تحت غطاء شعبي العسكر في مصر إنقلبوا علي حكم ديمقراطي ورئيس منتخب خشية من أخونة الدولة أي بمعني أوضح خشية من الدولة الدينية التي في نظرهم وفي نظر المؤيدون من اليسار واللبراليين والعلمانيين بمختلف تياراتهم أن الدولة الدينية هي أكثر دكتاتورية من العسكر أنفسهم بل ذهبوا إلي أبعد من ذلك بأن هذه الدولة الدينية ربما تكفرهم وتستبيح دمائهم تحت مسمي الردة أو الخروج علي إجماع الأمة أوعدم طاعة ولي الامر أو إثارة الفتنة . وفي هذا معهم حق إلي حد ما فقد رأينا نمازجا لهذا الأمر كثيرة حيث أهدرت دولا إسلامية وجماعات تكفيرية دماء الخصوم بل بعضهم تعرض لمحاكمات تحت تهمة الردة مثلما حدث عندنا هنا في السودان إيبان العهد المايوي وتطبيقات الشريعة الإسلامية عندما تم تكفير الأستاذ والمفكر السوداني محمود محمد طه ورقما عن أن الدكتور حسن عبدالله الترابي المفكر الإسلامي و الرجل الأبرز في المشهد السياسي السوداني وعراب تطبيق الشريعة الإسلامية في عهد مايو يقول :(لم أجد في شريعة الإسلام عقوبة علي مرتد والحرية أصيلة في ةدين الإسلام) رقم ذلك تم إعدام الأستاذ محمود محمد طه وذلك فقد للكسب السياسي ولتخويف الأخرين من المخالفين في الراى والمتصارعين مع التيار الإسلامي في ذلك الحين علي السلطة وقد صرّح بذلك في مواطن عدة الدكتور أمين حسن عمر تلميذ الترابي النجيب والمزاحم له في كثير من الإجتهادات خصوصا تجديد الفكر وتجديد الوجدان وأصول تجديد الفقه. مثل هذه النمازج والأمثلة تجعلنا نعزر أولئك الخائفين من صطوة و هيمنة تيار الإسلام السياسي علي الحكم وتصريف شئون البلاد.لكن في المشهد المصري نري أن الإنقلابيين ومؤيدوهم يسلكون ذات المسلك في إستغلال الدين كوسيلة قمع وردع وتحييد لأناس و إستباحة دماء آخرين فقد شاهدنا المفتئ السابق للديار المصرية وشيخ الأزهر الشريف الشيخ علي جمعة يظهر في القنوات الفضائية وعبر المواقع الإسفيرية يفتئ بأن المتظاهرين السلميين خارجون علي الحاكم فهم خوارج علي إجماع السواد الأعظم من الأمة وبذلك يجوز قتلهم وسجنهم ومعاملتهم بالعنف وقد تجول سيادته في مرافق الدولة وسكنات الجنود ليقول لهم أن ما أقدم عليه الفريق السيسي هو إرادة الشعب وإجماع السواد الأعظم من الأمة ومن يرفض ذلك يصبح من الخوارج ويجوز قتله وسجنه ويرد عليه الدكتور العلامة محمد عمارة المفكر الإسلامي الداعية المستنير قائلا : إن تراضي أهل مصر علي النظام الديمقراطي والذي حدد أن الرئيس يأتي عبر صندوق الإقتراع وبما أن السيد الدكتورمحمد مرسي هو الذي فاز رئيسا منتخبا للبلاد لمدة أربعة سنوات فهذه بمثابة بيعة له حتي إيفاء هذه المدة والذي يخرج عليه هو الذي يعتبر خارجا. بمعني ان قادة الإنقلاب ومن ساندهم هم الخوارج وليس الثوار والمتظاهريين ويذهب الدكتور إلي ان علماء الأمة طعنوا في عدالة العالم الذي يقف علي باب السلطان فكيف بالعلم الذي يعمل مع السلطان؟ .ويؤيده فيما ذهب إليه الدكتور يوسف القرضاوي ورابطة علماء العالم الإسلامي . الذين يرون أن محمد مرسي الرئيس المنتخب يعتر الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية ومن لا يريدونه عليهم اللجوء مرة أخري لصناديق الإقتراع وإسقاطه حسب ما اتفق عليه في الدستور والذي يعد عقدا إجتماعيا وشرعيا لا يجوز تعطيله أو تجميده لمصلحة أيِ من الفريقيين. حتي الآن حالة الإستقطاب الفقهية مازالت تحت السيطرة ولكن نحن أما مشهد فقهي معقد ربما صدرت فتاوي أخري تؤيد هذا التيار أو ذاك لذلك ليس من مصلحة أحد إقحام رجال الدين وإستغلال فتاويهم في كسب الحشد والتأيد لأنه ربما يخرج علينا من يكفر المجتمع بأثره ويستبيح دماءالاطفال والرجال الركع السجود بإسم ولاية إسلامية أو خلافة أوفئة ناجية وإنما علي المجتهدون تنوير الناس وتعليمهم بأن الفقه هو إعمال للعقول لإستنباط أحكاما تحقق مقاصد الدين وتجمع شمل الامة وتمنع تفرقها وإختلافها حتي لا تذهب ريحها كل مذهب . ومن أهم مقاصد الدين كما تعلمون الحفاظ علي الدين والنفس والمال والحمي والعقل الخ أخره . فلا معني لفتاوي تتعارض مع مقاصد الدين ولا معني لفتاوي تشجع علي القتل أو العنف ولا معني لفتاوي تكسب فريق جولة علي حساب فريق آخر وعلي علماء الأمة النأي بأنفسهم عن مواطن الشبهات وأن يعلموا أن فتواهم لها تأثيرها علي العقلاء والبسطاء وإن لم تكن لله ولا تتوافق مع مقاصد الشريعة فستشعل الفتن وتأجج الصراعات والخصومات وربما تنفجر بالوضع إلي مهاوي التهلكة وتزيد من عمق جراح أمتنا بل تجعل الكثيرين ينفرون من رجال الدين لأنهم أصبحوا فقهاء سلطان يذينون له أذية الناس وقهرهم . أكتب هذه الأسطر وأنا أعلم أنني ليس من أهم الفتوى ولا أنوى أن اكون مفتياً لأنها مسئولية أمام الله وأمام التاريخ ولكن الساكت عن الحق كما يقولون شيطان أخرس فأرت أن أنبه غيري لخطورة الفتوى إن إستغلها البعض في أمور السياسة والحكم كما نعاني منها في بلدنا هذا حيث بعض من علماء السلطان جرموا التظاهر ضد الحاكم واعتبروه خروجا علي الشرعية. والله من وراء القصد وهو يهدس السبيل. [email protected]