جماعات الحرس القديم المحتشدة حول الرئيس البشير كانت وما زالت ابرز المعوقين لجهود الوفاق والتغيير برفضا التنازل عن مواقعها التى تعتبرها حقوقا مكتسبة. ! و فى الثلاثين من اغسطس من العام الجارى سدد امام الانصار ورئيس حزب الامة ، السيد الصادق المهدى ، سدد ضربة قوية لما يصفه الاعلام الرسمى بجهود الرئيس لاحداث تغيير شامل فى ظل وفاق وطنى وحكومة جديدة سيعلنها الرئيس فى الاسابيع القليلة القادمة . ففى خطبتة المشهودة التى القاها فى صلاة الجمعة فى الثلاثين من شهر اغسطس المنرم باحد مساجد مدينة امدرمان ، قال السيد المهدى بنبرة حادة " انه يؤكد للمرة الالف ان حزب الامة لن يشارك فى الحكومة المرتقبة التى يسعى السيد البشير الى تشكيلها كحكومة وفاق وطنى , و اضاف السيد المهدى ان حزبه ماض فى مشروع تذكرة التحرير التى تدعو الى القيام باحتجاجات واعتصامات للضغط على النظام لاحداث تغيير حقيقى والانتقال بالبلاد الى نظام جديد . وختم امام الانصار بالقول ان حزبه يقف مع (الوطن وضد الوطنى ) - أى ضد الحزب الحاكم فى تصعيد ملفت للنظر. بخطابه ذاك ، يكون امام الانصار قد دلق فنطازا كبيرا من الماء البارد على مساعى السيد البشير الهادفة الى ضم الحزب الاكبر فى السودان ، ذى القاعدة العريضة و المصادمة ، ليلحقه بالحزب الكبير الآخر الذى اختارت قيادته منذ وقت طويل الجلوس فى المقاعد الخلفية من مقطورة نظام الانقاذ والتزمت الصمت الاليم حتى وبلادها تتجرع كؤوس الحنظل وتأكل الحصرم . الآن يغير حزب الرئيس البشر خططه تجاه حزب الامة بعد ان فشل فى تفتيته عن طريق بذر الشقاق فى صفوفه او عن طريق شراء ولاء العناصر المستعدة بالوظائف والفوائد المادية . ومعروف ان حزب السيد البشير كان قد ساعد فى انشاء عدة احزاب صورية اجتزأها من حزب الامة . و اطلق عليها جميع اسم حزب الامة مكايدة واستفزازا للحزب الكبير و لقيادته التاريخية ، من نوع المكايدات التى كانت صفة مميزة لنظام الانقاذ فى سنينه الاولى التى تعدى مداها الخصوم المحليين ، ووصل الى قيادات دول الجوار مما لا يسقط عن الذاكرة الجمعية لشعب السودان. فى خطابه الحاد اغلق امام الانصار الباب امام التزاكى المفرط الذى حاول حزب السيد البشير ان يمارسه مع حزب السيد المهدى بالسعى اليه بحميمية مصطنعة للتحالف معه . هذا التزاكى لم يمر على ذاكرة الحزب العريق الذى بذل نظام البشير الوقت والمال والوظائف لكى يفتته ويمزقه اربا اربا تحسبا لقوة هذا الحزب الجماهيرية والمعنوية والسياسية اذا جدّ الجد و طرأ ظرف انتخابى حقيقى ونزيه لا يسمح فيه (بالخج ) (وكبس ) الصناديق عن آخرها لهذا المرشح . وافراغ صندوق المرشح الآخر عن آخره . او تبديله اذا لزم الامر . يذكر ان نظام الانقاذ افتتح خططه بتفتيت وتشقيق حزب الأمة باستيلاد (حزمة) من احزاب الزينة او احزاب (الفكة ) حسب و صف الدكتور عمر نور الدائم الامين العام السابق للاحزاب التى انشأها النظام مكايدة لحزبه . واطلق عليها جميعا اسم حزب الامة . وبذل لها العطايا والمزايا لكى تنمو . ولأن العشب لا ينبت فى الارض اليباب ، فقد ذهب الزبد جفاءا ومكث ما ينفع المشروع الديمقراطى فى الارض . بعد كل ذلك الجهد الجهيد لتفتيت حزب الأمة يكتشف الانقاذيون ان طريقهم الى ذلك الهدف لم يكن سالكا ، فيعودون ادراجهم نحو الحزب الذى طالما احتموا بظلاله ذات يوم عندما كانوا اطفالا زغبا فى الحياة وفى السياسة . انهم يقبلون نحوه اليوم للاستقواء لمواجهة مشاكلهم الجمة التى تنمو فى اضطراد . لقد اختاروا عنوانا جذابا لهذه التمريرة هو (وحدة الجبهة الداخلية لمواجهة المخاطر التى تحيط بالوطن ! ولكن جماهير الحزب العريق لم تغرها صحوة الانقاذ المتاخرة. وصمت آذانها عن السمع وتساءلت فى استخفاف : أالآن فقط وقد ابيتم من قبل ! ولم تأخذ بقول حكيم الانجليز الذى قال خير أن تصحو متاخرا من أن لا تصحو البتة . اما م الانصار يعرف حقيقة ما يمور فى افئدة قواعده الاسمنتية, ويعرف اشواقها . ويعرف ان هذه القواعد ترفض ان تنسى خطط الانقاذ القديمة والجديدة لتفتيت حزبها مع سبق الاصرار والترصد . و هى تريد ان يغلق زعيمها باب التعامل الثنائى مع الانقاذ لصالح التعامل الجمعى . وان يلتزم زعيمها سارية الجبل . سخرت الدكتورة سارة نقد الله رئيسة المكتب السياسى لحزب الامة من مسعى حزب السيد البشير لدى حزبها للشراكة مع حزبها. وقالت ان عشما من هذا النوع هو مثل عشم ابليس فى دخول الجنة . الا يحق لنا ان نقول ان طريق الرئيس البشير الى الوفاق والتغيير ما زال طويلا وشاقا !! أخ . . . ياوطن! السفير علي حمد إبراهيم [email protected]