شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتخذت الحكومة من الأراضي مصدر دخل للدولار فكان الثمن الدمار حلقة (1)
نشر في الراكوبة يوم 19 - 08 - 2013

الله انعم على البلد بالمطر وأخطاء البشر حولته لكوارث ضحيتها الغلابة
ادرسوا القضية من جذورها أراضى ولاية الخرطوم لا تسع كل سكان السودان
شاءت الأقدار وأنا اعد نفسي لكتابة حلقات عن قضايا الأراضي بولاية الخرطوم قبل أن تجتاح الولاية السيول خاصة ونحن في جزيرة توتي نعايش أزمتها بما نواجهه من تعنت المسئولين في التعامل مع أصحاب الحق أسوة بالعديد من مناطق الولاية التقليدية التي يرجع تاريخها لأكثر من خمسمائة عام شاءت الأقدار وأنا اعد نفسي لتناول هذه القضية الهامة أن تحل بالخرطوم كارثة مائية لم تكن مفاجئة لمن يعرفون طبيعة أراضى هذه الولاية وان جاءت مفاجئة للمسئولين القائمين على الأمر من أصحاب الكلمة والقرار والذين يجهل أكثرهم حقيقة الأمر في الولاية
ولكم هو غريب أن تتحول نعمة الله سبحانه تعالى على البلد بالمطر فيتحول بسبب أخطاء البشر الذين شاء قدر الغلابة ان يكونوا تحت مسئوليتهم لهذا كم هو غريب أن تتحول لكوارث ضحيتها الغلابة .
ولعل حكومة ولاية الخرطوم بهذه المناسبة تذكرني بمراهنات توتو كورة عندما يعجز المراهن أن يعرف من من الفرق (يروس) بلغة المراهنات السائدة يومها ويقصد بها أن يروس الفريق الذي يضمن فوزه فيقرر أن ( يعوم) الفرق التي لا يضمن فوزها ولا يعرف مصيرها بحيث يلعب على الفرص الثلاثة الفوز والتعادل والهزيمة وهذا ما تعارف عليه المراهنون (بالتعويم) وهكذا كانت الولاية لما وقفت عاجزة في أن ( تروس ) مناطق الولاية المهددة فقررت أن ( تعومها ) وتتركها للقدر وهكذا كان منطقيا أن تحل الكارثة بسكان المناطق إلى عجزت الولاية في أن تروسها وتضمن سلامتها فقررت أن تتركها للمغامرة بعد أن ضمنت النتيجة إنها رابحة الدولار في كل الأحوال وأيا كان مصير الغلابة.
لقد فرضت على هذه الكوارث أن أتناول أولا ما حل من دمار بعشرات الآلاف من الأسر أغلبيتهم العظمى من النازحين الذين أجبرتهم الظروف السياسية أن يهجروا أوطانهم الإقليمية ويبحثوا لأنفسهم عن ملاذ امن هنا في الخرطوم وما دروا إن من لم يذهب منهم ضحية الحروب التي اجتاحت الكثير من مناطق السودان في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ما دروا إنهم سيصبحون ضحايا السيول والإمطار في الولاية التي حسبوها ملاذهم الأمن والرحمة لمن رحل منهم وكان الله في عون من فقد مأواه منهم وفقدوا كل ممتلكاتهم رغم بساطتها.بالرغم من إن خزينة الدولة امتلأت بملايين الدولارات مما حصدته من بيع الأراضي والمنازل التي انهارت في رؤؤس أصحابها من الضحايا
ما حدث وما شهدته ولاية الخرطوم من سيول ليس غريبا أو مجهولا لدى من يعرفوا أراضى الولاية وخبروها جدا عن جد وان كان مفاجئا للمسئولين لأنهم أنفسهم وافدون على الولاية وما عرفوا دربها إلا عبر السلطة فالخرطوم منذ أصبحت ولاية لم تعرف واليا من أهلها الذين يعرفون خباياها.
لهذا لابد من نبذة تاريخية عن هذه الولاية لاهمية علاقتها بما تشهده الان فولاية الخرطوم وبالرغم من إنها أصبحت عاصمة السودان لأسباب سياسية فإنها الأقل مساحة وان مساحتها على قلتها تتخللها الخيران ومجارى السيول التي قسمتها لأجزاء متفرقة يستحيل ان يجمع بينها البنيان المتراص بلا دراسة ويا لها من مفارقة فلقد اعد الاستعمار خرطا للولاية حدد فيها مناطق الخطر (بصليب احمر) مما يعنى ممنوع الاقتراب كما إنها في نفس الوقت ليست ولاية غنية ولا تتوفر فيها مقومات الإنتاج مما يجعلها قبلة الولايات غير إنها ولأخطاء تاريخية أصبحت مركز خدمات حرم منه كل أهالي السودان بعكس الولايات الأخرى التي تتمتع اغلبها بل كلها بخيرات أوفر من ولاية الخرطوم ألا إن احدا لم يفجر قدراتها لخلل سياسي منذ عرف السودان الحكم الوطني
لهذا ظلت ولاية الخرطوم عبر التاريخ وحتى مطلع الستينات من اقل الولايات سكانا حيث لم يكن يبلغ عدد سكانها نصف المليون وتمركز اغلبهم على المناطق العالية على شاطئ النيل قبل أن يرتفع عدد سكانها جبرا ليصبح أكثر من عشرين ضعفا استوطن أكثرية الوافدون إليها أطرافها أو المناطق التي ظلت خالية منها عبر خمسة قرون لم يفكر احد في أن يقطنها والتي امتدت وطالت كل مساحتها المحدودة فكانت أعداهم تفوق مئات الأضعاف مما كان يبلغه سكان الولاية كلها.عبر مسيرتها التاريخية لولا إن السياسة حولتها لتصبح قبلة كل السودانيين وهى غير مؤهلة لاستيعابهم.
كان لافتا لي شخصيا وأنا من الذين شاء مولدهم إن انتسب لقرية كانت من أوائل القرى التي انتسبت للخرطوم قبل اكسر من ستمائة عام كان لافتا لنا إن من هاجروا من الشمالية من أهلنا واغلبهم من قبيلة المحس ورغم إنهم أهل ومعرفة لم يتجمعوا في منطقة واحدة في الولاية وإنما تشتتوا في الولاية بالرغم من إنهم بنوا مساكنهم على ضفاف النيل إلا إنهم باعدت المسافات بينهم بسبب مجارى السيول التي يعرفونها جيدا والتي كانت تأخذ طريقها للنيل و كان الأمر لافتا لكل مراقب إذا حسبنا المسافات التي باعدت مابين توتي وشمبات والضبابي والبراري والجريف وصولاً للعيلفون والحلفايا والكدرو والكلاكلة والسقاى والجيلى وغيرهم مما لا يسع المجال ذكرهم من الذين استوطنوا الولاية قبل عدة قرون بالرغم من أن وسائل المواصلات لم تكن متوفرة في ذلك الوقت حيث الاعتماد على (الحمار) الأمر الذي كان يفرض عليهم أن يتجمعوا في منطقة واحدة لتقريب المسافات بينهم لأهمية التواصل الاجتماعي بينهم كاهل وبنو عمومة ولكنهما اجبروا على التباعد بينهم بالسكن في المناطق المرتفعة نسبيا ومتاخمة للنيل و حتى عندما توفرت العربات الكبيرة التي تنقل الأهل من منطقة لأخرى فإنها لم تغير من سياساتهم لأنها كانت تحتاج عشرات الساعات لتعبر من منطقة لأخرى ووسط العديد من المخاطر ان الاتصال بينهم ينقطع طوال فترة الخريف الأمر الذي يؤكد إن هذا الواقع هو الذي فرض عليهم التشتت لهذا كان التشتت بين الإخوة وبنو العمومة ولم يتجمعوا كلهم في مناطق متقاربة, بالرغم من إن الأرض كانت متاحة لهم وكما يقولون إذا عرف السبب بطل العجب.
فيومها كان كبارنا يعللون مسلكهم هذا بأنهم كانونا مجبرين على ذلك لان الفراغات التي تركوها خالية وباعدت بينهم ها مجارى سيول ومناطق منخفضة تتهددها الأمطار ويستغل بعضها للزراعة حيث إنها الوسيلة الوحيدة ليتعيش منها سكان الولاية وهى على قلتها المصدر الوحيد بالولاية وهى كما ظل آباؤنا يرددون إن هذه المناطق لا تقبل أن يسكنها احد وكأنها الطبيعة قسمت الولاية بين ما هو حق المياه والسيول وبين ما هو مباح للسكن وإذا كان هناك ثمة ما يجمع بينهما إنها تستغل من السكان سواقي زراعية في غير فترات الخريف وإذا كانت كثافة الخريف ليست مستقرة على حال واحد فليس معنى هذا أن تتعدى أي جهة على ما هو ليس حقها لهذا بقيت العلاقة هكذا مئات السنين محل احترام الطرفين حيث كان أجدادنا يتجنبون السكن في مجرى السيول وكانوا يقولون لنا إن من يغامر بهذا لابد أن يعرف إن 0الموية) لا تقبل لحقها أن ينزع وإنها طال الزمن أم قصر سوف تسترد أرضها .ولعلها من محاسن الطبيعة يومها إن المناطق التي تعتبر حكرا على المياه كانت سواقي ومزارع يسترزق منها سكان الولاية
هكذا عرفنا يومها ما الزى اجبر أهلنا للتشتت لتتباعد بينهم مسافات كلفتهم الكثير من المعاناة للوصول لبعضهم البعض في المناسبات ولكن كان مبررهم واضحا وعلميا.
وبالفعل شهدت الولاية مما أتيح لنا معاصرته في عام 46 فيضانات خطيرة اجتاحت هذه المناطق لم يكن ضررها كبيرا لوجود سكان الولاية فى المناطق العالية من أراضيها بعيدا عن مجرى السيول والفيضانات لاحترام كل طرف على حقوق الطرف الآخر لهذا لم يكن صعبا تجنب آثاره البسيطة في 46 بجهد الأهالي حتى إن أهالي توتي عبروا عن ذلك بالأغنية الشعبية الأشهر في تاريخ الأغنية الشعبية التي أصبحت تراثا عاما والتي تقول
(عجبونى الليلة جو ترسوا البحر سددوا ) ولعل اللافت فيها وما يستحق الوقفة ذلك البيت الذي يقول:
( عجبونى أولاد الفرسان ملصوا البدل والقمصان )
( سدو البحر خرصان من شاويش وبرقان )
وشاويش وبرقان منطقتان داخل توتي
مما يعنى يومها إن موظفي الدولة من أهالي توتي والذين يلبسون البدل والقمصان كما تقتضى تعليمات الانجليز خلعوها يومها وتصدوا فى تكاتف لسد المياه من إن تعتدي على ما هو حق الجزيرة ولم تكن المهمة صعبة وكان هذا حال كل المناطق المأهولة يومها في ولاية الخرطوم حتى لا يأخذ النيل ما هو حقهم بل وفى كل الولايات المتاخمة للنيل. طالما إنهم احترموا له حقه ولعلني أقول هنا إن الذين يتخوفون على توتي فإنها أعلى من الخرطوم ولكن إن كان هناك خطر فانه خطر على الذين شيدوا منازلهم في إطراف الجزيرة التي تعتبر محل تهديد للفيضانات ومع ذلك فان لهم الخبرة الكافية للتعامل مع هذه الحالات.
ثم أعاد التاريخ نفسه في عام 88 وكان أكثر ضررا نسبيا عن 46 وان كان لا يقارن مع ما تشهده الولاية اليوم والسبب إن سيول 88 وجدت إن المساكن امتدت نسبيا في المناطق التي تعتبر حكرا على المياه إلا إنها لم تبلغ التمدد الذي شهدته أحداث اليوم والسيول كما قال أجدادنا بان المياه مهما طال الزمن فإنها متى أرادت أن تسترد حقها فإنها لا ترحم ولا تفلح مقاومتها لهذا كان على كل طرف ان يلتزم حدوده. هكذا كانت العلاقة بينهم وستبقى أردنا أم لم نرد فالبحر ما بخلي حقه وان طال الزمن
لهذا حلت الكارثة اليوم ولكن ما ذنب هؤلاء الضحايا وأولياء أمرهم اغفلوا أمرهم مرتين عندما سكتوا عن تشييد منازلهم عشوائيا فى مناطق غير صالحة للسكن ومع ذلك اعترفت لهم الحكومة بها وقامت بتسجيلها مقابل المال والرسوم وقدمت لهم كافة الخدمات للكسب السياسي كما إن المسئولين لم يترددوا فئ تخطيط الكثير من هذه المناطق المحظورة طبيعيا من اجل المكاسب المادية والسياسية ولما حلت بهم الكارثة لم يجدوا مسئولا بجانبهم الا بعد أن استفحلت أوضاعهم .
فلقد رفض المسئولون أن يعترفوا بها كارثة بحجة إن المطر نعمة من الله ولكنهم تجاهلوا إن أخطاءهم هم البشر هم الذين حولوها من نعمة انعم بها الله سبحانه تعالى على عباده فحولناها نحن البشر بأخطائنا لكارثة بكل ما تحمل الكلمة من معاني وكم كان محبطا للضحايا إن أوساط المسئولين تسير على شكلها الطبيعي وأجهزتهم تسير كعادتها كأن البلاد لا تواجه كارثة حتى إن برامج القنوات الفضائية كانت تسير بطريقة عادية .لأنهم يرفضون الاعتراف بعمق المأساة التي يعيشها ضحايا الكارثة
كيف ولماذا حدث هذا؟
اختلف مع الدكتور عبدالرحمن الخضر والمسئولين فيما ساقوه من مبررات تكشف كيف إنهم تهربوا من مواجهة الحقيقة بمبررات واهية لخطورة ما واجهته الولاية التي يرأس حكومتها الوالي شخصيا الذي صدر عنه حديثا مفاجئا ومحبطا للضحايا ومفاجئا لمن يعلمون الحقيقة
. لهذا جاءت مبرراته واهية ومخالفة للواقع وهو يحمل من نكبتهم الكوارث التى عمت اغلب مناطق الولاية وطالت اكثرية سكالنها الذين شردتهم وقتلت من قتلت غرقا ومن صقعته الكهرباء من جراء الكارثة المائية التي قضت على كل ما يملكونه كما عكسته أجهزة الإعلام أخير والتي التفتت أخيرا لتسليط الأضواء على الكارثة ب بعد أن أجبرت لتخرج عن تجاهل هذا الحدث الخطير الذي حظي باهتمام عالمي من القنوات الفضائية فما ورد من صيحات المنكوبين وما ساقوه من انتقادات عند استضافة القنوات لهم تؤكد كيف كان حديث الدكتور مجحفا في حقهم وهم في تلك الحالة من اليأس.
فكان تبريره بان يحملهم مسئولية ما تعرضوا له اشد قساوة عليهم من الكارثة نفسها وهو يعلن ان ما تدمر من منازل انما يمثل مساكن غير شرعية تعتبر مخالفة للقانون وإنها لم تكن من تخطيط السلطة وكأن المسئولون عن التخطيط لم يكونوا على علم بها ومع إن الواقع ينفى هذه المعلومة إلا إنها وان صحت جزئيا فالكارثة طالت الكثير من المناطق إلى شيدها أصحابها بعلم الحكومة بل هي التي وزعتها لهم أو خططتها لهم عندما كانت عشوائية وأكملت إجراءات تسجيلها وإنها هي التي وفرت لهم فيها الخدمات الكهربائية والمائية والصحية وإنها تتقاضى منهم آلاف الجنيهات تحت مختلف أنواع الرسوم والجبايات من متحصلات الولاية التي طوقت المواطن الغلبان على كل المستويات
فالولاية ظلت تستثمر هذه المناطق سياسيا تخضعها تحت لجانها الشعبية ووحدات حزبها الحاكم حتى شهادات السكن بها تصدر من لجان النظام الشعبية في هذه المناطق مقابل الرسوم فكيف إذن تدعى الولاية إنها لا علم لها بها وإنها مسئولية الضحايا .
كما إن الأمر الثابت فان المناطق التي تعرضت للكارثة والسيول وضعف معينات الصرف فإنها لم تكن تقف على المناطق التي كانت بداياتها عشوائية بل هي مناطق خططتها الدولة وملكتها المواطنين بالمقابل المادي ومع ذلك لم تسلم هذه المناطق من الكارثة لأنها خططت في السواقي الزراعية وفى مجارى السيول الأمر الذي يدحض حجج المسئولين الواهية وهى تتخذ من المنازل التي بنيت عشوائيا حجة للتنصل من المسئولية بل انه من الوقائع الثابتة في تعقيد ما تعرضت له المناطق المنكوبة إن طرق الاسفلت التي شيدتها الولاية وفى أكثرية هذه المناطق تعرضت لما تعرضت إليه بسبب علو طرق الاسفلت عن مساكن المواطنين مما دفع بالمياه والسيول تجاه منازلهم المنخفضة نسبيا مقارنة بشوارع الحكومة التي لم يراعى فيها وسائل الصرف حتى إن المواطنين اجبروا في أكثر من منطقة لكسر طرق الاسفلت لتوجيه المياه بعيدا عن منازلهم وقد أكد أغلبية من استضافتهم القنوات الفضائية هذه الحقيقة بل هنالك من الطرق التي شيدتها الولاية نفسها طرقا كانت مسارا للسيول في شرق النيل .
نعم أعلن الوالي الدكتور عدم مسئولية حكومته وشاركه في إعلانه المسئولون عن التخطيط الذين كانوا يستحقون المحاسبة إلا إنهم وجدوا في حديث من تقع عليه مسئولية محاسبتهم انه ينوب عنهم و يقدم لهم مبررات واهية تخلى مسئوليتهم في طبق من ذهب فكفاهم شر المسئولية والمحاسبة ولم يعودوا بحاجة للتنصل منها بأي أعذار واهية وهكذا لم يعد من يتعين عليه محاسبتهم مؤهلا أو قادرا على محاسبتهم بعد أن أصبح محاميا للدفاع عنهم وهو يحمل المسئولية لمن طالتهم الكارثة لأنهم هم الذين قاموا بتشييد منازلهم كما زعموا دون أن توزع لهم الدولة الأراضي التي شيدوا عليها منازلهم أو أن يعترفوا لهم بما شيدوه عشوائيا وقدموا له كافة الخدمات حتى يستحقوا الجبايات.
ومع قناعتي التامة بعدم صحة هذا المبرر في مضمونه إلا انه وبافتراض صحة ما ذهب إليه فكيف سمحت لهم الدولة بان يشيدوا منازلهم وهى السلطة التي تصدق بالمباني وهى التي تعاقب من يخالف ذلك بغرامات مالية وتهد ما بناه بل وكونت لجانا على أعلى المستويات لهذا الغرض فلماذا لم تعالج هذه اللجان الخلل في هذه المناطق التي شيدت دون تصديق وإذا كان ما ذهب إليه الوالي صحيحا فكيف جاز للولاية أن تزود هذا المساكن غير الشرعية بالخدمات الرسمية من مياه وكهرباء وصحيا خاصة الكهرباء وما تحمله من مخاطر عندما تحتك بالمياه فكيف لهم أن يفعلوا هذا في منازل غير معترف بها من جانبهم ثم أليس في هذه المناطق لجان شعبية تتحصل من سكانها رسوم إصدار الشهادات لهم ثم أليس فيها وحدات سياسية للحزب الحاكم مغترف بها في مؤسساته وكم من مرة حشدت فى تظاهرات النظام يلوحون بلافتاتهم المؤيدة التي تحمل مسميات مناطقهم غير المشروعة ويشاركون في مؤتمراته .
إذن هي قضية سوء تخطيط حتمته مصالح سياسية ناتج عن الجهل بطبيعة أراضى الولاية فالحزب الحاكم بدلا من أن يحل قضايا المهاجرين من جذورها فانه عمل على استغلال ظروفهم القاهرة سياسيا وهم يهربون من ولاياتهم للخرطوم
فعلى المستوى المركزي هي نتاج سياسات فجرت الأوضاع في مناطق الحرب مما أرغم غالبية السودانيين من تلك المناطق التي تدمرها الحروب تبحث عن ملاذ لها في ولاية الخرطوم التي سوف لن تسع كل سكان السودان كما إن غالبية أراضيها على قلتها ليست صالحة للسكن والأخطر من هذا إنها ليست ولاية إنتاجية وهى بلا شك الولاية الأقل مساهمة في اقتصاديات السودان لو إن إمكانات الولايات الأخرى استغلت اقتصاديا ولكنه الفشل السياسي للحكم الوطني الذي أرغم سكان السودان للهجرة للخرطوم بحثا عن المأمن والعمل واكل العيش مع إن فرص العمل فيها الأضعف من حيث الإمكانات الاقتصادية لهذا امتهنت أغلبية المهاجرين مهن هامشية غير إنتاجية بحثا عن قطعة خبز.
ولكن ما هو أهم وأخطر من هذا ان الولاية استثمرت هذا الخلل السياسي واتخذت من الهجرة الجماعية من كل مناطق السودان نحو الخرطوم إما بحثا عن امن أو لقمة عيش اتخذت من هذا التزاحم الجماهيري مصدرا لثراء الولاية فالولاية اليوم هى اكبر تاجر اراضى مع إن أراضي الولاية ملك لأهلها الذين استوطنوها قبل مئات السنين وقبل أن يعرف السودان الحكم الوطني فعمدت سلطات الولاية المتاعقبة على نزع أراضي الأهالي التي امتلكوها قبل أن يعرف السودان الحكم الوطني وتفرض عليهم ما تشاء من أسعار ورسوم مع إن هذه الأراضي لا تنزع لمصلحة عامة كما يقتضى القانون وإنما لتباع في السوق بالدولار للمستثمرين العرب أو لاستغلال حاجة المهاجرين لمأوى فتحقق من بيعها المليارات وتدخل خزينة الولاية ملايين الدولارات مقابل بضع جنيهات تدفع لملاك الأراضي وهى ذات المشكلة التي تفجر اليوم قضية أراضى مشروع الجزيرة. التي تصر ولاية الجزيرة في أن تسير على نهج ولاية الخرطوم وان تنزعها عن أصابها الذين امتلكوها قبل مئات السنوات حتى إن المستعمر لم يفكر في نزعها عن أصحاب الحق بل استأجرها منهم بعقد مع انه سخرها لمصلحة عامة وكل هذا حتى تبيعها الولاية للمستثمرين الأجانب بالدولار والسؤال هنا أليس أصحاب الأرض أحق بالدولار وان كان للولاية ما تستحقه فليكن عمولة سمسار طالما إنها جاءت بالمشترى
وإذا كان هناك ما كشفت عنه كوارث المطر اليوم فانه يستحق أكثر من وقفة ويستدعى المحاسبة لكل من ساهم فيه على أي مستوى كان:
ومع إن ولاية الخرطوم احترفت تجارة الأراضي بعد نزعها من ملاكها بقوة قانون مجحف يفتقد كل مقومات العدالة فان الولاية والتي أصبحت اكبر تاجر أراضي للأسباب التي أوضحتها وإنها استغلت حاجة من أجبرتهم الظروف الهجرة للخرطوم فلقد تكشف إن هناك خلل في تصريف المياه حتى في قلب الخرطوم والمدن وفى المناطق التي تقع تحت دائرة الحكومة مباشرة حتى التي لم تشيد عشوائياً بدون تصديقا ت فلقد تأكد انه ليس هناك اى تصريف لمياه الإمطار في طرق الإسفلت الرئيسية والأنفاق ومع ذلك فهل يمكن أن تعلن الولاية كم من المليارات اعتمدت لمشروعات التصريف للمياه وفيم أنفقت إذا كانت الخرطوم كلها بلا استثناء غارقة في الأمطار التي أحكمت قبضتها حتى على الطرق الرئيسية مثل طريق الإنقاذ وكل شوارع العاصمة الرئيسة التي صرفت فيها المليارات تحولت لبحيرات وانهارت أراضيها حتى أصبحت كما من الحفر تهددت كل من يقود سيارة في شوارع الأسفلت وهو لا يكف عن الدعاء حتى ينعم الله عليه ليصل منزله سالما وكم سيارة سقطت في شوارع رئيسية ولا أدرى هل أحدثكم عن مشروع الصرف الصحي الجديد في الخرطوم بحري والذي كلفت به شركة أجنبية والذي ابتلع أكثر من عربة وعمره لم يكمل شهره الثالث..
حقيقة الحديث عن هذه الولاية لا تسعه هذه المساحة أو بضع كلمات. خاصة كيفية خروج الولاية بل السودان من هذا المأزق وعندما أقول مأزق لان القضية ليست في إعادة تشأ يبقى اخطر وحله سياسيي في المقام الأول ولعل هذا موضوع الحلقة الثانية والأخيرة والى اللقاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.