التقيت الدكتور ايمن نور قبل اندلاع الثوره المصريه صدفة وسط القاهره على تقاطع شارع شريف مع شارع قصر النيل بالقرب من مبنى البنك المركزى المصرى، فى وقت كان يخشى فيه الكثيرين مصريين وغير مصريين التوقف للتحدث معه فى الطريق العام، لأنه تجرأ وترشح فى مواجهة (مبارك) لرئاسة الجمهوريه عام 2005 مما أدى لدخوله السجن محكوما لمدة 5 سنوات بتهمة تبدو ملفقه أو عن طريق فخ نصب له فوقع فيه، وكم كنت كليبرالى وديمقراطى فخور به وبشجاعته كناشط سياسى يناضل من أجل الحريه والديمقراطية وسيادة القانون، لذلك توقفت حينما التقيته فى ذلك اليوم ومددت له يدى بالسلام فى سعادة وسرور وتبادلنا الأبتسامات التى تحمل أكثر من معنى ثم ذهب كل منا فى طريقه. وفى مرة ثانيه زرت مكتبه فى ميدان طلعت حرب من أجل طرح فكرة عليه وعلى حزبه للتنسيق بين الأحزاب والجبهات والحركات والتيارات الليبراليه فى المنطقه افريقيه وعربيه، لمواجهة مد (الحركات) والتيارات الأسلامويه الذى بدأ آخذا فى التمدد مهددا المنطقه كلها بسيادة غيوم الظلام والجهل والتطرف والتخلف وثقافة كراهية الديمقراطيه والمبادئ التى تتحدث عن العدالة والمساواة وسيادة القانون، ويومها لم يكن متواجدا فقابلت بدلا عنه أحد المسوؤلين فى حزبه. وقدرت كثيرا موقف (ايمن نور) فى بداية الثوره حينما رفض أن يلتقى برئيس النظام السودانى عمر البشير عندما زار (مصر) مثلما فعل د. البردعى، لأنه رئيس قسم وطنه ومزقه واباد شعبه واصبح مطلوبا للعداله الدوليه. لكن (ايمن نور) وللأسف بعد نجاح الثوره المصريه والتقدم نحو الأمام شعر بأنه سوف يكون على (هامش) الحياة السياسيه وبلا دور يذكر اذا استمسك بفكره (الليبرالى) الذى يرفض تاسيس أحزاب على اساس (دينى) وبمبادئه وثوابته، متضامنا مع باقى رموز المعارضه المصريه، حيث ليس بمقدوره أن يجد شعبيه أو يتفوق على رجل مثل حمدين صباحى الذى يؤيده قطاع كبير من الشباب أو على رجل مثل الدكتور/ البردعى أو حتى عمرو موسى المحسوب على النظام السابق بصورة أو أخرى، وايمن نور يعلم أكثر من غيره أن المرشحين الذين صوتوا له ضد (مبارك) عام 2005 لم يكن اغلبهم من مؤيديه وانما هم كارهين لمبارك، واصوات من ساندوه وقتها مثل اصوات الناخبين التى حسمت انتخابات الأعاده لصالح (مرسى)، لم تكن حبا فيه أو فى الأخوان المسلمين وأنما كراهية فى أن يصوتوا لمرشح محسوب على نظام مبارك. لذلك اختار (ايمن نور) موقفا مهترئا وضعيفا و(انتهازيا) لا يحظى باحترام عاقل فى مصر ، لكنه يحاول من وقت لآخر أن يقنع الآخرين بذلك الموقف، ويدعى بأنه (محائد) وعقلانى ، وفى الحقيقه هو أقرب للأخوان المسلمين، وموقفه مشابه تماما لموقف (حزب الوسط)، حيث لا حياد مع الحق .. ولقد تابعنا على الهواء مباشرة كيف تصرف ممثل حزب (ايمن نور) فى الجمعية التاسيسيه لتمرير ذلك الدستور المعيب بدلا من أن ينسحب، وهو كليبرالى لا أدرى كيف وافق على وجود مادة (مفخخه) فى الدستور لم يأت وقت ظهور خطورتها الحقيقى، هى الماده 219 التى تنص على (("مبادىء الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة". )) والتى تهدد دولة (المواطنه) المصريه حيث تميز تلك المادة بصوره واضحه بين المسلم والمسيحى وبين الرجل والمرأة وقد اوردنا من قبل أن الآئمه الأربعه اجمعوا على عدم قبول شهادة المسيحى ضد مسلم وضربنا مثلا يقول اذا دخل ارهابى اسلامى صيدليه وقتل صاحبها المسيحى وكان الشهود كلهم مسيحيين، فان ذلك القاتل لا يعدم بل ربما لا يسجن! ومن عجب ان الحركه (السلفيه) التى تتوسط الآن وتطرح مبادره للتوافق بين الفصائل المصريه المختلفه، هى التى اصرت على تلك الماده رافضه الأكتفاء بالماده الثانيه من الدستور التى تقول "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". فعن اى توافق يتحدث (السلفيون) وهم ضمن سعوا لتهديد دولة (المواطنة) المصريه، باصرارهم على دستور يجعل فئة من الشعب المصرى مواطنين من الدرجة الثانيه وربما الثالثه؟ وظل (ايمن نور) يلعب دور (المحائد) الزائف المنحاز فى الحقيقه لجماعة الأخوان المسلمين والتى ابدت كثير من الرضاء على تصرفاته وأقواله ومشاركته المستمره فى الحوارات غير الجاده التى يدعون لها، حتى بعد أن اصدر رئيسهم الأعلان الدستورى (المعيب) المتسبب فى كلما جرى فى مصر بعد ذلك وأدى الى استشهاد حوالى 100 مصرى بعد الثوره، وغير أمين أو نزيه من يلوم الأحزاب المعارضه فى (جبهة الأنقاذ) فى عدم الأستجابه لأى حوار مع جماعة (الأخوان المسلمين) طالما اعدوا دستورا معيبا يهدد دولة المواطنه وطالما اصروا على الهيمنه على الجمعية التأسيسيه بنسبة تزيد عن ال 70% وطالما فرضوا بقاء مجلس الشورى بتحصينه ومحاصرة المحكمه الدستوريه، فقضت المحكمه ببطلانه مع الأبقاء عليه، وبذلك اصبح عملا باطلا يراد له أن ينجب قوانين وتشريعات صحيحه. ولا زال ايمن نور يواصل المضى فى ذلك الموقف الذى يتقاطع مع رؤية الليبراليين والقوى المدنيه المصريه والشباب الذى صنع الثوره من الأخوان ومن الجو العام الذى اوجدوه الذى يتصادم مع أساسيات الدوله المدنيه الديمقراطيه الحديثه .. و(أيمن نور) لا يعلم لأنه لا يقرأ، بأن موقفه هذا يشبه تماما المواقف التى اتخذتها بعض القيادات السودانيه فى الأحزاب المعارضه مع نظام (الأخوان) فى السودان مما اطال من عمره وأدى لأستمراره لأربعة وعشرين سنه حتى اليوم. وأخيرا قام (ايمن نور) بما هو اسوأ من ذلك كله، حيث شارك فى اجتماع (للأخوان) وللقوى المتحالفه معهم لمناقشة قضية تشييد (سد النهضة) الأثيوبي، وقيل فيه كثير من الكلام الفارغ الغبى وكشفت فيه النوايا العدوانيه تجاه افريقيا من قبل عدد من السياسيين المصريين وهم لا يعلمون ما سببته تلك الكلمات فى نفوس الأفارقه جميعا لا الأثيوبيين وحدهم وزادت شعورهم بأستعلاء المصريين الذى لا يعرفون القاره الأفريقيه ولا يشعرون بالأنتماء اليها الا فى مباراة لكرة القدم يعملون للخروج منها بأقل خساره فى لقاء الذهاب وعند العوده يسعون لتحقيق الفوز بأى وسيله، بالأداء الجيد أو عن طريق التحكيم أو عن طريق الأرهاب الجماهيرى، وقد عانينا نحن السودانيين الأقرب اليهم من ذلك (السلوك) دعك من باقى دول افريقيا الجنوبيه. الشاهد فى الأمر لم يعترض (ايمن نور) على ما قيل من كلام فارغ منقول على الهواء فى ذلك الأجتماع، بل شارك فيه ووصف موقف السودان بأنه (مقرف) وحينما قرر الأعتذار كان اعتذاره أقبح من الذنب. حيث لا يمكن أن يكون العذر الذى يقبل أنه لم يكن يعلم بأن الحديث منقول على الهواء ولو أنكره أو قال انه حرف أو اخذ من صياغه كما قال (مرسى) بعد وصفه لليهود بأنهم (احفاد قرده وخنازير)، ربما كان مقبولا، وما هو أكثر سوءا وقبحا انه (اعتذر) لسفير النظام السودانى فى القاهره المتهم بجريمة قتل 100 صبى سودانى بين سن ال 18 وال 25 فى معسكر (العليفون) بعضهم أستشهد برصاص عسكر النظام والبعض الأخر غرق فى نهر النيل محاولا الهرب وهو ذاته سفير النظام الذى رفض (ايمن نور) أن يضع يده فوق يد رئيسه حينما زار القاهره. وكان الأفضل من ذلك أن يعتذر (ايمن نور) للشعب السودانى وأن يصر على كلامه ويقول بأنه كان يقصد النظام لا الشعب السودانى. ولو صبر (ايمن نور) لجاءه سفير النظام (المنبطح) فى مكتبه ولأبتسم له على طريقته (الساذجه) المعروفه ولقال له أن وصفك للشعب السودانى بأنه (مقرف) صحيح وسليم، (فعمر البشير) نفسه يصف شعبه بمثل تلك الأوصاف وأن اختلفت الكلمات، الم يصف (البشير) جزء كبير من شعبه فى الشمال والجنوب بأنهم (حشرات)؟ ثم أكمل (ايمن نور) تصرفاته الغريبه و(الشاذه) بعد الثوره وكأن الأخوان (ماسكين) عليه (ذله) حيث قام بدور غير اخلاقى (مقصود) دعا فيه (عمرو موسى) للألتقاء (بنائب مرشد) الأخوان المسلمين (خيرت الشاطر) فى بيته دون صفة سياسية، وأفهم الأول بأن ذلك الأجتماع سريا ومن أجل مناقشة امر خطير للغايه يخص الأمن القومى المصرى، ثم تم الكشف عن ذلك الأجتماع قبل أن ينتهى، اما عن طريق (ايمن نور) أو عن طريق (الأخوان المسلمين) من أجل أحراج (عمرو موسى) وشق صف (جبهة الأنقاذ) قبل ايام معدودات من يوم 30 يونيو القادم الذى قررالشعب المصرى كله الخروج فيه من أجل استعادة الثوره والتخلص من هيمنة (الأخوان) على كل شئ فى مصر. مرة أخرى نادم جدا على يدى التى امتدت ذات يوم (لايمن نور) للسلام لأنه لا يستحق ذلك ولا الدقائق التى وقفتها معه، بتصرفاته الأنتهازيه المستمره التى لاتنم على تصرفات سياسي ناضج صاحب مبادئ يتعامل مع السياسه بأخلاق .. مع تحياتى للسيده (جميله اسماعيل) التى تساوى أكثر من مليون راجل! تاج السر حسين – [email protected]