أقتبس عنوان مقالي هذا من قصيدة أستاذنا المبدع يحى فضل الله وهو يقول أسئلة ليست للإجابة ، بينما نحن نتطلع ونطالب بإجابات لهذه التساؤلات .. أتأمل الأعداد الكبيرة التي تحرص على التنادي والتداعي وهي تحرص على الذهاب للمساجد زرافات ووحدانا وأداء الفرائض ، وأهمس محدثا نفسي بأن مساحات التدين والالتزام قد وصلت حدا كبيرا ، فينتابنى ، بل يغمرني السرور والشعور بالراحة ، ولكن ... عندما أتأمل واقعنا الماثل أمامنا والسلوكيات السائدة في مجتمعاتنا يصيبني الإحباط ، وتلفني الحسرة الممزوجة بطعم العلقم المر .. لمَّ لا .. وواقع حالنا يغني عن السؤال !! التدين وممارسة الشعائر هو التزام يكبح جماح كل النزوات والانفلاتات ، ويهذب النفوس ويهدئ الخواطر وينشر المحبة وينزع الكراهية .. فالإيمان الحق هو ما وقر في القلب وصدقه العمل والممارسات السويَّة ، ويهدي للقدوة الحسنة التي تنير طريق الحق وتزيل وعثاء الطريق .. ولكن أتساءل إن كان أمر ممارسة الشعائر أصبح وكأنه نوع من العادات أو الثقافات المتوارثة ، وأداء الصلوات كأنها نوع من أنواع الرياضة دونما تعمق أو تأمل في عظمتها وما يترتب من الإلتزام الحقيقي بها؟؟ هل يا ترى هي سباحة مع التيار الذي يمخر عباب الموجة الهوجاء التي تهتم بالمظهر وتُغرق كل ما هو أصيل وسمين وتبقي على الغث الأجوف؟ لذا ترى البعض يحيك المؤامرات وهو ما يزال في حرم المسجد ، أو الذين يغتابون بعضهم البعض ، أو الذي يسعى لتنفيس حقدا أسودا على أخ أو منافس أو من حاز شيئا لم يستطع هو الحصول عليه ؟ وكذلك نرى من هو يتربص بسرقة هواتف أو أحذية مصلين وهو الذي كان بجانبهم لأداء الصلاة؟ ثم نجد الذين يتسابقون لتنظيم وإقامة حلقات القرآن وبعد أدائها يخططون لكيفية توزيع الغنائم والمشاريع التي تدر لهم الملايين على حساب الغلابة والكادحين ؟ فهل يا ترى تتم قراءة القرآن العظيم بالمطالعة فقط ودونما تدبر أو فهم لمعانيه السامية؟ أم يا ترى على قلوب أقفالها؟؟ أم أنهم فهموها وعرفوها ولكن أبت نفوسهم الضعيفة إلَّا أن تتمرد وتكسر قيد الإلتزام والأمانة وتسعى لفرض سيطرة الأنا ، والجماعة والاستمتاع بالحياة الحلوة بحجة : أن الله جميل يحب الجمال ، والمؤمن حَلَوِي ؟ نجد من يحث الناس على النزاهة والشرف ، وهو أحد الذين يستغلون مناصبهم لكنز ما يمكن كنزه من حقوق الآخرين ، فضاعت القدوة الحسنة وانهارات المبادئ التي يتنادون بها !! فلا أضاؤا شمعة تنير ظلام الغارقين في عتمة الحوجة ولا مهدوا طريقا للمتعثرين في رمال العوز؛ ولسان حالهم يقول : أنا أو الطوفان . إذا تأمالنا الوضع الماثل أمامنا نرى أن أعدادا كبيرة تهتم بالصلوات والشعائر الدينية ورفع الشعارات وربط الإسلام السياسي بالحياة المعاصرة ، ولكن للأسف نجد أن ذلك يتناسب تناسبا عكسيا مع واقع الأخلاقيات والمُثل والنزاهة وحب الخير للآخر ؛ بينما هو يتناسب طرديا مع التكالب والتهافت على النهب المقنن والغير مقنن ، ومع رفع الشعارات الزائفة المجافية تماما للواقع الماثل أمامنا ؟؟ إذن لابد من وجود خلل ما أدى بنا لهذا المنعطف الخطير ، فأسوأ أنواع الظلم والقهر هو الذي يكون مرتبطا زورا وبهتانا بديننا الحنيف .. لأن ديننا السمح لم يدع أبدا لإقصاء الآخرين ، ولم يدع أبدا لإبادة ممَّن يعتنقون ديانات أخرى ؛ ولكن ترى بعض الذين يتبنون الأسلام السياسي هنا وهناك يحرقون الكنائس بمن فيها من البشر؟ فهل ياترى هؤلاء الذين يقراون القرآن ويفهمونه يمكن أن يقدموا على مثل هذه التصرفات؟ لأنه لو فهمناه حقا لارتبط التطبيق مع التنظير ، ولقرع ذلك جرس الانتباه الداخلي فينا لنستصحب معانيه ؛ وختاما نقول: اللهم أغننا بالعلم وزينا بالحلم وأكرمنا بالتقوى وجملنا بالعافية وأنفعنا بما علمتنا .. وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما واللهم أجعلنا من عتقائك من النار في خواتيم هذا الشهر العظيم . [email protected]