنى بجسارة أن تهب علينا ! فحق أن نقتح له ولأترابه من طيور المجد الموعود وباعثي الأمل الذي كاد أن يأفل فينا ، صالة كبار ( الثوار ) في كل ممرات الأوبة..ليس في المطارات فحسب وانما في قلوب الناس التي تنتظرهم منذ عقود بل و قرون ! وما أروعه حين قال .. أنه يحلم بقيام حزب سوداني يرأسه رجل لم يداني الحرام في حياته .. ولا يخسر الرأى الآخر! ثم عّبر عن حزنه على دفع حكام اليوم أهل السودان دفعا ليأكلوا من الزكوات والصدقات وفي ذلك اهدار لعفة ورثناها منذ الأزل ! فله التحية ذلك الصيدلي الشاعر وهويقرأ علينا بلسان سوداني فصيح تفاصيل الوصفة الدوائية اللازمة التي سيكتب الله بسببها الشفاء من علاتنا المزمنة لو أننا عرفنا جيدا طريقة استعمالها الصحيحة ! محمد عبد الله برقاوي.. [email protected]